اليوم: الخميس الثاني عشر من مايو.. عذراً.. فما عادت التواريخ الهجرية تستخدم سوى في رمضان والحج!..
كل شيء من حولي في مكانه.. المناشف معلقة خلف الباب.. الملابس المتسخة في سلة خاصة بها.. حتى ذلك المشط الأبيض الصغير في درجه الخاص!!
أما الهدوء المميت؛ فلا شيء يشقه سوى صوت همساتي وأناتي..
أتعلمون من أنا؟
هل احترتم في تقدير ماهيّة من تقرؤون له؟
لن أطيل عليكم.. فلا أحب أن أكون سبباً للضجر!
أنا..
لحظة..
هل سمعتم يوماً عن قلم جفّ حبره؟
هل سمعتم يوماً عن بحر جفت مياهه؟
هل رأيتم يوماً شجرة بلا أغصان.. بلا ورق.. بلا ثمار؟
أعتقد أنكم رأيتم ذلك كثيراً.. وسمعتم عن أمور كثيرة لستم تذكرونها الآن..
لكنني لا أعتقد أنكم قد رأيتم أو حتى سمعتم عن قلب جاف!! نعم.. قلب جفّت كل ينابيعه.. كل شرايينه جافة، متقطعة.. قلب تآكلت جدرانه وحجراته.. قلب بات يأكل ويشرب وينام ويصحو.. هكذا.. كآلة تحركها بطاريات قوية المفعول.. عديمة الإحساس!! قلب ماتت فيه أسماك مشاعره.. فجفّت بحار الحب فيه.. قلب وقفت فيه جذوره عن التعمّق في باطن الأرض فجفّت أغصان الحنان فيه فلم يُثمر مودة ولم يُزهر سلاماً.. قلب كئيب.. يعمل ليل نهار.. لكنه بلا شعور!
هذا أنا..
مخلوق عجيب.. احتار العلماء في تكوينه وتقسيمه وعمله.. وبقي أن يحتاروا في جفافه وتوقفه عن العمل.. على الرغم من أن أنهار الحياة تجري فيه!!...
يا إلهي!!
هل كتبت كل هذا؟!!
عذراً.. فقد أخذت من وقتكم الكثير..
لا تقولوا إنها مجرّد دقائق وثوانٍ مرت كغيرها..
فأنا لا أستحق مروركم هذا..
- أنا متشائمة؟!
ليت الأمر كذلك.. على الأقل أكون فيه الملامة على وجه حق.. لكنني لست كذلك.. ولم أكن يوماً كذلك..
أتعلمون ما حقيقة أمري؟
أنا زهرة.. كنت يوماً أعيش في أحضان حقل كبير.. تسقيني أمطار الأمومة.. وتظلني سحائب الأبوّة.. وتداعبني نسمات الأخوّة..
كان الكل حولي.. ومن أجلي.. كنت أعيش بينهم بسأم.. على الرغم من كل ما لديّ.. أعلم ذلك.. كنت ناكرة لكل ما حولي.. تركتهم.. تركت كل ما حولي.. وذهبت بعيداً، بعيداً.. أشق عباب الحياة بيدين لم تعتد على القوة.. ونفس لم تواجه هجمات الرياح العاتية.. كدت أسقط وأُداس بين الأقدام.. لكنني تشبّثت بأقرب غصن.. شددت نفسي إليه بحبل ظننته متيناً.. وظللت ألف ذلك الحبل بيني وبينه حتى أصبحت أعيش في قلعة تحجبني عمّن حولي.. ظننت أنني الآن قوية.. ليس هناك ما يمكنه كسري.. وأكملت تلك المسيرة التي ابتدأتها.. في قلعتي الصغيرة أسكن؛ وعيني تتطلع لما حولي بشغف.. وهناك.. رأيت شيئاً ما يشبهني.. له نفس تضاريسي.. يسير وحيداً.. وخِلت أنه بلا رفيق.. كنت أراقبه بعين متلهّفة وقلب خائف.. حتى وقف يوماً إلى جواره.. حدّثني.. فضاقت عليّ قلعتي وخرجت منها.. تركت ذلك الغصن بعد أن قطّعت حبائله.. وسرت بدون شعور خلف ذلك الذي يشبهني.. أعجبني.. فقررت أن أكون معه دائماً..
وعشنا.. تتناوب علينا بسمات الحياة وويلاتها.. لكنني كنت –ويا لغبائي- أشد نفسي أكثر إلى شبيهي.. لمَ؟!.. لا أدري..
حتى مرت الأعوام تباعاً.. وهاأنا بين أيديكم.. قلب ينبض بلا روح!!!
أصل الخاطرة كانت لقصة فتاة غنية ذات منصب اجتماعي تزوجت من رجل عادي (من عامة الشعب)
بعد أن وضعت أهلها في موقف حرج وجعلتهم يستسلمون للأمر الواقع.. لكنها في النهاية ندمت عندما
اكتشفت بعد ذلك أنه كان فقط يريدها لمالها.. وأصبح بعد ذلك يخونها مع نساء أخريات!!
تعليق