لست مبرئا لو قمت بنقل ما كتبته بدون نسبه إلي ... لميس أو ملاك في منتديات ريما
أحبتي هذه القصة هي أحب ما كتبت إلى نفسي رغم أن عمرها لا يتجاوز الأشهر .. ولكن لها عبق خاص وذكرى لا تنسى
كنت في الرابعة عشر من عمري حين قرع باب بيتنا أول خاطب وكان ابن عمي لذلك لم يتردد أبي للحظة وحرصا على مشاعر العائلة وترابطها قرر أن نتزوج . وصلني الخبر بعد أن عدت من المدرسة ليفاجئني وأقضي يومي بلا أكل أو شرب فأنا لم أفهم كيف أتزوج؟ أو لم ؟ وهل يحتاج ابن عمي إلى من تغسل ملابسه وتكويها وتطهو طعامه ؟ أتراه لا يحب طعام أمه ؟
كنت هكذا أنظر إلى الزواج. أن أغسل وأطهو وأخيط وأنام . مجرد خدمة لا أكثر ولا أقل وهذا ما كنا نراه في أمي التي تفانت في خدمة أبي والسهر على راحته، لم نسمعه أبدا يدلعها أو يمدحها أو حتى يتكلم معها بكلام غير الغذاء والشغل ومصاريف المنزل وما سواه لم نكن نعرفه.
ولا أمي كانت تتكلم عن الأمر لذلك كنت أشعر بالدهشة وأنا أستمع إلى زميلات صفي وأخواتهن وهن يحكين عن قصص الحب التي تخيلتها ولم أسمع عنها شيئا سوى في المدارس .
ذلك اليوم بالذات دخلت أمي إلى غرفتي بينما هي تمسح يديها المبللتين بالماء بمئزرها وقال لي وكأن الأمر عادي جدا :
ـ ابن عمك يا نورا يريد أن يكلمك .
نظرت إليها مستنكرة ولكنني لم أتفوه بأي كلمة بل تبعتها إلى حيث يجلس أبي وعمي وابن عمي . شعرت بأن الجميع يراقبني فنكست رأسي بخجل وقال لي أبي :
ـ تعالي يا نورا واجلسي بجانبي .
جلست بجانب أبي ونظرت إلى ابن عمي أحمد خلسة. كان يكبرني بتسع سنوات وكان هو الآخر ينظر إلى الأرض حينما حضرت، لاحظت في عينيه اعتراضاً صامتاً وغضباً لا أعرف معناه ولكني أدركت بأننا الاثنان مجبوران على الزواج ولم أفهم لما هذه السرعة ؟
نظرت إلى أبي فوجدته يتكلم مع عمي غير عابئ بالصمت الذي كان أول جدار يبنى بيننا ( أنا وهو) واستمر هذا الجدار أطول مما ظننت .
توقفت عن القراءة وأغلقت الدفتر لأخبئه أسفل السرير وبين الأغطية، فهو المكان الأمين الذي أحفظ فيه مذكراتي دون أن يلمسها أحد وغادرت الغرفة لأرى زوجي عائدا من عمله وبين يديه يمسك بطفلي الأصغر (نديم) ذي الأربع سنوات .
ابتسمت لطفلي وأخذته من يدي أبيه لأغير له ملابسة المتسخة بالرمل وبعدها تركته يلعب وخرجت إلى المطبخ لأقدم الغذاء. جلست على المائدة أحرك الطعام في صحني أراقب زوجي غير العابئ يتناول طعامه بلا اكتراث. وعندما نقلت بصري بين أولادي لاحظت أن الكبرى منهم تفعل مثلي بينما اكتفى أولادي الآخرون بالأكل والصغار منهم باللعب . ابتسمت في وجه ابنتي وهززت لها رأسي لتأكل فلم تستجب، لم أدر حينها ماذا أفعل أ أطلب منها أن تأكل بصوت عال لتعلو هذه الأوامر إلى شجار أم أسكت وأتركها إلى أن تجوع ؟
تركتها وتجاهلت ما يحدث وقررت أن أتوقف عن تعذيب نفسي ورحت آكل ببطء ولكن شهيتي كانت مفقودة لذلك شبعت بسرعة .
ـ ماما أريد برتقالة
نظرت إلى ابنتي سمر وأخذت البرتقالة من بين يديها الصغيرتين لأقشرها لها وعندما انتهيت توالت الطلبات على البرتقال. كنت أقشر برتقالة لابني الأصغر حين قام زوجي من على الطاولة إلى الحمام .
لم يكن قد تكلم بأي كلمة لا خلال الغذاء ولا قبل ذلك .
حتى السلام عليكم لم تخرج من بين شفتيه حين رآني ويبدو أننا في طريقنا إلى شجار آخر. تنهدت وأنا أقدم لابني البرتقالة المقشرة وقمت من على الطاولة بعد أن طلبت من ريما (ابنتي الكبرى) أن تغسل الأطباق .
غسلت يدي ودخلت إلى الغرفة لأجلس على السرير منتظرة دخوله فأنا لا أقوى على تحمل هذا الوضع أكثر والذي يبدو لي بأنه سيستمر .
كان قد توقف زوجي عن مكالمتي منذ حوالي الأسبوع ومنذ ذلك وأنا أيضا لا أكلمه وما بيننا يتناقله أولادنا بطريقة عادية لذلك لم يشعر أي منهم بشيء إلا ريما التي جاءت لي في يوم من الأيام وقبل الذهاب إلى المدرسة باكية، لقد خافت أن يحدث الطلاق !
تعليق