[ مُقدِّمـةٌ في العقيـدة ] .. للشيخ أبي حَمْزَة البَدْوِي ..

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بسمـة
    بصمة عطاء
    • Sep 2010
    • 2049

    [ مُقدِّمـةٌ في العقيـدة ] .. للشيخ أبي حَمْزَة البَدْوِي ..

    السَّلام عليكُنَّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه ،،
    ___


    حيَّاكُـنَّ اللهُ أخواتي في الله : )

    وخاصَّةً المُتابِعات لـ شـرح لُمعـة الاعتقـاد .



    عِلمُ العقيدةِ أشرفُ العُلـومِ على الإطلاق ، فهو يُقرِّبُنا مِن رَبِّنا سُبحانه وتعالى ، ويُعِّرفُنا به ..

    ومِن الواجب علينا قبل أنْ نتعلَّم أىَّ شئٍ أنْ نتعلَّم عقيدتنا ، حتَّى نعبدَ اللهَ تعالى على بصيرة ، وحتَّى لا نقع فيما حَذَّرنا اللهُ منه مِن شِركٍ أو كُفرٍ أو حتَّى جَهل .



    لذلك أضَـعُ بين أيديكُنَّ مُقدِّمـةً في العقيـدة للشيخ : أبي حَمْزَة البَدْوِي .. وقـد نقلتُها عن الأخت / نور الهدى ، جزاها اللهُ خيـرًا .

    وهى مُقدِّمـةٌ سهلةٌ ومُهمِّـة ، جعلتُها في ثلاثةِ ملفَّات Word ، وقُمتُ بتنسيقها ، وتصحيح أخطاء إملائية بسيطة بها .

    وأسألُ الله جَلَّ وعلا أن ينفعني وإيَّاكُنَّ بما فيها .



    بإمكانِكُنَّ تحميل هـذه المادة مِن [ هُنا ]
    وهى في ملَّفٍ مضغوط .
    وليتكُنَّ تُراعين الترتيبَ في قراءتِها .



    ولِمَن لا تستطيعُ تحميلها ، سأضعها هُنا على أجـزاء ، لتستطيع قراءتها ، ولكى يَعُمَّ النَّفْعُ الجميـع ..



    وَفَّقني اللهُ وإيَّاكُنَّ لِمَا يُحِبُّ ويَرضَى .
  • بسمـة
    بصمة عطاء
    • Sep 2010
    • 2049

    #2
    أدلة الاعتقاد من الكتاب والسنة ( تأليف : أبي حمزة غازي بن سالم )
    ________



    ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا الإسراء/111 .
    لا إله إلا هو ، ولا خالق غيره ، ولا رب سواه ، المستحق لجميع أنواع العبادة ، ولذا قضى أن لا نعبد إلا إياه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك ، الحق العليّ الكبير ، تعالى في إلهيته وربوبيته عن الشريك والوزير ، وتقدَّس في أحديته وصمديته عن الصاحبةِ والولد والوليّ والنَّصير ، وتنزَّه في صفات كماله ونعوت جلاله عن الكُفؤ والنظير ، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله البشير النذير ، المُرسَل إلى الناس كافةً بالمِلة الحنيفية والهدي المنير ، صلَّى الله عليه وسلَّم وعلى آله وصحبه شموس الهداية وأوعية العلم وأنصار الدين القويم وتابعيهم ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ الحشر/10 ، وعلى من اقتفى أثرَهم واتَّبَعَ سيرهم وسلك صراطهم المستقيم ، وجعلنا من المقتدين بهم ، المهتدين بهديهم ، المتمسكين بالكتاب والسنة ، نقف معهما وبسيرهما نسير ،،،،

    أما بعـد :

    فإنه لا صلاح للعباد ، ولا فلاح ولا نجاح ، ولا حياة طيبة ، ولا سعادة في الدارين ، ولا نجاة من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، إلا بمعرفة :

    ـ أول مفروضٍ عليهم ، والعمل به .
    ـ وهو الأمر الذي خلقهم الله عزوجل له .
    ـ وأخذ عليهم الميثاقَ به .
    ـ وأرسل به رسلَه إليهم .
    ـ وأنزل به كتبَه عليهم .
    ـ ولأجله خُلِقَت الدنيا والآخرة ، والجنة والنار .
    ـ وبه حقت الحاقة ، ووقعت الواقعة .
    ـ وفي شأنه تُنصَب الموازين ، وتتطاير الصحف .
    ـ وفيه تكون الشقاوة والسعادة .
    ـ وعلى حسب ذلك تُقَسَّمُ الأنوار ﴿ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ النور/40 .

    وذلك الأمر هـو :

    أ) معرفة الله عز وجل بإلهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته ، وتوحيده بذلك .
    ب) ومعرفة ما يناقضه أو بعضه من الشرك والتعطيل ، والتشبيه والتشبه ، واجتناب ذلك .
    ج) والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره .
    د) وتوحيد الطريق إلى الله عزوجل ؛ بمتابعة كتابه ورسوله ، والعمل وفق ما شرعه الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وسلم .
    هـ) ومعرفة ما يناقضها من البدع المُضلة ، ويميل بالعبد عنها ، فيُجانبها كُلَّ المُجانبة ، ويعوذ بالله منها .

    إن هذا الأمر العظيم الذي لا تصلح البشرية إلا به ، مع عظمته وجلالة قدره ، إلا أن الغفلة في هذا الزمان عن العناية به كبيرة ، ومظاهر مناقضته المُشاهدة بين الناس كثيرة ، والداعون من أتباع إبليس إلى التقليل من شأنه والتهوين من عظمته لا يحصون عددا لكثرتهم وقلة الداعين إلى صراط الله المستقيم .



    [ هذه المقدمة مقتبسة بتصرف من مقدمة معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي رحمه الله ]

    تعليق

    • بسمـة
      بصمة عطاء
      • Sep 2010
      • 2049

      #3
      لقد عاش نبينا - صلى الله عليه وسلم - حياته وهو داع إلى توحيد الله ، ينادي بأمر الله لعباده أن (( قُوُلوا لَا إِلَهَ إِلاَّ الله ، تُفلِحُوا )) حديث صحيح رواه البخاري .
      ويحذر الناسَ من الشرك والوثنية وعبادة الطاغوت .
      ومات صلى الله عليه وسلم وهو يُحذِّرُ أمته فِعلَ أهل الكتابين الذين تركوا منهج الله وتوحيدَه . ففي الصحيحين أنّ عائشة وعبد الله بن عباس قالا : لمَّا نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ يطرح خميصة له على وجهه ، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك : لعنةُ الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد _ يُحذِّرُ ما صنعوا . ( صحيح البخاري ومسلم ) .
      أي يحذر أمته من مشابهة اليهود والنصارى في تعظيم القبور ، والغلو فيها ، واتخاذ القبور مساجد ، وبناء الأضرحة والقباب عليها ، لأن ذلك من أعظم وسائل الإشراك بالله .


      ولقد سار الصحابة رضي الله عنهم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - على مِنهاجه وطريقته الشريفة في التحذير من الشرك وذرائعه ، فلم يكن على عهد الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم من هذه القبور والأضرحة المُعظَّمَة في زماننا شيءٌ لا في الحجاز ولا اليمن ولا الشام ولا العراق ولا مصر ولا خراسان ولا المغرب ، ولم يكن قد أُحدِثَ مشهد لا على قبر نبيٍّ ولا صاحبٍ ولا أحدٍ من آل البيت ولا على ولي ولا صالح .

      ثم ماذا حدث بعـد ذلك ؟

      (1) بـدأ الانتقال من نور التوحيد إلى ظلام العبودية لغير الله ، وسراب الغلو في الأشخاص ، وتقديس المشاهد والقباب والقبور والأضرحة والمزارات ، وراح أناس يبنون على قبور الصالحين وغيرهم ، ويُعلونها مشاهد ومزارات تُدعَى من دون الله ، ويُقَرَّبُ لها القرابين ، وتُنذَر لها النذور ، وتُوقف عليها الأوقاف ، ويقف عندها المرءُ خاشعًا ذليلاً يطلب النفعَ أو دفعَ الضُّرِّ من ميتٍ لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا ، كما قال ربنا سبحانه وتعالى : ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ يونس/18 ، وقال تعالى : ﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ ، إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ فاطر 13 ـ 14 .

      لقد انتشر الشرك بصور كثيرة بين أصحاب القبور والمعظمين لها ، فلم يدعوا أمرًا فيه تعظيمٌ لله إلا وصرفوه للمقبورين ، فحلفوا بغير الله ، ودعوا غير الله ، واعتقدوا فيمَن يدعونهم من المقبورين أنهم أقدر على جلب المنافع ودفع المضار ، وآل الحالُ بالناس إلى ما أوضحه العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني بقوله : ‹‹ وكل قومٍ لهم رجل ينادونه ،
      فأهل العراق والهند يدعون عبد القادر الجيلاني ! ،
      وأهل التهائم لهم في كل بلد ميتٌ يهتفون باسمه ، يقولون : يا زيلعي ! ، يا ابن العجيل !
      وأهل مكة وأهل الطائف : يا ابن العباس !
      وأهل مصر : يا رفاعي ! ، يا بدوي ! والسادة البكرية !
      وأهل الجبال : يا أبا طير !
      وأهل اليمن : يا ابن علوان !
      وفي كل قريةٍ أمواتٌ يهتفون بهم ، وينادونهم ، ويرجونهم لجلب الخير ودفع الشر ، وهذا هو بعينه فعل المشركين في الأصنام ›› .

      ثم قال : ‹‹ فهذا الذي عليه هؤلاء شِركٌ بلا ريب ، وقد يعتقدون في بعض فسقة الأحياء ، وينادونه في الشدة والرخاء ، وهو عاكف على القبائح والفضائح ، ولا يحضر حيث أمر اللهُ عبادَه المؤمنين بالحضور هناك ، ولا يحضر جُمعةً ولا جماعة ولا يعود مريضًا ولا يُشيع جنازة ، ولا يكتسب حلالاً ، ويضم إلى ذلك دعوى التَّوكُّل وعِلمَ الغيب ، ويجلب إليه إبليسُ جماعةً قد عَشَّشَ في قلوبهم وباض فيها وفرخ ، يُصدِّقون بُهتانه ويُعظِّمون شأنه ، ويجعلون هذا نِدَّاً لرب العالمين ومثلاً . فيا للعقول أين ذهبت ! ويا للشرائع كيف جهلت !
      ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ الأعراف/194 .

      وليس هذا الذي نذكره من الأمور المبالغ فيها ، بل إن ظاهرة العكوف على القبور اليوم صارت من أكثر البدع الشركية شيوعًا بين المسلمين ، حتى عدت منظرًا مألوفًا في بلاد المسلمين .

      ففي مصر – مثلاً - تلقى الأضرحة احترامًا وتبجيلاً لدى كثيرٍ من الناس ؛ حيث يشتهر في مصر أكثر من ألف ضريح ، ومن أشهرها في القاهرة ضريح الحُسين ، وضريح السيدة زينب ، وضريح السيدة سكينة ، وضريح السيدة نفيسة ، وضريح الإمام الشافعي ، وفي خارج القاهرة تشتهر أضرحة أخرى كضريح البدوي ، وضريح إبراهيم الدسوقي ، وضريح أبي العباس المرسي ، وضريح أبي الحسن الشاذلي .. وفي الشام واليمن والعراق وتركيا والهند وباكستان وغيرها من البلدان مئات - بل ألوف - من الأضرحة التي تُدعَى من دون الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .



      [ انظري ( عبرات تسكب على التوحيد ) محاضرة مفرغة للشيخ ممدوح الحربي ]

      تعليق

      • بسمـة
        بصمة عطاء
        • Sep 2010
        • 2049

        #4
        (2) وكما انتشر بين الناس هذا الانحراف الخطير فلم يكن هو الأول والأخير ، بل إنك إذا قلَّبتَ ناظريك في أحوال المسلمين ، ستجد انحرافات أخرى لا تقل خطورة عن هذا الأمر ؛ مثل : استعمال بعض الناس للسحر ، وتعظيمهم للسحرة والمشعوذين ، وتصديقهم ، وسؤالهم عن أمورٍ مِن الغيب ، اعتقادًا منهم أنهم به عالِمون ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : ﴿ قُل لّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ النمل/65 ، ويقول سبحانه لنبيه وخليله صلى الله عليه وسلم : ﴿ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ الأعراف/188 .

        (3) وكذلك فإن من الشرك الذي انتشر : اعتقاد النفع في أشياء لم يجعلها الخالق عز وجل كذلك ؛ كما يعتقد بعضهم في التمائم ، والعزائم الشركية ، وأنواع من الخرز أو الوَدَع أو الحِلَق المعدنية ، وغيرها ، بِناءً على إشارة الكاهن أو الساحر أو اعتقاد متوارث ، فيُعلِّقونها في رِقابهم أو على أولادهم لدفع العين بزعمهم ، أو يربطونها على أجسادهم ، أو يُعلِّقونها في سياراتهم وبيوتهم ، أو يلبسون خواتم بأنواع من الفصوص يعتقدون فيها أمورًا معينة من رفع البلاء أو دفعه ، وهذا لا شك يُنافي التَّوكُّلَ على الله ، ولا يزيد الإنسانَ إلا وَهنًا ، وهو من التداوي بالحرام ، وفي بعض هذه التمائم التي تُعلَّق شِركٌ جَليٌّ واستغاثة ببعض الجِنّةِ والشياطين ، أو رسوم غامضة ، أو كتابات غير مفهومة ، وبعض المشعوذين يكتبُ آياتٍ من القرآن ويخلطها بغيرها من الشِّرك ، وبعضهم يكتب آياتِ القرآن بالنجاسات أو بدم الحيض ... نعوذ بالله من ذلك الشرك .

        وقد روى عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل إليه رَهطٌ ، فبايع تِسعةً وأمسك عن واحد ، فقالوا : يارسول الله ، بايعت تِسعةً وتركت هذا ؟ قال : " إنَّ عليه تميمة " فأدخل يده فقطعها ، فبايعه وقال صلى الله عليه وسلم : (( مَن علَّقَ تميمةً فقد أشرك )) حديث حسن أخرجه أحمد .

        وعن رجل من صدا - رضي الله عنه - قال : أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - اثنا عشر رجلاً فبايعنا ، وترك منا رجلاً لم يبايعه ، فقلنا : بايعه يا نبيَّ الله ، قال : لن أبايعه حتى ينزعَ الذي عليه ، إنه مَن كان مِنَّا عليه مِثل الذي عليه كان مشركًا ، ما كانت عليه ، قال : فنظرنا ، فإذا في عضده سَيرٌ فيه شيءٌ من لحا شجرة أو شيءٌ من شجرة ( حسن رواه عبد الله بن وهب في الجامع ) .

        وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من تعلَّقَ تميمةً ، فلا أَتَمَّ اللهُ له ، ومن تعلَّقَ وَدعةً ، فلا وَدَعَ اللهُ له )) حديث حسن لغيره أخرجه أحمد .. وقال عقبة بن عامر - رضي الله عنه - في التمائم : ‹‹ إنها أينما وُضِعَت مِن الإنسان ، فإن موضعها شِرك ›› .

        تعليق

        • بسمـة
          بصمة عطاء
          • Sep 2010
          • 2049

          #5
          (4) ومما انتشر اليوم تعليق ( المِعْضَد أو الأسورة المغناطيسية ) : وهو سِوارٌ مِن خيطٍ أو نُحاس ، يعتقـدُ أصحابُه أنَّ في لبسه فائدةً للجسد ، فيستخدمونه لتنظيم الدورة الدموية ، أو لعلاج الروماتيزم ، أو نحو ذلك من الأمور المُتَوَهَّمَة ، وهي لا تختلف في الحكم عما سبق كما أفتى بذلك جَمْعٌ مِن كبار العلماء _ ومنهم سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله _ : وقـد سُئِلَ عن ذلك ، فقال رحمه الله : في إجابة سائلٍ عن خصائص الأسورة النحاسية التي حدثت أخيرًا لمكافحة ( الروماتيزم ) قـال رحمه الله : أفيدكم أني درستً موضوعها كثيرًا ، وعَرضتُ ذلك على جماعةٍ كثيرةٍ من أساتذة الجامعة ومُدرسيها ، وتبادلنا جميعًا وِجهات النظر في حكمها فاختلف الرأي : فمنهم مَن رأى جوازَها ، لِمَا اشتملت عليه من الخصائص المُضادة لمرض ( الروماتيزم ) .
          ومنهم مَن رأى تركها ، لأنَّ تعليقها يُشبه ما كان عليه أهلُ الجاهلية ، مِن اعتيادهم تعليق الوَدَع والتمائم والحلقات من الصُفر ، وغير ذلك من التعليقات التي يتعاطونها ، ويعتقدون أنها عِلاجٌ لكثيرٍ من الأمراض ، وأنها من أسباب سلامة المُعلَّق عليه من العين ،..
          ( ثم ذكر حديث عقبة المتقدم وغيره ) ثم قال :
          فهذه الأحاديث وأشباهها يُؤخذ منها أنَّه لا ينبغي أن يُعلِّق شيئًا من التمائم أو الودع أو الحلقات ، أو الأوتار ، أو أشباه ذلك من الحروز ؛ كالعظام والخرز ونحو ذلك لدفع البلاء أو رفعه .
          والذي أرى في هذه المسألة هو ترك الأسورة المذكورة ، وعدم استعمالها :
          * سدًا لذريعة الشرك ،
          * وحَسمًا لمادة الفِتنة بها والميل إليها ، وتعليق النفوس بها ،
          * ورغبةً في توجيه المسلم بقلبه إلى الله سبحانه ثِقةً به ، واعتمادا عليه ،
          * واكتفاء بالأسباب المشروعة المعلومة إباحتها بلا شك ،
          وفيما أباح الله ويَسِّرَ لعِباده غُنيةٌ عَمَّا حَرَّمَ عليهم ، وعَمَّا اشتَبَه أمرُه ، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( مَن اتَّقَى الشُّبُهات فقد استبرأ لدينه وعِرضه ، ومَن وقع في الشُّبُهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يُوشِكُ أن يرتع فيه )) راواه البخاري .

          وقال صلى الله عليه وسلم : (( دع ما يَريبُك إلى ما لا يَريبك )) رواه الترمذي والنسائي .


          ولا ريب أن تعليق الأسورة المذكورة يُشبه ما تفعله الجاهليةُ في سابق الزمان ؛ فهو إمِّا من الأمور المُحَرَّمَة الشِّركية ، أو من وسائلها ، وأقل ما يُقالُ فيه أنه من المُشتبِهات ، فالأولى بالمسلم والأحوط له أن يترفَّعَ بنفسه عن ذلك ، وأن يكتفيَ بالعِلاج الواضح الإباحة ، البعيد عن الشُّبهة


          .... . اهـ


          وقال العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - وقـد سُئِلَ عن حكم لبس السوار لعلاج الروماتيزم ؟ فأجـاب : اعلم أن الدواء سببٌ للشِّفاء ، والمُسَبِّبُ هو الله تعالى ، فلا سبب إلا ما جعله الله تعالى سببًا ، والأسبابُ التي جعلها الله تعالى أسبابًا نوعان :
          النوع الأول : أسباب شرعية ؛ كالقرآن الكريم والدعاء ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في سورة الفاتحة : (( وما يدريك أنها رقية )) رواه البخاري ، وكما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَرقي المرضى بالدعاء لهم ، فيشفي الله تعالى بدعائه مَن أراد شفاءه به .

          النوع الثاني : أسباب حسية ؛ كالأدوية المادية المعلومة عن طريق الشرع كالعسل ، أو عن طريق التجارب مثل كثير من الأدوية .
          وهذا النوع لا بد أن يكون تأثيرُه عن طريق المباشرة لا عن طريق الوهم والخيال ، فإذا ثبت تأثيرُه بطريق مباشرة محسوس صَحَّ أن يُتَّخَذَ دواءً يحصل به الشفاء بإذن الله تعالى . أما إذا كان مجرد أوهام وخيالات يتوهمها المريض فتحصل له الراحةُ النفسية بِناءً على ذلك الوهم والخيال ويهون عليه المرض ، وربما ينبسط السرورُ النفسيُّ على المرض فيزول ، فهذا لا يجوزُ الاعتماد عليه ولا إثباتُ كونه دواءً ، لئلا ينساب الإنسانُ وراء الأوهام والخيالات ، ولهذا نهي عن لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع المرض أو دفعه ، لأن ذلك ليس سببًا شرعيًا ولا حِسِّيًا ، وما لم يثبت كونُه سببًا شرعيًا ولا حِسِّيًا لم يَجُز أن يُجعل سببًا ، فإنَّ جعله سببًا نوعٌ من منازعة الله تعالى في ملكه وإشراكٌ به ؛ حيث شارك اللهَ تعالى في وضع الأسباب لمُسبباتها ، وقد ترجم الشيخ محمد بن عبد الوهَّاب - رحمه الله - لهذه المسأله في كتاب التوحيد بقوله : ( بابُ الشِّرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لدفع البلاء أو رفعه ) . وما أظنُّ السوار الذي أعطاه الصيدليُّ لصاحب الروماتيزم الذي ذُكِرَ في السؤال إلا من هذا النوع ، إذ ليس ذلك السوار سببًا شرعيًا ولا حِسِّيًا تُعلَمُ مُباشرتُه لمرض الروماتيزم حتى يُبرئه ، فلا ينبغي للمُصاب أن يستعمل ذلك السوار حتى يعلم وجه كونه سببًا ، والله الموفق .


          والمقصود أنَّ انتشارَ مِثلَ هـذه الأفعال والاعتقادات الفاسدة في مجتمعات المسلمين ، لتَدُلُّ على الحاجةِ المَاسَّةِ لتعليم الناس التوحيد ، وإزالة الغَشاوةِ التي ألمَّت بهم ، ليعودوا إلى سالف العهد الذي كان عليه السلفُ الصالح رضوان الله تعالى عليهم .

          وهذ الكتاب محاولةٌ في بيان هذا الأمر العظيم ، وذِكر أدلته ومسائله على طريقة السلف الصالح أهل السنة والجماعة . اقتضى الحالُ تسطيرَه ضِمن الدورة العِلمية المُقامة في مركز محمد بن سالم البخيت بدُبَيّ ، والتي كان بَدؤها في يوم الاثنين ( 11 من شهر ربيع الأول عام 1432 هـ )
          فأسأل الله تعالى أن يُعينَ على إتمامه ، وأن ينفعَ به كاتبَه وقارئَه ، كما أسأله جَلَّ وعلا أن يرزقنا العِلمَ النافع والعملَ الصالِحَ والإخلاصَ في القول والعمل .

          ﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ هود/88 .



          وكتبـه :

          أبو حمزة غازي بن سالم أفلح البدْوي الجنيدي
          10 / ربيع أول / 1432 هـ

          تعليق

          • بسمـة
            بصمة عطاء
            • Sep 2010
            • 2049

            #6
            مَبَـادِئُ عِلْـمِ العقيـدة

            قبل الشروع في أي علم ينبغي أن يعرف الطالبُ مقدماتِه العشر التي بمعرفتها يسهل عليه تعلُّمُه ، وهذه المبادئ العشرة اهتم أهلُ العلم ببيانها وشرحها لطلاب العلم ، وهي :

            1- الاسم : أي الاسم العلمي لهذا الفن ، ومعرفة الألقاب التي أطلقها أهل هذا العلم عليه لتمييزه عن غيره .

            2- الحـد : وحد الشيء هو تعريفه وتوضيحه وبيانه ، ويقصد به التعريف الجامع لمسائل العلم ومباحثه ، المانع من دخول غيره فيه .

            3- النسبة : أي بيان الجهة التي ينتمي إليها هذا العلم مع معرفة صلته وعلاقته بغيره من العلوم .

            4- الواضـع : أي المؤسس لهذا العلم أو أول من بدأ التدوين فيه ، ووضع أساسه وأرسى قواعده .

            5- الموضـوع : والمقصود به المسائل الرئيسة التي يتناولها هذا الفن ، أو المجال المحدد الذي يبحث فيه العلم ، والجهة التي تتوحد فيها مسائله .

            6- المسائل : وهي " التصديقات التي يُبَرْهَن عليها في العلم " ، أو المطالب التي يبحثها ويقررها العلم والتي تندرج تحت موضوعه .

            7- الاستمداد : أي القواعد والأدلة التي يَستمد منها أحكامه .

            8- الفضل : أي بيان ما للعلم من منزلة وشرف وأهمية بين العلوم . ويُعرف فضل العلم بفضل معلومه ، فكلما كان الشيء المتعلَّم ذا فائدة وفضل ، كلما كان هذا العلم أفضل .

            9- الثمرة : أي الفائدة التي يُحصِّلها المتعلِّم لهذا العلم في الدارين .

            10- الحكم : أي معرفة الحكم الشرعي المتعلق بتعلم هذا العلم من بين الأحكام التكليفية الخمسة .

            وهذه المقدمات العشرة جمعها غيرُ واحد من أهل العلم نظمًا منهم :
            الشيخ محمد بن علي الصبَّان رحمه الله :

            إنَّ مبادِي كـلِّ فنٍّ عشـرة .. الحـدُّ والموضـوعُ ثم الثمرة
            ونسبةُ وفضلُهُ والواضـع .. والاسـمُ الاستمدادُ حكمُ الشارع
            مسائلٌ والبعض بالبعض اكتفى .. ومن دَرَى الجميعَ حاز الشرفا


            وقال بعضهم :

            مَبَادي عِلـمٍ كان حَـدُّ .. وموضـوعٌ وغايةٌ مستَمـدُّ
            مَسائلُ نسبة واسمُ وحكمُ .. وفضلٌ واضعُ عشرٌ تُعَـدٌّ

            تعليق

            • بسمـة
              بصمة عطاء
              • Sep 2010
              • 2049

              #7
              فلنذكر ذلك فيما يلي على سبيل الإيجاز :

              أولاً : الاسـم :

              هذا العلم يُعرف عند السَّـلَف بمُسَمَّياتٍ عِـدة ، ومنها :

              1- ( السنة ) : والسنة الطريقة ، فأطلق على عقيدة السلف ( السُّنة ) ، لاتباعهم طريقة الرسول - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - وأصحابه في ذلك .. وهذا الإطلاق هو السائد في القرون الثلاثة الفاضلة .. ومن المؤلفات في العقيدة باسم " السنة " : كتاب السنة للإمام أحمد ، والسنة لأبي بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك ابن مخلد الشيباني وغيرها من الكتب .

              2- ( أصول الدين ) : وأصول الديانة ، وأصول السنة .
              والأصول هي أركان الإيمان وأركان الإسلام ، والمسائل القطعية وما أجمع عليه الأئمة . ومن المؤلفات في ذلك : أصول السنة للحافظ أبي بكر عبدالله بن الزبير الحميدي شيخ البخاري وأول من حدَّث عنه في صحيحه ، وأصول السنة للإمام أحمد ، وأصول السنة للإمام ابن أبي زمنين محمد بن عبد الله بن عيسى أبو عبد الله الألبيري .

              3- ( الفقه الأكبر ) : وهو يرادف أصول الدين ، وهو مقابل الفقه الأصغر الذي هو الأحكام الاجتهادية . ومن المؤلفات بهذا الاسم كتاب الفقه الأكبر المنسوب لأبي حنيفة .

              4- ( الشريعة ) : أي ما شرعه الله ورسوله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - من سُنَن الهدي ، وأعظمها أصول الدين ، ومن المؤلفات في ذلك : كتاب الشريعة للإمام أبي بكر محمد بن الحسين الآجري .

              5- ( الإيمان ) : ويشمل سائر الأمور الاعتقادية . ومن المؤلفات بهذا الاسم : كتاب الإيمان للإمام أبي عبيد القاسم بن سلام ، والإيمان للإمام أبي بكر عبدالله بن محمد المعروف بابن أبي شيبة شيخ مسلم ، وقد أكثر الرواية عنه جدًا في صحيحه .

              6- ( العقيدة ) : والاعتقاد والعقائد ، فيقال : عقيدة السلف وعقيدة أهل الأثر ونحوه . ومن ذلك كتاب شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة للإمام أبي القاسم هبة الله بن الحسن اللالِكَائي .

              7- ( التوحيد ) : لأن هذا العلم يدور على توحيد الله بالألوهية والربوبية والأسماء والصفات ، والتوحيد هو أشرف مباحث علم العقيدة وهو غايتها ، فسُمِّيَ به هذا العلم عند السلف تغليباً .. ومن المؤلفات بهذا الاسم : كتاب التوحيد لإمام الأئمة أبي بكر محمد بن إسحاق ابن خزيمة ، وكتاب التوحيد للإمام محمد بن إسحاق ابن منده المتقدم ذكره ، وكتاب تجريد التوحيد المفيد للشيخ تقي الدين أحمد بن علي المقريزي .


              وهناك اصطلاحات أخرى تطلقها الفرق المخالفة لأهل السنة على العلم ، ومن أشهر ذلك :
              ـ علم الكلام : وهذا الإطلاق يعرف عند سائر الفرق المتكلمة ، كالمعتزلة والأشاعرة ، ومَن يسلك سبيلهم ، وهو لا يجوز لأن علم الكلام حادث مبتدع ، ويقوم على التقوّل على الله بغير علم ، ويخالف منهج السلف في تقرير العقائد .

              ـ علم الفلسفة : وذلك عند الفلاسفة ، ومَن سلك سبيلهم ، وهو إطلاقٌ لا يجوز في العقيدة ، لأن الفلسفة مبناها على الأوهام والعقليات الخيالية . والتصورات الخرافية عن أمور الغيب المحجوبة .

              ـ التصوف : عند بعض المتصوفة والفلاسفة ، والمستشرقين ومَن نحا نحوهم ، وهو إطلاق مبتدع لأنه ينبني على اعتبار شطحات المتصوفة ومزاعمهم وخرافاتهم في العقيدة .

              ـ الإلهيات : عند أهل الكلام والفلاسفة والمستشرقين وأتباعهم وغيرهم ، والمقصود بها عندهم فلسفات الفلاسفة ، وكلام المتكلمين والملاحدة فيما يتعلق بالله تعالى .

              ـ ما وراء الطبيعة : أو الميتافيزيقيا كما يسميها الفلاسفة والكتاب الغربيون ومَن نحا نحوهم ، وهي قريبة من معنى الإلهيات .


              قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله في " شرح كتاب الحموية الكبرى " :
              الفلاسفة منهم مَن اعتنى بالرياضيات ، ومنهم مَن اعتنى بالطبيعيات ، ومنهم مَن اعتنى بأثر الأصوات والألحان والموسيقى إلى آخره ، ومنهم مَن اعتنى بالإلهيات ، وهؤلاء هم الذين اعتنوا بما يسميه الفلاسفة ما وراء الطبيعة ، قسمٌ من أقسام الفلسفة ، وهو أعظمها شأناً عندهم .



              ثانياً : تعريف علم العقيـدة وحَـدُّه :

              العقيدة لغة : مأخوذة من العقد والربط والشّدّ بقوة .
              والعقيدة : الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده .
              والعقيدة اصطلاحًا : هي ما يؤمن به الإنسان إيماناً جازماً لا يتطرق إليه شك ، ويعقد عليه قلبه وضميره ، ويتخذه مذهباً وديناً يدينُ به ... فإذا كان هذا الإيمانُ الجازمُ والحكمُ القاطع صحيحاً ، كانت العقيدةُ صحيحة ؛ كاعتقاد أهل السنة والجماعة ، وإن كان باطلاً كانت العقيدة باطلة كاعتقاد فِرق الضلال .

              والعقيـدة الإسلاميـة هي :
              الإيمان الجازم بالله تعالى وما يجب له من التوحيد والطاعة ، والإيمان بملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر ، وسائر ما ثبت من أمور الغيب ، والأخبار ، والأصول ، علمية كانت أو عملية .

              ويقصد بالعقيدة الإسلامية عند إطلاقها عقيدة أهل السنة والجماعة ، فهي الدين الذي ارتضاه رب العالمين ، وهي عقيدة القرون الثلاثة المفضلة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان .

              علم العقيدة من العلوم الشرعية ، وهو أصل العلوم لأن جميعها يبنى على الاعتقاد الصحيح .

              تعليق

              • بسمـة
                بصمة عطاء
                • Sep 2010
                • 2049

                #8
                رابعاً : الواضِـع لعلم العقيـدة :

                علم العقيدة ليس علماً اصطلاحياً ، بل هو علمٌ نقليّ وعلمٌ نصيّ جاءنا من عند الله سبحانه ، فالله سبحانه وتعالى هو الذي علَّمنا إياه ، لكنْ باعتبار من فصّله وأخرجه عن غيره من العلوم فإنه لا يمكن الجزم بشخصٍ معين أنه هو الذي ابتدأ التأليف والتدوين لهذا العلم ، فقد عُرف عن كثير من العلماء أنهم ألَّفوا في باب العقيدة ونصر السنة والرد على أهل الأهواء ، لكنْ كانت الكتابات في أول الأمر تقتصر على جوانب معينة ولم تكن شاملة لأصول الاعتقاد .
                وأقدم مَن قيل إنه ألَّف في ذلك الإمام أبو حنيفة في كتاب " الفقه الأكبر " ، لكن هذا الكتاب لم تثبت نسبته إلى الإمام أبي حنيفة رحمه الله فلا نستطيع الجزم بأنه أول من دوّن أو كتب في علم العقيدة .. وقيل : إنَّ أبا الحسن الأشعري هو واضع علم التوحيد لأنه جمع مذاهب الفِرق المختلفة في مجالات العقيدة في كتابٍ له سمَّاه " مقالات الإسلاميين " ، وسبب القول بأنه واضع هذا العلم كثرة مؤلفاته فيه ، وانشغاله به ، وإلا فإن الذين ألَّفوا في هذا العلم من معاصريه عددٌ لا يُستهان بهم .
                وهذا القول غير صحيح أيضاً ، فإن الأشعري لم يكن السابق في التأليف في هذا العلم ، بل سبقه عددٌ من الناس ، لكن الذين سبقوه من المحدثين مثلاً لا يعتنون بجوانب هذا العلم المختلفة ، ولا يفصلونه عن علم الحديث .



                خامساً : موضوع علم العقيـدة :

                موضوع علم العقيدة هو الكلام في أركان الإيمان الستة .
                ويشمل ذلك ذكر التوحيد ، وذكر ما ينافيه من الشرك وأنواعه ، كما يشمل تفسير الإيمان ، والإسلام ، وسائر السمعيات والغيبيات والنبوات ، والقَدَر ، والأخبار ، وأصول الدين والاعتقاد ، ويتبعه الرد على أهل الأهواء والبدع وسائر المِلل والنِّحَـل الضالة ، والموقف منهم .



                سادساً : مسائل علم العقيـدة :

                أصل مسائل هذه العلم هي توضيح الأركان الستة للإيمان وهي :
                الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره .
                ويدخل في مسائل علم العقيدة : كل ما يذكر في هذا العلم من الأمور التي دلت عليها الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ، والتي يجب على المسلم اعتقادها وتصديقها فيما يتعلق بالله تعالى ، وكل ما أخبر به عن نفسه سبحانه ذاتاً وصفاتٍ وأفعالاً . ومثل الأمور الغيبية التي دلت النصوص على وجوب الإيمان بها .
                وأدخل الأئمة بعض الأمور في مسائله لأهميتها وانحراف بعض الفرق المتقدمة عنها مثل : تعظيم الصحابة ، وبيان مكانتهم ، ومثل وجوب طاعة ولاة الأمور وبيان حقهم ، ومثل المسح على الخفين ، وغير ذلك من المسائل التي خالف فيها أهل البدع وصارت شعاراً لهم ، فيذكرها أهل العلم لبيان وسطية أهل السنة ومخالفة مَن خالف فيها من أهل البدع والأهواء .
                وقال الشيخ محمد بن إبراهيم الحَمَد : ‹‹ العقيدة بمفهوم أهل السنة والجماعة : اسمُ عَلَمٍ على العلم الذي يدرس ويتناول جوانب التوحيد والإيمان ، والإسلام ، وأمور الغيب والنبوات والقدر ، والأخبار وأصول الأحكام القطعية ، وما أجمع عليه السلف الصالح من أمور العقيدة ، كالولاء والبراء ، والواجب تجاه الصحابة ، وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم أجمعين . ويدخل في ذلك الرد على الكفار ، والمبتدعة ، وأهل الأهواء ، وسائر المِلل والنحل ، والمذاهب الهدامة والفرق الضالة والموقف منهم إلى غير ذلك من مباحث العقيدة ›› .



                سابعاً : فائـدة علم العقيـدة :

                سلامة المسلم من الكفر والنفاق هو أصل النجاة من النار .. ولا يتم ذلك إلا بتعلم العقيدة الصحيحة ـ عقيدة السلف الصالح ـ والاستمساك بها ، والحذر مما يخالفها . فمن أعظم فوائد هذا العلم أنه :
                ـ عِصمة للمؤمن من الوقوع في الشرك والنفاق .
                ـ وحِصن له من الوقوع في الاختلاف والفُرقة .
                ـ ودِرع حصينة له من الوقوع في الفتن .
                ـ وتخليص للأعمال والأقوال من الاعتقادات الفاسدة .
                ـ وفي تعلمه تحصيل محبة الله سبحانه وتعالى بمعرفة صفاته .
                ـ وتحصيل محبة رسله بمعرفة ما يجب لهم وما يتصفون به .
                ـ وزيادة الإيمان بتفصيل مسائل هذا العلم ؛ مثل مسائل القدر وغيرها .
                ـ ورد الشبهات التي تثار في اعتقاد المسلمين ، سواء كانت من قبل المسلمين أو من قبل أعدائهم ، فهذه الشبهات من إيحاء الشيطان ، يلقيها فتكون وحياً يُوحيه إلى أوليائه : (( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ )) سورة الأنعام121
                فيحتاج إلى من يرد هذا ، إذ لو لم ترد لوجدت أنصاراً وأعواناً ، وسمعت مَن يصيح لها ويتقبلها ، فحينئذ تشيع فلا يُميز الناس بين الحق والباطل ، وتنتشر بنيات الطريق ، وينصرف الناس عن طريق الهداية .



                ثامناً : استمداده ومصادره :

                تؤخذ العقيدة الصحيحة من كتاب الله ، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفق فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان .
                قال الشيخ الفوزان حفظه الله : العقيدة توقيفية ، فلا تثبت إلا بدليلٍ من الشارع ، ولا مسرح فيها للرأي والاجتهاد ، ومن ثم فإن مصادرها مقصورة على ما جاء في الكتاب والسنة ، لأنه لا أحد أعلم بالله وما يجب له وما ينزه عنه من الله ، ولا أحد بعد الله أعلم بالله من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
                ولهذا كان منهج السلف الصالح ومن تبعهم في تلقي العقيدة مقصوراً على الكتاب والسنة .
                فما دل عليه الكتاب والسنة في حق الله تعالى آمنوا به واعتقدوه وعملوا به . وما لم يدل عليه كتاب الله ولا سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - نفوه عن الله تعالى ورفضوه ، ولهذا لم يحصل بينهم اختلاف في الاعتقاد ، بل كانت عقيدتهم واحدة ، وكانت جماعتهم واحدة ، لأن الله تكفل لمن تمسك بكتابه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - باجتماع الكلمة ، والصواب في المعتقد واتحاد المنهج .. قال تعالى : " وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ " سورة آل عمران ، وقال تعالى : " فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى" سورة طه .
                ولذلك سُموا بالفرقة الناجية ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - شهد لهم بالنجاة حين أخبر بافتراق الأمة إلى ثلاثٍ وسبعين فِرقة ، فقال : " كُلُّهَا في النّار إلاّ واحدة " ولَمَّا سُئِلَ عن هذه الواحدة قال : " هي مَن كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي " الحديث ...
                وقد وقع مِصداق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، عندما بنى بعض الناس عقيدتهم على غير الكتاب والسنة ، من علم الكلام ، وقواعد المنطق المورثين عن فلاسفة اليونان ، وتفرق الجماعة ، وتصدع بناء المجتمع الإسلامي .



                تاسعا : فضل علم العقيـدة :

                علم العقيدة أهم علوم الدين على الإطلاق :
                ـ لأن الاعتقاد الصحيح أول واجب على المكلف ، فعند دخول الشخص الإسلام يجب عليه معرفة التوحيد قبل تعلم العبادات والمعاملات ، ولذلك لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل - رضي الله عنه - إلى أهل اليمن قال له : (( إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى ، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم )) الحديث ... رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه .
                ـ وعلم العقيدة أشرف العلوم وأعظمها وأعلاها ، لأن شرف العلم بشرف المعلوم ، والمعلوم في هذا العلم هو الله ، ومنزلة العلم تقدر بحاجة الناس إليه ، وبما يحصل لصاحبه من الانتفاع به في الدنيا والآخرة .
                ـ وحاجة العباد إلى علم العقيدة فوق كل حاجة ، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة ، لأنه لا حياة للقلوب ولا نعيم ، ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها بأسمائه وصفاته وأفعاله ، وما يجب له وما ينزه عنه ، ويكون مع ذلك كله أحب إليها مما سواه ، ويكون سعيها فيما يقربها إليه .. وكلما كانت معرفة العبد بربه صحيحة تامة ، كلما كان أكثر تعظيماً واتباعاً لشرع الله وأحكامه وأكثر تقديراً للدار الآخرة .
                ـ والعقيدة أساس دعوة الأنبياء كما قال تعالى مخبراً عن قول كل نبي يرسله إلى قومه : (( يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ )) الأعراف 59 .
                ـ والعقيدة يُبنى عليها الدين ، ولذلك مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث عشرة سنة بمكة ينزل عليه القرآن ، وكان في غالبه ينصب على البناء العقدي حتى إذا ما تمكنت العقيدة في نفوس أصحابه رضوان الله عليهم نزلت التشريعات الأخرى بعد الهجرة إلى المدينة .



                عاشراً : حكم تعلم العقيـدة :

                الحكم الشرعي لهذا العلم ينقسم إلى قسمين باعتبار المدروس فيه :

                القسم الأول : ما يجب على الأعيان :
                وهو ما يحقق به الإنسان إيمانه بأركان الإيمان الستة ، وهذا القدر واجب على كل مسلم ، فلا يدخل الإنسان الإسلام حتى يؤمن بأركان الإيمان الستة ، ويجب ذلك على وجه الإجمال ولا يجب على وجه التفصيل ، فلا يجب مثلا أن يعرف المسلم كل مسائل القدر كالطِيَرة والتمائم والفأل ونحو ذلك ، فهذه من تفصيلات القدر ، إنما يجب عليه الإيمان بالقدر خيره وشره .

                القسم الثاني : الواجب الكفائي :
                والواجب الكفائي مايجب على الأمة جميعاً تعلمه من هذا العلم ، وهو بقية المسائل التفصيلية ، فهذا العلم بكل مسائله ودقائقه فرض كفاية على الأمة يجب عليها تعلمه .

                تعليق

                • بسمـة
                  بصمة عطاء
                  • Sep 2010
                  • 2049

                  #9
                  مسائل العقيدة واضحة ومبينة في الكتاب والسنة .

                  على كل مسلم الاعتقاد الجازم بأن نبينا - صلى الله عليه وسلم - قد بين لنا كل ما نحتاجه من أمور العقيدة ومسائل الدين .. فإن الله تعالى لم يتوفّ نبيه - صلى الله عليه وسلم - حتى أكمل له الدين ، وبلغ البلاغ المبين ، وبين للناس ما نزل إليهم أوضح التبيين ، وترك أمته على البيضاء ليلها كنهارها لايزيغ عنها بعده إلا هالك .

                  قال أبو الدرداء رضي الله عنه : خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نذكر الفقر ونخافه ، فقال : الفقر تخافون ؟
                  والذي نفسي بيده لتصبَّنَّ عليكم الدنيا صبَّا ، حتى لا يزيغ قلب أحدكم إزاغة إلا هيه ، وأيم الله ، لقد تركتكم على مثل البيضاء ، ليلُها ونهارُها سواء .
                  قال أبو الدرداء : صدق والله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تركنا واللهِ على مثل البيضاء ليلُها ونهارُ سواء .

                  وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، قلنا : يا رسول الله ، إن هذه لموعظة مُودِّع ، فماذا تعهد إلينا ؟ قال : قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ... الحديث رواه ابن ماجه .

                  هداية الله تعالى للمؤمن للاعتقاد الصحيح من أعظم النعم
                  من أعظم نعم الله تعالى على العبد هدايته للسنة ، ولزومه لعقيدة السلف الصالح .

                  قال أيوب بن أبي تميمة السِّختياني رحمه الله : ‹‹ إن من سعادة الحَدَث والأعجمي أن يوفقهما الله لعالم من أهل السنة ›› .

                  وقال عبد الله بن شوذب رحمه الله : ‹‹ إن من نعمة الله على الشاب إذا نسك أن يواخي صاحب سُنة يحمله عليها ›› .

                  وقال عمرو بن قيس الملائي رحمه الله : ‹‹ إذا رأيت الشاب أول ما ينشأ مع أهل السنة والجماعة فارُجه ، وإذا رأيته مع أهل البدع فايئس منه ، فإن الشاب على أول نشوءه ›› .

                  وقد هدى الله تعالى أهل السنة إلى معرفة الحق بدليله ، والإيمان به ، والدعوة إليه حين اختلف فيه الناس كما قال تعالى : ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ .. قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ، ونحن أول من يدخل الجنة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، وأوتيناه من بعدهم ، فاختلفوا ، فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق ، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه هدانا الله له ، قال يوم الجمعة ، فاليوم لنا وغدا لليهود وبعد غد للنصارى )) .

                  وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه في قوله تعالى : ﴿ فّهَدَى اللهُ الّذينَ آمنوا لِما اختلفُوا فيهِ من الحق بإذنه .

                  قال اختلفوا في يوم الجمعة فاتخذ اليهود يوم السبت ، والنصارى يوم الأحد ، فهدى الله أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ليوم الجمعة .. واختلفوا في القبلة ؛ فاستقبلت النصارى المشرق ، واليهود بيت المقدس ، وهدى الله تعالى أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - للقبلة .. واختلفوا في الصلاة ؛ فمنهم مَن يركع ولا يسجد ، ومنهم مَن يسجد ولا يركع ، ومنهم مَن يصلي وهو يتكلم ، ومنهم مَن يصلي وهو يمشي ، فهدى الله تعالى أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - للحق من ذلك .. واختلفوا في الصيام ؛ فمنهم مَن يصوم بعض النهار ، ومنهم مَن يصوم مِن بعض الطعام ، فهدى الله تعالى أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - للحق من ذلك .. واختلفوا في عيسى عليه الصلاة والسلام ؛ فكذَّبت به اليهود وقالوا لأمه بُهتانًا عظيمًا ، وجعلته النصارى إلهًا وولدًا ، وجعله الله تعالى رُوحه وكلمته ، فهدى الله تعالى أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - للحق من ذلك .



                  الأسماء الشرعية لأصحاب الاعتقاد الحق والمنهج الصحيح

                  أهل السنة والجماعة يفارقون أهل البدع ويتميزون عنهم في :

                  1- أنهم ليس لهم اسم يعرفون به ، ولا لقب أو رمز يميزهم عن غيرهم إلا الإسلام وما دل عليه .
                  قال رجل للإمام مالك رحمه الله : ( يا أبا عبد الله أسألك عن مسألة أجعلك حجة فيما بيني وبين الله عز وجل قال مالك : ما شاء الله لا قوة إلا بالله سل ؟ قال من أهل السنة ؟ قال : أهل السنة الذين ليس لهم لقب يعرفون به لاجهمي ولا قدري ولا رافضي ) .

                  2- " وليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله " .

                  3- ولا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، بل يجعلون ما بعث به الرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه .

                  4- وما تنازع فيه الناس من مسائل الصفات والقدر والوعيد والأسماء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك يردونه إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم .

                  5- ويفسرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل التفرق والاختلاف ؛ فما كان منها مخالفاً للكتاب والسنة أبطلوه .

                  6- ولا يتبعون الظن وما تهوى الأنفس ، فإن اتباع الظن جهل ، واتباع هوى النفس بغير هدى من الله ظلم .. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى : ( وقد روينا عن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - أنه سأل عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - فقال : أنت على ملة علي أو ملة عثمان رضي الله عنهما ؟ فقال : ( لست على ملة علي ولا على ملة عثمان ، بل أنا على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .. وكذلك كان كل من السلف يقولون : كل هذه الأهواء في النار .. فكان من توفيق الله تعالى لهم أن عرفوا بأسماء شرعية مستمدة من الإسلام .. فبعضها ثابت لهم بالنص من الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبعضها حصل لهم بفضل تحقيقهم للإسلام تحقيقًا صحيحًا .. فمن أسمائهم :

                  ـ ( أهل السنة والجماعة ) :
                  فهم " أهل السنة ":
                  " لأنهم متمسكون بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان " ( الشيخ الدكتور ابراهيم الرحيلي ) .. " وكل ما يقولونه ويفعلونه فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة وطريقتهم هي دين الإسلام الذي بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم " ( انظر آخر العقيدة الواسطية ) .. وهم " المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب ، وفيهم الصديقون والشهداء والصالحون ، ومنهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى أولوا المناقب المأثورة والفضائل المذكورة ، وفيهم أئمة الدين الذين أجمع المسلمون على هدايتهم " ( المرجع السابق ) .

                  ـ وهم " الفرقة الناجية " :
                  وهذا اللقب مأخوذ من مفهوم حديث الافتراق المتقدم ، وأوصاف الفرقة الناجية الواردة في السنة وهي أنهم ( الجماعة ) وأنهم ( مَن كان على مِثل ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ) منطبقة تمام الانطباق على أهل السنة والجماعة فهم :
                  حملة الدين وحُفَّاظ السنة المنقادين لها ،، وهم أهل الحديث والأثر وأئمة الحديث وجهابذة السنة .
                  وليس في فرق الأمة أكثر متابعة للرسول - صلى الله عليه وسلم - وعملاً بسنته منهم .
                  والمراد بالأمة الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم : ( وتفترق أمتي ) هي أمة الإجابة وهم المسلمون ، فهو إخبار عن تفرق المسلمين .
                  ( أمة الإجابة معناه : أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - تنقسم إلى قسمين : أمة إجابة وهم المسلمون الذين استجابوا وآمنوا ، وأمة الدعوة وهم كل من بلغته الدعوة ولم يؤمن سواء كان يهوديًا أو نصرانيًا أو غير ذلك ) .
                  وعليه فيكون المراد بقوله : ( كلها في النار ) أن ما عدا الفرقة الناجية مستحق للنار مستوجب للوعيد ، لا أنه مُخَلَّدٌ فيها ، لأنه لا يُخَلَّد أحد من عصاة هذه الأمة في النار.

                  ـ وهم " الطائفة المنصورة " :
                  الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تزل طائفة من أمتي منصورين ، لا يضرهم مَن خذلهم حتى تقوم الساعة " رواه الترمذي وقال : " محمد بن إسماعيل ـ يعني البخاري ـ قال علي بن المدني : هم أصحاب الحديث " .

                  ـ وهم " السلفيون " :
                  لاتباعهم السلف الصالح فكل مَن أقتدى بالسلف الصالح وسار على نهجهم في سائر العصور فهو ( سلفيّ ) نِسبةً إليهم .
                  واستعمال بعض الناس هذا المصطلح أو غيره من ألقاب أهل الحق على غير حقيقته ، أو انتساب بعض الناس إليه بأعمال مخالِفة للدين ، لا يضر أهل الحق المتبعين للحق والهدى في التسمي به ، فالعِبرة بالحقائق لا بالدعاوى .
                  قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( لا عيب على مَن أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه ، بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق . فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقًا . فإن كان موافِقاً له باطناً وظاهراً ، فهو بمنزلة المؤمن الذي هو على الحق باطناً وظاهراً ، وإن كان موافقاً له في الظاهر فقط دون الباطن ، فهو بمنزلة المُنافِق ، فتُقبَل منه علانيتُه وتُوكَل سريرتُه إلى الله ، فإنَّا لم نُؤمر أن نُنقِّب عن قلوب الناس ولا نشق بطونهم ) .

                  تعليق

                  • بسمـة
                    بصمة عطاء
                    • Sep 2010
                    • 2049

                    #10
                    أسس منهج التلقي للعقيدة الصحيحة

                    1- الاقتصار في التلقي على الكتاب والسنة .

                    2- التسليم لنصوص الشرع ، وفهمها على مقتضى منهج السلف .

                    3- الاتباع وترك الابتداع .

                    4- الاهتمام بالكتاب والسنة : الاهتمام بالقرآن حفظاً وتلاوة ، وتفسيراً ، وبالحديث دراية ورواية .

                    5- الاحتجاج بالسنة الصحيحة ، وترك التفريق بين المتواتر والآحاد ، سواء في الأحكام أو العقائد ، فالحديث حجةٌ إذا صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو كان آحاداً .
                    ــــــــــــــــ
                    :: فائـــدة ::
                    ـ الحديث المتواتر : هو الحديث الذي يرويه عدد كثير يستحيل في العقل عادةً اتفاقهم على الكذب .
                    ـ والحديث الآحاد هو مالم يكن متواتراً .
                    ـ من منهج بعض المبتدعة أنهم يقولون لا يُقبل في العقيدة من الأحاديث إلا ماكان متواتراً ، وأما غير المتواتر وهو الآحاد فإنهم يردونه ولا يقبلونه . وقد تتابع أهلُ السنة في الرد عليهم . انظر كتاب ( أخبار الآحاد ) من صحيح الإمام البخاريّ رحمه الله .
                    ــــــــــــــــ
                    6- التعظيم والتبجيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فليس للسنيّ إمامٌ مُعظَّم يأخذ كلامه كُلَّه ، ويدع ما خالفه إلا الرسول صلى الله عليه وسلم .

                    7- تعظيم السلف الصالح : فأهل السنة يعظمون السلف الصالح ، ويقتدون بهم ، ويهتدون بهديهم ، ويرون أن طريقتهم هي الأسلم ، والأعلم ، والأحكم .

                    8- الجمع بين النصوص في المسألة الواحدة ، ورد المتشابه إلى المُحكَم .

                    9- ترك الخصومات في الدين ، ومجانبة أهل الخصومات ، لأن الخصومات مَدعاةٌ للفُرقة والفِتنة ، ومجلبةٌ للتعصب واتباع الهوى ، ومطية للانتصار للنفس ، والتشفي من الآخرين ، وذريعة للقول على الله بغير علم .

                    تعليق

                    • بسمـة
                      بصمة عطاء
                      • Sep 2010
                      • 2049

                      #11
                      خصائص العقيدة الإسلامية

                      للعقيدة الإسلامية ـ عقيدة أهل السنة والجماعة ـ خصائص عديدة ، لا توجد في أي عقيدة أخرى ، ولا غرو في ذلك ؛ إذ أن تلك العقيدة تُستمد من الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .

                      ومن تلك الخصائص مايلي :

                      1- سلامة مصدر التلقي : فهي مُستقاة من النبع الصافي الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح ، بعيداً عن كدر الأهواء والشبهات .

                      2- أنها تقوم على التسليم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأنها غيب ، والغيب يقوم على التسليم .

                      3- موافقتها للفطرة القويمة ، والعقل السليم : فعقيدة أهل السنة والجماعة ملائمة للفطرة السليمة ، موافقة للعقل الصريح ، الخالي من الشهوات والشبهات .

                      4- اتصال سندها بالرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين وأئمة الدين قولاً ، وعملاً ، واعتقاداً ؛ فلا يوجد أصلٌ من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ليس له أصل أو مستند من الكتاب والسنة ، أو عن السلف الصالح ، بخلاف العقائد الأخرى المبتدعة .

                      5- الوضوح والسهولة والبيان : فهي عقيدة سهلة واضحة لا لبس فيها ، ولا غموض ، ولا تعقيد ؛ فألفاظها واضحة ، ومعانيها بينة ، يفهمها العالِم والعامي والصغير والكبير.

                      6- السلامة من الاضطراب والتناقض واللبس : فهي وحيٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . والوحي لا يضطرب ، ولا يتناقض ، ولا يلتبس ، بل يُشبه بعضه بعضاً ، ويُصدق بعضه بعضاً ، " وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا " .

                      7- أنها قد تأتي بالمُحار ، ولكنْ لا تأتي بالمُحال : ففي العقيدة الإسلامية ما يبهر العقول ، وما قد تحار فيه الأفهام ، كسائر أمور الغيب ؛ من عذاب القبر ونعيمه ، والصراط ، والحوض ، والجنة والنار ، وكيفية صفات الله عز وجل . فالعقول تحار في فهم حقيقة هذه الأمور ، وكيفيتها ، ولكنها لا تحيلها ، بل تسلم لذلك ، وتنقاد ، وتذعن ؛ لأن ذلك صدر عن الوحي المنزل ، الذي لاينطق عن الهوى .

                      8- العموم والشمول والصلاح : فهي عامة شاملة ، صالحة لكل زمان ومكان ، وحال ، وأمة .

                      9- الثبات والاستقرار والخلود : فهي عقيدة ثابتة ، مستقرة خالدة ، فلقد ثبتت أمام الضربات المتوالية التي يقوم بها أعداء الإسلام ؛ من اليهود ، والنصارى ، والمجوس ، وغيرهم . فهي - كما سبق - مستمدة من الوحي ، والله تعالى يقول : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ".

                      10- أنها سبب للنصر والظهور والتمكين : فأهلها هم الظاهرون ، وهم الناجون ، وهم المنصورون ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " أخرجه مسلم .

                      11- أنها ترفع قدر أهلها : فمن اعتقدها ، وزاد علماً بها ، وعملاً بمُقتضاها ، ودعوةً للناس إليها أعلا الله قدره ، ورفع له ذكره ، ونشر بين الناس فضله ، فرداً كان أو جماعة ؛ فهي تثمر المعارف النافعة ، والأخلاق العالية .

                      12- السلامة والنجاة : فمن تمسك بها سلِم ونجا ، ومن تركها غرق وهلك .

                      13- العقيدة الإسلامية عقيدة الألفة والاجتماع : فما اتحد المسلمون ، وما اجتمعت كلمتهم في مختلف الأعصار والأمصار إلا بتمسكهم بعقيدتهم ، وأخذهم بها ، وما تفرقوا واختلفوا إلا لبعدهم عنها .

                      14- التميُّـز : فهي عقيدة متميزة ، وأهلها متميزون ، فطريقتهم مستقيمة ، وأهدافهم محددة.

                      15- أنها تحمي معتنقها من التخبط والفوضى والضياع : فالمنهج واحد ، والمبدأ واضح ثابت لا يتغير ، فيَسلم معتنقها من اتباع الهوى ، ويسلم من التخبط في توزيع الولاء والبراء ، والمحبة والبغضاء ، بل تعطيه مِعياراً دقيقاً لا يُخطئ أبداً ، فيَسلم من التشتت والتشرد والضياع ، فيعرف من يُوالي ، ويعرف من يُعادي ، ويعرف ماله وما عليه .

                      16- أنها تمنح معتنقيها الراحة النفسية والفكرية : فلا قلق في النفس ، ولا اضطراب في الفكر ؛ لأن هذه العقيدة تصل المؤمن بخالقه عز وجل ، فيرضى به رباً مدبراً ، وحاكماً مُشرِّعاً ، فيطئمن قلبه بقدره ، وينشرح صدره لحكمه ، ويستنير فكره بمعرفته .

                      17- سلامة القصد والعمل : بحيث يَسلم معتنقها من الانحراف في عبادة الله عزوجل ، فلا يعبد غير الله ولا يرجو سواه .

                      18- تؤثر في السلوك والأخلاق والمعاملة : فهي تأمر أهلها بكل خير ، وتنهاهم عن كل شر ، فتأمرهم بالعدل والاعتدال ، وتنهاهم عن الظلم والانحراف .

                      19- تدفع معتنقيها إلى الحزم والجد في الأمور .


                      20- تبعث في نفس المؤمن تعظيم الكتاب والسنة .

                      21- تكفل لمعتنقيها الحياة الكريمة : ففي ظل العقيدة الإسلامية يتحقق الأمن والحياة الكريمة ؛ قال تعالى : " الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُون " .
                      أي لهم الأمن التام ، والاهتداء التام في العاجل والآجل ، وأهل الشرك والمعصية هم أهل الخوف وأولى الناس به .

                      22- تجمع بين مطالب الروح ، والقلب ، والجسد .


                      23- تعترف بالعقل وتحدد مجاله : فالعقيدة الإسلامية تحترم العقل السويّ ، وترفع من شأنه ، ولا تحجر عليه ، ولا تنكر نشاطه ، والإسلام لا يرضى من المسلم أن يطفئ نور عقله ، ويركن إلى التقليد الأعمى في مسائل الاعتقاد وغيرها .

                      24- تعترف بالعواطف الإنسانية ، وتوجهها الوجهة الصحيحة : فالعواطف أمرٌ غريزيّ ، ولا يتجرد منه أي إنسان سوي ، والعقيدة الإسلامية ليست عقيدة هامدة جامدة ، بل هي عقيدة حية ، تعترف بالعواطف الإنسانية ، وتقدرها حق قدرها ، وفي الوقت نفسه لا تطلق العنان لها ، بل تُقَوِّمُها وتسمو بها ، وتوجهها الوجهة الصحيحة ، التي تجعل منها أداة خير وتعمير ، بدلا من أن تكون معول هدم وتدمير .

                      25- العقيدة الإسلامية كفيلة بحل جميع المشكلات : ذلك لأن الدين الإسلامي ، دين عظيم ، يهدي للتي هي أقوم وأصلح ، ويرشد العباد في عقائده وأخلاقه ومعاملاته وتوجيهاته وتأسيساته إلى ما ينفعهم في معاشهم ومعادهم ، ولا سبيل إلى إصلاح شيءٍ من أمور الخلق الإصلاح التام إلا به ، بل وجميع النظم المخالفة لدين الإسلام لا يستقيم بها دين ولا دنيا إلا إذا استمدت من تعاليم الدين .
                      وهذا الأمر قد برهنت المحسوسات والتجارب على صدقه وصحته ، كما دلت الشرائع والفِطَر والعقول السليمة على حقيقته ، فإن الدين كله صلاح وإصلاح ، وكله دفع للشرور والأضرار ، وكله يدعو إلى الخير والهدى ، ويحذر من الشر وأنواع الردى .
                      والخلق كلهم مضطرون إليه ، لا يستغنون عنه في حالةٍ من أحوالهم ، بل يحتاجونه في حل جميع مشاكلهم ، سواء في ذلك مشكلات الفرقة والشتات ، أو مشكلات السياسة والاقتصاد ، أو مشكلات الجهل والمرض ، أو غير ذلك .
                      فلقد جمع الله بهذا الدين وهذه العقيدة الصافية النقية القلوب المشتتة ، والأهواء المتفرقة ، وأغنى بها المسلمين بعد العيلة ، وعلمهم بها بعد الجهل ، وبصرهم بعد العمى ، وأطعمهم من جوع ، وآمنهم من خوف .

                      تعليق

                      • بسمـة
                        بصمة عطاء
                        • Sep 2010
                        • 2049

                        #12
                        الاختلاف في العقيدة من الاختلاف المذموم

                        من أعظم نعم الله على عباده هو اجتماعهم على الحق وسيرهم عليه ، ولذا أمر سبحانه بالاعتصام بحبله والاجتماع على دينه ، ونهى عن الفرقة ، قال تعالى : " وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " ، وقال سبحانه : " وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ " .

                        وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما ملخصه أنَّ الاختلاف المذكور في القرآن قسمان :
                        أحدهما : ما يذم الله سبحانه فيه الطائفتين جميعاً :
                        كما في قوله تعالى :
                        " وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ "
                        وقوله تعالى :
                        " إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ "
                        وكذلك وصف الله تعالى اختلاف النصارى بقوله :
                        " وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ "
                        ووصف اختلاف اليهود بقوله : " وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ "
                        وكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَّا وصف أن الأمة تفترق على ثلاثٍ وسبعين فِرقة ؛ قال : ( كلها في النار ، إلا واحدة وهي : الجماعة ) .
                        فبيَّن : أن عامة المختلفين هالِكون من الجانبين ، إلا فرقة واحدة ، وهم أهل السنة والجماعة .

                        وأكثر الاختلاف الذي يؤول إلى الأهواء بين الأمة من هذا القسم ، فقد أدى بأهله إلى الفرقة والاختلاف في الدين ، وكذلك آل إلى سفك الدماء ، واستباحة الأموال ، والعداوة والبغضاء ؛
                        وقد جعل الله تعالى مصدره البغي ، كما في قوله جل في علاه : " وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ " ، لأن البغي مجاوزة للحد .
                        وذكر هذا في غير موضع من القرآن ليكون عبرةً لهذه الأمة .


                        وأما القسم الثاني من الاختلاف المذكور في كتاب الله : فهو ما حَمَدَ اللهُ عز وجل فيه طائفةً وذَمَّ فيه طائفةً أخرى ، ويدلُّ على ذلك آياتٌ كثيرةٌ ، منها :
                        قولُ اللهِ سبحانه وتعالى :
                        (( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ))
                        فقوله : " وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ " حمدٌ لإحدى الطائفتين وهم المؤمنون ، وذَمٌّ للأخرى بسبب كفرها .
                        ومنه : اختلاف أهل السُّنَّة مع أهل البِدَع في العقيدة .


                        والاختلاف الوارد في السنة يقسمه العلماء إلى قسمين أيضًا :
                        ـ اختلاف تنوُّع
                        ـ اختلاف تضاد

                        فاختلاف التنوع مثاله : اختلاف الأنواع في صفة الأذان ، والإقامة ، والاستفتاح ، والتشهدات ، وصلاة الخوف ، وتكبيرات العيد ، وتكبيرات الجنازة إلى غير ذلك مما قد شُرِعَ جميعه ، ومنه الاختلاف في القراءات كما في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال : سمعتُ رجلاً قرأ ، وسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ خِلافها ، فجئت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فعرفتُ في وجهه الكراهية ، وقال : ( كلاكما مُحسِن ، ولا تختلفوا فإنَّ مَن كان قبلكم اختلفوا فهلكوا ) .
                        ففي قوله صلى الله عليه وسلم : ( كلاكما مُحسِن ) دليلٌ على تصويب كلا الفريقين ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( ولا تختلفوا فإنَّ مَن كان قبلكم اختلفوا فهلكوا ) إشارةٌ وتنبيه إلى أن هذا النوع من الاختلاف لا يجوز معه الفُرقة والتباغض والتعصب . وما يقع فيه كثير من الأمة في ذلك من التباغض والتقاتل في مسائل من هذا النوع هو عين المُحرَّم ، وهو داخلٌ فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم .
                        والذم واقع هنا على مَن بغى على الآخر فيه ، ولذا قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( فأخبرته صلى الله عليه وسلم فعرفتُ في وجهه الكراهية ) أي لِمَا قد يؤول به هذا الاختلاف مِن بغي بعضهم على بعض .
                        وقد دل القرآن على حمد كل واحدٍ من الطائفتين في مثل ذلك ، إذا لم يحصل بغيٌ كما في قوله تعالى :
                        " مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ "
                        وقد كانو اختلفوا في قطع الأشجار فقطع قومٌ وترك آخرون .
                        وكما في قوله سبحانه : " وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ، فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ " .
                        فخَصَّ سليمان بالفهم ، وأثنى عليهما بالعلم والحكم .
                        وكما في إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بني قريظة لِمَن صلَّى العصر في وقتها ، ولِمَن أخَّرها إلى أن وصل إلى بني قريظة .
                        ففي الصحيحين : حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال حدثنا جويرية عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لنا لمَّا رجع من الأحزاب : لا يُصلين أحد العصر إلاّ في بني قريظة ، فأدرك بعضهم العصر في الطريق ، فقال بعضهم : لا نصلي حتى نأتيها ، وقال بعضهم : بل نصلي ، لم يُرِد منا ذلك ، فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يُعنِّف واحدًا منهم .


                        وأما اختلاف التضاد فهو : القولان المتنافيان : إما في الأصول وإما في الفروع ، وهذا الخطب فيه أشد ؛ لأن القولين يتنافيان .


                        واختلاف أهل السنة مع أهل البدع في مسائل الاعتقاد هو من هذا النوع ، فأهل البدع كما قال إمام أهل السنة أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله : مُختلفون في الكتاب ، مُخالِفون للكتاب ، مُجمعون على مُفارقة الكتاب ، يقولون على الله ، وفي الله ، وفي كتاب الله ، بغير علم ؛ يتكلمون بالمتشابِه من الكلام ، ويخدعون جُهَّال الناس بما يُشَبِّهون عليهم .. ا.هـ

                        تعليق

                        • بسمـة
                          بصمة عطاء
                          • Sep 2010
                          • 2049

                          #13
                          نبـذة عن تاريخ نشوء الفِـرَق المُخالِفـة للسُّنَّة

                          كان أول نشأة الاختلاف في هذه الأمة المباركة بعد مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ( قُتِلَ في السنة الخامسة والثلاثين للهِجرة ) ،

                          ـ فحدثت بدعة الخوارج والتشيع نتيجة لمقتله رضي الله عنه ، وبعد تحكيم الحَكَمَيْن في موقعة صِفِّين ،

                          ـ لكن لم يكن للشيعة آنذاك جماعة ولا إمام ولا دار ، ولا سيف يقاتلون به المسلمين ، وإنما كانت الشوكة والقوة للخوارج ، حيث كان لهم إمام وجماعة ودار ، سموها : دار الهجرة ، وحكموا على غيرهم من المسلمين بأنهم دار كُفر وحرب ، ويَجمع الطائفتين تكفير ولاة المسلمين ، وجمهور الخوارج يكفرون عثمان وعلياً - رضي الله عنهما - ومَن تولاهما .
                          والرافضة يلعنون أبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - ومَن تولاهم .
                          لكن كان فساد الخوارج ظاهراً ؛ لاستحلالهم سفك الدماء ، وأخذ الأموال ، والخروج بالسيف ، بل وفعلوا ما اقتضاه اعتقادهم هذا ، ومن أبشع جرائمهم ما فعلوه بعبد الله بن خبَّاب بن الأرت - رضي الله عنه - كما في المسند عن حميد بن هلال عن رجل ، من عبد القيس كان مع الخوارج ، ثم فارقهم ، قال : دخلوا قرية ، فخرج عبد الله بن خبَّاب - رضي الله عنه - ذاعِراً يجر رداءه ، فقالوا : لم ترع ؟ قال : والله لقد رِعتموني .. قالوا : أنت عبد الله بن خبَّاب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم .. قالوا : فهل سمعت من أبيك ، حديثاً يُحدِّثُه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تُحدِّثناه ؟ قال : نعم ، سمعتُه يُحدِّثُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه ذكر فتنةً القاعد فيها خيرٌ من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ، وقال صلى الله عليه وسلم : " فإن أدركتَ ذاك ، فكُن عبد الله المقتول ، ولا تكن عبد الله القاتل " .. قالوا : أنت سمعت هذا من أبيك يُحدِّثُه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم .
                          قال : فقدَّموه على ضفة النهر ، فضربوا عُنقه ، فسال دمه كأنه شِراك نعل ما ابذقر ، وبقروا أم ولده عَمَّا في بطنها .. وأغاروا على سرح المسلمين ؛ ولذا قاتلهم عليٌّ رضي الله عنه ، وعلم بالشهادة أنهم الذين ذكرهم الرسول صلى الله عليه وسلم .
                          ففي صحيح مسلم عن زيد بن وهب الجهني ، أنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي رضي الله عنه ، الذين ساروا إلى الخوارج ، فقال علي رضي الله عنه : أيها الناس إني سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( يخرج قومٌ من أمتي يقرأون القرآن ، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ، يقرأون القرآن يحسبونه أنه لهم ، وهو عليهم ، لا تجاوز قراءتُهم تراقيهم ، يَمرقون من الإسلام كما يَمْرُقُ السهم من الرَّمِيَّة ، لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قُضِيَ لهم على لسان نبيهم لاتَّكَلُوا على العمل ، وآية ذلك أن فيهم رجلاً له عضد وليس له ذراع ، على رأس عضده مِثلُ حَلَمَةِ الثدي عليه شعراتٌ بيض )) .

                          فتذهبوا إلى معاوية وأهل الشام ، وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم . والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم ، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام ، وأغاروا في سرح الناس ، فسيروا على اسم الله .
                          قال زيد بن وهب : فلما التقينا وعلى الخوارج يومئذٍ عبد الله بن وهب الراسي ، فقال لهم : ألقوا الرماح وسُلُّوا سيوفكم من جفونها ، فإني أخاف أن يُناشدوكم كما ناشدوكم يوم حَروراء ، فرجعوا فوحشوا برماحهم وسَلُّوا السيوف ، وشجرهم الناس برماحهم . قال وقَتَلَ بعضهم على بعض ، وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان .
                          فقال علي رضي الله عنه : التمسوا فيهم المخدج ، فالتمسوه فلم يجدوه ، فقام علي - رضي الله عنه - بنفسه حتى أتى ناساً قد قتل بعضهم على بعض ؛ فقال : أخِّروهم ، فوجدوه مما يلي الأرض ، فكَبَّرَ ، ثم قال : صدق اللهُ وبلَّغَ رسولُه . ( صحيح مسلم ) .

                          ـ وأما الشيعة فكانوا مختفين لا يظهرون لعلي رضي الله عنه وشيعته ، وهم ثلاث طوائف :
                          الطائفة الأولى : هي المُؤَلِّهة ، التي ألّهت علياً رضي الله عنه ، فأحرقهم بالنار .
                          الطائفة الثاني : السبأية ، وقد بلغ علياً أن ابن سبأ يسب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فطلبه.
                          والطائفة الثالثة : المُفَضِّلَة ، الذين يفضلون علياً على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .

                          وقد تواتر عن علي - رضي الله عنه - أنه قال : ( خيرُ هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر) .

                          ولم تكن الشيعة الأولى تُنازِعُ في أفضلية أبي بكر وعمر على عليٍّ رضي الله عنهم أجمعين ، وإنما كانوا يُفضِّلون علياً على عثمان رضي الله عنهما ، فقيل له : تقول هذا وأنت من الشيعة ؟
                          فقال : كُلُّ الشيعة كانوا على هذا ، وهو الذي قال هذا على أعواد منبره ، يعني علياً رضي الله عنه ، أفتكذبه فيما قال ؟

                          ـ وفي أواخر عهد الصحابة حدثت بدعة القَدَرِيَّة :
                          وأصل بدعتهم عدم تصورهم التوفيق بين قَـدَرِ الله وأمره ونهيه ، وهؤلاء القدرية هم الذين أنكروا علم الله بالأفعال قبل وقوعها .
                          ولمَّا سمع بهم ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : ( أخبِر أولئك أني برئ منهم ، وأنهم مني بَراء ، والذي يَحلِفُ به عبدُ الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ، ما قبله منه حتى يؤمن بالقَدَر ) صحيح مسلم .

                          ـ ثم حدثت بدعة المعتزِلة قبيل موت الحسن البصريّ :
                          حيث اعتزل واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد أصحاب الحسن البصري لما خالفوهم في القدر وأصحاب الكبائر ونحوهما من أصولهم ، فقال قتادة : أولئك المعتزِلَة ، فصارت سِمَةً لهم .

                          ـ ثم حدثت بدعة المُرْجِئَة :
                          وتكلَّموا في الإيمان ، وعدم دخول الأعمال في مسماه ، ونحو ذلك .

                          ـ ثم حدثت بدعة الجَهْمِيَّة :
                          الجامعة لمُجمل ضلالات مَن تقدَّم مِن نفي القَدَر ، ونفي الصفات ، والإرجاء ، ونحوها .

                          وهذا الترتيب لظهور هذه الفرق جرى عليه جماعةٌ مِن العلماء ، وبدعة الجهمية أغلط هذه البدع .

                          تعليق

                          • بسمـة
                            بصمة عطاء
                            • Sep 2010
                            • 2049

                            #14
                            انتهت الملفات الثلاثة .
                            أسأل الله جل وعلا أن ينفعني وإيَّاكُنَّ بها .

                            تعليق

                            • حنان الرووح
                              عضو نشيط
                              • Aug 2010
                              • 102

                              #15
                              جزاك الله خير

                              تعليق

                              يعمل...