لما كانت العين رائداً , والقلب باعثاً وطالباً , و هذه لها لذة الرؤية ،
و هذا له لذة الظفر ، كانا في الهوى شريكي عنان . و لما وقعا في العناء ،
و اشتركا في البلاء ، أقبل كل منهما يلوم صاحبه و يعاتبه .
فقال القلب للعين : أنت التي سقتني إلى موارد الهلكات ، و أوقعتني في الحسرات
بمتابعتك اللحظات ، و نزهت طرفك في تلك الرياض ، و طلبت الشفاء من الحدق المراض ،
و خالفت قول أحكم الحاكمين : { قل للمؤمنين } النور آية رقم 3 .
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " النظر إلى المرأة سهم مسموم من سهام إبليس ,
فمن تركه من خوف الله عز وجل أثابه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه " رواه الإمام أحمد
فمن الملوم سوى من رمى صاحبه بالسهم المسموم ؟ أوما علمت أنه
ليس شيء أضر على الإنسان من العين واللسان ؟ فما عطب أكثر من عطب إلا بهما , وما هلك
أكثر من هلك إلا بسببهما , فلله كم من مورد هلكة أوراده ,
فمن أحب أن يحيا سعيداً أو يعيش حميداً فليغض من عنان طرفه ولسانه ليسلم من الضرر ,
وقد صرح الصادق المصدوق بأن العينين تزنيان
وهما أصل زنى الفرج , فإنهما له رائدان , وإليه داعيان ..
أو ما سمعت قول العقلاء : من سرّح ناظره , أتعب خاطره , ومن كثرت لحظاته , دامت حسراته ,
وضاعت عليه أوقاته , وفاضت عبراته , وقول الناظم .
نظر العيون إلى العيون هو الذي جعل الهلاك إلى الفؤاد سبيلا
ما زالت اللحظـــــات تغزو قلبه حتى تشحّط بينهن قتيــــــلا
وقال آخر :
تمتعتـمــــا يا مقلتيّ بنظرة وأوردـتمــا قلبي أمــــرّ المـوارد
أعينيّ كفـّا عن فؤادي فإنه من الظلم سعي اثنين في قتل واحد
انتظروا رد العين ودفاعها عن نفسها وحجتها على القلب في الحلقه القادمه


تعليق