عنوسة في ريعان الشباب!!

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حقائق إيمانية
    النجم الفضي
    • Aug 2007
    • 3069

    عنوسة في ريعان الشباب!!



    عنوسة في ريعان الشباب!!





    كانت كل الأحاديث حولي تدور حول تفوقي الدراسي وهمتي الفريدة في مساعدة والدتي في شئون المنزل ومهارتي في الطبخ، حتى أن أمي كانت تتباهى بي في كل محفل وعند كل وليمة نعدها بالمنزل للضيوف من الأقارب والأحباب، واتسمت من بواكير شبابي بسداد الرأي فكان كل من بالبيت والعائلة يحرص دوما على مشورتي في مجريات الأحداث وتلمس رأيي الشخصي .




    كانت الدنيا كلها ملكي، وكنت أعيش بمعادلة واحدة «من جد وجد ومن زرع حصد».. لكن مع دخولي في سن الزواج بدأت الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن.. حتى الآن لم يتقدم أحد لخطبتي رغم أن رفيقاتي وقريباتي بدأن في دخول القفص الذهبي الواحدة تلو الأخرى، وانتبهت لأمور لم تخطر على بالي يوما.. إني سمراء في مجتمع يعشق شبابه الشقراوات!


    جرت السنون سراعا ودخلت على أعتاب الثلاثين وبدأت كلمة «عانس» ترن في أذني وترد مرارا على خاطري.. معقولة أنا عانس؟!!.. يا إلهي.. بأي ذنب وجريرة.


    لقد بدأت المعادلة التي كنت أعيش بها تهتز، وأيقنت مع تجارب الأيام أن ليس بحتم أن كل من جد وجد وليس كل من زرع حصد! وكم في السجن من مظاليم، وكم في الحياة من مساكين، بلا جريرة تذكر ولا خطيئة تؤثر ولكنها الأقدار.




    كانت مناسبات الزواج السعيدة من حولي أشبه بمأتم شخصي يذكرني بزوجي وفقيدي الذي لم يأت، وكانت تهنئة «عقبالك» كسكين يغرز في قلبي ووجداني، وأتمنى ساعتها لو انشقت الأرض وابتلعتني من شدة الإحراج الذي أحاول أن أدفعه بكل ما أوتيت من إرادة وعزيمة كي لا يبدو على قسمات وجهي.


    كنت أحس بالغربة عندما أرى زوجة قد تعلقت بيد زوجها في الطريق وأمامهما طفلين جميلين أشبه بالعصفورين، وكنت كالصماء بين السيدات اللاتي يتحدثن عن أزواجهن وغيرتهم أو غضبهم أو حنانهم.




    رغم أنفي في عالم غريب
    إن العنوسة عالم غريب دخلته رغما عن أنفي، وأغرب ما فيها أنني ما تصورتها بحياتي يوما، ولا تخيلت أنني سأعيش كالمتهمة تلاحقني نظرات الشفقة حينا ونظرات التهمة حينا آخر.


    ولقد دفعني الفضول لأن أغوص في هذا العالم وأتعرف على مكنوناته وأسراره، فوجدت أن المختصين قالوا: إن العانس قد تعاني من بعض السلوكيات النفسية الغريبة كالانطوائية، أو الميل للعدوانية نحو النساء المتزوجات كنوع من التعبير عن الحقد عليهن، أو التعلق الزائد بالوالد (عقدة الكترا) لإرواء الحاجة بوجود رجل في حياتها، أو السخط على المجتمع عامة وأفراد الأسرة خاصة ـ وبالذات لو كان قرار الأب أو الأم عائقا في تزويجها كغلاء المهر أو الانتماء القبلي أو تزويج الكبرى أولا أو غيرها من الآفات الاجتماعية التي توقع البنت المسكينة في شراك العنوسة بلا ذنب ولا جريرة.
    وقالوا أيضا: إن العانس تكون غارقة في أحلام اليقظة عن فتى الأحلام الذي تصبو نفسها إليه، مع النزعة التشاؤمية وفقدان المعنى من الحياة.



    أما الفقهاء الإسلاميين فتناولوا الآفات الاجتماعية التي تعرقل الزيجاب بما يعرف باسم «العضل»، حيث يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً}[النساء:19]




    لكني اليوم ـ ومع طول خبرة في أيام العنوسة ـ أدركت أنني كنت خاطئة بهذه المشاعر المبالغ فيها.. إنني اليوم أكثر نضجا مما مضى، وأكثر تفهما لطبيعة الحياة، فبعد استيعاب الصدمة وهدوء المشاعر والتفكير بواقعية وعقلانية أكثر تبين لي أن العنوسة لا تعدو كونها قدر وابتلاء ومحنة كسائر المحن، ومن منا استقامت له الحياة دوما على دروب السعادة والهناء.. إن لكل منا أزمته ومحنته مع اختلاف الصور والأشكال لا أكثر ولا أقل.


    فكم من معاق أغلى أمانيه أن يرد الله له صحته، وكم من فقير تمنى أن يسد الله فاقته، وكم من سجين تمنى أن يفك الله حبسته، وكم من خائف تمنى أن يؤمن الله روعته، وكم من غريب تمنى أن ينهي الله غربته. وكم من مدين وتعيس وجاهل ومكروب ومأزوم.. والقائمة تطول.


    وهل كل من تزوج فهو سعيد، حتى لو اختار الزوجة الجميلة وعنده الطفل البريء والمسكن الهنيء؟.. كلا وألف كلا، فأين الزوج البخيل والشكاك وضعيف الشخصية والفاشل والمدمن والسلبي والحقود والغيور؟!.. وأين الزوجة الثرثارة والغير نظيفة والمتهورة والغبية والخائنة؟.. أليست كلها مشكلات تعشش في القفص الذهبي؟.. أليس من الأزواج من يتحسر على أيام الشباب والانطلاق ويسخط على أيام زواجه وعظيم مسئولياته؟.. أليس من الزوجات من تصبح كل يوم على أمل أن يقبض الله روح زوجها لتستريح من ضربه المبرح أو إدمانه أو نزواته أو ألفاظه الجارحة وتصرفاته الخشنة؟.




    إن من العباد من إن أغناه الله فسد حاله، ومنهم من إن أفقره الله صلح حاله، ورسالة الإنسان الجوهرية ليست في الزواج وحسب، بل رسالته في أن يقيم العبودية، والصبر على الأقدار أحد مقاماتها بل من أشرفها على الإطلاق، وهذا ما يميز المؤمن عن غيره، حتى صار مضرب المثل ومكمن العجب، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، فسبحان من يبتلي عباده ليكرمهم ويعظم أجرهم، فتلمس عوض الجليل والنعيم المقيم يهون كل بلاء وييسر كل عسير، ومن يرد الله به خيرا يصب منه، ويبتلى المرء على قدر دينه.


    فاللهم ارزقنا الرضا في السراء والضراء، وارزقنا شكر نعمك العديدة ومنحك المديدة، واجعل عاقبتنا في الأمور كلها إلى خير، ولا تكلنا إلى أنفسنا فنزل ونشقى، أنت حسبنا ونعم الوكيل، وأنت المستعان على الكثير والقيل والجليل والحقير.


    المصدر











    واختم الموضوع ببعض كلمات


    لا تحزني، وإياكِ أن تحزني، فمن يدري الخير أين!


    ولنكن في هذه الدنيا كسحابة صيف لطيفة، ساعين إلى ..... أين! هل عرفتي!


    إلى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ سورة القمر : 54 - 55

















    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
  • فجر ليبيا
    النجم البرونزي
    • Sep 2011
    • 712

    #2
    بارك الله فيكم...

    تعليق

    • الجوهرة المكنونة~
      عضو نشيط
      • Oct 2013
      • 111

      #3
      موضوع رائع جدا وجوهري
      جزاك الله خير الجزاء ع حسن اختيارك وبورك فيك
      شكرا جزيلا

      تعليق

      • حقائق إيمانية
        النجم الفضي
        • Aug 2007
        • 3069

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة فجر ليبيا
        بارك الله فيكم...
        المشاركة الأصلية بواسطة حرة بحجابي
        موضوع رائع جدا وجوهري
        جزاك الله خير الجزاء ع حسن اختيارك وبورك فيك
        شكرا جزيلا
        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	PIC-101-1355060974.gif 
مشاهدات:	11 
الحجم:	86.8 كيلوبايت 
الهوية:	19464209

        تعليق

        • ياسمين جاسر
          عضو جديد
          • Dec 2014
          • 14

          #5

          اللهم صلى وسلم على نبينا محمد
          بارك الله فيك كلام يثلج الصدر
          وصدقتى فالعنوسةمحنة وابتلاء فى دنيا فانية
          والسعيد من استثمر هذا البلاء ليعبر به الى بر الامان فى الاخرة
          جعلنا الله واياكم من السعداء

          تعليق

          • حقائق إيمانية
            النجم الفضي
            • Aug 2007
            • 3069

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة ياسمين جاسر

            اللهم صلى وسلم على نبينا محمد
            بارك الله فيك كلام يثلج الصدر
            وصدقتى فالعنوسةمحنة وابتلاء فى دنيا فانية
            والسعيد من استثمر هذا البلاء ليعبر به الى بر الامان فى الاخرة
            جعلنا الله واياكم من السعداء
            اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	13611.gif 
مشاهدات:	2 
الحجم:	24.0 كيلوبايت 
الهوية:	19464229

            تعليق

            • ســومــا
              كبار الشخصيات
              • Oct 2006
              • 3150

              #7
              بسم الله الرحمن الرحيم

              اعترض كثيراً على كلمة العنوسة كما اعترض على وصف المرأة بالمطلقة او الأرملة ...
              لاشك ان هناك الكثير من العادات الظالمة بحق المرأة و التي بليت بها مجتمعاتنا العربية والإسلامية بشكل عام..
              والتي رغم كل التطور التقني والعلمي لازالت تنادي المرأة وتصنفها بحجم تواجد الرجل بحياتها ومدى قربه منها
              والويل لها في كل الحالات سواء كانت غير متزوجة او تعرضت للطلاق او الترمل او متزوجة ... المرأة في مجتمعاتنا تعتبر نصف إنسان
              لايكتمل إلا بوجود رجل .. بينما الرجل منذ ولادته يعتبر انسان كامل لاينقصه شي سوى امرأة تخدمه وتلبي طلباته واحتياجاته التي لاتنتهي ..
              فالمرأة حتى وان سعت نحو الإستقلال الذاتي ككيان مستقل وكامل لن تستطيع النجاة من الحروب الشرسة التي ستقام ضدها سواء من الرجل او حتى
              من النساء في مجتمعها ...

              من رأيي المتواضع ,الخطوة الأولى نحو التحرر من هذا اللقب البشع يجب ان يبدأ من الغاء فكرة ارتباط المرأة بالرجل
              ويجب ان يبدأ أيضاً بالتوقف عن تلقيب المرأة وربطها بأوصاف معينة..
              ويجب ايضاً التوقف عن رؤية المرأة بنظرة دونية فقط لأنها لم ترتبط برجل..

              اللهم اجعل المدينة مسكني ومقبضي ومدفني برحمتك يا أرحم الراحمين

              تُؤلمنا الأقدار ولكــــــن نُؤمن بأنها خيره

              تعليق

              • ღ ريــم ღ
                مشرفة ركن السياحة
                • Jun 2007
                • 16698

                #8
                بارك الله فيك على هذا الموضوع القيم





                تعليق

                • حقائق إيمانية
                  النجم الفضي
                  • Aug 2007
                  • 3069

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة ღ ريــم ღ
                  بارك الله فيك على هذا الموضوع القيم
                  اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	post-25272-1251068247.gif 
مشاهدات:	13 
الحجم:	39.9 كيلوبايت 
الهوية:	19464246

                  تعليق

                  • souhila37
                    عضو نشيط
                    • Mar 2013
                    • 233

                    #10
                    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	boujies.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	63.5 كيلوبايت 
الهوية:	19464453

                    بارك الله فيكي

                    تعليق

                    يعمل...