تويت
مــامــا شـــانـــدي !!
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل أن تبدأ الحصة بدقيقة واحدة .. سار في الممر الطويل المؤدي إلى الفصل .. سار بخطاً هادئة وهو يرتب في ذهنه الكلمات المناسبة التي سيقولها لطلابه .. كان يدرك بحكم خبرته الطويلة في التدريس .. أن طلاب الصف الثالث الإبتدائي يختلفون عن طلاب الصف السادس .. وأنه في موضوع كهذا الذي سيتحدث فيه اليوم .. عليه أن يراعي صغر سنهم ومحدودية قاموسهم اللغوي .. وأن يختار الكلمات المناسبة التي يستطيعون فهمها وكتابتها ..
دخل الفصل مبادراً بإلقاء التحية على طلابه الذين يحبهم جميعاً كما يُحب ابنه محمد الجالس معهم .. استدار جهة السبورة .. وكتب في منتصفها الأعلى (بسم الله الرحمن الرحيم) .. ثم كتب في الركن الأعلى من الزاوية اليمنى :
السبت 23/5/1421هـ
المادة: تعبير
الموضوع: الأم
واجه طلابه من جديد .. وبدأ يتحدث إليهم قائلاً: سنتحدث اليوم عن أهم وأحب إنسانة في الوجود .. من يقول لي : من أهم وأحب إنسانة في الوجود ؟؟
- ........
استدار جهة السبورة ثانية .. ووضع خطين باللون الأحمر تحت كلمة الأم .. وأعاد السؤال مرة أخرى .. فارتفعت أصابع الطلاب وأصواتهم : أنا يا أستاذ .. أنا .. أنا يا أستاذ .. أنا .. أنا ..
- تفضل يا أحمد ..
- الأم .
- ممتاز .. أحسنت يا أحمد .. نعم الأم .. قالها واسترسل في الحديث عن الأم : لا يوجد في هذه الدنيا يا أبنائي من يحب إنساناً ويخاف عليه كما تحب الأم ابنها وتخاف عليه .. ولعلكم لمستم ذلك بأنفسكم .. فمن الذي يحبكم ويحنو عليكم ويرعاكم ؟ ومن الذي يخاف عليكم إذا مرضتم ويتمنى لو يفديكم بروحه ويبيت الليل كله مستيقضاً ؟ أليست الأم ؟؟
وذكر لهم حينما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله : ((من أحق الناس بحسن صحبتي ؟ قال له : أمك . قال : ثم من ؟ قال : أمك . قال: ثم من ؟ قال : أمك . قال ثم من؟ قال : أبوك ))
- من يقول لي : كم مرة ذكرت الأم في الحديث :
- تفضل يا خالد .
- ثلاث مرات يا أستاذ .
ثم أخذ الأستاذ يشرح لهم لماذا ذكرت الأم ثلاث مرات في الحديث .. ويبين لهم فضلها على كل واحد منهم .. ويوضح ما تقدمه من تضحيات من أجل إسعاد إبنائها وإراحتهم ..
أحسّ أنه بالرغم من أنه تحدث كثيراً .. إلا أنه لم يقل كل ما في نفسه .. توقف فجأة عن الحديث .. وختم كعادته بسؤالهم : مفهوم ؟ .. الطلاب بصوت واحد : مفهوم .
تحرك بإتجاه حقيبته في الزاوية اليسرى من الفصل .. أخرج منها ورقة صغيرة ومجموعة من ظروف الرسائل بعدد الطلاب .. واجه طلابه من جديد والظروف في يده .. ثم قال لهم :
- كل واحد منكم يُخرج ورقة .. ويكتب عليها اسمه .. وسأملي عليكم رسالة .. وبعد أن أصححها .. سأعيدها إليكم لتكتبوها من جديد خالية من الأخطاء .. وبعدها سأعطي كل واحد منكم ظرفاً ليضع فيه رسالته ليوصلها .
- إلى من نوصلها يا أستاذ ؟
- سأقول لكم فيما بعد .
شدتهم الفكرة فبادروا بإخراج أوراقهم وكتابة أسمائهم .. وحين لمس الأستاذ تهيئوهم بدأ يملي عليهم :
((إلى الإنسانة التي تحبني وترعاني .. وتتعب وتسهر من أجلي .. إلى الإنسانة التي تعتني بطعامي وتغسل ثيابي .. وتحرص على نظافتي وتسهر على راحتي .. وتربيني أحسن تربية .. وتحبني أكثر من أي إنسان في هذه الدنيا .. وتقضي كل وقتها من أجلي .. إلى .........))
- أكملوا الفراغ .. وسلموا أوراقكم لأتأكد من سلامة كتابتكم .. بعدها سأقول لكم إلى من توصلونها ..
جمع المعلم أوراق طلابه .. وبدأ يقرأ :
وجد في الورقة الأولى بعض الأخطاء الإملائية ..وضع تحتها خطاً أحمر .. وكتب فوقها الكلمة الصحيحة .. وحين وصل إلى الفراغ الذي تركه لهم ليملؤوه .. أذهله الاسم المكتوب فيه : (روكميني) ؟؟؟!!!
انتقل بسرعة إلى الورقة الثانية .. فهاله ما كُتب في الفراغ : (ماما شاندي) ؟؟!!
أخذ يقلب الأوراق باحثاً بعينيه المذهولتين عن الأسماء التي كتبها الطلاب في الفراغ .. تدلى فكه الأسفل !!! .. وحزت الدهشة حلقه .. وغرست الأسماء في عينيه الجاحظتين أصابعهما الغريبة : ( سارتيما ، هيرلينا ، براندي ، سقيارتي ، جيجي ، سابرتينا .....) .
بدأ قلبه يخفق بعنف وهو يبحث عن ورقة ابنه محمد .. أخيراً وجدها .. الفراغ .. أين الفراغ ؟؟ .. تُرى ماذا كتب فيه ؟؟؟؟؟؟
صُعق حين رأى اسم خادمته الإندونيسية (سوامي) يملاً الفراغ بكل وضوح ..
وتقبلوا أطيب تحياتي
مجلة الأسرة
قبل أن تبدأ الحصة بدقيقة واحدة .. سار في الممر الطويل المؤدي إلى الفصل .. سار بخطاً هادئة وهو يرتب في ذهنه الكلمات المناسبة التي سيقولها لطلابه .. كان يدرك بحكم خبرته الطويلة في التدريس .. أن طلاب الصف الثالث الإبتدائي يختلفون عن طلاب الصف السادس .. وأنه في موضوع كهذا الذي سيتحدث فيه اليوم .. عليه أن يراعي صغر سنهم ومحدودية قاموسهم اللغوي .. وأن يختار الكلمات المناسبة التي يستطيعون فهمها وكتابتها ..
دخل الفصل مبادراً بإلقاء التحية على طلابه الذين يحبهم جميعاً كما يُحب ابنه محمد الجالس معهم .. استدار جهة السبورة .. وكتب في منتصفها الأعلى (بسم الله الرحمن الرحيم) .. ثم كتب في الركن الأعلى من الزاوية اليمنى :
السبت 23/5/1421هـ
المادة: تعبير
الموضوع: الأم
واجه طلابه من جديد .. وبدأ يتحدث إليهم قائلاً: سنتحدث اليوم عن أهم وأحب إنسانة في الوجود .. من يقول لي : من أهم وأحب إنسانة في الوجود ؟؟
- ........
استدار جهة السبورة ثانية .. ووضع خطين باللون الأحمر تحت كلمة الأم .. وأعاد السؤال مرة أخرى .. فارتفعت أصابع الطلاب وأصواتهم : أنا يا أستاذ .. أنا .. أنا يا أستاذ .. أنا .. أنا ..
- تفضل يا أحمد ..
- الأم .
- ممتاز .. أحسنت يا أحمد .. نعم الأم .. قالها واسترسل في الحديث عن الأم : لا يوجد في هذه الدنيا يا أبنائي من يحب إنساناً ويخاف عليه كما تحب الأم ابنها وتخاف عليه .. ولعلكم لمستم ذلك بأنفسكم .. فمن الذي يحبكم ويحنو عليكم ويرعاكم ؟ ومن الذي يخاف عليكم إذا مرضتم ويتمنى لو يفديكم بروحه ويبيت الليل كله مستيقضاً ؟ أليست الأم ؟؟
وذكر لهم حينما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله : ((من أحق الناس بحسن صحبتي ؟ قال له : أمك . قال : ثم من ؟ قال : أمك . قال: ثم من ؟ قال : أمك . قال ثم من؟ قال : أبوك ))
- من يقول لي : كم مرة ذكرت الأم في الحديث :
- تفضل يا خالد .
- ثلاث مرات يا أستاذ .
ثم أخذ الأستاذ يشرح لهم لماذا ذكرت الأم ثلاث مرات في الحديث .. ويبين لهم فضلها على كل واحد منهم .. ويوضح ما تقدمه من تضحيات من أجل إسعاد إبنائها وإراحتهم ..
أحسّ أنه بالرغم من أنه تحدث كثيراً .. إلا أنه لم يقل كل ما في نفسه .. توقف فجأة عن الحديث .. وختم كعادته بسؤالهم : مفهوم ؟ .. الطلاب بصوت واحد : مفهوم .
تحرك بإتجاه حقيبته في الزاوية اليسرى من الفصل .. أخرج منها ورقة صغيرة ومجموعة من ظروف الرسائل بعدد الطلاب .. واجه طلابه من جديد والظروف في يده .. ثم قال لهم :
- كل واحد منكم يُخرج ورقة .. ويكتب عليها اسمه .. وسأملي عليكم رسالة .. وبعد أن أصححها .. سأعيدها إليكم لتكتبوها من جديد خالية من الأخطاء .. وبعدها سأعطي كل واحد منكم ظرفاً ليضع فيه رسالته ليوصلها .
- إلى من نوصلها يا أستاذ ؟
- سأقول لكم فيما بعد .
شدتهم الفكرة فبادروا بإخراج أوراقهم وكتابة أسمائهم .. وحين لمس الأستاذ تهيئوهم بدأ يملي عليهم :
((إلى الإنسانة التي تحبني وترعاني .. وتتعب وتسهر من أجلي .. إلى الإنسانة التي تعتني بطعامي وتغسل ثيابي .. وتحرص على نظافتي وتسهر على راحتي .. وتربيني أحسن تربية .. وتحبني أكثر من أي إنسان في هذه الدنيا .. وتقضي كل وقتها من أجلي .. إلى .........))
- أكملوا الفراغ .. وسلموا أوراقكم لأتأكد من سلامة كتابتكم .. بعدها سأقول لكم إلى من توصلونها ..
جمع المعلم أوراق طلابه .. وبدأ يقرأ :
وجد في الورقة الأولى بعض الأخطاء الإملائية ..وضع تحتها خطاً أحمر .. وكتب فوقها الكلمة الصحيحة .. وحين وصل إلى الفراغ الذي تركه لهم ليملؤوه .. أذهله الاسم المكتوب فيه : (روكميني) ؟؟؟!!!
انتقل بسرعة إلى الورقة الثانية .. فهاله ما كُتب في الفراغ : (ماما شاندي) ؟؟!!
أخذ يقلب الأوراق باحثاً بعينيه المذهولتين عن الأسماء التي كتبها الطلاب في الفراغ .. تدلى فكه الأسفل !!! .. وحزت الدهشة حلقه .. وغرست الأسماء في عينيه الجاحظتين أصابعهما الغريبة : ( سارتيما ، هيرلينا ، براندي ، سقيارتي ، جيجي ، سابرتينا .....) .
بدأ قلبه يخفق بعنف وهو يبحث عن ورقة ابنه محمد .. أخيراً وجدها .. الفراغ .. أين الفراغ ؟؟ .. تُرى ماذا كتب فيه ؟؟؟؟؟؟
صُعق حين رأى اسم خادمته الإندونيسية (سوامي) يملاً الفراغ بكل وضوح ..
وتقبلوا أطيب تحياتي
مجلة الأسرة
تعليق