القلب الصحيح والقلب السقيم

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سندس الشرق
    عضو نشيط
    • Sep 2002
    • 285

    القلب الصحيح والقلب السقيم

    Latest news coverage, email, free stock quotes, live scores and video are just the beginning. Discover more every day at Yahoo!


    هذه مقاطع من كتاب

    إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان

    إن شاءالله تجدوا فيها كل الفائدة




    في انقسام القلوب إلى صحيح وسقيم وميت


    لما كان القلب يوصف بالحياة وضدها انقسم بحسب ذلك إلى هذه الأحوال الثلاثة

    القلب الصحيح :

    هو القلب السليم الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به

    كما قال تعالى : يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم الشعراء : 88

    والسليم هو السالم وجاء على هذا المثال لأنه للصفات كالطويل والقصير والظريف فالسليم القلب الذي قد صارت السلامة صفة ثابتة له كالعليم والقدير وأيضا فإنه ضد المريض والسقيم والعليل

    وقد اختلفت عبارات الناس في معنى القلب السليم والأمر الجامع لذلك : أنه الذي قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه ومن كل شبهة تعارض خبره فسلم من عبودية ما سواه وسلم من تحكيم غير رسوله فسلم في محبة الله مع تحكيمه لرسوله في خوفه ورجائه والتوكل عليه والإنابة إليه والذل له وإيثار مرضاته في كل حال والتباعد من سخطه بكل طريق وهذا هو حقيقة العبودية التي لا تصلح إلا لله وحده

    قالقلب السليم : هو الذي سلم من أن يكون لغير الله فيه شرك بوجه ما بل قد خلصت عبوديته لله تعالى : إرادة ومحبة وتوكلا وإنابة وإخباتا وخشية ورجاء وخلص عمله لله

    فإن أحب أحب في الله وإن أبغض أبغض في الله وإن أعطى أعطى لله وإن منع منع لله ولا يكفيه هذا حتى يسلم من الانقياد والتحكيم لكل من عدا رسوله صلى الله عليه وسلم فيعقد قلبه معه عقدا محكما على الائتمام والاقتداء به وحده دون كل أحد في الأقوال والأعمال من أقوال القلب وهي العقائد وأقوال اللسان وهي الخبر عما في القلب وأعمال القلب وهي وانهم والمحبة والكراهة وتوابعها وأعمال الجوارح فيكون الحاكم عليه في ذلك كله دقعه وجله هو ما جاء به الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فلا يتقدم بين يديه بعقيدة ولا قول ولا عمل

    كما قال تعالى : يأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله الحجرات : 1

    أي لا تقولوا حتى يقول ولا تفعلوا حتى يأمر قال بعض السلف : ما من فعلة وإن صغرت إلا ينشر لها ديوانان : لم وكيف أى لم فعلت وكيف فعلت فالأول سؤال عن علة الفعل وباعثه وداعيه : هل هو حظ عاجل من حظوظ العامل وغرض من أغراض الدنيا في محبة المدح من الناس أو خوف ذمهم أو استجلاب محبوب عاجل أو دفع مكروه عاجل أم الباعث على الفعل القيام بحق العبودية وطلب التودد والتقرب إلى الرب سبحانه وتعالى وابتغاء الوسيلة إليه

    ومحل هذا السؤال : أنه هل كان عليك أن تفعل هذا الفعل لمولاك أم فعلته لحظك وهواك

    والثاني : سؤال عن متابعة الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك التعبد أي هل كان ذلك العمل مما شرعته لك على لسان رسولي أم كان عملا لم أشرعه ولم أرضه

    فالأول سؤال عن الإخلاص والثاني عن المتابعة فإن الله سبحانه عملا إلا بهما

    فطريق التخلص من السؤال الأول : بتجريد الإخلاص وطريق التخلص من السؤال الثاني : بتحقيق المتابعة وسلامة القلب من إرادة تعارض الإخلاص وهوى يعارض الاتباع فهذا حقيقة سلامة القلب الذي ضمنت له النجاة والسعادة


    القلب الميت

    والقلب الثاني : ضد هذا وهو القلب الميت الذي لا حياة به فهو لا يعرف ربه ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه بل هو واقف مع شهواته ولذاته ولو كان فيها سخط ربه وغضبه فهو لا يبالي إذا فاز بشهوته وحظه رضى ربه أم سخط فهو متعبد لغير الله : حبا وخوفا ورجاء ورضا وسخطا وتعظيما وذلا إن أحب أحب لهواه وإن أبغض أبغض لهواه وإن أعطى أعطى لهواه وإن منع منع لهواه فهواه اثر عنده وأحب إليه من رضا مولاه فالهوى إمامه والشهوة قائده والجهل سائقه والغفلة مركبه فهو بالفكر في تحصيل أغراضه الدنيوية مغمور وبسكرة الهوى وحب العاجلة مخمور ينادى إلى الله وإلى الدار الاخرة من مكان بعيد ولا يستجيب للناصح ويتبع كل شيطان مريد الدنيا تسخطه وترضيه والهوى يصمه عما سوى الباطل ويعميه فهو في الدنيا كما قيل في ليلى :

    عدو لمن عادت وسلم لأهلها * ومن قربت ليلى أحب وأقربا

    فمخالطة صاحب هذا القلب سقم ومعاشرته سم ومجالسته هلاك

    القلب المريض

    والقلب الثالث : قلب له حياة وبه علة فله مادتان تمده هذه مرة وهذه أخرى وهو لما غلب عليه منهما ففيه من محبة الله تعالى والإيمان به والإخلاص له والتوكل عليه : ما هو مادة حياته وفيه من محبة الشهوات وإيثارها والحرص على تحصيلها والحسد والكبر والعجب وحب العلو والفساد في الأرض بالرياسة : ما هو مادة هلاكه وعطبه وهو ممتحن بين داعيين : داع يدعوه إلى الله ورسوله والدار الآخرة وداع يدعوه إلى العاجلة وهو إنما يجيب أقربهما منه بابا وأدناهما إليه جوارا قالقلب الأول حى مخبت لين واع والثاني يابس ميت والثالث مريض لبيد إلى السلامة أدنى وإما إلى العطب أدنى

    وقد جمع الله سبحانه بين هذه القلوب الثلاثة في قوله :

    وما أرسلنا من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان

    ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم* ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد* وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم الحج : 52 54

    فجعل الله سبحانه وتعالى القلوب في هذه الايات ثلاثة : قلبين مفتونين وقلبا ناجيا فالمفتونان : القلب الذي فيه مرض والقلب القاسي والناجي : القلب المؤمن المخبت إلى ربه وهو المطمئن إليه الخاضع له المستسلم المنقاد

    وذلك : أن القلب وغيره من الأعضاء يراد منه أن يكون صحيحا سليما لا افة به يتأتى منه ما هيىء له وخلق لأجله وخروجه عن الاستقامة إما ليبسه وقساوته وعدم التأتي لما يراد منه كاليد الشلاء واللسان الأخرس والأنف الأخشم والعين التي لا تبصر شيئا وإما بمرض وآفة فيه تمنعه من كمال هذه الأفعال ووقوعها على السداد فلذلك انقسمت القلوب إلى هذه الأقسام الثلاثة

    فالقلب الصحيح السليم : ليس بينه وبين قبول الحق ومحبته وإيثاره سوى إدراكه فهو صحيح الإدراك للحق تام الانقياد والقبول له

    والقلب الميت القاسي : لا يقبله ولا ينقاد له

    والقلب المريض : إن غلب عليه مرضه التحق بالميت القاسي وإن غلبت عليه صحته التحق بالسليم

    فما يلقيه الشيطان في الأسماع من الألفاظ وفي القلوب من الشبه والشكوك : فتنة لهذين القلبين وقوة للقلب الحي السليم لأنه يرد ذلك ويكرهه ويبغضه ويعلم أن الحق في خلافه فيخبت للحق ويطمئن وينقاد ويعلم بطلان ما ألقاه الشيطان فيزداد إيمانا بالحق ومحبة له وكفرا بالباطل وكراهة له فلا يزال القلب المفتون في مرية من إلقاء الشيطان وأما القلب الصحيح السليم فلا يضره ما يلقيه الشيطان أبدا

    قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه واله وسلم تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه

    وقد قسم الصحابة رضي الله تعالى عنهم القلوب إلى أربعة كما علمني عن حذيفة بن اليمان : القلوب أربعة : قلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن وقلب أغلف فذلك قلب الكافر وقلب منكوس فذلك قلب المنافق عرف ثم أنكر وأبصر ثم عمى وقلب تمده مادتان : مادة إيمان ومادة نفاق وهو لما غلب عليه منهما

    فقوله : قلب أجرد أي متجرد مما سوى الله ورسوله فقد تجرد وسلم مما سوى الحق و فيه سراج يزهر وهو مصباح الإيمان : فأشار بتجرده إلى سلامته من شبهات

    الباطل وشهوات الغي وبحصول السراج فيه إلى إشراقه واستنارته بنور العلم والإيمان وأشار بالقلب الأغلف إلى قلب الكافر لأنه داخل في غلافه وغشائه فلا يصل إليه نور العلم والإيمان كما قال تعالى حاكيا عن اليهود :

    وقالوا قلوبنا غلف البقره : 88

    وهو جمع أغلف وهو الداخل في غلافه كقلف وأقلف وهذه الغشاوة هي الأكنة التي ضربها الله على قلوبهم عقوبة له على رد الحق والتكبر عن قبوله فهي أكنة على القلوب ووقر في الأسماع وعمى في الأبصار وهي الحجاب المستور عن العيون

    في قوله تعالى : وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا الأنعام : 25

    فإذا ذكر لهذه القلوب تجريد التوحيد وتجريد المتابعة ولى أصحابها على أدبارهم نفورا

    وأشار بالقلب المنكوس وهو المكبوب إلى قلب المنافق

    كما قال تعالى : فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا النساء : 88

    أي نكسهم وردهم في الباطل الذي كانوا فيه بسبب كسبهم وأعمالهم الباطلة وهذا شر القلوب وأخبثها فإنه يعتقد الباطل حقا ويوالي أصحابه والحق باطلا ويعادى أهله فالله المستعان

    وأشار بالقلب الذي له مادتان إلى القلب الذي لم يتمكن فيه الإيمان ولم يزهر فيه سراجه حيث لم يتجرد للحق المحض الذي بعث الله به رسوله بل فيه مادة منه ومادة من خلافه فتارة يكون للكفر أقرب منه للإيمان وتارة يكون للإيمان أقرب منه للكفر والحكم للغالب وإليه يرجع


    أسود مربادا: شئ من البياض يسيريخالط السواد *

    مجخيا: منكوسا مائلا

    أشرب: دخل في قلبه

    و السلام عليكم و رحمة الله
  • أبو الحسن
    كبار الشخصيات
    • Feb 2001
    • 2817

    #2
    بارك الله فيك ونقل مميز ..
    ولكن...............................
    بودي لو جزأتيه ليسهل قرائته على الأعضاء والقراء لينتفعوا به.....
    الكلمة الطيبة صدقة

    تعليق

    • وسام
      الأم الواعية "كبار الشخصيات"
      • Jun 2002
      • 7525

      #3
      جزاك الله خيرا وجعله الله في ميزان حسناتك








      هذا التوقيع من الغالية صدى الله يبارك فيها

      تعليق

      يعمل...