أسطورة «الشعب اليهودي»

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ياسمينة ..
    كبار الشخصيات" قلم متميز"
    • Oct 2004
    • 7864

    أسطورة «الشعب اليهودي»

    كنت أسير مع زوجي في شارع أوروبي ليلة أحد ( ليلة السهر) فمر بنا رجل يترنح قد نال منه السكر ، ثم توجه إلينا و قال : كيف حالكم و كيف حال الأهل في فلسطين ؟ ثم شرع يغني و انصرف ..
    ضاق بي جداً أن هذا الأجنبي المخمور يستحضر قضية فلسطين في ذهنه ، بينما يتناساها العرب و المسلمون !

    مجرد خاطرة .. المهم ،،

    دار نقاش حول موضوع فلسطين منذ فترة، فوجه إلي السؤال التالي :
    لماذا أنتم يا عرب قد رضيتم لأنفسكم أن تأخذوا الأرض من اليهود ، ثم الآن لا ترضخون للواقع و ترضون بعودة الأرض إليهم ؟

    لعل المغتربات بينكن قد سبق و وجه إليهن السؤال ذاته ، فقضية حق اليهود بالأرض يتبناها الكثيرون من النصارى الذين لا يفقهون من الأمر إلا قليلا ..
    كعربية مسلمة نشأت في أرض اغتصبها اليهود، أرفض قطعا هذه الفكرة، و لكن عندما حاولت أن أفكر بتجرد، لم أجد جواباً شافياً يسلب اليهود "حق العودة" - طبعا هذا لقصرٍ في اطلاعي و إلمامي بواحدة من أهم قضايا أمتنا ، والله المستعان .

    أود أن أضع بين أيديكن مقتطفات من أهم ما قرأت حول هذا الموضوع، عسى الله ينفعني و إياكم بها ..
    مع الإشارة إلى أنني لن أتطرق إلى أهمية القدس بالنسبة للمسلمين، و وعد الله تعالى، و أن الأرض لمن يقيم فيها حكم الله، و كل ما يتعلق بعقيدتنا كمسلمين ..
    بل سأكتفي بذكر بعض النقاط التي يمكن أن تطرح في نقاش مع طرف لا يسلّم بمعتقداتنا.




    هل لليهود حق بأقدمية السكنى بأرض فلسطين (حق تاريخي) ؟

    يقرر التاريخ أن أول من سكن فلسطين الكنعانيون قبل الميلاد بستة آلاف سنة ، وهم قبيلة عربية قدمت إلى فلسطين من الجزيرة العربية وسميت فلسطين بعد قدومهم إليها باسمهم .
    " الصهيونية ، نشأتها ، تنظيماتها ، أنشطتها : أحمد العوضي " ( ص 7 ) .

    أما اليهود فكان أول دخولهم فلسطين بعد دخول إبراهيم بما يقارب ستمائة عام ، أي أنهم دخلوها قبل الميلاد بحوالي ألف وأربعمائة عام.
    فيكون الكنعانيون قد دخلوا فلسطين وقطنوها قبل أن يدخلها اليهود بما يقارب أربعة آلاف وخمسمائة عام . "المرجع السابق " ( ص 8 ) .





    إذاً ، لماذا أرض فلسطين ؟

    يطالب اليهود بفلسطين وطناً قومياً لهم معتمدين في ذلك على عهودهم التوراتية.
    الصهيونية كحركة دينية سياسية تعني في المقام الأول بالعودة إلى فلسطين ، ليست فكرة جديدة وليدة هذا القرن ، ولكنها فكرة وليدة الفكر اليهودي المنحرف الذي غيَّر وبدَّل وصرَّف وزيَّف في كتاب موسى عليه السلام.

    إن قصة نشأة الصهيونية ترجع إلى ما قبل عهد إبراهيم ، كما تذكر توراتهم المحرَّفة :
    أن نوحـًا عليه السلام شرب خمرًا وبدت عورته ، فلما رآه ابنه كنعان هكذا أخبر أخويه سام ويافث فسترا عورة أبيهما ، فدعا لهما وقال : ليكن كنعان عبدًا لهم يفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام ، وليكن كنعان عبدًا لهما " .

    هكذا كانت البداية سكر نوح ففضحه كنعان ، وهو أبو العرب فدعا عليه نوح ، وبارك سام وهو أبو اليهود .

    ثم تصف التوراة المزيفة أمر الله إبراهيم بأن يذهب إلى فلسطين ، ثم يجعل هذه الأرض لنسله فقط ، وهم اليهود " قال الرب لإبراهيم اذهب من أرضك وعشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك وتكون بركة وأبارك مباركيك ،ولاعنك ألعنه ، وتتبارك فيك جميع قبائل العرب واجتاز إبراهيم في الأرض إلى مكان شكيس إلى بلوظة مورة ، وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض وظهر الرب لإبرام وقال : لنسلك أعطي هذه الأرض "(الإصحاح العاشر) .

    وقال أيضاً له : وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان مسكنـًا أبديـًا " الإصحاح السابع عشر .

    ويأتي الأمر صراحة لإبراهيم بتحديد مملكته في الإصحاح الخامس عشر فيقول له : لنسلك أعطي هذه الأرض من مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات " .

    إذا صدقنا هذا ، من هم نسل إبراهيم ؟
    أولاً، هل النسل هنا يقصد به البنوة الروحية أم البنوة المادية؟
    الله تعالى يقول في القرآن (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا)
    وحتى في إنجيلهم قال لهم : أنتم لستم أولاد إبراهيم لو كنتم أولاد إبراهيم لعملتم أعمال إبراهيم.
    المسألة ليست بالنسب "من بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه".
    ثم لنفرض بالنسب، أليس إسماعيل ابن إبراهيم ؟

    بعد ذلك يذكرون أن يعقوب نام في أرض فلسطين فرأى الله فقال له :
    ( أنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله إسحق ، الأرض التي أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك ، ويكون نسلك كتراب الأرض وتمتد غربا وشرقا وشمالا وجنوبًا ، ويتبارك فيك وفي نسلك جميع لقبائل الأرض ) الإصحاح 28 .

    أقل الأمم في الدنيا الآن اليهود، ومع هذا أكثر اليهود في العالم الآن ليسوا من بني يعقوب ، وإنما من يهود العرب والأوروبيين وغيرهم ، فإذن كم يبقى من اليهود الذين من ذرية يعقوب عليه السلام ؟!
    فالواقع يشهد أن هذه الوعود ليست لبني إسرائيل ، وأنهم يكذبون ويفترون على الله حين يجعلونها فيهم ، وإنما هي في بني إسماعيل .

    للمزيد حول هذه النقطة ، هنا :
    أرضُ الميْعَــاد - نظرة قرآنية في العهود التوراتية




    أرض الميعاد (حق ديني) ؟

    إن العهود التوراتية الموجودة الآن في التوراة الموجودة بين أيدي اليهود تنص على أن هناك أرضاً أعطاها الله لبني إسرائيل أيام رسلهم. ويدعي اليهود اليوم أن هذه العهود تنطبق عليهم وأن هذه الأرض عطاء إلهي لهم يعتبر فوق القانون مهما كان نوع هذا القانون، وفوق إرادة الشعوب مهما كانت هذه الشعوب حتى لو كانت صاحبة الأرض التي يطالب بها اليهود!!

    يقول ابن غوريون رئيس الوزراء اليهودي الأسبق عام 1948م بعد أن وقف ممثلاً لليهود في الأمم المتحدة :
    "وقد لا تكون فلسطين لنا عن طريق الحق السياسي أو القانوني، ولكنها حق لنا على أساس ديني فهي الأرض التي وعدنا الله وأعطانا إياها من الفرات إلى النيل، ولذلك وجب على كل يهودي أن يهاجر إلى فلسطين، وأن كل يهودي يبقى خارج إسرائيل بعد إنشائها، يعتبر مخالفاً لتعاليم التوراة، بل إن هذا اليهودي يكفر يومياً بالدين اليهودي" [العقيدة اليهودية في فلسطين ونقدها – ص 22].

    كل العهود التي يتحدث بها اليهود إنما أخذوها من التوراة اليوم ، وهذه التوراة ثابت تحريفها ولا يستطيع بشر أن يثبت أن الله سبحانه قال ولو سطراً مما فيها.
    وقد ألف في إثبات التحريف فيها كتب كثيرة، وهنا مثال واحد على هذا التحريف :
    في سفر التثنية من توراة موسى تجد "فمات هناك موسى عبد الرب في أرض مؤاب… ودفنه في الجواء في أرض مؤاب… ولا يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم. وكان موسى ابن مائة وعشرين سنة حين مات… فبكى بنو إسرائيل موسى… ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجهاً لوجه" [التوراة – التثنية 34/5-10].
    فهل يعقل أن يكون هذا مثل الكلام في التوراة التي نزلت على موسى وهو حي؟
    فإذا كان موسى قد مات، فعلى من نزل هذا الكلام من بعده؟ وكيف دخل في توراة موسى؟!





    ما معنى «الهوية اليهودية» بالنسبة لهم ؟

    هل هي هوية دينية حسب رؤية ما يعرف بطائفة الأرثوذوكس اليهود ؟

    أم أن المقصود بهذه الهوية هو المعنى القومي العلماني للدولة الحديثة ؟
    وبالتالي يكون معنى الشعب اليهودي في هذه الحالة هو الشعب الذي ينتمي إلى القومية اليهودية، ولغته العبرية، والدين اليهودي مجرد عنصر ثقافي من مكونات هويته القومية.
    حسب هذا المعنى يجب أن تكون "إسرائيل" دولة وطنية علمانية، وليست دولة دينية.
    وبما أن الإسرائيليين يقولون بأن دولتهم هي دولة ديمقراطية، فإنها يجب أن تلغي "قانون العودة" الذي يعطي الحق لليهودي في أي مكان من العالم، ولليهودي فقط، بالحصول على الجنسية الإسرائيلية بمجرد "عودته" إلى هذه الدولة.
    من غير المنطقي القول من ناحية بأن "إسرائيل" دولة ديمقراطية، وفي الوقت نفسه الإصرار على أن هوية هذه الدولة هي هوية يهودية بالمعنى الديني !





    خرافة «الهوية اليهودية»

    الأصل أن تبادر أي حركة بعث قومي أو تحرر وطني إلى تحديد هوية المنتمين إليها، وعلى أساسه يتم تحديد من سيتم تجنيده أو استبعاده، وتحديد العدو من الصديق، وحدود الدولة وهويتها، ومن يحق له المطالبة بمواطنتها من عدمه.
    يواجه المشروع الصهيوني أزمة حادة في تعريف "اليهودي" وصهر المجموعات غير المتجانسة - لا رابط قومي أو إثني أو حتى ديني !
    في دولة أولى بأن تسمى "دولة اليهود" لا "دولة يهودية" فالوطن الأصلي هو الذي يهاجر منه لا إليه !

    منذ البدء نشب صراع حول تحديد مفهوم هذه الهوية الموهومة بين دعاة الصهيونية الدينية والصهيونية العلمانية أو الثقافية، وتركز الصراع حول تحديد مصدر "يهودية اليهودي" :
    هل هو الحق التاريخي والانتماء العرقي، أم الاختيار الإلهي والتاريخ اليهودي المقدس؟
    كما نشب الصراع بين يهود الشرق والغرب، وتم طرح إشكال :
    هل اليهودي هو الإشكنازي الأبيض وحده(اليهود الغربيين) ، أم أنه يشمل السفارديم (اليهود الشرقيين) والفلاشاه(جماعة إثنية أفريقية)؟
    وفي الوقت الذي عرّفت فيه الصهيونية "اليهودي" على أنه الإشكنازي الأبيض، فإن تتالي موجات الهجرة من البلاد العربية وقدوم السفارديم والفلاشاه (الذين لم تعترف الحاخامية بيهوديتهم وطلبت منهم أن يتهودوا !!)، وظهور ما يسمى بجيل الصابرا من الإشكناز ذوي العقلية الكارهة لكل يهود العالم، جعل من العسير على اليهود أنفسهم، تصديق مقولة "الشعب اليهودي" بإيحاءاتها الرومانسية لتناقضها الصارخ مع الواقع.





    أسطورة «الشعب اليهودي»

    ليس بين الأسطورة والواقع في الغالب أي صلة ومع ذلك فإن المؤمنين بالأساطير يتعاملون معها وكأنها واقع لا ريب فيه. وبين أشد الأساطير شيوعا في التاريخ، تلك التي وردت في التوراة ودفعت الكثير من المؤرخين والباحثين إما إلى اعتمادها في دراساتهم أو إلى اللهاث وراء التحقق منها.
    وتعتبر أسطورة «الشعب اليهودي» وأسباطه المعلومة والمفقودة بين أبرز هذه الأساطير على وجه الخصوص. وقد رأى العديد من الباحثين ان اليهود كانوا أشد حاجة للأساطير من غيرهم لكثرة ما مر بهم في حياتهم من مشقات كانت الأساطير فيها عزاءهم.

    وقد بحث مؤرخ يهودي هو هيليل هلكين في كتابه «البحث عن نسل مناشيه» في المراجع التي سبق كتابتها حول هذا الموضوع، و وجد أن الكثيرين قبله آمنوا بأن روايات الكتب القديمة حول أسباط إسرائيل كانت مختلقة وكتبت كنوع من إثارة الحنين لدى السامعين. وأنه في أفضل الأحوال، ليست هناك سوى بذور ضعيفة من الحقيقة تسند هذه الروايات. ويعتبر هلكين في كتابه أن للأساطير قدرة هائلة على البقاء لأن هناك على الدوام من له مصلحة في إحيائها.
    والواقع أن الأحاديث عن أسباط إسرائيل وانتشارهم في أفريقيا وآسيا وأوروبا كانت ولا تزال كثيرة.
    وهكذا نجد اليوم في إسرائيل من يطالب باستيعاب قبائل في الهند وفي أفريقيا على اعتبار أنها من نسل إسرائيل. وهناك من اعتبر ان جميع سكان أفغانستان هم بعض من نسل أسباط إسرائيل المفقودة !

    ولكن حتى في القرون السابقة، كان بين المؤرخين اليهود من رفضوا فكرة هجرة أو تهجير الأسباط من أرض فلسطين.
    وذهب بعضهم من أجل تقريب الأسطورة وجعلها قابلة للتصديق للقول بأن الهجرات لم تكن لكل أسباط إسرائيل وإنما فقط لـ«نخب صغيرة منها».
    ويضيف هؤلاء أن معظم من تم تهجيرهم عاد إلى فلسطين في أيام الهيكل الثاني.

    ورغم أن الكثيرين من اليهود، وربما غيرهم، يؤمنون بهذه الأساطير، فإن أحدا لا يمكنه الزعم أن لديه أي برهان على استنادها إلى الحقيقة.
    فليس هناك ما يؤكد الرواية التوراتية للبنية القبلية للمملكة اليهودية، والأهم أن أحدا لا يتوقع بقاء تلك البنية بعد مرور 600 عام على قيام المملكة الأولى.
    وهذا ما دفع بعض المؤرخين اليهود للحديث عن «اليهودية الكونية» التي تغذت من تنوع ألوان وأجناس اليهود وليس «اليهودية العرقية» التي تستند إلى أصل واحد.

    وربما أن بين أبرز من كتبوا عن هذا الموضوع مؤخرا، المؤرخ الإسرائيلي شلومو زند في كتابه الجديد «متى وكيف تم اختراع الشعب اليهودي». ويناقش زند في كتابه قضايا تعريف الشعب وعوامل تحوله إلى قومية. ».
    ويشدد زند في تساؤلاته على موعد نشأة الشعب اليهودي:
    هل تم ذلك بنزول التوراة على موسى في جبل سيناء أم فقط في القرن التاسع عشر في ظل تبلور الحركات القومية ؟
    ويذهب أبعد من ذلك عندما يتساءل عن «الوقت الذي تم فيه نقل العهد القديم من أرفف الكتب الدينية إلى أرفف الكتب التاريخية القومية؟
    وهل فعلا تم إجلاء اليهود من السامرة في العام سبعين للميلاد، ام ان تلك كانت مجرد أسطورة مسيحية سرعان ما انتقلت لليهودية ثم نسختها الحركة الصهيونية؟

    يفكك كتاب زند الرواية الصهيونية حول الشعب اليهودي الواحد ويرى أن هذه الحركة هي من اخترعت فكرة الشعب الواحد بهدف خلق قومية جديدة.
    واحتاجت الصهيونية وفق زند إلى الرواية التوراتية وإلى أساطير مسيحية لم يكن لها أي أساس تاريخي حول خراب الهيكل الثاني وتهجير اليهود وتحويل ذلك إلى أسس تاريخية.
    واعتبر أن هذا التحريف خلق رواية تاريخية لقومية تستعيد ماضيا لم يكن لها في الواقع.
    فاليهود لم يتم تهجيرهم من فلسطين إلى أي مكان، وبعد زوال مملكتهم تحول قسم منهم إلى المسيحية ثم إلى الإسلام في وقت لاحق.

    ويشدد زند في كتابه على أن اليهودية كانت الديانة التوحيدية الأولى التي بدأت التبشير الواسع، ولهذا فإن أصل اليهود متعدد وأكثر غنى مما يعتقد.
    وفي نظره، لم يتم تهجير اليهود من فلسطين وإنما تم تهجير الديانة اليهودية التي كانت «ديانة توحيدية توسعية».
    وكتب أن غالبية اليهود من خارج هذه المنطقة هم في الأصل يهود متهودون وليسوا من أصول يهودية.
    وشدد على ان الديانة اليهودية، مثلت حضارة دينية خاصة، وليس شعبا غريبا مهجرا كما حاولت الحركة الصهيونية وصفه.
    ويرى زند أنه في أساس هذه النظرة الضيقة لليهودية يكمن أساس الخوف على مستقبل الدولة اليهودية.




    المصادر :

    إسرائيل واختلاق أسطورة «الشعب اليهودي» / حلمي موسى
    نشأة الصهيونية / أكرم كساب
    أزمة "الهوية" في المشروع الصهيوني / هشام منور
    أرضُ الميْعَــاد - نظرة قرآنية في العهود التوراتية / د. محمد أبو زيد أبو زيد
    اشتراط يهودية الدولة الآن... ماذا يعني؟
    لقاء الأقصى و خطر التهويد / الشيخ يوسف القرضاوي
    الإسلام سؤال و جواب









    اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان‏

    رِفْقاً أهلَ السُّنَّة بأهلِ السُّنَّة

    أصول الحوار .. وأدب الإختلاف ..
  • &أم محمد&
    مشرفة ركن همسات فتيات وفيض القلم
    • Jul 2007
    • 17518

    #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اشكرك جزيل الشكر يا ياسمينة على
    هذا الجهد الواضح لكتابة المقال والتوضيح
    لمعنى الهوية اليهودية
    وهم الآن يسعون جاهدين للرجوع الى يهوديتهم حتى فى
    مسمى دولتهم لانهم دائما يظهرون بمظهر المسكين الذى لا حول له ولا قوة
    نحن فى فلسطين لا نمانع العيش بسلام مع اليهود
    واقول اليهود فقط وليس الصهاينه المغتصبين تحت راية الاسلام
    مرة اخرى بارك الله فيك ونفع بك
    ::
    يا رب إن أعداءك قد جمعوا جمعهم ضد المسلمين
    فيـا رب يا مجرى السحاب، ومنزل الكتاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وزلزلهم واجعل الدائرة عليهم.

    ::

    تعليق

    • راحيل11
      النجم الفضي
      • Feb 2007
      • 1665

      #3
      كثير من العرب باتوا يقولون ان فلسطين هي وطن الفلسطينيين واليهود والتاريخ يؤكد ذلك....

      لم اعد اعرف اين الحقيقة

      تعليق

      • &أم محمد&
        مشرفة ركن همسات فتيات وفيض القلم
        • Jul 2007
        • 17518

        #4
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        اختى راحيل
        ارجو ان لا تكونى فهمتى كلامى على ان
        فلسطين وطن لليهود والفلسطينيين

        من منطلق ان فلسطين يوجد فيها الديانات الثلاثة
        الاسلامية والمسيحية واليهودية
        نقول اننا نقبل التعايش مع اصحاب هذه الديانات
        وليس المقصود ان نتنازل عن فلسطين العربية تحت راية الاسلام
        ::
        يا رب إن أعداءك قد جمعوا جمعهم ضد المسلمين
        فيـا رب يا مجرى السحاب، ومنزل الكتاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وزلزلهم واجعل الدائرة عليهم.

        ::

        تعليق

        • اشراقة الإسلام
          كبار الشخصيات -مدربة متميزة- نبض وعطاء
          • Aug 2006
          • 5129

          #5
          غاليتي ياسمينة

          نعم ... ان الشعب اليهودي كله اسطورة

          وقد كتب الله عليهم الذل والتشرد

          لكن وبسبب بعدنا عن تعاليم ديننا اذلنا الله ... واصبحنا نشكو منهم ومن تجمعهم علينا


          شكر الله لك جمع هذه المعلومات التاريخية ... والحقائق الواقعية عنهم

          ونسأل الله ان يكون الجميع عارفا بمثل هذه الحقائق حتى يكون الجميع على علم بالرد الصحيح والمناسب لكل سؤال يسأل من قبل النصارى المتحيزون

          لا اخفيكي انني وفي احدى السنوات درستني استاذة نصرانية هولندية

          وعندما تناقشنا معها في امر فلسطين واليهود كانت تريد ان تفحمنا بأسألتها ولكننا والحمد لله افحمناها باجاباتنا وادلتنا الواقعية عن الحقائق التي كانت تجهلها - او بالاصح تتجاهلها - ولم تملك بعدها الا ان تقول لقد تربيت في بيئة تحب اسرائيل وتحترمها ولا استطيع ان اغير وجهة نظري عنهم !!!!!


          جزاك الله خيرا غاليتي ياسمينة


          اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين
          اللهم الطف بنا ... اللهم الطف بنا ... اللهم الطف بنا
          اللهم نجنا من كيد الكائدين

















          تعليق

          • Salma1
            كبار الشخصيات " قلم ماسي "صاحبة الذوق الرفيع
            • Jul 2006
            • 7942

            #6
            رائع يا ياسمينة مقالك..
            سبحان الله ... اليهود يتهمون المسملون بما يسمى الاصولية الدينية والتعصب الديني
            وهم اجدر بهذه التهم..لانهم دولة دينية عنصرية لا يكون اسرائيلي الا اذا كان يهودي..

            جهد رائع ومقال ذو جوده عالية..



            تعليق

            • Salma1
              كبار الشخصيات " قلم ماسي "صاحبة الذوق الرفيع
              • Jul 2006
              • 7942

              #7
              مكرررر.



              تعليق

              • ياسمينة ..
                كبار الشخصيات" قلم متميز"
                • Oct 2004
                • 7864

                #8
                ام محمد ي

                راحيل11

                اشراقة الإسلام

                Um talal

                :

                جزاكن الله خيراً على إضافاتكن القيمة أخواتي الحبيبات

                غاليتي راحيل، الحقيقة موجودة في كتب التاريخ ، و النزيهون منهم أنفسهم يعترف بها ..

                هذه روابط ذات صلة :

                هل العثورعلى لوح الملك سليمان يُثبت صحة قصة الهيكل المزعوم؟!

                من الذي بنى المسجد الأقصى المبارك ؟!

                اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان‏

                رِفْقاً أهلَ السُّنَّة بأهلِ السُّنَّة

                أصول الحوار .. وأدب الإختلاف ..

                تعليق

                • راحيل11
                  النجم الفضي
                  • Feb 2007
                  • 1665

                  #9
                  عزيزتي أم محمد:

                  عذراً أنا لم أقصد أنك تؤيدين وجود الصهاينة في فلسطين -لعنهم الله أينما حلوا- ولكن ....... لماذا يوجد يهود في فلسطين من قبل الاحتلال ؟ ماذا كانوا يفعلون هناك؟؟؟ هل هم فلسطينيون يهود أم من هم . أنا لست ضد الديانة فهي سماوية و أؤمن بما نزل الله.مع علمي أن كتابهم أصابه التحريف, لكن أريد أن أعرف هويتهم من أين جاؤوا .

                  أختي الغالية ياسمين:

                  التاريخ يقول أن أغلب الأنبياء كانوا من فلسطين. لكن كلهم كانوا من بني اسرائيل. يعقوب-اسرائيل- عليه السلام و سليمان و يوسف و عيسى -عليهم السلام.لماذا كان يوجد شعب اسرائيلي في فلسطين منذ قديم الزمان؟ لماذا لا يوجد في كتب التاريخ أي ذكر للفلسطينيين في ذلك الوقت؟؟؟ هل أنا أنتمى لهؤلاء النبياء أم أنني من شعب اَخر!

                  أتمنى أن أجد جواباً واضحاً يريحني من هذه التساؤلات لأنني لم أترك كتاباً ولا مقالاً عن تاريخ فلسطين لم أقرأه. ولا يوجد شيء سوى أن الكنعانيين هم أول من سكن فلسطين لكن لا شيء سجل عنهم . أفيدوني أفادكم الله

                  تعليق

                  • &أم محمد&
                    مشرفة ركن همسات فتيات وفيض القلم
                    • Jul 2007
                    • 17518

                    #10
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    عزيزتى راحيل
                    أن فلسطين لم تكن يوما أرض بلا شعب كما رسخ الصهاينة في عقول الناس في الغرب ..
                    ولا ننكر طبعا بأن الله عز وجل قد اختارها بخيراتها لتكون ملاذا لبني إسرائيل ممن أسلموا مع نبيه ورسوله كليمه موسى عليه السلام ..
                    وأنه سبحانه وتعالى وعدهم بالنصر على الكفار من أهل البلاد الأصليين في حينه ..
                    و"تلك الأيام نداولها بين الناس" ..
                    فلا هي وعد مستديم أبد الدهر لمن ادعوا فيما بعد بأنهم شعب الله المختار ..
                    ولا حق لهم فيها يستردونها من أهلها ..
                    بل هي أمر لله فيه شأن ..
                    والوعد الحق لأمة الإسلام كما بشر به رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام ..

                    ارجو ان افيدك بالقليل من هذا المقال الذى وجدته
                    مناسبا للاجابة على اسئلتك
                    بقلم / أحمد صبري الدبش - باحث بمركز إحياء التراث الفلسطيني – المصدر : مجلة القدس العدد 26 شباط (فبراير) 2001 :

                    أهمل مؤرّخو الغرب المتخصصون في تاريخ الشرق الأدنى القديم و حضارته ، دراسة التاريخ الفلسطيني ، و لم يخصّصوا في دراستهم الخاصة بشعوب الشرق الأدنى القديم أي ذكرٍ خاصٍ بتاريخ الفلسطينيين في شكل عمل مستقل ، أو حتى في شكل فصل مستقل من فصول الدراسة .

                    و هذا الإهمال مقصود لذاته بسبب سيطرة المؤرّخين اليهود و الصهاينة على مجال الكتابة التاريخية عن فلسطين ، و لذلك فقد أخرجوا تاريخ الشعب الفلسطيني القديم من دائرة البحث كشعبٍ من شعوب الشرق الأدنى القديم ، و مركّزين تركيزاً شديداً على دراسة تاريخ (الإسرائيليين) ، و ذلك لتأصيل الوجود الصهيوني المزعوم في فلسطين ، باستبعاد الفلسطينيين الذين سميت المنطقة باسمهم .
                    يبدأ تاريخ فلسطين عملياً لهؤلاء الكتاب فقط عند بدء تاريخ "إسرائيل" و عندما تصبح فلسطين في وفاقٍ و انسجام تامّين مع "إسرائيل" ، و السبب في ذلك لا يمكن أن نقول إن بؤرة التركيز هي على تاريخ "إسرائيل" ، أو الادعاء بأن سرد هؤلاء المؤرّخين للتاريخ يبدأ عند ظهور "إسرائيل" على مسرح الأحداث ، ذلك لأنهم جميعاً يعالجون فترات ما قبل ظهور "إسرائيل" أو (الإسرائيليين) ، و لكنهم جميعاً يرفضون بثبات استعمال تعبير "الفلسطينيين" للدلالة على المكان، حتى إن استعملوا تعبير فلسطين للدلالة على أشياء جامدة مثل : المكان المادي و الاقتصادي .
                    الفلسطينيون في المصادر القديمة :

                    "الفلسطينيون" مصطلح يطلق على القبائل التي استوطنت شاطئ فلسطين – كنعان - الجنوبي الغربي من غزة جنوباً إلى يافا شمالاً ، و منهم جاءت تسمية فلسطين التي ما زالت مستعملة حتى يومِنا هذا للدلالة على أرض فلسطين الحالية ، و أهم المدن التي استوطنوها (غزة و عسقلان و أشدود و عقرون و جت) و كانت مدن الفلسطينيين هذه على الساحل عدا مدينة "جت" التي كانت تمتد قليلاً إلى الداخل ، و لم يؤسس الفلسطينيون مستعمرات ما عدا مدينتي "اللد" و "صقلغ" في أقصى جنوبي مدينة يهوذا .

                    و في التعريف بـ "فلسطين" و "الفلسطينيون" في المصادر اليهودية نجد تعتيماً شديداً و إيهاماً بأن الفلسطينيين شعب غريب ليست له أصول في المنطقة ، ففي دوائر المعارف اليهودية يرد الحديث عن فلسطين و الفلسطينيين في شكل مقتضب و غامض يوحي للقارئ بعدم أهمية المكان و سكانه ، و يؤكّد على عدم أصالته و على كونه شعباً غريباً .
                    و قد بلغ التشويه إلى حد أن الدعاية الصهيونية روّجت للقصة التوراتية عن جليات و داود ، حيث تصوّر انتصار داود الصغير بالمقلاع على جليات ، و كان من جبابرة الفلستين إذ بلغ طوله أكثر من تسعة أقدام ، و كانت أدواته الحربية مناسبة لطوله و قوته ، و يرى د. عبد الوهاب المسيري في "موسوعة اليهود و اليهودية و الصهيونية" أن الدعاية الصهيونية نجحت في ترسيخ صورة داود رمزاً لـ (إسرائيل) ، الذي يستخدم ذكاءه و مهارته في هزيمة عدوه ، مقابل صورة جليات رمزاً للعربي الذي يتسم بضخامة الحجم و كثرة السلاح ، و لكنه لا يستخدم عقله فيُمنى بالهزيمة (2) .

                    هو فى الواقع مقال طويل
                    اقتطعت منه ما سبق
                    مصادر عروبة القدس
                    عروبة النشأة
                    بالرغم من المناقشات الحامية التي جرت، وتجرى، حول أقدم موقع لمدينة القدس عرف في التاريخ وهو "بيوس".(1)، يشير كثير من الأبحاث الحديثة إلى أن مكان القدس اليبوسية هو على جبل أوفل (الطور أو الزيتون). (2) وتذهب عالمة الآثار (كينيون) إلى القول بأن (يبوس) واقعة فوق هضبة (الظهرة)، إلى الجنوب من المدنية المسورة الحالية (القدس القديمة) في مكان محصن تحصينا طبيعيا بالأودية المحيطة بها. (3) ويتفق المؤرخون وعلماء الآثار على أن اليبوسيين هم المؤسسون لمدينة "يبوس"، وهو أقدم اسم للمدينة، وأن اليبوسيين هم أول من بنوا أسوار مدينتهم مما عرف بالسور الأول في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وكان مزودا بستين برجا يشرف منها الجند على حماية المدينة، وموقع السور كان قريبا مما يعرف اليوم بباب الخليل وحى الأرمن وحى النبي داود حتى التلال الواقعة شرقي الحرم. (4)
                    لقد كانت النشأة الأولى للمدينة على أيدي العرب اليبوسيين في مطلع العصر البرونزى الأول وأعطوا الاسم "يبوس" للموقع الذي يشكل ربوة تشرف على وديان عميقة من جميع الجهات إلا شمالها، وساعد هذا الموقع على اتصالها بطرق موصلات قديمة تربطها بمواقع أ/هات المدن مثل موقع الخليل وموقع نابلس وموقع أريحا، كما يربطها بطريق مصر من جهة والطرق الشمالية من جهة أخرى.
                    ويرى الجغرافي العربي الكبير المرحوم الدكتور جمال حمدان أن موقع القدس هو نقطة التقاء طريق الحركة التاريخي من الشمال إلى الجنوب على طول الهضبة الوسطي بالطريق العرضي المتجه إلى شمال البحر الميت. أما موضعها، فقد بدأت على قمة تل منيع وتلك كانت ميزة هامة في الماضي القديم(5) ويضيف إلى ذلك توضيحًا بأنها مدينة قمة تلhILL Top Town. (6)
                    ويلاحظ الدكتور جمال حمدان - طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته - أن القدس تقع في إقليم جاف غير منتج ومياهها لا تكفى باستمرار، ولهذا فليس في الجغرافية الطبيعية ما يفسر قدمها (3000 ق.م.) ولا حيويتها النادرة، فقد تخربت في حياتها مرات عديدة كانت تقفز كل مرة من أنقاضها إلى الحياة ثانية في استمرارية تتحدى التاريخ. (7) وهو يرى : "أن هذا لا يتأتى بالطبع إلا إذا كان الموقع يشد إليه الوافدين لقدسية فيه، أى أن القدس منذ نشأتها كانت لها وظيفة دينية وأن مثل هذه المدن تكون من المدن غير اليهودية والمسيحية والإسلام فيها. و(التوراة) شاهد على ذلك؛ ففى الإصحاحات (14-21) من سفر التكوين بالتوراة، ورد أن أبا الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام وصل إلى يبوس "شالم"، وكان "مليكى صادق"، الذي تذكره الكتب القديمة بهذا الاسم ملكا عليها – وكان هذا الملك من اليبوسيين، وهم فرع من الكنعانيين أجداد العرب – وأن "مليكى صادق" رحب بأبى الأنبياء إبراهيم، وقال له كما تذكر التوراة: مبارك أنت يا إبرام من الله العلى مالك السماوات والأرض".
                    بقراءة هذا النص التوراتي واستخراج ما فيه، يتبين لنا جملة من الحقائق منها:
                    1- أن صاحب القدس أو "شالم" كان في الأصل من الكنعانيين أجداد العرب وليس من العبرانيين أجداد اليهود.
                    2- أن المباركة جاءت من المكان "شالم" أو القدس وقدسيته.
                    3- أن الذي وفد على هذا المكان وأهله من العرب الكنعانيين هو أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام والأنبياء اليهود جاءوا من بعده.
                    وهنا تثبت عروبة القدس بنص التوراة نفسها.
                    وفى ترتيب للأحداث نقول: إن اليبوسيين بناة القدس الأولين هم بطن من بطون الكنعانيين الأوائل. وهم عرب نشأوا في قلب شبه الجزيرة العربية، وترعرعوا في أرجائها، ثم نزحوا عنها مع من نزح من القبائل الكنعانية الأخرى في هجرات متتابعة صوب الشمال أشهرها الهجرات التالية:
                    الإسلام مصدر من مصادر عروبة القدس
                    كانت فلسطين عند تباشير فجر الإسلام وقبل ذلك في الجاهلية طريق أهل الحجاز وما جاورها في شبه الجزيرة العربية إلى البحر الأبيض المتوسط؛ فعلاقة العرب بسكان بر الشام نابعة من معرفتهم الطريق وهى أرض فلسطين نفسها. وسكان بر الشام ومنهم الكنعانيون وفرعهم اليبوسيون بالإضافة إلى الأدوميين والمؤابيين والأنباط إنما هم عرب خلص. أى أن علاقات العرب في قلب شبه الجزيرة العربية مع هؤلاء جميعا كانت تغذيها وتقويها الطريق إلى فلسطين نفسها. وكان للجولات التاريخية ما يهيئ ويفسر هذه الحقيقة، ومن ذلك جولات هاشم بن عبد مناف ـ أحد أجداد الرسول صلى الله عليه وسلم ـ التي انتهت إلى غزة حيث مات ودفن فيها، وجولات سيدنا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث وقع في الأسر في (غزة هاشم)، والجولات المتوجة لهذه الجولات لخاتم النبيين والمرسلين محمد الأمين لبر الشام أيضا.
                    ولم تكن التجارة ومحاولة الكسب الدافع الوحيد للعرب للتوجه شمالا في رحلة الصيف وإن كانت هى الدافع الرئيسي في تلك الرحلة التقليدية التي اعتادوا عليها وألفوها؛ ففلسطين ومركزها (بيت المقدس) أو (إيلياء) أو (أورى شلم) بأسمائها التي راوحوا بين النطق بها واستخدامها، كانت الصرة في منطقة أرض الرحلة كلها وكانت مواصفات المدينة قد أوصلتها إلى موضع القداسة والتقديس، ذلك لأن استمرارية الحياة فيها وبقاءها من المدن غير البائدة بالرغم من جفاف غير منتج فيها، وشح في المياه على أرضها، يدفع إلى اعتبارها – كما يرى د. جمال حمدان (19) رحمه الله – من المدن ذات الوظيفة الدينية.
                    وهكذا فإن بيت المقدس أمدت فلسطين كلها بالقداسة. وفلسطين بشكل عام حققت بالنسبة للمسيحيين والمسلمين صفات القداسة الإسلامية كلها فيما بعد عند إشراق نور الإسلام؛ ففيها العناصر الدينية والتاريخية والفولكلور والروايات بما في ذلك العادات والمعتقدات الشعبية.
                    وكان نصيب الوافدين النابهين من قلب الجزيرة العربية إلى بر الشام كبيرا ومفيدا من الاتصال بالكهان والرهبان، وحاملي أخبار التاريخ في صدورهم وعقولهم، ورواة الأساطير، فقد عرفوا منهم أن يوم القيامة يكون في القدس، وأن المسيح عليه السلام بشر بمحمد عليه السلام، وأن سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام اقترن اسمه بالملة الحنيفية وهى الملة القائمة على الجادة بلا انحراف ولا زيغ وهى العريقة في التوحيد والإخلاص. (20)
                    لقد كان أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام مثلا على الارتباط الوثيق بين قلب شبه الجزيرة العربية وأطرافها ومنها بيت المقدس والخليل وبئر السبع؛ فالحنيفية تركت علامات مضيئة بين الأقصى والكعبة، وبين (نبع زمزم) و (عين روجل).
                    وفى الإسلام عبر القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة عن استمرارية الارتباط الوثيق بين قلب شبه الجزيرة العربية وأطرافها، ومنها بيت المقدس. إن الذي يعزز عروبة القدس ليس هو مجرد ذكر أن الأقصى هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى محمد - صلى الله عليه وسلم- ولكنه الربط المحكم القوى بين قداسة هذه المساجد الثلاثة.
                    في آية الإسراء تأكيد للرابطة الأبدية بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وفى رحاب المساجد الثلاثة تأكيد روحي لعرى لا انفصام لها تجمع بين الأديان السماوية.
                    وفى صفة التقديس للأقصى المبارك يقول تعالى ﴿ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين﴾ (المائدة: 21) – والمراد (بالأرض) هنا بيت المقدس والقول لها إنما هو في التقديس.
                    ويقول القرطبى في تفسير ﴿الذي باركنا حوله﴾ قيل: بالثمار وبمجارى الأنهار، وقيل بمن دفن حوله من الأنبياء والصالحين. ولهذا جعله مقدسا. (23)
                    ومن السنة قول على رضي الله عنه لصعصعة نعم المسكن عند ظهور الفتن بيت المقدس "القائم فيه كالمجاهد في سبيل الله، وليأتين زمان يقول أحدهم: ليتني تبنة في لبنة في بيت المقدس، وأحب الشام إلى الله بيت المقدس، وأحب جبالها إليه الصخرة".
                    ومن السنة أيضا أن يرغب الكثيرون من المسلمين في أن يبدأوا شعائر الحج إلى مكة بالإحرام في القدس وقد لبس ابن عمر مئزر الإحرام في القدس قبل توجهه إلى مكة للحج.
                    ومن رواية أبى سعيد الخدرى، قال صلى الله عليه وسلم : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، إلى المسجد الحرام، وإلى مسجدي هذا، وإلى بيت المقدس، ولا صيام في يومين: يوم الأضحى ويوم الفطر، ولا صلاة في ساعتين: بعد صلاة الغداءة إلى طلوع الشمس وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، ولا تسافر امرأة يومين إلا مع زوج أو ذوى رحم محرم. (24)

                    وروى الإمام أحمد رضي الله عنه في مسنده من حديث أمامة، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتى على الحق ظاهرين لعودهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا ما أصابهم من اللأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا: يا رسول الله: وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس.


                    لك اجمل امنياتى
                    ::
                    يا رب إن أعداءك قد جمعوا جمعهم ضد المسلمين
                    فيـا رب يا مجرى السحاب، ومنزل الكتاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وزلزلهم واجعل الدائرة عليهم.

                    ::

                    تعليق

                    • السهى
                      كبار الشخصيات
                      • Jun 2007
                      • 11941

                      #11

                      ربيُ إنِ بين‘ ( ضلوعِـِـِـِيّ ) . . آمنيةةِ ,
                      . . . . . . . يتمنإهآ : قلبيُ وَ روححيْ وَ عقليِ !
                      ربيَ آن " أمنيتيْ " تنبضض‘ بين قلبَ هوِ ملڪكّ . . . ‘
                      فلآ تحرمني منِ فرحهہِۧ تحقيقههإ’ :/
                      فأنتْ آلوحييد , إلذيُ آذإ قققآلَ لشيُ : ڪنِ "

                      فيڪڪونّ ‘






                      غاليتي:
                      ما أروع أن تزرعي كلمة جميلة تكن تاريخاً لكِ في هذهِ الدنيا
                      الفانية







                      تعليق

                      • راحيل11
                        النجم الفضي
                        • Feb 2007
                        • 1665

                        #12
                        العزيزة أم محمد

                        لكي مني كل الشكر.... رغم أن الأسامي القديمة للمدن لا زالت تتركني في حيرة : يهوذا. أوري شالم, وقصة هؤلاء الجبابرة الذين وعد الله موسى عليه السلام ومن اَمن معه بأنه سينصرهم عليهم!!!..... لكن النص اللي ذكرتيه المورود في التوراة طمأنني قليلاً..... فشكراً جزيلاً على هذي المعلومات

                        وبارك الله في الغالية ياسمين على هذا الموضوع المهم.

                        تعليق

                        • عزوتي ابوي
                          كبار الشخصيات
                          • Dec 2006
                          • 9211

                          #13
                          جزيت الجنـــــــــــــــــــه غاليتي ياسمينه..
                          فعلا موضوع كنت في حاجة له لانه لو سألني احد
                          او قال لي ان الارض كنت ملك لليهود من قبل وهم استنرجعوها!!
                          لااعرف كيف ارد؟؟
                          والان اشكرك حبيبتي من كل قلبي ,,

                          والشكر موصول للأخوات اللي اضافوا للموضوع ..
                          كلي شوق و أمل لرجعتك شقيقة الروح()


                          اللهم أجعل قرّة عيني قرير
                          عين
                          في عليين ياحي ياقيوم

                          تعليق

                          • ياسمينة ..
                            كبار الشخصيات" قلم متميز"
                            • Oct 2004
                            • 7864

                            #14
                            أعتذر على تأخري الشدييييد في الرد

                            أختي أم محمد
                            جزاكِ الله كل الخير على الإضافات القيمة

                            :

                            أخواتي

                            السهى
                            عزوتي أبوي

                            و إياكما بارك الله فيكما

                            :

                            أختي راحيل

                            رغم أن الأسامي القديمة للمدن لا زالت تتركني في حيرة : يهوذا. أوري شالم
                            أدعوكِ للاطلاع على هذ الرابط :
                            الكتاب : مجلة التاريخ العربي

                            أعتقد بإذن الله سوف تجدين فيه إجابات لتساؤلات عديدة ..
                            هو بحث تفصيلي عن تاريخ القدس و سبب تسميتها بلفظ أورشليم - الذي فهمته منه أن هذا اللفظ ليس خاصا باللغة العبرية .

                            أقتبس مقتطفاً من البحث ، و أدع الباقي لمن يود الاستزادة حول الموضوع :

                            إن النطق العبري هو يروشاليم. ويبدو أن اليهود حرفوا الاسم أو حولوه إلى العبرية، حتى يتوهم الناس أن المدينة عبرانية الأصل . وقد تكون اللاحقة »يم« (Yim) للتثنية، كقولهم مصرايم ـ أي المدينتان ـ في العبرية، وقد تكون للمكان أيضاً. ويبدو أن هذه العبرنة لم توجد عند جميع اليهود. فكعب الأحبار، مثلاً، يسميها »أوري شَلَمَ« في حديثه عنها إلى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ حسب رواية ابن جرير الطبري
                            لا نجد في أيّ من الروايتين ذكراً للاحقة »يم« العبرية، لكي تصبح عبرية النطق. ويدعم هذا الرأي أن النطق اليوناني القديم هيروسوليما ـ كما سيأتي بعد ـ وما تبعه في اللغات الأوروبية (Jerusalem) يخلو من هذه اللاحقة. إن اللاحقة »يم« اختارها رجال المازورة، الذين أثبتوا نص العهد القديم في ما بين القرن السادس والعاشر الميلادي. والاسم الكنعاني قديم، والمدينة كنعانية قديمة.
                            وبداية الاسم بالياء بالعبرية مطابق للنطق الكنعاني، وبدايته بالهمزة على وفق النطق الآشوري والسرياني والعربي.
                            ... أما معنى أورشليم، فمختلف فيه. وأرجح الآراء من الناحية العلمية أنها مركبة من »أور« بمعنى مدينة، ومن »شالم«، الذي هو معبود وثني لسكان فلسطين الأصليين. وهو معبود السلام.
                            ومن ثم، فإن المدينة إذن كانت مكرسة لمعبود السلام، حتى وصل العبرانيون.
                            اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان‏

                            رِفْقاً أهلَ السُّنَّة بأهلِ السُّنَّة

                            أصول الحوار .. وأدب الإختلاف ..

                            تعليق

                            • ياسمينة ..
                              كبار الشخصيات" قلم متميز"
                              • Oct 2004
                              • 7864

                              #15
                              الحق التاريخي لليهود في فلسطين : شبهات و ردود


                              تثار في هذه الأيام شبهات عديدة حول أحقية اليهود في فلسطين وأنهم أولى بها من العرب فهل من رد مقنع على هذه الشبهات ؟؟

                              الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد

                              يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه القيم ( القدس قضية كل مسلم ) ـ باختصار وتصرف ـ :

                              لليهود والصهاينة دعاوى عريضة، يَزعُمون بها أن لهم حقًا في القدس أو في فلسطين كلِّها، وهم يتبجَّحون بهذه الدعاوى، التي لا سند لها من الدين ولا من التاريخ، وإن أسندوها زورًا إلى الدين وإلى التاريخ.

                              لا حق لليهود في القدس ولا في فلسطين:

                              ونؤكد هنا بما لا يَدع مجالاً للشكِّ : أن القدس عربية إسلامية، كما أن فلسطين كلّها عربية إسلامية، وليس لليهود فيها أي حقٍّ، حتى يسلبوها من أهلها، ويُحولوها إلى عاصمة لدولتهم القائمة على الاغتصاب والعدوان.
                              إن اليهود يزعمون أن لهم حقًّا تاريخيًّا، وحقًّا دينيًّا في فلسطين، والواقع أنهم مُغتصِبون لأرض غيرهم، وليس لهم أدنى حقٍّ في هذه الأرض، لا من الناحية التاريخية، ولا من الناحية الدينية، كما سنُبيِّن ذلك فيما يلي:

                              مناقشة عامة:

                              وقبل أن نَدخل في مناقشة الحقِّ المزعوم لليهود في فلسطين نَوَدُّ أن نسألهم :
                              لماذا لم يَظهر هذا الحقَّ طوال القرون الماضية؟ بل لماذا لم يظهر عند ظهور الصهيونية السياسية المنظمة على يد (هرتزل)؟ فَمِنَ المعروف أن فلسطين لم تكن هي المرشَّحة لتكون الوطن القومي لليهود.
                              بل رُشحت عدة أقطار في أفريقيا وأمريكا الشمالية كذلك، ولم تَظهر فكرة فلسطين ـ باعتبارها أرض الميعاد ـ إلا بعد فترةٍ من الزمن.


                              لقد حاول هرتزل الحصول على مكان في (مُوزمبيق) ثم في (الكنغو) البلجيكي، كذلك كان زملاؤه في إنشاء الحركة الصهيونية السياسية، فقد كان "ماكس نوردو" يلَقَّب بالإفريقي و"حاييم وايزمان" بالأوغندي، كما رُشِّحت (الأرجنتين) عام 1897 و (قبرص) عام 1901، و (سيناء) في 1902 ثم (أوغندا) مرَّة أخرى في 1903 بناء على اقتراح الحكومة البريطانية، وأُصيب هرتزل بخيبة أملٍ كبيرة؛ لأن اليهود في العالم لم تَرُقْ لهم فكرة دولة يهوديَّة سياسيَّة؛ سواء لأسباب أيديولوجية؛ أو لأنهم كانوا عديمي الرغبة في النزوح عن البلاد التي استقرُّوا فيها. بل إن مؤتمر الحاخامات الذي عُقد في مدينة فيلادلفيا في أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر أصدر بيانًا يقول: إن الرسالة الروحية التي يَحمِلها اليهود تتنافى مع إقامة وحدة سياسية يهودية منفصلة!.

                              وإزاء هذا الموقف، فكَّر "هرتزل" في طريقة يُواجه بها هذا الوضع، وهداه تفكيره إلى أن يُحوِّل الموضوع إلى قضية دِينِيَّة يُلهِب بها عَواطِف جماهير اليهود.. ورأى أن فلسطين هي المكان الوحيد الذي يُناسِب هذه الدعوة الجديدة، ولليهود بفلسطين علائق تاريخيَّة، ولهم فيها مُقدَّسات دينية، وارتفعتْ رايةُ الدينِ على سَاريةِ المشروع والتَهبت العواطف، وانتصر رأي "هرتزل" وإن يكن بعد وفاته، فقد احتضن المُؤتمر اليهودي العالمي فكرةَ الوطنِ اليهودي في فلسطين عام 1905، بعد موته بسنة.

                              دعوى الحقِّ التاريخي:

                              من المعروف تاريخيًّا:
                              أن أوَّل من بنى القُدس هم "اليَبُوسِيُّون" وهم قبيلة من قبائل العرب القدامى، نَزحت من شِبهِ الجزيرةِ العربيةِ مع الكنعانيين، وذلك منذ نحو ثلاثين قرنًا قبل الميلادِ، وكانت تُسمَّى "أورشالم" أو مدينة "شالم"، وهو إله اليَبُوسِيِّين، كما احتفظت باسمها الأول "يَبُوس" نسبة إلى القبيلة، وقد ورد ذكرُ هذا الاسم في التوراة.

                              وبعد ذلك سكن القدس وسكن فلسطين عامة: العرب الكنعانيون وغيرهم قرونًا وقرونًا، إلى أن جاءها إبراهيمُ عليه السلام مهاجرًا من وطنه الأصلي بالعراق، غريبًا وقد دخل فلسطين هو وزوجه سَارَّة، وعمره ـ كما تقول أسفار العهد القديم ـ (75) سنة.
                              ولَمَّا بلغ (100) سنةِ وُلِد له إسحاق (سفر التكوين: ف 12)، ومات إبراهيمُ وعمره (175) سنة، ولم يمتلك شبرًا من فلسطين، حتى إن زوجه سارَّة لَمَّا ماتت طلب من الفلسطينيين لها قبرًا (سفر التكوين: ف 23)، تُدفَن فيه.
                              ولمَّا بلغ إسحاق (60) سنة وُلِد له يعقوب، ومات إسحاق وعمره (180) سنة، ولم يَملِك شبرًا أيضًا منها.
                              ارتَحل يعقوب بذرِّيته بعد أبيه إلى مصر، ومات بها وعمره (147) سنة، وكان عَدد بنيه وأولادهم (70) نفسًا لَمَّا دخلها، وكان عمره (130) سنة (سفر التكوين: ف 46).
                              ومعنى هذا أن المُدَّة التي عاشها إبراهيمُ وابنهُ إسحاق، وحفيدهُ يعقوب في فلسطين: (230) سنة، وقد كانوا فيها غُرباء لا يَملكون من أرضها ذراعًا ولا شبرًا.

                              وتقول التوراة:
                              إن المدَّة التي عاشها بنو إسرائيل بمصرَ حتى أخرجهم موسى: (430) سنة (سفر التكوين: ف15)، كانوا أيضًا غرباءَ لا يملكون شيئًا، كما تقول التوراة: إن المدَّة التي عاشها مُوسى وبنو إسرائيل في التِّيه بسيناء (40) سنة، أي أن العهد الذي صَدر إليهم من الله مَضى عليه حينذاك (700) سبعمائة سنة، وهم لا يَملكون في فلسطين شيئًا فلماذا لم يُحقِّق الله تعالى وعْده لهم؟؟
                              ومات موسى ولم يَدخُل أرض فلسطين، إنما دخل شرقي الأردن ومات بها(سفر الخروج: التثنية: ف3). والذي دخلها بعده: يشوع (يوشع)، ومات بعد ما أباد أهلَها (كما تقول التوراة). وقسَّم الأرض على أسباطِ بني إسرائيل، ولم يَقم لبني إسرائيل مُلك ولا مملكة، وإنما قام بعده قُضاة حكموهم (200) سنة، ثم جاء بعد القُضاة حُكم الملوك: شاؤول وداود وسليمان، فحكموا (100) سنة، بل أقلّ، وهذه هي مُدَّة دولتهم، والفترة الذهبية لهم. وبعد سليمان انقسمت مَمْلكته بَيْنَ أولاده: يهوذا في أورشليم، وإسرائيل في شكيم (نابلس)، وكانت الحرب بينهما ضَروسًا لا تتوقَّف، حتى جاء الغزو البابليُّ فمحقهما مَحْقًا، دَمَّر الهيكل وأورشليم، وأَحرق التوراة وسبى كلَّ من بقي منهم حيًّا، كما هو معلومٌ من التاريخ..

                              ويعلِّقُ على ذلك الشيخ عبد المعز عبد الستار في كتابه (اقتربَ الوعدُ الحقُ بإسرائيل) قائلاً :
                              فلو جَمعتَ كلَّ السنواتِ التي عاشوها في فلسطين غُزاة مُخربين، ما بلغت المدَّة التي قضاها الإنجليز في الهند أو الهولنديون في أندونيسيا! فلو كان لمثل هذه المدَّة حقّ تاريخي لكان للإنجليز والهولنديين أن يُطالِبوا به مثلهم!
                              ولو كانت الأرض تُملك بطول الإقامة في زمن الغُربة، لكانَ الأوْلى بهم أن يُطالبوا بِمِلْكيَّة مصر التي عاشوا فيها (430) سنة بَدَلَ فلسطين التي عاش فيها إبراهيم وأولاده (200) سنة أو تَزيد قليلاً ودخلوها شَخْصَيْن وخرجوا (70) نفسًا!.
                              لكن هؤلاء اليهود لا يَدَّعُون الحقَّ في امتلاك أرضِ فلسطين وحدها، وإنما يَدَّعُون الحقَّ في امتلاك الكرة الأرضية كلِّها.


                              الله تعالى يقول: (وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ) (الرحمن: 10)، أي لجميع الخلق، وهؤلاء يقولون: (حين قسَّم العليُّ الأمم وفرَّق بني آدم، وضع تخوم الأرض على عدد أسباط بني إسرائيل) (سفر التثنية: ف 32، أي فصلت الأرض على قَدِّهِم)! ويَقول كما جاء في سفر يشوع (ف1 وتثنية أيضًا): (كلّ موضع تدوسه بُطُون أقدامكم يكون لَكم)!
                              فعلى مقتضى هذا المبدأ والقانون يكون من حقِّهم أن يُطالبوا بمصر وكلّ أرضٍ وَطِؤوها.
                              بل في نكبة (5 يونيو 1967) سَأل مندوب الأسوشيتدبرس جنديًّا إسرائيليًّا: ما هي حدود دولة إسرائيل؟ فأجابه بكل صَلَف وغرور: (حيثُ أضعُ قدمي)، وضرب بحذائه الأرض (صحيفة الأخبار 10 يونيو 1967م).

                              إن الحقَّ التاريخي الذي يَدَّعُونه ـ كما يقول الشيخ عبد المعز ـ خُرافة وصَلافة، فَهُم لن يُقيموا في فلسطين إلا غُرباء، كما تُصرِّح بذلك الأسفار، فهل للغريب أو عابر السبيل أن يدَّعي مِلكية الأرض التي أقلَّته، أو الشجرة التي أظلَّته؛ لأنه قال تَحتَها ساعة من نهار؟ على أنَّهم لم يُقيموا بها آمنين عاملين مُستثمرين، وإنما أقاموا في سلسلةٍ مُتَّصلةٍ من الغارات الدامية، والحروب الدائرة التي لم تَتوقف فيما بينهم بعضهم وبعض "يَهوذا وإسرائيل"، وفيما بينهم وبين الفلسطينيين.
                              وقد بَلغ عدد من قُتِلوا من الفلسطينيين مائتي ألف قتيل (كما هو ثابت في فصول القضاة)، وعدد من قَتلهم داود وَحْدَه بعد ذلك أكثر من (100) ألف قتيل (سفر الملوك: 2،3)! ـ حسب قول كتبهم ـ ثم دَهَاهُم الغزو البابلي فبدَّدهم.

                              على أنهم لم يَكادوا يَنفكُّون من الغزو البابلي، حتى جاءهم الغزو الروماني فأباد خضراءهم ومزقهم كلَّ ممزّق، ثم جَاء الفتح الإسلامي وهم مشرَّدون في الأرض، مُحرَّم عليهم أن يُقيموا في أورشليم، حتى إن البِطْرِيَرْكَ صفرنيوس بطريرك القدس شَرط على أمير المؤمنين عمر وهو يُسلِّمه مفاتيح القدس: ألا يَسمح لليهود بدخول إيليا أو الإقامة فيها.

                              لقد دخلها العرب وهي خاليةٌ من اليهود، بعد ما طردهم الرومان، وأسلم أهلها، وبقى العرب فيها أكثر من ألف وأربعمائة عام، أفلا يكون لهم حقٌ تاريخي مثل اليهود؟ (انظر: اقترب الوعد الحقُّ يا إسرائيل" للشيخ عبد المعز عبد الستار ص 17 ـ 21، وكتاب: "هل لبني إسرائيل حقوق توراتية في فلسطين العربية؟" لمحمد أحمد أبو فارس، نشر مكتبة بيت الحكمة للإعلام والنشر والتوزيع) أ.هـ.

                              مُناقَشة هادئة:

                              ونُضيف إلى هذه الحقائق مُناقَشة هادئة نُتمِّم بها إبطال دعوى الحقِّ التاريخي التي زَعم بها اليهود أن فَلسطين كلَّها كانت أرضُ الآباء والأجداد.

                              يقول مؤلف (تاريخ اليهود):
                              "والذي لا شكَّ فيه أن داود ـ الذي يقُال: إن مَمْلكة إسرائيل وصلت في عهده إلى أقصى درجات اتساعها ـ لم يتمكَّن من فرض سيطرته، لا على المنطقة بين النيل والفُرات، ولا على أرض كنعان وحدها، ولا حتى على منطقة شرق فلسطين الجبليّة، وعلى ذلك فإن الأدلَّة التاريخية تُؤكد أن أكبر رقعة استطاعت إسرائيلُ السيطرة عليها في أي وقت من الأوقات لم تكن في العُصور القديمة، وإنما في العصر الحديث، عند احتلالها مُجمَل أرض فلسطين ومرتفعات الجولان وجنوب لبنان وأرض سيناء، وكان ذلك للمرَّة الأولى (عام 1967م).

                              فلم يكن لبني إسرائيل وجود ـ أيام داود ـ لا في أيِّ موقع بالساحل الفلسطيني، ولا في الجليل بشمال فلسطين، بخلاف موقع صغير عند تَلِّ القاضي، ولا في صَحراء النَقْبِ في الجنوب، وكان وجودهم عندئذ مُنحصِرًا في بعض المواقع الجبلية في المنطقة المُمتدَّة من دانٍ "تل القاضي" في الشمال إلى "بئر سبع" في الجنوب".

                              وسوف نرى كيف أن الكهنة الذين أعادوا صياغة كُتب "العهد القديم" وهم في بَابل خلال القرن السادس ق. م.، استعاروا من الكتابات المصرية قصة حروب تُحتمس الثالث، أعظم ملوك العالم القديم، لتكوين الإمبراطورية المصرية بين النيل والفرات ـ كما نَجدها مَنقوشة على جُدران مَعبد الكرنك ـ وأضافوها إلى رواية مَلكهم داود، بل حتى لم يُحاولوا مزج الجزء الذي استعاروه من المَصادر المصرية، وأدخلوه كما هو من دون تَعديلٍ كبير في وسط الرواية الرئيسية، فظهر واضحًا أنه لا علاقة له بباقي القصة، فنحن نجد داود بني إسرائيل ومعه جيشه المُكوَّن من (600) رجل يُحاولون في صراعٍ داخلي بين القبائل الإسرائيلية، أو مع الفلسطينيين، وفجأة نجد تفاصيل معركة كبيرة تَخوضها جُيوشٌ منظمة في مواقع مُحصَّنة عدة من أرض الهِلال الخَصيب، ولم يكن صدق الرواية التاريخية يُهمّ الكهنة في شيء وإنما كان هدفهم الرئيسي من ادعاء هذه الانتصارات الجبارة هو حثُّ بني إسرائيل على تَرك عبادة الأصنام والعودة إلى ديانة موسى، حتى يَنصُرهم ربُّهم على أعدائهم (انظر تاريخ اليهود لأحمد عثمان: 1 / 136 ، 137).

                              ولا بدَّ لنا أن نَذكر ـ ولو بإيجاز ـ ما صَنعه البابليُّون والرومان ببني إسرائيل، الذين سَلَّطهم القدَرُ عليهم لتأديبهم، جزاء إفسادهم وطُغيانهم بغير الحقِّ.
                              ففي عام (597ق . م) زحف الملك البابلي "نُبُوخَذْ نَصَّر" على أورشليم، وأَخَذَ معظم سُكَّانها أسرى إلى بابل ـ وبتحريض من مصر ثارت البقية من سُكَّان المدينة على سادتهم الجُدد، فقَدِم ملك بابل بنفسه وفَرض على أورشليم حصارًا استمرَّ عامين (588 ق . م)، واستسلمت المدينة على أثره ودُمِّرت، ولم يَترك البابليون فيها إلا الضُّعفاء، أما بقية أهلها فقد سِيقُوا في الأسر إلى نهر الفرات.

                              ومنذ ذلك الوقت ـ كما يقول الأستاذ محمد صُبيح ـ انتهى وجود اليهود في فلسطين كحكومة لها سُلطة وشَعب يَتبعها، وبقي لهم المعنى الديني، وهو أنهم شَعبة من القبائل، تَنتسب لإبراهيم الخليل، صلوات الله عليه.
                              هذه هي خاتمة اليهود في أورشليم، أي فيما كان يُسمَّى مملكة إسرائيل التي أنشأها داود عليه السلام.. ثم انقسمت من بَعده إلى يهوذا، وإسرائيل.. وقد حَكم في أورشليم من بعد سليمان عشرون مَلِكًا حتى ابتداء السبْي البابلي، وذلك في الفترة من عام (930 ق . م) (وفاة سليمان) حتى عام (586 ق . م).
                              أما المَملَكة الشمالية، التي كان اسمها إسرائيل، وعاصمتها شكيم (نابلس)، فقد حَكَمَها الابن الثاني لسليمان الحكيم، أي عام (930 ق . م) وانتهى وجودها سريعًا. ففي عام (722 ق . م) أغارَ عليها سرجون الثاني ملك بابل، ودمَّر وجودها، ونقل جميع أهلها إلى شرق الفُرات، وأحلَّ محلَّهم سُكَّانا جُددًا من أبناء الرافدين. وكان عددُ مُلوك إسرائيل هذه تَسعة عشر ملِكًا، عاشوا في شَغَبٍ، ومخالفات خائبة مع الوثنيين لمُهاجمة أبناء عمومتهم في أورشليم.

                              وإذا حسبنا عمر هاتين الدولتين، تكون أورشليم (يهوذا) قد عمَّرت (434) سنة بما فيها ملك شاول وداود وسليمان (وإسرائيل) عمَّرت (298) سنة فقط، منذ عهد شاول (1020 ق . م).
                              وكما نرى فإن سِيادة اليهود على قطعة مَحدودة من أرض فلسطين انتهت قبل مِيلاد المسيح عليه السلام بحوالي سِتة قرون، وبعد خَمسة وعشرين قرنًا بعض قرن، يُحاولون أن يُعيدوا هذا التاريخ السحيق مرَّة أخرى، وياله من تاريخ، ويالها من عودة!.
                              ونحن هنا نَتحدث عن "السيادة" على قِطعة من الأرض ونِهايتها. أما ختام الوجود اليهودي في فلسطين فقد تَأخَّر لبعض الوقت.. تأخَّر إلى عهد الرومان إلى عام (70 م) .

                              حديث القرآن عن إفساد بني إسرائيل وعقوبتهم :

                              وقد تحدَّث القرآن الكريم عن هاتين النهايتين: تدمير سيادتهم بالأسْر البابلي، وإنهاء وجودهم بالسحْق الروماني وذلك في الآيات الكريمة:
                              (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا).
                              (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاَهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِى بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكَانَ وَعْدًا مِفْعُولاً).
                              (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا).
                              (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا).
                              (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لَيَسُوءُوا وُجُوهَكُم وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا..) (الإسراء: 4 ـ 7).

                              محاولات الصهيونية الحديثة الضغط على الدولة العثمانية :

                              ولكن الذي يَحفظه التاريخ جيدًا هو محاولات الصهيونية الضغط على الدولة العثمانية، وخصوصًا في فترات شيخوختها وضعفها، للسماح لليهود بتملُّك أجزاء من فلسطين، ولا سيما في عصر السلطان عبد الحميد، الذي وقف مَوقفًا مُشرِّفًا يَحفظه التاريخ ويُسجِّله له بأحرف من نورٍ......
                              يقول صديقنا البحاثة: د. حسان حتحوت: أن اليهود عاشوا في فلسطين فترة محدودة من الزمن، ولكن التاريخ يُسجل: أنهم عندما دخلوها، لم يَجدوها فارغة، وعندما رحلوا عنها لم يتركوها فارغة! لقد كان فيها أهلها (الفلسطينيون المذكورون في التوراة). قبل اليهود، ومع اليهود، وبعد اليهود، وما زالوا حتى الآن. والحق التاريخي إذن لا يقوم على أساس، والأجدر أن يسمى (الزيف التاريخي) (انظر: كتاب "بهذا ألقى الله" للدكتور حتحوت ص 184).



                              المصدر
                              اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان‏

                              رِفْقاً أهلَ السُّنَّة بأهلِ السُّنَّة

                              أصول الحوار .. وأدب الإختلاف ..

                              تعليق

                              يعمل...