بسم الله الرحمن الرحيم
قامت الدائرة التي أعمل فيها بعمل زيارة لدار التأهيل الشامل للمعاقين ..كنت قد رأيتهم كثيراً ولكن من بعيد ..ولم يُقدر لي أن أدخل دار للمعاقين وأتجول فيها إلا هذه المرة ..فسبحان الله ما أعظمه وله الفضل والمنة حتى نلقاه ..
وأحببت أن تُشاركوني بعض ما رأيت ولعلي أتمكن من تصويره كما رأيته وإلا فالواقع أشد على النفس ..
إستقبال حافل ومُفجع ..
بدخولنا للدار أشعلوا نشيد يا طيبة واصطف المعاقين والمعاقات عن اليمين والشمال ومعهم المشرفات والمشرفين بجوارهم يمسكون بأيديهم ..كان شعور جميل واستقبال أجمل ..وفجأة إذ بي أسمع صراخ إحدى المشرفات أحمد خرج أحمد خرج ...وإذ بهم يركضون نحو الباب وينادون بصوت عالي ياعم ابو حاتم يا عم وإذ بأخرى تسحب عبائة إحدى الأخوات وترتديها وتقفز بخفة متناهيه الى خارج الدار ونحن نقف والعيون والأفواه مفتوحة ولا نُبدي أي حركة سوى الترقب وماهي الا لحضات واذا هم عائدون بهذا الأحمد ذو الإحدى عشر سنة مريض بالتوحد ..
تنفسنا الصعداء وعدنا لنكمل التحية والسلام على باقي الأخوات ونعتذر عن تسببنا لهذا الموقف ..
جولة داخل المركز ..
بعد أن ضيفونا وأكرمونا أكرمهم المولى بكل خير بدأت جولتنا في المركز ...كان المبنى قمة في الفخامة والتنسيق..صالات داخلية للعب وصالات خارجية ..فصول كبيرة واثاث فاخر .. كما يوجد مسبح للعلاج بالماء .. وصالة العلاج الطبيعي ..علمت مؤخرا أن هذا المبنى..مجاني من الهيئة الملكية وأن أغلب ما فيه قائم على تبرعات أهل الخير فازددت إعجابا به .. فالحمد لله الذي قيض لبلادنا من يخدمها ..
حنان ؟؟!!!
هي فتاة في الثالثة عشر من عمرها .. قمة الهدوء .. توقعت ان تكون عمياء عندما رأيتها ..فهي لا تحرك بصرها وتركز على مكان واحد .. تجلس على كرسيها وعندما اقتربنا للسلام عليها اصدرت اصوات وابدت رفض شديد وإذ بي أرى يدها وفيها جُروح شديدة وكأن أحدهم قطعها بسكين ...منظر فضيع وكأنها تعرضت للتعذيب ..لم أستطع السكوت وسالت عن ذلك ...فشرحت لنا المشرفة أن مرضى التوحد هم لا يشعرون بالألم فهم يؤذون أنفسهم باستمرار وهذه الحنان هي إحدى ضحايا هذا المرض فهي تعض يديها دئما لدرجة أنها تقطع اللحم !!
أصابع عبد الرحمن !!
دخلت الى فصل البواسل ..وهذا هو اسم مرضى الشلل الدماغي وهم الذين أصيبوا أثناء الولادة بنقص أكسجين مما أدى الى اصابتهم بإعاقات مختلفة تتفاوت من واحد للإخر ..وكانت مشرفة العلاج الطبيعي معهم تُدربهم ..وكان عبد الرحمن ذو التسع سنوات لدية تدريب للمشي ..يمشي بصعوبة بالغة ..وأثناء المشي يضع أصبعيه السبابة على أذنية !!خُيل إلي أنه مزعوج من أصواتنا !!
سألت المشرفة ، فأخبرتني انه يحاول أن يوزن نفسه فمركز توازن الإنسان في أذنيه ..سبحان الله من علمه !!
ورأيت عبد الرحمن وهو يمشي بلا أصبعيه فإذا كاد أن يختل توازنه وضع أصبعيه في أذنيه بسرعة ..ما أعظم الله .
أحمد مرة أخرى !!
وصلنا لإحد الفصول إذ بالمشرفة تطرق الباب وتسأل هل يمكننا الدخول ؟ وكيف الأوضاع لديكم ؟
سمحوا لنا بالدخول .. وكان بجوار الباب أحمد الذي إستقبلنا عند الباب بفاجعة .. وكانت المسؤلة عنه تمسك بيده وهو يحاول الإنفلات من بين يديها !! ويصدر أصوات عاليه
سألت عن حالتة ؟؟ قالوا هو مريض توحد .. وهو لا يحب التغيير فدخولكم يزعجه ويريد الخروج ..قلت إذن نخرج قالوا لا يجب أن يختلط مريض التوحد بالناس العاديين ويتعايش معهم ولكن هو أمر صعب في البداية ..
أحمد جميل ومرتب ابيض البشرة نحيف دقيق الملامح ..رأيته في نهاية الزيارة يجلس على مرجوحة في الصالة الخارجية يلعب وقالوا انه يحبها كثيرا ..
الفقر والإعاقة !!
أخبرتنا المشرفة أن الفقر والإعاقة في الغالب هما رفيقا درب ..فأغلب الحالات لديهم هي عوائل فقيرة ولديهم طفل معاق فلم يتلقى أي تعليم الى سن التسع سنوات وهذا قمة الخطأ لأن المعاق يحتاج إلى التعليم المبكر ..أخبرتنا
أن بعض المعاقين لديها لم يكونوا يملكوا ملابس أصلا عندما حضروا إلى هنا ..والبعض لا يملكون مال يدفعونة لهذه الدار فتضطر المديرة إلى قبولهم على بند كفالة معاق ..
سخرية وتهكم!!
قد تبدو هذه العبارة غريبة في وسط هذا الكم من الإعاقات وهذه المشاعر الحزية !! ولكن هي الحقيقة ..
هي إيدارية يبدو لي أنها كمراقبة ..تبدو طيبة القلب ولكني تفاجأت بالتعليقات الساخرة التي تطلقها !
فهؤلاء مجانين !! وهؤلاء ما يفهمون !! وأنا ما أخل عند أولائك خوفا منهم !!وهاتو التبرعات على بيتي !!
وهلم جرى ...في نظري ..حتى لولم يكونوا يفهمون ..فلهم حق إحترام بشريتهم ..هذا أولا ..ثم نحن الزوار كانت تبدو على وجوهنا مشاعر التأثر فكان من المراعاة ان تصمت ..وحقاً قل خيرا والا فاصمت !!
دموع وتبرعات !!
كثير من الأخوات قاموا يستلفون من بعضهن حتى يضعوا نقود تبرع لهذه الدار والبعض أخذ رقم الحساب في البنك
لوضع تبرع لهم .. ولا يزال الخير في أمتي إلى قيام الساعة ..الحمد لله
ختاما ...
الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا ..
والحمد لله الذي هيأ لهؤلاء من يرعاهم ويساعدهم على التعايش مع المجتمع ..
والحمد لله الذي جعل الخير في أمته إلى يوم القيامة ..فيتبرعون .. ويكفلون .. ويعطون .

قامت الدائرة التي أعمل فيها بعمل زيارة لدار التأهيل الشامل للمعاقين ..كنت قد رأيتهم كثيراً ولكن من بعيد ..ولم يُقدر لي أن أدخل دار للمعاقين وأتجول فيها إلا هذه المرة ..فسبحان الله ما أعظمه وله الفضل والمنة حتى نلقاه ..
وأحببت أن تُشاركوني بعض ما رأيت ولعلي أتمكن من تصويره كما رأيته وإلا فالواقع أشد على النفس ..
إستقبال حافل ومُفجع ..
بدخولنا للدار أشعلوا نشيد يا طيبة واصطف المعاقين والمعاقات عن اليمين والشمال ومعهم المشرفات والمشرفين بجوارهم يمسكون بأيديهم ..كان شعور جميل واستقبال أجمل ..وفجأة إذ بي أسمع صراخ إحدى المشرفات أحمد خرج أحمد خرج ...وإذ بهم يركضون نحو الباب وينادون بصوت عالي ياعم ابو حاتم يا عم وإذ بأخرى تسحب عبائة إحدى الأخوات وترتديها وتقفز بخفة متناهيه الى خارج الدار ونحن نقف والعيون والأفواه مفتوحة ولا نُبدي أي حركة سوى الترقب وماهي الا لحضات واذا هم عائدون بهذا الأحمد ذو الإحدى عشر سنة مريض بالتوحد ..
تنفسنا الصعداء وعدنا لنكمل التحية والسلام على باقي الأخوات ونعتذر عن تسببنا لهذا الموقف ..

جولة داخل المركز ..
بعد أن ضيفونا وأكرمونا أكرمهم المولى بكل خير بدأت جولتنا في المركز ...كان المبنى قمة في الفخامة والتنسيق..صالات داخلية للعب وصالات خارجية ..فصول كبيرة واثاث فاخر .. كما يوجد مسبح للعلاج بالماء .. وصالة العلاج الطبيعي ..علمت مؤخرا أن هذا المبنى..مجاني من الهيئة الملكية وأن أغلب ما فيه قائم على تبرعات أهل الخير فازددت إعجابا به .. فالحمد لله الذي قيض لبلادنا من يخدمها ..
حنان ؟؟!!!
هي فتاة في الثالثة عشر من عمرها .. قمة الهدوء .. توقعت ان تكون عمياء عندما رأيتها ..فهي لا تحرك بصرها وتركز على مكان واحد .. تجلس على كرسيها وعندما اقتربنا للسلام عليها اصدرت اصوات وابدت رفض شديد وإذ بي أرى يدها وفيها جُروح شديدة وكأن أحدهم قطعها بسكين ...منظر فضيع وكأنها تعرضت للتعذيب ..لم أستطع السكوت وسالت عن ذلك ...فشرحت لنا المشرفة أن مرضى التوحد هم لا يشعرون بالألم فهم يؤذون أنفسهم باستمرار وهذه الحنان هي إحدى ضحايا هذا المرض فهي تعض يديها دئما لدرجة أنها تقطع اللحم !!
أصابع عبد الرحمن !!
دخلت الى فصل البواسل ..وهذا هو اسم مرضى الشلل الدماغي وهم الذين أصيبوا أثناء الولادة بنقص أكسجين مما أدى الى اصابتهم بإعاقات مختلفة تتفاوت من واحد للإخر ..وكانت مشرفة العلاج الطبيعي معهم تُدربهم ..وكان عبد الرحمن ذو التسع سنوات لدية تدريب للمشي ..يمشي بصعوبة بالغة ..وأثناء المشي يضع أصبعيه السبابة على أذنية !!خُيل إلي أنه مزعوج من أصواتنا !!
سألت المشرفة ، فأخبرتني انه يحاول أن يوزن نفسه فمركز توازن الإنسان في أذنيه ..سبحان الله من علمه !!
ورأيت عبد الرحمن وهو يمشي بلا أصبعيه فإذا كاد أن يختل توازنه وضع أصبعيه في أذنيه بسرعة ..ما أعظم الله .
أحمد مرة أخرى !!
وصلنا لإحد الفصول إذ بالمشرفة تطرق الباب وتسأل هل يمكننا الدخول ؟ وكيف الأوضاع لديكم ؟
سمحوا لنا بالدخول .. وكان بجوار الباب أحمد الذي إستقبلنا عند الباب بفاجعة .. وكانت المسؤلة عنه تمسك بيده وهو يحاول الإنفلات من بين يديها !! ويصدر أصوات عاليه
سألت عن حالتة ؟؟ قالوا هو مريض توحد .. وهو لا يحب التغيير فدخولكم يزعجه ويريد الخروج ..قلت إذن نخرج قالوا لا يجب أن يختلط مريض التوحد بالناس العاديين ويتعايش معهم ولكن هو أمر صعب في البداية ..
أحمد جميل ومرتب ابيض البشرة نحيف دقيق الملامح ..رأيته في نهاية الزيارة يجلس على مرجوحة في الصالة الخارجية يلعب وقالوا انه يحبها كثيرا ..
الفقر والإعاقة !!
أخبرتنا المشرفة أن الفقر والإعاقة في الغالب هما رفيقا درب ..فأغلب الحالات لديهم هي عوائل فقيرة ولديهم طفل معاق فلم يتلقى أي تعليم الى سن التسع سنوات وهذا قمة الخطأ لأن المعاق يحتاج إلى التعليم المبكر ..أخبرتنا
أن بعض المعاقين لديها لم يكونوا يملكوا ملابس أصلا عندما حضروا إلى هنا ..والبعض لا يملكون مال يدفعونة لهذه الدار فتضطر المديرة إلى قبولهم على بند كفالة معاق ..
سخرية وتهكم!!
قد تبدو هذه العبارة غريبة في وسط هذا الكم من الإعاقات وهذه المشاعر الحزية !! ولكن هي الحقيقة ..
هي إيدارية يبدو لي أنها كمراقبة ..تبدو طيبة القلب ولكني تفاجأت بالتعليقات الساخرة التي تطلقها !
فهؤلاء مجانين !! وهؤلاء ما يفهمون !! وأنا ما أخل عند أولائك خوفا منهم !!وهاتو التبرعات على بيتي !!
وهلم جرى ...في نظري ..حتى لولم يكونوا يفهمون ..فلهم حق إحترام بشريتهم ..هذا أولا ..ثم نحن الزوار كانت تبدو على وجوهنا مشاعر التأثر فكان من المراعاة ان تصمت ..وحقاً قل خيرا والا فاصمت !!

دموع وتبرعات !!
كثير من الأخوات قاموا يستلفون من بعضهن حتى يضعوا نقود تبرع لهذه الدار والبعض أخذ رقم الحساب في البنك
لوضع تبرع لهم .. ولا يزال الخير في أمتي إلى قيام الساعة ..الحمد لله
ختاما ...
الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا ..
والحمد لله الذي هيأ لهؤلاء من يرعاهم ويساعدهم على التعايش مع المجتمع ..
والحمد لله الذي جعل الخير في أمته إلى يوم القيامة ..فيتبرعون .. ويكفلون .. ويعطون .
تعليق