الموروث الشعبى الفلسطينى بين الأصالة والمعاصرة

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمود صقر
    عضو
    • Dec 2006
    • 73

    الموروث الشعبى الفلسطينى بين الأصالة والمعاصرة

    الموروث الشعبى الفلسطينى بين الأصالة والمعاصرة

    (البكرجِ اللى انتصب رنت فناجينه)

    "مثل فلسطينى"


    يحكون فى بلادنا، يحكون فى شجن عن صاحبى الذى مضى وعاد فى كفن كان اسمه، لا تذكروا اسمه خلوه فى قلوبنا، لا تدعوا الكلمة تضيع فى الهواء كالرماد خلوه جرحاً زاعقا لا يعرف الضماد طريقه إليه.
    "محمود درويش"
    ربما كان من الأجدر بنا ونحن نتباحث فى الموروث الشعبى الفلسطينى أن نبدأ بأبيات من قصيدة "وعاد فى كفن" للشاعر الفلسطينى "محمود درويش" حتى يمكن لنا أن نوصل الماضى بالحاضر ونستشرف لآفاق المستقبل للأمة الفلسطينية المناضلة.
    وإذا كان الاحتلال الإسرائيلى الآن يحاول طمس الهوية والتراث الخالد للشعب الفلسطينى وذلك بمحاولاته الخبيثة لضم "جبل داود" ضمن التراث اليهودى فى خريطة الأمم المتحدة فإننا لذلك ندرك مدى أهمية البحث فى الموروث الشعبى لدولة فلسطين المحتلة، وذلك فى محاولة منا لإظهار الهوية للفلسطينيين، ولإظهار تراث قيم تزور حالياً من أجل تثبيت دعائم الصهيونية العالمية.
    وأزعم أن البحث فى الموروث الفلسطينى لابد وان يتناول قضية الأصالة والمعاصرة كنتاج حتمى تقضيه الضرورة الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية للحالة التى أصبحت عليها الدولة لفلسطينية الآن.
    فقد ذكر أصحاب فهارس المدن (ومعادن البلدان) بعض الأساطير والآثار الخاصة بالمدن الفلسطينية ففى (الفهرست.. الخريطة التاريخية للممالك الإسلامية) أورد المؤلف أن "الرملة" موجود بها الجامع الأبيض، ومدفون داخله ثلاثمائة من الأنبياء والصديقين، كما أن مدينة (طبرية) يوجد بها قبر النبى شعيب وقبر ابنته زوج الكليم موسى، وقبر ينسب إلى نبى الله سليمان بن داود عليهما السلام بجامعها المعروف "جامع الأنبياء" ويقال أن فى القرب منها جب يوسف كما أن "عسقلان" يوجد بظاهرها وادى النمل.!
    أما مدينة (يافا) وكما يورد "فؤاد إبراهيم عباس" [1] ـ فيقال أن الذى أسسها هو يافث بن نوح، ولكن المرجح أن اسمها " فينيقيا ومعناه (الجميلة)" ويقال أنها أسست قبل الطوفانGarroting: The Story of Jericho, London 1940.
    ولما غزا بنوا إسرائيل فلسطين سنة 1400 ق. م بقيت يافا تقاومهم ولم يأخذوها عنوة إلا بعد أن ضعف سلطان الفراعنة، وتقاسم بنوا إسرائيل البلاد، وقيل أن "عشتروت" الإلهة عبدت فى يافا وكانت على شكل امرأة نصفها الأسفل من السمك، واعتبرت أنها راعية للصيادين كما كان يجاور معبدها بركة مقدسة فى يافا تحفظ بها الأسماك.
    ويرى (تولكوفسكى) صاحب كتاب تاريخ يافا: </I>S. Toikowsky: The Gateway of Palestine. A History of Jaffa London 1942
    أن البضة (موقع ينخفض فى شمال شرقى يافا تتجمع فيه الأمطار) وهو موقع تلك البركة المقدسة، كما أننا نجد أثراً من عبادة الإله داجون Dagon فى اسم قرية "بيت دجم" المجاورة لمدينة يافا.
    كما يورد لنا فؤاد إبراهيم عباس فى كتابه "العادات والتقاليد فى الموروث الشعبى الفلسطينى" بعضاً مما أورده القاضى مجير الدين الحنبلى فى كتابه "الأنس الجليل بتاريخ القدس والجليل" بعضاً من الأساطير الفلسطينية وأغلبها عن بيت المقدس ومقدساتها، ومن ذلك أن سفينة نوح عليه السلام طافت بالبيت الحرام الذى بمكة المكرمة أسبوعاً كاملاً كما طافت ببيت المقدس أسبوعاً كاملاً قبل أن تستوى على الجودى فى مدينة الموصل بالعراق، كما يضيف بأن السفينة لما بلغت بيت المقدس نطقت بإذن الله وقالت: "يا نوح هذا بيت المقدس الذى يسكنه الأنبياء من أبنائك"، كما نقل صاحب "الأنس الجليل" بأنه يوجد عند باب التوبة طلسماً مكتوباً على لوح فى حائط مسجد القدس فلا تقرب الأفاعى والحيات من ذلك المكان لوجود الطلسم وإذا وجدت حية فمن المؤكد أنها غير سامة، ويقال: أن الرخ وهو الطير الأسطورى كان قد خلق من وادٍ من أودية بيت المقدس حتى سلط الله عليه طيوراً جارحة كثيرة فأبادته هو ونسله.
    ومعلوم أن فلسطين تشتهر بالزراعة، ولعل أول ثورة زراعية ابتدأت فى مدينة أريحا فى الألف السادس قبل الميلاد ـ كما يقول ج برونوفسكى [2]: تلك المدينة الفلسطينية التى تحكى قصة الاستقرار البشرى منذ العصر النيوليش Neolithictimes (8: 5) آلاف سنة قبل الميلاد) وهى مرحلة الانتقال الثقافى فى عصر الجمع والالتقاط والصيد إلى مرحلة الاستقرار وإنتاج المزروعات الغذائية وصناعة الطعام.
    ومما يورده لنا "سليم عرفات المبيض" [3] فى كتابه "الحصيدة فى التراث الشعبى الفلسطينى": أن عالم الآثار الأمريكى روبرت براد وود " قد أورد بأن سكان أريحا زرعوا الحبوب ودجنوا الحيوانات، كما تغزل بها الوزير الفرعونى "سنوهى" فى قصته الشهيرة عندما قدم للبلاد فى القرن العشرين قبل الميلاد 1961 ق. م يقول: كان فيها الشعير والقمح وماشية من جميع الأنواع ولا يحصرها العد [4].
    ولعل الهدف من اورادنا مثل هذه المقتطفات أن ندلل على أصالة فلسطين كأرض ملك للفلسطينين، وليست أرضاً للمعاد كما يذكر أصحاب برتوكولات حكماء صهيون، وعلى رأسهم تيودور هرتزل، ولقد انتشرت الأغانى الشعبية التى تعبر عن الطموحات السياسية وتفصح عن الأحوال الاقتصادية التى مارسها البريطانيون بالأظافر الصهيونية، ومنذ أن سافر الحاج/ أمين الحسينى ـ رحمه الله ـ رئيس المجلس الإسلامى الأعلى بفلسطين وقائد كفاحها ومفتى ديارها المقدسة، حيث سافر إلى برلين سنة 1941 ليقابل "هتلر" لمطالبته بمنع تدفق هجرة اليهود الألمان لفلسطين، وفى هذا المقام أنشد الشاعر أمين الخلاص قصيدته الشعبية الشهيرة، ذاكراً الرحلة ومندداً بالممارسات الصهيونية لليهود والألمان يقول [5]:
    بابورى رايح وبابورى جاى = = = = وأنا اللى قاعد وحدى حزين بابورى رايح على برلين = = = = = جايب لى هدية من الحاج أمين الله يجيبه على فلسطين = = = = = وإحنـــــــا منه ممنونين يا حاج أمين شوف ها الحالة == = = = من بعد القمح أكلنا نخالـة تعالى وهدى ها الحالة = = = = = وإحنـا منك ممنونيــــــن يا حاج أمين شوف ها العيشة = = = مــن بعد القمح أكلنا جريشـة تعالى وهدى هـــا العيشة = = = = = وإحنـا منـــك ممنونين
    وانطلقت الأمثال الشعبية رافضة جباية الضرائب على الأراضى، بل ودعى الفلاحون إلى الإضراب عن زراعة القمح ومن الأمثلة الفلسطينية التى قيلت فى ذلك: [6]
    = "زوان بلدنا ولا قمح الصليبى أو "الغريب".
    = "شعيرنا ولا قمح غيرنا".
    فهم يفضلون مرارة "الزوان" على قمح الغرباء وذلك فى محاولة منهم لرفض الإمبريالية البريطانية المتعسفة والمؤيدة لاستلاب الصهيونى للأرض، وما صاحبها من وعد بلفور، ثم الانتداب البريطانى فكان التحدى الشعبى للفلاحين: فانطلقت الأمثلة الشعبية لتندد بالضرائب ومنها:
    = "ضريبة ما يتدفع مال ويركو ما عليك".
    وهذا المثل يقال لتشجيع كل فرد يرفض دفع الضرائب، و (مال الويركو) ضريبة عثمانية فرضت عام 1886م على أصحاب الأملاك فى فلسطين، فقد دأبت الحكومة البريطانية على استيراد الدقيق الأبيض وطرحه فى أسواق فلسطين لضرب الإنتاج المحلى وكان الشعب مستيقظاً فرفض مثل هذه الممارسات ورفض الزراعة فى مشرق بئر السبع بحجة وجود "المشاش" ـ الأرض المالحة ـ وذلك لأن جباة الأعشار ـ الضرائب ـ كانوا يأخذون باقى المحصول فقال شاعرهم:
    الحمد لله وراية الله علينا شـــاش = اللى حكم بالعدل مع زارعيين لمشاش رفرف عليها الزرعى وطار وشاش = نقاه عفير ما خلا ولا حبة تطلــــع وريحة رواحهم من الكبد كمان تطلع = حسبم للمعدود لقوا عليهم زيادة تطلـع
    ومن عادات أهل فلسطين أنهم كانوا ينصرون إخوانهم فى القرى المجاورة وتسمى تلك العـادة "الفزعة الجماعية" [7] حتى يشاركونهم فى النضال الجماعى ضد العصابات الصهيونية والمغيرين، كما كانوا يشتركون فى بناء المنازل ومن أهازيجهم فى هذا الاحتفال:
    يا دار لا تخافيــش = = = = = واحنـا حماتك وسورك بالدم الأحمر لنحميك = = = = = مـن كل وبش يزورك
    وإذا كنا قد أشرنا بداية بأنه من المفيد أن ندرس الموروث الشعبى الفلسطينى فى صورة معاصرة فإننا ولابد أن نعرج على بعض الأناشيد القومية التى تدعو إلى المطالبة بالاستقلال وبناء الدولة العربية الإسلامية والدعوة لاستقلال الأمة العربية ووحدتها ومن هذه الأناشيد الوطنية التى كان يرددها أبناء الشعب فى فلسطين وكما يوردها فؤاد إبراهيم عباس قول شاعرهم:
    شبوا على الخصم اللدود = = = = = إلى متى أنـتم نيـــام قوموا إلى الموت الزؤام = = = = = وامشوا له مشى الأسود
    وقولهم:
    نحن خواضو غمار الموت كشافو المحن نبذل الأرواح نفديهــا لإحيـاء الوطـن هل سوى الأرواح للأوطان فى الدنيا ثمن
    وقولهم:
    يا ليوث الوغى = = = = = خصمنا قد طغى فلنمت كلنــا = = = = = فى سبيل الوطـن
    وقولهم:
    بلاد العرب أوطــانى = = = = = من الشام لبغـداد ومن نجد إلى يمـــن = = = = = إلى مصر فتطـــــوان فلا أحــــد يفرقنـا = = = = = لنا ديـن يوحدنا لسان الضاد يجمعنا = = = = = بقحطـان وعدنـــان
    وبدو فلسطين يحيون حياة تكاد تنسق وحياة البدو فى شبه الجزيرة العربية، وبادية سيناء، فهم يلبسون العقال والعباءة والكوفية، ويلبسون الثياب المصنوعة من صوف وبر الجمال والماعز، كما تلبس النساء الثوب البدوى المحلى المصنوع من أنواع النسيج المحلى، كما يلبسون غطاءاً للرأس ( المنديل أبو سفريته ) والشرشف شتاء.
    كما يسكنون الخيام وبيوت الشعر ويسهرون بالليل للتسامر ويرقصون الدبكة ويعملون بالزراعة، ويأكلون من عرق أيديهم ومن أشهر أكلاتهم الفتة والمجدرة والبصارة والشواطى والعجة وغيرها، ويشربون اللبن (الرايب)، ويذبحون الشياه والخراف كما يغرمون بأكل الحلوى، ويصفون المربى ويشربون العصائر.
    وتشتهر المرأة الفلسطينية بالجمال، وتتحلى بالثياب الزاهية، ولقد استغل اليهود جمال اللبس الفلسطينى فسرقوا صناعته وادعوا أنه من إسرائيل.
    كما يتداوون بالأعشاب البرية، وبالكى ولقد ظهر منهم أطباء شعبيون متخصصون فى جميع الأمراض الجسمية والعصبية والنفسية.
    ولقد ظهر أيضاً فى فلسطين تصوف ومتصوفون وشعراء ومن أشهر المتصوفة "رابعة العدوية" التى ابتدعت الحب الإلهى فى مذهب التصوف الإسلامى، ولقاءها مع "ذى النون المصرى" ذكره السراج القارى فى كتابه "مصارع العشاق" ونقله عن الزبيرى فى كتابه "إتحاف السادة المتقين"
    كما يتبرك الفلسطينيون بالأولياء والشيوخ المبروكين ويحب الرجل الفلسطينى كثرة الإنجاب، ولعل الدافع إلى ذلك سياسى فى المقام الأول وهدفه إكثار عدد الذرية لإعمار الأرض، وجلب المنفعة للوالدين، والذود عن الأوطان، لذا حاربت الصهيونية العالمية ظاهرة الإنجاب فى فلسطين، وسعت إلى الحد من الإنجاب بكافة الطرق، وما الانتفاضة الفلسطينية وسقوط الشهداء الفلسطينيين من الأطفال إلا دليلاً دامغاً على الوطنية الساعية لعودة الأرض السلبية لتحقيق الأمن والأمن، وليعلو السلام أشجار الزيتون، ومن المعلوم أن شجرة الزيتون يحترمها الفلسطينيون ويسمونها "شجرة النور" فيصفون العريس ليلة زفافه بالزيتونة المضيئة وفى هذا قال شاعرهم:
    عريسنا ها الزيتونة = = = = = والزيت ينقط منه وعريسنـــــا واحـد = = = = = يـارب كتــر منه
    ولعل كثرة المزارع والبيارات فى فلسطين قد أدت إلى دوام عمر الانتفاضة، وتنبه اليهود لذلك فسعوا إلى قلع أشجار الزيتون والبرتقال والليمون والسيطرة على المياه لإخضاع الأهالى لهم، ولقد أحدثوا بذلك كارثة سيكولوجية واجتماعية واقتصادية وسياسية ونفسية، مما حدا بالفلسطينيين لنفض الكبت عن كاهلهم والغضب العام، فكان زاد الانتفاضة زاداً ثقافياً وتراثياً تربى على كره اليهود وأفعالهم المكارثية عبر العصور الظلامية التى مرت وتمر بها فلسطين إلى الآن.
    وبعد: فالدارس للموروث الشعبى الفلسطينى لابد وأن يتكىء على معين التراث القديم لفلسطين ويربطه بالصورة الحالية لحياة شعبه، فلا ينفصل الحاضر عن الماضى، ولا مستقبل بدون الاعتبار من المآسى السابقة، فلا يعقل أن ننسى الصراع الحضارى بين اليهود والعرب على مر الأجيال وما فلسطين إلا البؤرة التى قد تغلغل داخل أوصالها الخبثاء، فأصبحوا كسرطان ينهش فى الجسد، بينما كل يوم تجدد الشرايين الدماء بالشهداء، عسى أن يأتى يوم لتنتصر الإرادة ويخرج الغرباء مندحرين من كل الأراضى العربية المحتلة فى لبنان وسوريا مثلما خرجوا قبلاً من سيناء المصرية وطابا، وهم وان انتشروا الآن على منابت النيل فى أفريقيا "يهود الفلاشا" فإنما ليحققوا حلماً واهياً لامتداد حضارة زائفة لهم، ومصطنعة، تمتد حدودها من الفرات إلى النيل، لذا كان البحث فى الموروث الفلسطينى ضرورة تقتضيها اللحظة الراهنة لتدلل أن عرب فلسطين أبناء الأرض الأصلاء، هم الأحق بأرضهم وخيراتها، فلا دراسة لموروث حضارى قديم دون ربطه بمعاصرة آنية، خاصة وأن الصراع العربى الإسرائيلى قائم وقديم فلا حديث عن موروث ثقافى دون التعرض للأحداث الاجتماعية والسياسية والثقافية المتمثلة فى الموروث الشعبى حتى يمكن لنا أن نقف على لحمة الحقيقة، وكبد الأشياء، وعظمة الأجداد الذين خلفوا تراثاً وطنياً وثقافة ضاربة فى الأصالة وتستشرف لحداثة آتية.
    ذلك كان هدف أساسيا فى دراسة الموروث الشعبى لعرب فلسطين العظماء.
  • محمود صقر
    عضو
    • Dec 2006
    • 73

    #2
    التراث الشعبي الفلسطيني

    الأزياء الشعبية


    تتنوع الملابس في فلسطين بتنوع المناطق واختلاف البيئات المحلية، وتعرض البلاد لكثير من المؤثرات الخارجية.
    ننظر إلى الزي الفلسطيني، بأنه لا ينفصل عن محيطه وعن ثقافته المتوارثة، فالزي تعبير عن ارتباط الإنسان بأرضه وثقافته.
    يلاحظ في بعض الأحيان أن زي المدينة هو زي ريفي أو متأثر بالريف، ومردّ ذلك نابع إلى أن بعض العائلات في المدينة ذات منشأ ريفي، وعلاقة المدينة بالريف، يضاف إلى ذلك بطء التطور الحضاري، الذي يؤدي إلى تكون المحمولات من حالة البداوة إلى الريف كبيرة، ثم من البداوة والريف تكون كبيرة في المدينة، لذا قد نجد الريف في المدينة.
    كانت المرأة الفلسطينية تلبس الألبسة التالية:
    ü الكوفية أو الحطّة: نسيج من حرير وغيره توضع على الرأس وتُعصب بمنديل هو العصبة. وقد أقبل الناس على اللباس الإفرنجي فأعرضوا على الصمادة والدامر والسلطة والعباية والزربند والعصبة والقنباز والفرارة.
    ü البشنيقة: (محرفة عن بخنق)، وهي منديل بـ «أويه» أي بإطار يحيط المنديل بزهور أشكالها مختلفة. وفوق المنديل يطرح على الرأس شال أو طرحة أو فيشة، وهي أوشحة من حرير أو صوف.
    ü الإزار: بدل العباية، وهو من نسيج كتّان أبيض أو قطن نقي. ثم ألغي وقام مقامه الحبرة .
    ü الحبرة: قماشة من حرير أسود أو غير أسود، لها في وسطها شمار أو دِكّة، تشدها المرأة على ما ترغب فيصبح أسفل الحبرة مثل تنورة، وتغطي كتفيها بأعلى الحبرة.
    ü الملاية: أشبه بالحبرة في اللون وصنف القماش، ولكنها معطف ذو أكمام يُلبس من فوقه برنس يغطي الرأس ويتدلى إلى الخصر.
    أما الرجل في فلسطين فكان له لباسه التقليدي أيضاً:
    ü القنباز أو الغنباز: يسمّونه أيضاً الكبر أو الدماية، وهو رداء طويل مشقوق من أمام، ضيّق من أعلاه، يتسع قليلاً من أسفل، ويردّون أحد جانبيه على الآخر. وجانباه مشقوقان حتى الخصر. وقنباز الصيف من كتّان وألوانه مختلفة، وأما قنباز الشتاء فمن جوخ. ويُلبس تحته قميص أبيض من قطن يسمى المنتيان.
    ü الدامر: جبة قصيرة تلبس فوق القنباز كمّاها طويلان.
    ü السلطة: هي دامر ولكن كميها قصيران.
    ü السروال: طويل يكاد يلامس الحذاء، وهو يُزم عند الخصر بدكة.
    ü العباية: تغطي الدامر والقنباز، وأنواعها وألوانها كثيرة. ويعرف من جودة قماشها ثراء لابسها أو فقره، ومن أشهر أنواع العباءات: المحلاوية، والبغدادية، والمزاوية العادية، والمزاوية الصوف، والرجباوي، والحمصيّة، والصدّية، وشال الصوف الحراري، والخاشية، والعجمية، والحضرية والباشية.
    ü البِشت: أقصر من العباءة، وهو على أنواع أشهرها: الخنوصي والحلبيّ والحمصيّ والزوفيّ واليوز، والرازي.
    ü الحزام أو السير: من جلد أو قماش مقلّم قطني أو صوفي. ويسمّون العريض منه اللاوندي.
    وقد انحسر لبس القنباز في مراحل وأماكن، وانتشر لبس السروال الذي سمّي اسكندرانياً لأنه جاء من اسكندرية مع بعض المصريين. وكان البعض يلبس فوق هذا السروال الفضفاض المصنوع من ستة أذرع قميصاً أبيض من غير ياقة، ويلفّ على الخصر شملة يراوح طولها بين عشرة أذرع واثني عشر ذراعاً. وكان بحارة يافا متمسّكين بهذا الزي.
    أثواب الفلاحين والبدو:
    الأثواب الشعبية الفلسطينية متشابهة جداً في مظهرها العام. وتُدرج فيما يلي من أصناف:
    ü الثوب المجدلاوي: أشهر صانعيه أبناء المجدل النازحون إلى غزة (ومنه الجلجلي والبلتاجي وأبو ميتين - مثنّى ميّة).
    ü الثوب الشروقي: قديم جداً من أيام الكنعانيين.
    ü الثوب المقلّم: وهو من حرير مخطّط بأشرطة طولية من النسيج نفسه.
    ü ثوب التوبيت السبعاوي: من قماش أسود عريق يصنع في منطقة بئر السبع (ومنه ثوب العروس السبعاوي، والثوب المرقوم للمتزوجات).
    ü الثوب التلحمي: عريق جداً مخطط بخطوط داكنة.
    ü الثوب الدجاني: نوعان، ذو الأكمام الضيّقة، والرّدان ذو الأكام الواسعة.
    ü ثوب الزمّ أم العروق: أسود ياقته دائرية.
    ü الثوب الأخضاري: من حرير أسود.
    ü ثوب الملس القدسي: من حرير أسود خاصّ بالقدس ومنطقتها.
    ü ثوب الجلاية: منتشر في معظم مناطق فلسطين ويمتاز بمساحات زخرفية من الحرير أو غيره وتُطرّز عليه وحدات زخرفية.
    وفوق الثوب ترتدي المرأة الفلسطينية نوعاً من المعاطف يمكن حصرها فيما يلى:
    ü الصدرية.
    ü التقصيرة.
    ü القفطان الصرطلية.
    ü الصلصة.
    وجميعها أنواع وألوان. وتضع المرأة على رأسها الحطة، أو المنديل المطرّز، أو الطرحة.
    وأما الرجال يعتمرون بالطاقية، أو الحطة، وهي الكوفية والعقال، وقد يلبسون طرابيش مغربية.
    ويضع الرجال على أجسامهم «اللباس» وهو ثوب أبيض من الخام يصل حتى الركبتين، وفوقه ما يُسمّى المنتيان، وهو صدرية بأكمام من الديما، ثم السروال وله جيبان مطرّزان على الجانبين الخارجيين، ويلي ذلك القمباز، وهو من الحريرأو الروزا أو الغيباني أو الديما، ويصل حتى العقبين. ويضعون فوق القمباز صدرية بلا أكام. وكانوا يشتملون عند الخصر بشملة بدل الحزام، وتكون من الحرير أو القطن. وفوق القمباز والصدرية الصاكو، أي السترة، ثم العباية الحرير البيضاء صيفاً، أو العباية الصوف في الشتاء، وكان لبس العباية في الغالب تباهياً ومفاخرة. وقلّما لبسوا الجوارب. وأما الأحذية فهي المداس والصرماي والمشّاي.
    وفي الأيام الاعتيادية تلبس القرويات أثواباً طويلة، عريضة الأكمام، تفضّل فيها اللون الأزرق، وقد يكون لونها أسود أيضاً، ولكن الأبيض يغلب لبسه في الصيف. وهذه الأثواب مصنوعة إجمالاً من القطن. وقد ترتدي الميسورات منهن قماشاً أفضل وأمتن، من الكتان والقطن المقلم والهرمز والتوبيت والكرمسوت والملك والرومي والمخمل وغيرها. وتتمنطق الفلاحة بإزار صوفي أو حريري وتغطي الرأس بمنديل شفّاف يتدلى على الظهر. ولا تلبس الفلاحة الحذاء إلا نادراً. وحين تعمل المرأة الفلاحة يعيقها الكمان الكبيران المعروفان بالردان، ولذا يخيطون لبعض الأثواب أكاماً قصيرة تعرف بالردّين، أو تقفع الفلاحة الكم، أي ترفعه إلى وراء الرقبة ليسهل عملها. وتفضّل نساء بيت سوريك والقبية والجيب وبيت نبالا لبس أبو الردّين.
    أما معظم الرجال فيلبسون أثواباً طويلة بيضاً في أيام الأسبوع. ويتمنطقون بزنار عريض يُدلّون منه السلاسل والأكياس والخناجر والمسلات والخيطان والغلايين وأكياس التبغ والأمشاط والمناديل والأوراق. ويعتم القريون بوجه الإجمال بعمائم رمادية أو صفر فوق الطرابيش.
    ومنهم من يلبس في الأيام الاعتيادية الدماية وهي ثوب طويل حتى أسفل الرجلين مفتوح من أمام، طويل الأكمام، لا ياقة له، ويربط برباطات داخلية وخارجية، وله جيب أو جيبان للساعة والدزدان (المحفظة). والدماية العادية من قطن أو كتّان وتلبس للعمل أو البيت. وتسمى الدماية أيضاً الهندية، ويسميها البدو: الكبر وهي للكبار، والصاية، وهي للصغار. وكذلك يلبس بعضهم في أيام الأسبوع الشروال، ورجلاه ضيّقتان وله «ليّة» ويُربط بحبل يُسمى دكة الشروال. وقماشة التفتة أو التوبيت الأبيض أو الأسود وهو الغالب. وأما العري فجلابية للعمل مقفلة من أمام وخلف ولا تبلغ أسفل القدمين، ولا ياقة لها ويرفعها الفلاح ويربطها على خصره عند العمل، ولوناها الغالبان: الأسود والنيلي.
    ويلاحظ أن التراث الشعبي في فلسطين ينتمي إلى تراث المشرق العربي على صعيد الملابس أيضاً، حتى إذا ما اقتربت من الديار المصرية غلبت الجبة والشال والثوب المخطط ذو الأكمام الواسعة والياقة المستديرة على الصدر والحزام العريض. وإذا جنحت شمالاً غلب السروال والصدرية وزهت ألوان أثواب النساء، وعقدن على أحد جانبي خصورهن شال الحرير.
    ويظهر الزي البدوي على الأخص في جنوب فلسطين وفي أريحا، وعند التعامرة في قضاء بيت لحم، وشمال بحيرة طبريا. وثوب التعامرة أسود ذو أكام طوال فضفاضة، ولا تطريز فيها غير قليل منه حول كمي العباية القصيرين. وفي أسفل الثوب من خلف أقلام من أقمشة ملوّنة تدلّ على القبيلة أو المنطقة التي تنتمي إليها لابسة ذلك الزي. وتمتاز عمائم النساء بصفوف من النقود الفضّية تغطي كل الطاقية، وفي طرفيها فوق الأذنين تُعلّقُ أقراط مثلثة الشكل وسلاسل طويلة مزينة بالنقود وحجارة الكهرمان.
    والثوب في أريحا أسود طويل، طول قماشه عشرون ذراعاً، ويسمّي الصاية، ويُثنى في الوسط فيصبح مطوياً ثلاث طيات، ويُطرّز تطريزاً لا يشبه فيه أياً من أزياء نساء فلسطين الأخرى إذ يمتد التطريز من الكتفين إلى أسفل الثوب. وتُلبس فوقه عباءة خفيفة.
    والثوب في شمال بحيرة طبريا أسود طويل أيضاً، ولكن في أسفله خطوطاً من قماش فضّي عليها تطريزٌ لرسومه أسماء كمثل «ثلاث بيضات في مقلى»، و«خطوات حصان في الربيع»، وما إلى هذا. وتُدلّي البدوية على صدرها طوقاً فيه حبالٌ من الفضة والمرجان، وتلبس فوق الثوب جبة مطرزة تبلغ أسفل الركبة، ولها كمّان عريضان مطرّزان.
    ü عصائب المرأة:
    كانت المرأة الفلسطينية تعصب رأسها بأشكال من العصائب تمتاز بجمال الشكل وتنوّع الصَفَّات وغنى التطريز. ومن عصائب الرأس لبست المرأة القبعات أو الطواقي (جمع طاقية)، وغالباً ما تغطيها بغطاء، وتكتفي في معظم الحالات بغطاء من غير طاقية. وقد صُنِّفت الطواقي أصنافاً:
    ü الصمادة أو الوقاية أو الصفّة، لما يصفّونه عليها من الدراهم الفضية أو الذهبية وربما زاد عددها على ثمانين قطعة. وقد تكون هذه الدراهم حصّة المرأة من مهرها ويحقّ لها التصرف بها. وهي منتشرة على الخصوص في قضاء رام الله. وتربط الصمادة بما يحيط بأسفل الذقن وتعلّق برباطها قطعة نقود ذهبية للزينة. وفي جنوب فلسطين يضاف إلى الصمادة البرقع، وفي بعض الأحيان الشنّاف، وهو قطعة نقد تعلق بالأنف. ولا تتشنَّفها في المعتاد سوى البدويّات. ويندر أن تلبس العذراء الصمادة. فإذا لبستها صفّت فيها نقوداً أقل مما يُصف لصمادة المتزوجة، وطرحت عليها منديلاً يُدعى يزما. وتصنع الصمادة من قماشة الثوب.
    ü الشطوة، وتخص نساء بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور فقط، وهي قبعة اسطوانية صلبة تغطي من خارج بقماش أحمر أو أخضر. وتُصف في مقدمها أيضاً نقود ذهبية وفضية، فيما يُزيَّن مؤخرها بنقود فضية فقط. وتربط الشطوة إلى الرأس بحزام يمرّر تحت الذقن، ويتدلى الزناق من جانبيها. وكانت الشطوة في أوائل هذا القرن أقصر، وكانوا يصفّون فوق الدراهم صف مرجان، وقد زيدت الصفوف إلى خمسة في العشرينيات، وتُطرز الشطرة تطريزاً دقيقاً، وتوضع فوقها خرقة مربعة من الحرير الأبيض تعرف بالتربيعة.
    ü الطفطاف والشكّة أو العرقية، تلبسها نساء أقضية الخليل والقدس ويافا، وتصف عليها حتى الأذنين نقود في صفين فتسمى الطفطاف، وتسمى الشكة أو العرقية إذا كانت النقود صفاً واحداً. وتصف من خلف أربع قطع من النقود أكبر حجماً من النقود التي تُصف من أمام.
    ü الحطة والعصبة، وهما عصائب الرأس في شمال فلسطين. والمتزوجة تعتصب والعزباء قلما تعتصب. وقد تكون الحطة لفحة كبيرة كمثل ما في دبورية، أو شالاً كمثل ما في الصفصاف. وقد أخذت النساء يعقدنها فوق القبعات، وقد يسمونها خرقة.
    ü الطواقي: ومنها ما يصنع من قماش الثوب ويطرز تطريزاً زخرفياً فيربط بشريط أو خيط من تحت الذقن، ومنها الطاقية المخروطية المصنوعة من المخمل الأرجواني والمزينة بالنقود الذهبية، وقلما تطرز إلا عند حافتها، ومنها طاقية القماش وهي للأعياد والاحتفالات وتُصنع من قماش الثوب ويوضع فوقها غطاء شاش غير مطرز، ومنها طاقية الشبكة، وتلبس تحت الشاش أيضاً وهي خيوط سود تنسجها الفتاة بالسنارة ثم تزيّنها بالخرز البرّاق، وتلبسها الفتيات.
    ü الأغطية، ومنها الغطاء الأسود ويسمّى القُنعة، وهو قماشة سوداء غير مطرّزة، يلبس في قطاع غزة على زيّ نصفي، والغطاء الأسود البدوي، وبه تطريز وشراريب وزخارف، والغطاء الأبيض، وهو قماشة مستطيلة بشراريب من ذاتها، وبه زخارف بسيطة على الأركان الأربعة، ومجال انتشاره الساحل. ومن الأغطية أيضاً الملوّنة، وألوانها إجمالاً الأزرق والأحمر والأخضر والأصفر والبنفسجي، ومجال انتشارها الجبال، وهذه الأغطية الملوّنة مربعة الشكل ذات شراريب من قماشها نفسه وزخارف، ومعظمها من حرير، وتستخدم حزاماً في بعض المناطق.
    ü العباية: يغطين بها الرأس أيضاً، ومنها العباية السوداء وهي أشبه بعباية الرجل وتنتشر لدى البدويات، والعباية المخططة المعروفة بعباية الأطلس، وهي في الغالب ذهبية مخططة بالأسود، أو رمادية.
    ü عمائم الرجال:
    وكان بعض رجال فلسطين يلبس الشطفة، وهي طربوش يخاط على حافته زاف حرير ويُردّ إلى الخلف على الجانب الأيمن، وعلى الزاف نسيج أحمر يُسمى حرشة، وفوق منديل يُدعى السمك بالشبك. وثمة آخرون كانوا يلبسون الحطة والعقال، وغيرهم يلبسون الطاقية أو العراقية تحت الطربوش أو الحطة. وهي خاصة بالأحداث وغالباً ما تُطرّز.
    وفيما بين 1850 و1900 تقريباً، انحسر لبس العمامة إلا عند علماء الدين وعند قليل ممن تمسّكوا بها في لبسهم، وألغيت الشطفة وعم لبس الطربوش المغربي، وهو طربوش قصير سميك له شرّابة ناعمة وثخينة.
    وبعد سنة 1900 اختفت العمائم إلا عن رؤوس العلماء وقلة ممن واظبوا عليها وأبدل بالطربوش المغربي الطربوش الإسلامبولي البابوري (أي الآتي بالبابور).
    ü والعمامة أو العمّة أو الطبزية، ويقولون لها الكفّية في بعض القرى، قماش يُلفّ على الرأس فوق الطاقية أو الطربوش. وأصل العمائم أشوري أو مصري، فقد تعمّم هذان الشعبان حسبما بيّنت النقوش. وتعمم العرب قبل الإسلام أيضاً، وقد اعتمّ الرسول صلى الله عليه وسلم بعمامة بيضاء، وكان البياض لونه المفضل، ولذا أحبه العلماء وتعمموا به، وأضحت العمامة في الإسلام تقليداً قومياً ورسمياً. والعمامة الخضراء هي عمامة شيوخ الطرق الصوفية في فلسطين. وفي بيوت الميسورين كرسي خاص توضع عليه عمامة كبير العائلة. وكانت العمامة ترسل من جهاز العروس. ومن نظم الاعتمام ألا يضع الفتى العمامة إلا إذا بلغ ونبتت لحيته. وهي تُلف من اليمين إلى اليسار وقوفاً بعد البسملة. وثمة ست وستون طريقة للف العمامة على ما ذكروا. وينبغي ألا تقل اللفات على أربعين.
    ويلبس الفلاحون في فلسطين عمائم مختلفة الألوان والأنواع تزيد أشكالها على أربعين. ويضع القروي في عمامته أوراقه الرسمية والمرآة والمشط والقدّاحة والصوفانية والمسلّة. ويلبس تحت العمامة قبعة من القطن الناعم تدعى العرميّة، وهي تمتص العرق وتثبت العمامة وتحمي الرأس إذا نُزعت العمامة.
    ü للكوفية أو الحطة مكانة عند الوطنيين الفلسطينيين منذ أن اعتمدها زعماء ثورة 1936 بدلاً من الطربوش، والعمامة، وهي غطاء للرأس من قماشة مربعة، بعضها من صوف وبعضها من قطن أوحرير. وتزخرف الحطة بالخطوط المذهبية أو بالرسوم الهندسية السود أو الحمر. وكانت الكوفية لبس النساء في قصص ألف ليلة وليلة. ولكن النساء إذا لبسنها فمن غير عقال بوجه الإجمال. ويلقيها رجال المدينة على أكتافهم فوق القنباز أو الدامر، وإذاك تكون من حرير لونه عنابي ومزخرف باللون الذهبي في الغالب، وقلّما يضعونها على الرأس.
    ولا يكتمل هندام الكوفية إلا بالعقال، وهو حبل من شعر المعيز مجدول يعصب فوق الكوفية حول الرأس في حلقتين إجمالاً كما لو كان كبلاً للرأس، والعقال يميّز الرجل عن المرأة، ولذا فهو رمز الرجولة، ومكانته عظيمة عند الفلاحين والبدو. والموتورون الذين لم يثأروا بعد لقتيلهم يحرِّمون على أنفسهم لبس العقال وأما إذا ثأروا فيعاودون لبسه لأنهم أثبتوا رجولتهم واستحقاقهم لرمزها.
    ومن أنواع قماش الحطة حرير شفاف أبيض يُسمى الأيوبال، والأغباني وهو أبيض مخطط بخطوط ذهبية مقصية وتلبس مع عقال مذهب في الأعياد، وحطة الصوف وهي من صوف غنم أو جمل، وتلبس في الشتاء، والشماغ القطنية البيضاء غالباً، وتزينها خطوط هندسية كالأسلاك الشائكة، ولها شراريب قصيرة.
    أما العقال فمنه الاعتيادي المرير الأسود، ويصنع من شعر المعيز ويُجدل كالحبل، وغالباً ما يتدلى منه خيطان على الظهر من مؤخرة الرأس تزويقاً، ومنه عقال الوبر، أو مرير الوبر، ويصنع من وبر الجمال ولونه بني فاتح أو أبيض، وهو أغلظ من الأول بوجه الإجمال ويُلف لفة واحدة على الرأس، ولا يتدلى منه خيطان، ومنه المقصّب ولا يلبسه إلا الشيوخ والوجهاء على حطة الأغباني، ولونه بني فاتح أو أسود أو أبيض، ولكنه مقصب بخيوط فضية أو ذهبية.
    ü كان الطربوش غالباً في المدن، واسمه من كلمة فارسية عُرِّبت في القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، وهو من جوخ أحمر، وله زرّ من حرير أسود مثبت في وسط أعلاه، وتتدلّى منه شرابة سوداء. وحل الطربوش في الدولة العثمانية محل العمامة في القرن الماضي، ثم حرم كمال أتاتورك لبسه. ويختلف الطربوش المشرقي عن الطربوش المغربي في أن الأول أطول وهو مبطن بقماش مقوى أو قش لحفظ شكله الإسوطاني. والمسيحيون يفضلون الطربوش المغربي الأحمر القاتم. والطربوش من أجل ما يُلبس على الرأس ولكنه لا يهوّي الرأس ولا يحتمل المطر في الشتاء، وقد فضّلوا عليه الكوفية لأنها دافئة في الشتاء ولطيفة في الصيف.
    ü الطاقية، صنعوا منها نوعين، واحدة صيفية يغلب عليها البياض، وتحاك بصنارة وتُترك فيها عيون هندسية الشكل، وهي جميلة، وأخرى شتوية من صوف الغنم أو وبر الجمل، وتحاك بالصنارة من غير عيون فيها. ولا تُلبس مع حطة إلا في الاحتفالات والأعياد فتوضع فوقها حطة فوقها عقال.
    التطريز:
    لدراسة ثوب ما لا بد من معرفة جغرافية المكان، وزمان صنع الثوب أو خياطته، ومعرفة مدى ثقافة صانعته، التي هي رمز وجزء من الثقافة الشعبية السائدة، لأن المرأة الفلسطينية تمتلك ثقافة متوارثة منذ مئات السنين، تنقلها الأم لابنتها وهكذا، فالمرأة التي ترسم وتصور على ثوبها، تنقل ما يتناسب مع وعيها وثقافتها وتقاليدها. وإذا استعرضنا الأزياء الموجودة في فلسطين، نجد الزي البدوي في شمالي فلسطين وجنوبيها، مع اختلاف واضح وجلي بينهما، وذلك لاختلاف المكانين وبعدهما، ولاختلاف الوضع الاجتماعي والاقتصادي وثقافة كل منهما وموروثاتهما الحاضرية.
    الزي الريفي مرتبط بالزراعة، وهو الزي السائد في فلسطين، وتختلف تزيناته ما بين منطقة وأخرى لاختلاف البيئة ما بين سهل أو جبل أو ساحل، ولتمايز ولو بسيط بالثقافة السائدة، وهذه الأزياء تتميز بتكرار الأشكال الهندسية، ويغني الثوب بالتطريز وتنوعه، وبعض هذه التطريزات تدل على ما في الطبيعة غير المعزولة عن البيئة كالنجمة والزهرة والشجرة، لأن الفولكلور السائد في فلسطين هو فلولكلور زراعي مرتبط بحياة الاستقرار، وهذا ناتج عن طبيعة المجتمع الفلسطيني والطبقة التي كانت تتحكم بالإنتاج.
    إن مناطق تزيين الثوب هي أسفله وجانباه وأكمامه وقبته، وهذا نابع من اعتقاد شعبي بأن الأرواح الشريرة يمكن أن تتسلل من الفتحات الموجودة في جسم الإنسان، لذا تضطر المرأة إلى تطريز فتحات ونهايات الثوب، وتطريز الثياب لغة تحكي علاقة الزمان والمكان وذهنية المرأة التي خلقت تعبيراتها المتصلة بتلوينات البيئة وتضاريسها.
    الزي الشعبي الفلسطيني ليس واحداً، حتى داخل المنطقة الواحدة، وهذا طبيعي لغني الثوب بالتطريزات، ولحفظ المرأة ونقلها تطريزات جديدة تتلائم مع تطويرها الذهني والحضاري، ولهذا علاقة أيضاً بالتميز الجغرافي، ففي منطقة رام الله وحدها توجد أسماء لأثواب عدة، وكل ثوب يختلف تطريزه عن الآخر، كثوب الخلق والملك والرهباني.
    وللتطريز قواعد وأصول تتبعها المرأة:
    ü فثياب المسنّات من النساء لا تُطرّز مثلما تُطرّز ثياب الفتيات التي تزخر بالزخرف فيما تتسم ثياب المسنّات بالوقار، فالقماشة سميكة ولونها قاتم ووحداتها الزخرفية تميل ألوانها إلى القتامة، فهي ألوان الحشمة التي ينبغي أن يتصف بها المسنون. وأما الفتيات فيعوّضن بغنى زخرفة ثيابهن من الامتناع عن التبرج.
    ü وثياب العمل لا تُزخرف مثلما تزخرف ثياب الأعياد والمواسم. والثوب الأسود يغلب في الأحزان والحداد.
    ü التطريز معظمه لثياب النساء، وأما ثياب الرجال فزخرفتها نادرة منذ الفتح الإسلامي. وقبل الفتح كان الرجال والنساء والأطفال يلبسون الملابس المطرّزة، ولكن هذا التطريز انحسر عن ملابس الرجال فلم يبق منه سوى تطريز وشراريب منديل الدبكة، ولا يحملونه إلا في الأعياد والاحتفالات، ويُطعَّم بالخرز، وحزام الرجال، وهو ابتكار شعبي معاصر يلبسه الشبان ويطرز بخيوط ملوّنة وأنواع الخرز، وربطة العنق التي يضعها العريس يوم زفافه، وتطرز بزخارف هندسية.
    وعوَّض الرجال من ندرة التطريز زخارف منسوجة نسجاً في قماش الدماية والصاية والكبر، وهي زخارف خطوط متوازية طويلة ملوّنة. وكانت الحطة قبل الإسلام تُطرز فاستعاضوا عن ذلك بنسج خطوط هندسية في الحطات. ولكن بعض الشبان لا يمتنعون عن لبس ما فيه تطريز عند أسفل الشروال.
    ü وللتطريز أماكن على مساحة الثوب، فثمة تطريز ضمن مربع على الصدر يُسمّى القبة، وعلى الأكمام ويسمّى الزوائد، وعلى الجانبين ويسمّى البنايق أو المناجل. ويطرّزون أيضاً أسفل الظهر في مساحات مختلفة. وقلّما يطرّزون الثوب من أمام، إلا أثواب الزفاف، فيكثرون تطريزها أو يشقون الثوب من أمام، وتلبس العروس تحته شروالاً برتقالي اللون أو أخضر، وثمة قرى يخيطون فيها قماشة من المخمل وراء القبة ويطرزونها.
    وفي فلسطين خريطة تطريز دقيقة، فجميع القرى تشترك في تطريز بعض القطب وتختلف في وضعها على الثوب. وفي بعض القرى يُكثرون استعمال قطب بعينها فتُتَّخذ كثرتُها دليلاً على انتساب الثوب إلى المنطقة. فالقطبتان الشائعتان في قضاء غزة هما القلادة والسروة. وفي رام الله يفضّلون قطبة النخلة واللونين الأحمر والأسود. والتطريز متقارب في بيت دجن، ويظهر فيه تتابع الغرز التقليدي. وتمتاز الخليل بقطبة السبعات المتتالية وتكثر فيها قطبة الشيخ. ويطرّزون الثوب من خلفه، على شريحة عريضية في أسفله، وهذا من أثر بدوي يظهر أيضاً في بيسان شمالاً وبير السبع جنوباً. وثمة غرزة منتشرة بين الجبل والساحل تُسمى الميزان. وغرزة الصليب هي الأكثر شيوعاً في التطريز. ولكنها لا تظهر في مطرّزات بيت لحم. والقبة التلحمية ذات مكانة خاصة في تراث التطريز الفلسطيني، فهي تختلف عن القبات في المناطق الأخرى لأن الخيطان المستعملة في تطريزها هي من حرير وقصب، والغرز المستخدمة هي التحريري أو الرشيق، واللف. وغرزة التحريري رسم بخيط القصب يثبت بقطب متقاربة. وهي غرزة تتيح للإتقان والدقة تطريزاً متفوقاً وجميلاً. وفي بعض الأحيان تمد خيوط قصب متوازية فيملأ الفراغ بينها بقطبة اللف. وقد آثرت كثير من نساء فلسطين هذا النوع من التطريز التلحمي فاعتمدنه وطعّمن به أثوابهن. ففي لفتا التي يدعى ثوبها الجنة والنار لأنه من حرير أخضر وأحمر، أضيفت إلى الثوب القبّة التلحمية. واستعارت القبة التلحمية كذلك قريتا سلوان وأبو ديس اللتان تصنعان ثوباً من قماش القنباز المقلّم. وتضيف نساء أقضية القدس ويافا وغزّة وبيت دجن قماشاً من حرير إلى قماش الثوب. وثمة استثناءات في المناطق، إذ تلبس نساء الطيرة قرب حيفا أثواباً بيضاً من غير أكمام مطرزة بقطبة التيج وبرسوم طيور خلافها، ويلبسن تحته سروالاً وقميصاً مكشكشين. وأما في الصفصاف في شمال فلسطين فيلبسن السروال الملون الضيّق. والثوب فيها ملوّن بألوان العلم العربي مضاف إليها الأصفر. والثوب قصير من أمام طويل من خلف، وتُعرف أثواب المجدل من تطعيمها بشرائح طويلة من الحرير البنفسجي.
    وثمة مناطق جغرافية أيضاً للحزام النسائي أو الجِداد، ففي الشمال يكون الحزام من حرير ويُعقد على أحد الجانبين، وفي وسط فلسطين يصنعونه من حرير مقلّم ويُعقد من الأمام، ويبطنونه أحياناً ليبقى منبسطاً على الخصر. وقد يستخدمون الصوف الملون في بعض القرى. ونساء بعض القرى، ومنها تلحوم، لا ينتطقن بأي حزام.
    وقلما تظهر حيوانات في التطريز الفلسطيني، فمعظم الرسوم هندسي أو نباتي، لزوماً للتقاليد الإسلامية التي كرهت الصنم والصورة كراهيتها للوثن. وأكثر الحيوانات ظهوراً في التطريز الطير. وصُنِّفت أهم الزخارف الشعبية أو العروق فيما يلي:
    ü العروق الهندسية: أهمها المثلث، ثم النجمعة الثمانية والدائرة والمربع والمعين. ومن الخطوط المستقيم والمتعرج والمتقاطع والمسنن وما إليها.
    ü عروق النبات والثمر: النخل والسعف أو الجريد، وشكلها أقرب إلى التجريد طبعاً. ويطرزون أيضاً كوز الذرة والسرو والعنب والزيتون والبرتقال وسنابل القمح.
    ü عروق الأزهار: عرق الحنون، وعين البقرة، وقاع فنجان القهوة، والزهرة المربعة الريشية، وخيمة الباشا، والزنبقة، وعرق التوت، وعرق الورد، وعرق الدوالي.
    ü الطيور: الحماة هي الشكل الغالب، ثم الديك والعصافير وديك الحبش ورجل الجاجة وقلما يصادف من الحيوان غير السبع والحصان، وكذا عين الجمل وخفه ورأس الحصان والحلزون.
    وأما الرسوم التفصيلية فتكاد لا تُحصى، ومنها: الأمشاط، وسكة الحديد، والدرج، والسلّم وفلقات الصابون، والنخل العالي، وعناقيد العنب، والتفاح، والسنابل، وقواوير الورد، وقدور الفاكهة، والبندورة، والخبازي، والزهور، والورد، وسنان الشايب، ومخدّة العزابي، وشيخ مشقلب، وثلاث بيضات في مثلاة، وشبابيك عكا، وعلب الكبريت، والمكحلة، والحية، والعربيد، والعلقة، وشجرة العمدان، والقمر المريّش، والأقمار، وقمر بيت لحم، والفنانير، والقلايد، والريش، والفاكهة، والقرنفل، والحلوى، ومفتاح الخليل، وطريق حيفا، وطريق التبان، وطريق النبي صالح، وطريق يافا، وطريق القدس.
    وأما أهم الغرز فهي: التصليبة، والتحريري، واللف، والسناسل، والمد، والتسنين، والزكزاك، والتنبيتة، والماكينة، وزرع الحرير. ولم تظهر الأخيرة على أزياء شعبية، بل ظهرت في أعمال صنعت في سجون العدو، ولا تحتاج إلى إبرز، وطرّز بها المجاهدون الأسرى أشعاراً وطنية على القماش، أو علم فلسطين، أو صورة المسجد الأقصي.
    وأجود القماش للتطريز الكتان والقطن، لأن تربيع نسجهما واضح، وعد القطب سهل، ولذا تتساوى الوحدات الزخرفية وتستقيم ورتتعامد بدقة. ومنهم من يستخدمون الصوف إذا كان خشناً. والخيوط المستخدمة في التطريز أربعة أصناف:
    ü الخيط الحريري: أغلى الخيوط وأثقلها. والثوب المطرّز بها يزن ثمانية كيلوغرامات، ولا يُلبس إلا في الاحتفالات.
    ü الخيط القطني: يطرّز به على كل أنواع الألبسة، وهو رخيص، ولكن بعض خيوط القطن تبهت وتحلُّ ألوان بعضها على ألوان الأخرى.
    ü الخيط المقصب: في شمال فلسطين يطرِّزون به السترة والتقصيرة، وفي الثوب الدجاني الأبيض يطرّز به أعلى الصدر والكمان على قماش المخمل.
    ü خيط الماكينة: يُطرّز به على قماش الساتان فقط، بالآلة. ويُستخدم هذا الخيط أيضاً في وصل أجزاء الثوب بعضها ببعض، ويطرِّزون فوق الوصلة بخيط حرير. ولا تكتفي المرأة الفلسطينية بتطريز الأثواب. بل تزخرف بمهاراتها وذوقها المخدّات والطنافس والشراشف بخيطان الحرير أو الرسيم، بإبرة يدوية بعدما تنقل الرسم على القماش. ومما يطرزنه أيضاً مناديل الأوية. وربما أُدرجت كل هذه في الجهاز الذي تبدأ الفتاة الفلسطينية صنعه قطعة قطعة في العاشرة من عمرها، فتضعه في صندوق مزخرف لا تمسُّه أو تُظهره إلا في الاحتفالات والمواسم. وقد درجت الفتاة الفلسطينية على رش جهازها بالعطور بين الفينة والفنية.

    تعليق

    يعمل...