

أحبتي الكرام
قد يصل الى خيال البعض منكم صورة الحياة اليومية للاسرة الغزية
بشيء من ملامحها و قد لا يتمكن البعض الآخر
حيث أنه لم تمر عليه مثل هذه الظروف القاسية التي تحكم أهالي غزة بسبب الاغلاق و الحصار
و لكن مهما بلغ خيالكم .. فالواقع مرير و الحياة اصعب مما تتخيلون
و هذه بعض من يوميات زوجة غزية معاصرة

هي ببيتها .. الزوج في عمله أما الأولاد ففي مدراسهم أو في الجامعات
تسمع صوت انفجار مدوي ..تفزع و تهرع الى التلفاز أو الراديو لكي تتعرف على سبب هذا الانفجار
قد يكون فصف لأحد المباني أو محاولة اغتيال أحد الناشطين
حسبنا الله و نعم الوكيل ..اللهم ارحم قتلانا و تقبلهم عندك مع الشهداء .. اللهم نجنا من المهالك يا رب
لكن اين الزوج و الأولاد ؟؟ و هل هم بالقرب من مكان الانفجار .. يبدأ الخوف و القلق
تجلس في حالة من التوتر الشديد إلى أن يصل أو يتصل احدهم و يطمئن قلبها على الجميع
و قد يكون مكان القصف بالقرب من بيت صديقة لها او أحد اقاربها
فتتصل فورا للاطمئنان ... و نفس الشيء هم يفعلون عندما يكون المكان قريب من بيتها هي
دائما تعيش على أعصابها .. فالقصف الجوي لا يأتي بموعد و لا يحدد مكانه مسبقا

عندما تعد هذه الزوجة صنف الطعام لأسرتها لابد ان تتوفر به عدة مواصفات
اولهما ان لا يكون الصنف من النوع الذي يحتاج الى وقت طويل على الموقد و لا يحتاج الى الفرن أيضا ..
و ذلك لتوفير الغاز
و اذا كان الغاز قد نفذ و بدات الطهي على البابور " موقد يعمل بالكيروسين "
فعليها ان تختار صنف لا يلزمه سوى عين واحدة .. لأن البابور لا يحمل الا اناء واحد
و اذا لم يكن لديها بابور او كيروسين للبابور .. فعليها و على الحطب
أما اذا كانت لا تجيد اشعال الحطب
أو تعاني من حساسية الصدر ... فما لها الا الجبنة والمارتديلا كحل
أو اي شيء آخر لا يحتاج للطهي
ثاني شرط و هذا كان في فترة من الفترات و انتهى
ان يحتوي صنف الطعام على الرز أو المكرونة ..حيث ان الخبز كانت عليه أزمة كبيرة
و لابد ان يقف زوجها أو احد الأبناء ... لساعات حتى يحصل على نصف ربطة
و اذا فكرت ان تصنع الخبز في بيتها يقف انقطاع الكهرباء و الغاز .. حاجزا في وجهها

في المساء عندما تجلس لتدريس أولادها .. قد ينقطع التيار الكهربائي .. فتقوم و تشعل شمعة
شمعة من النوع الرديء .... لا يسيح لكنه يتبخر
أو مصباح الكيروسين ... و لكم ان تتخيلوا خطر ذلك على الصحة و على النظر
و حجم الضيق الذي يسببه للأولاد و يجعلهم غير راغبين في الدراسة بل و يتهربون منها
ما يؤدي الى تأخر مستواهم الدراسي

هي امرأة ليس من حقها التمتع بااي نوع من الترفيه أو التثقيف عبر التللفاز أو الانترنت
لأن الكهرباء تنقطع لعدة ساعات و لأيام في بعض الأحيان
و لا تقف مشاكل انقطاع الكهرباء عند هذا الحد فهي كثيرة لا تعد و لا تحصى
كحرمانها من استخدام الأدوات الكهربائية في مطبخها أو أعمالها المنزلية
ما يزيد عليها الأعباء و الجهد و يجعل اشغالها شاقة و في غاية الصعوبة
عدم المقدرة على رفع الماء الى الخزانات بالأعلى حيث ان ذلك يتم بمواتير تعمل بالكهرباء
عدم امكانية استقبال الضيوف أو الذهاب الى زيارتهم الا بعد التأكد من وجود الكهرباء لديهم .

أما مشاكل انقطاع الماء فحدث و لا حرج ..ابتداءا من صعوبة الاغتسال و التنظيف و غسل الملابس
و الطهي و خلافه
ما يحصر تصرفاتها و افراد اسرتها بالكامل و يعيق حرياتهم الشخصية
و يضيق عليهم العيش و يحبس الأنفاس
لأنه كما هو معروف
الماء اساس الحياة

اذا احتاج بيتها الى أي من المستلزمات الأساسية الغذائية أو االمنزلية من
أثاث و أواني و أدوات
فتكون المشكلة في المواجهة كالعادة .. قد لا تجد طلبها
و قد تجده بابهظ الأثمان حيث انه قادم من خلال الأنفاق
و هي منافذ تتطلب الكثير من المال لاتمام عملها
و غالبا ما يكون المنتج ضعيفا و أحيانا أخرى تالفا لأنها بضائع وصلت دون أدنى رقابة

اذا لا قدر الله اصيبت هي أو احد افراد عائلتها بمرض خطير
و بما ان اللوازم الطبية من أدوية و اجهزة غير متوفرة في القطاع ..
فليس امامهم الا السفر للعلاج ببلد آخر أو بالضفة الغربية
و أحيانا بمستشفيات الاحتلال
حينها ...يكون خروج الروح من الجسد اسرع من خروج التصريح
من السلطات الصهيونية المتحكمة في كافة المعابر

و غيرها الكثير ... الكثير من المواقف الصعبة التي تواجهها خلال يومياتها
كلها مشاكل سببها الحصار الظالم عليها و على شعبها
وتجبر قوات الاحتلال المتحكمة في ارواح الناس بتحكمها في كافة المعابر
و في دخول المواد الأساسية المحركة للحياة و أهمها الوقود و المحروقات

و على الرغم من كل هذه الظروف الصعبة
الا انها تمكنت من التكيف مع واقع الحال
أوجدت الحلول البديلة لكل مشكلة ..و اقلمت نفسها مع كافة المتغيرات
بكل صبر و صمود و تحدي من أجل البقاء و التصدي لهذا العدو الذي يحاول اذلالها
لكنها لا تقبل الذل .. تتعالى على مشاكلها .. و لا تعترف بالاستسلام
و الله ولي الصابرين
تعليق