

الكذب ضد الصدق ...وهو مبعث قلق وعدم اطمئنان
ويعتبر بعض الناس وهم كثر؛ أنّ الكذب أحسن الوسائل
لتفادي المشاكل الزوجية.
ونحن نعرف أنّ الكذب مرفوض مبدئيا
لأنّ ما كانت مقدّماته خطأ
ستكون عواقبه وخيمة لأنّ الأسرة كيان يبنيه بنّاءان ،
ومتى كانت الأسس مغشوشة كان الانهدام سهلا .
إلّا أنّ بعض الناس يبرّرون بعض الكذب ويجدون له مسوّغات ،

والكذب نوع من الغشّ لأنّه مخالف للفطرة السليمة ،
ومن مخاطره أنّه يدخل الشّكّ بين الزوجين ،
ومتى استقرّ الشّكّ غابت الراحة والاستقرار ،
انطلاقا من قاعدة أن من كذب مرّة سيكذب مرّات
.أو يكذب دائما .
أي أنّ الكذب يزعزع الثقة بين الزوجين أو يؤدّي إلى فقدانها
متى يلجأ أحد الزوجين إلى الكذب؟
أحيانا تخفي المرأة مقدارا من المال
لأنّ الزوج مبدّر ويصرف بشكل عشوائي ،
ولأنّ الزوجة لا تستطيع تغييره تخفي هذا المال
وتدّعي أنّها لا تملك شيئا لتجده وقت الشّدّة .
وهذا ناتج عن غياب الحوار
ووضع برنامج واضح لميزانية الأسرة .
*زوجة تداري مشاعرها وتدّعي أنّها تحبّ زوجها
وتوهمه بذلك فقط لحماية أسرتها من التفكّك ،
بعد أن اكتشفت بعد فوات الأوان أنّهما مختلفان
ويصعب عليها قبول طباعه
فترغم نفسها على التقبّل أملا في أن يتغير .

أمّا الكذب غير المقبول
فهو الذي يمس العلاقة بين الزوجين ؛
وقد يدمّرها إن لم يستحضر أحد الزوجين
ـ المكذوب عليه ـ
الصبر والحكمة والتريّث حتّى يتبيّن الحقيقة ؛
ومن الأمثلة عليه:
* زوج يغمر الزوجة بالأحلام ،
ثم تكتشف أنّه تزوّجها طمعا في مالها ، وأنّه إنسان فاشل .
*أو يكون فاسد الأخلاق ويموّه لإعطاء صورة مخالفة
إلى أن تأتيها أخباره من خارج البيت ، أو يقع في مشاكل .
*أو الزوج الذي يدّعي حبّ زوجته ،
فإذا بها تتفاجأ بأنّه متزوّج وعنده أولاد ،
*أو تكتشف أنّه على علاقات محرّمة عبر النّت
أو تكتشف رسائل أو أرقام بنات في هاتفه الجوّال
ويدّعي إمّا أنّ الموضوع انتهى
أو أنّهن زميلاته في الشغل ..
*أو تكتشف أنّ اسمها في هاتفه اسم مضحك أو مخيف ،
وهذا دليل عدم احترام ،
والزوجة التي تحترم نفسها لن تقبل أن يكون اسمها
: الشرطة
أو أمنا الغولة أو ريا وسكينة ،
أو غيرها من الأسماء التي يدّعي الزوج أنّه يختارها
حماية لزوجته في حال ضياع الجوال
أو اطلاع الغير عليه في غفلة منه ،
بحيث لا يتعرّف غريب على أهل بيته ؟
فهل بهذه الوسيلة تحمي زوجتك ؟ !
أليس هذا الخطأ كاف لهدم أسرة أو قتل الثقة في الزوج؟ ،
كم من الزوجات طلبن الطلاق أو طلبن تعويضا كبيرا
لأنّهن يرفضن أن تمتهن كرامتهنّ ـ
لأنّ ذلك تعبير على أنّ لا حبّ يحمله لزوجته
من ينعثها بهذه الصفات . .
ولأنّ أكذوبة الكذبة البيضاء مجرّد أكذوبة
لأنّ الكذب كذب ولا ألوان له .

هل يحلّ الكذب المشاكل :
يؤكّد الواقع والتصريحات والمشاكل التي تعرض هنا في النافذة ؛
أنّ الكذب قد يؤجّل انفجار المشاكل ؛ لكنّه لا يمنعها .
وبدل الكذب المذموم يمكن أن يتمّ السكوت على الموضوع
أو تأجيل التصريح به لحين تهيٍيء الطرف الآخر لاستقباله بهدوء
إن كانت أو كان يتوقّع ردّة فعل عنيفة من الطرف الآخر .
كأن تخفي عن زوجها خطأ ارتكبه الطفل
خوفا من تصعيد الموقف
إن كان الزوج متسرّعا في ردود أفعاله أو عنيفا
وقد يضطرّ بعض الناس للكذب في بعض الأمور البسيطة
التي قد لا يكون لها تأثير على سير الحياة،
وهذا النوع يمكن أن نسميه تورية أو إخفاء أو مداراة
لتفادي وقوع مواجهات من المؤكّد أنّها ستحدث
حين يكتشف الطرف الآخر
الذي لا يرضى أن يكون مخدوعا
لأنّه يعتبر أنّ الآخر يستهزئ به ويسخر منه .

هل للكذب مسوّغات ومبرّرات
قد يقع أحد الطرفين في ورطة ولا يستطيع إخبار الآخر ،
وذلك في الحالات التالية
*مواقف محرجة وغير مشرّفة أمام الطرف الآخر :
كأن يقال الزوج من عمله لأنّه ارتكب خطأ مهنيا كبيرا
ويبرّر ذلك بأنّه فرض عليه
وخيّر بين الاعتراف على زميله في الشغل
والتوقيع على ورقة تدينه و بين تقديم استقالنه .
ففضّل الاستقالة .
لكن الصحيح أنّه أقيل لأنّه ارتكب خطأ مهنيا .
لكن الزوجة تكتشف السبب الحقيقي ؛
فماذا يكون الموقف ؟
هنا سيكون الزّوج مضطرا للاعتراف والاعتذار ،
وسيخسر ثقة زوجته به إلّا في حالات
تكون فيها الزوجة متسامحة وواثقة
في أنّ زوجها غرّر به وجرّ إلى الخطأ .
وقد يكون الكاذب كذّابا ؛ أي أنّ الكذب جزء من تركيبة شخصيته .
كهذا الزوج الذي يقول لزوجته كلّ نهاية أسبوع :
أنا ذاهب إلى الداخلة ـ مدينة ـ،
ولأنّه مهندس وزوجته تعرف أنه يسافر في مأموريات ؛
تحضّر حقيبته دون أدنى شكّ في سلوكه ؛
إلى أن اكتشف معارفهم أنّه يذهب فعلا إلى *الداخلة *،
لكن ليس المدينه البعيدة بل فندق في نفس مدينتهم
يمضي فيه الويك أند فيما يغضب الله فكانت النتيجة الطلاق ،
لكن البنت لأنّها محترمة طلبت منه الطلاق دون فضائح
لأنّها كافحت كثيرا لإقناع أهلها به ..
وفي سلوكها هذا نوع من المداراة ـ كذب ـ
لأنّه إخفاء للحقيقة ؛لكنّ الغرض منه نبيل لأنّ فيه دفاعا عن كرامتها .

أسباب الكذب :
* تربوية : أن الفرد ينشأ على الكذب
لأنّه كبر في أسرة كلّ أعضائها يكذبون على بعضهم وعلى الآخرين
فتشبّع بهذه الصفة ، وهذه الحالة صعب علاجها ؛
تتطلّب صبرا ومثابرة وتغييراللذّات قبل الآخر ؛
لأنّ فاقد الشيء لا يعطيه.
* اجتماعية : الظروف الخارجية والعائلية ،
تشجع الفرد على الكذب للحصول على طلباته
أو الخروج من المشاكل .
*ويتولّد ويرتبط بهذه الأسباب الأسباب النفسية
والتي تتمثّل في الخوف من المواجهة والانكشاف ،
إذ حين يجد أحد الزوجين نفسه محاصرا ومطالبا بقول الحقيقة
يضطرّ كردّ فعل إلى الكذب .
وفي هذه الحالة يرتبط هذا السلوك بضعف الشخصية
والخوف من ردود فعل الطرف الآخر .

وآثاره
بلا شك تختلف باختلاف تقدير الطرف الآخر ،
إلّا أنّه في جميع الحالات سلبي لأنّه يهزّ الثقة بين الطرفين
وقد يمحوها فتتحوّل حياة الأسرة إلى جحيم من الشّكّ والتوجّس .
وهو سلوك مذموم إلّا ما سمح به الشّرع
كما قالت أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها :
* ما سمعت رسول صلى الله عليه وسلم
رخص في شيء من الكذب إلّا في ثلاث :
الرجل يقول القول يريد به الإصلاح ،
والرجل يقول القول في الحرب والرجل يحدّث امرأته والمرأة تحدّث زوجها ..*
وقولها نقلا عنه عليه أفضل الصلوات :
**ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا ،**
ومن أسوء آثاره ما انتقل إلى الأبناء فطبع شخصياتهم
بالازدواجية والنفاق وركوب السهل
لأنّ بعض الكذب يخرج من المشاكل ويجنّب العقاب ؛
لكنّه حلّ آني ، ولذلك ينبغي أن نبذل وسعنا
لتربية وتدريب أبنائنا على الصدق ،
وأن نكون صادقين في تعاملاتنا وعلاقاتنا .
ونساعد كلّ مصاب بهذه العاهة على التخلّص منها
بالنصيحة والتنبيه والوعيد
لنكون فعلا خير أمّة أخرجت للناس .

تعليق