هل سي "السيد" ما زال موجودًا؟!

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • infirmiere
    النجم البرونزي
    • Mar 2008
    • 667

    هل سي "السيد" ما زال موجودًا؟!

    بعد تحمل أمينة المسئولية
    هل سي "السيد" ما زال موجودًا؟!
    رانيا علي

    بمجرد دخوله المنزل كان الجالس يقف، والمتكلم يصمت احتراما، وربما خوفا من بطش سي السيد، وكان الأبناء يرتعدون خوفًا بمجرد سماع صوت خطواته قادما، وكان خروج "أمينة" بدون إذنه أو مجرد أن يلمحها غرباء يعد كارثة في حد ذاته، أما اليوم مع انشغال الأزواج على اختلاف مستوياتهم المادية بتحسين الدخل، أصبح دور الأب قاصرا على مجرد التمويل المادي، وأصبحت الزوجة مسئولة عن الأبناء من الألف إلى الياء؛ مما أدى بكثير من السيدات للشعور بندية في التعامل مع أزواجهن، أفقدت الرجل سطوته وشخصيته أمام أبنائه، فهل مع عدم وجود "أمينة" لا يزال -سي السيد- موجودًا؟!
    أمينة امرأة عاملة

    "ثناء".. كغيرها من الزوجات تشكو منذ بداية زواجها من انشغال زوجها بالعمل معظم الوقت، إلا أنها وجدت في الخروج مع أولادها الحل الوحيد للخلافات الزوجية التي كثيرا ما وصلت لحد الطلاق، وأصبحت تفضل الخروج معهم في أي مكان بمفردهم حتى في وجوده، فقد اعتادوا على ذلك.
    تقول "ثناء" كلما ذهبت لأي مكان.. مطعم - سوق تجاري - أو حتى دار عرض سينمائي، وفي أي وقت أجد أن 90% من الحضور سيدات بصحبة أبنائهن، فتأكدت أنها حالة عامة وليست خاصة، ولا أرى في ذلك أدنى مشكلة ما دمت أتصرف بحكمة، وأحترم زوجي في غيابه.
    أما "أحلام" فمذ كانت صغيرة وهي ترى أن العلاقة بين الزوجين يجب أن تقوم على تبادل مشاعر الحب والاحترام حتى يتمكن الزوجان من استكمال حياتهما، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
    وتنفيذا لهذه القناعة تزوجت أحلام بإنسان يحبها وتحبه، رغم أن دخلها الشهري ضعف راتبه، إلا أنها نحت التفكير في الفروق المادية جانبا، لكن بعد فترة من الزواج تيقنت أنها على خطأ، فمع المشكلات المادية وشعورها بأن زوجها لا يريد أن يسعى؛ معتمدا على دخلها الكبير فقدت الشعور بالاحترام الكامل له، وأصبحت تشعر رغما عنها أنها أقوى منه، وكلما احتدم بينهما نقاش تجد نفسها تقول له: "أنت عارف البيت ده بيصرف كام؟ وانت بتشارك بكام؟".
    الأب يتنازل عن موقعه

    وتحكي "سهير" عن زوجها الذي كان يعمل في إحدى دول الخليج، وكيف أعتمد بعد عودته على فوائد البنوك، وعندما طالبته باستثمار أمواله في أحد المشاريع التجارية رفض بشدة متعللا بالخسارة المادية التي مُني بها في مشروع سابق، مفضلا البقاء بالمنزل دون عمل!.
    تضيف سهير: بعد فترة أصيب زوجي بالاكتئاب من شدة خوفه علينا، وأصبحت أنا المسئولة عن المنزل، وفجأة لاحظت شيئا أصابني بالحزن الشديد، فأبنائي بدءوا في فقد احترامهم لهذا الأب الذي أمضى عمره في سبيل إسعادهم، برغم حبه الشديد لهم، ولكن عقلانيته وسيطرته أفقدتنا متعة الجلوس معه، وأصبحت الماديات هي التي تحكم العلاقة بيننا وبينه.
    "أمي شخصيتها أقوى من شخصية أبي".. هذا ما قاله "أحمد" ابن الأسطى طارق سائق التاكسي، الذي يخرج من السابعة صباحا للعمل، تاركا مسئولية المنزل لزوجته هدى الحاصلة على دبلوم تجارة، والتي لا تهتم إلا بادخار المال؛ لتظهر بمظهر لا يذكرها بأنها زوجة سائق.
    يقول أحمد بنبرة ساخطة: دائما أجد أمي هي المسيطرة على المنزل حتى في وجود والدي، وإذا حدث واعترض تتعلل برغبتها في رفع مستوانا المادي والاجتماعي، ولكن هذه الطريقة في التعامل جعلتنا نخاف من أمي -ونعمل لها ألف حساب- أكثر من والدي، وحينما أصبحت أبا شعرت كم عانى والدي من تعاملي معه بشيء من الحماقة واللامبالاة.
    رجولة متهالكة

    من جانبه، يقول الدكتور محمد المهدي استشاري الطب النفسي بجامعة الأزهر: في الماضي حينما كان الرجل هو المصدر الوحيد للإنفاق في المنزل كانت له السيطرة المطلقة على أفراد أسرته، مما يقوي إحساسه بالرجولة الكاملة، لكن مع تدني المستوى الاقتصادي وما صاحبه من تغيرات اجتماعية اختلفت المعايير فانقلبت الموازين.
    فكما هو معروف أن من يملك يحكم ويشعر باستقلال شخصيته، وبالتالي لا يرضى أن يتحكم فيه أحد حتى وإن كان الزوج أو الأب، فالزوجة العاملة تتوقع مساعدة الزوج ولا تتنازل عن الشعور بالندية فلا فضل لأحدهما على الآخر، ومن هنا تنشأ العديد من المشكلات الأسرية.
    أما بالنسبة للأبناء فنحن نعاني من أزمة جيل متحرر من القيد الأبوي، فهذا الرمز يتعرض للسخرية والتهكم منذ فترة في وسائل الإعلام حتى كاد يتعرض للمهانة على أرض الواقع.
    ويرى المهدي أن معالم الرجولة عند كثيرين بدأت في التهالك، فلم يعد يوجد الرجل الشهم النبيل الذي لا يقبل أي مساعدة من الزوجة أو الأبناء، كما نجد الكثير من الأزواج ينفقون أموالهم على أمورهم الخاصة ويتخاذلون عن أداء دورهم في الأسرة، جاهلين أو متناسين أن القوامة ليست حقا مطلقا، فهي لا تقتصر على القوة الجسدية، بل تشمل أيضا القدرة على الإنفاق كما قال تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}، وإذا لم يتمسك الرجل بصفاته الرجولية من إنفاق ورعاية وقيادة حكيمة، مع التأني في اتخاذ القرارات، يؤدي ذلك إلى اهتزاز صورة الرجل لدى الزوجة والأبناء، ومن ثم اهتزاز احترامهم له شخصيا.
    فقدان القوامة

    وتوضح د. ملكة دراز أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر والمحامية في الأحوال الشخصية أن مجتمع اليوم فقد الأسس الشرعية التي تحكم العلاقة بين الرجل وزوجته وأبنائه، وبالتالي فقد إنسانيته.
    وتذكر أن القوامة مجموعة من الأحكام الشرعية التكليفية التي أوجبها الله على الرجل بوصفه زوجا أو أبا أو وليا، إلا أنها فقدت مقومات وجودها في ظل مجتمع فقد الأصول والثوابت التي أوجدها الله، فرجال اليوم أو أنصاف الرجال أصبحوا يعتمدون على المرأة، سواء كانت أما أو زوجة أو أختا أو ابنة إلا من رحم ربي، ولم يتبق اليوم من مفهوم القوامة عند الرجال إلا أن يضرب زوجته تأديبا لها، وهذا ما روج له أصحاب الجمود الفقهي الذين يرون أن قوامة الرجل تعتمد على البنية الجسدية بصرف النظر عن العقلية، وهم في هذا يتشابهون مع سلطة حمورابي وبابل وآشور والمجتمع الروماني، التي كانت تؤمن بسلطة التعذيب التي يمتلكها الرجل.
    وتتابع: أكبر دليل على ذلك ما نراه من مشكلات وقضايا ترفعها كثير من الزوجات ضد أزواجهن؛ بسبب التعدي بالضرب أو الإهانة اللفظية، ظنا منهم أن ذلك دليل على قوة الشخصية، غير أن الواقع أثبت أن مع أول مرة يمد فيها الرجل يده على زوجته يفقد احترامها له، وتتحول العلاقة الزوجية إلى أي مسمى آخر، ويزداد الأمر خطورة حينما يشاهد الأبناء مثل هذه المواقف، خاصة إذا كانت الأسباب مادية، وهذا ما يحدث غالبا، فترتبط عند الأبناء صورة الأب بالقسوة، وعدم القدرة على تلبية مطالبهم، وبالتالي يبتعدون عنه ماديا ومعنويا.
    وتقول د.ملكة دراز إننا نشاهد علامات القيامة الصغرى التي أوضحها لنا الرسول الكريم، ومنها تخنث الرجال واسترجال النساء، وما نشاهده من أعمال فنية أثرت بشكل سلبي على الشباب، فلم يعد يوجد مثل أعلى يحتذى به، فقد فرغت العقول إلا عن الهزل والسخرية التي صمت آذان الشباب، وأعمت عيونهم إلا عن كل ما يبعدهم عن الطريق الصحيح.
    وتلقي د. ملكة بالمسئولية في فقد الأصول الشرعية على تراجع بعض علماء الدين عن أداء مسئولياتهم، وأنه إذا فسد العلماء فسد الملوك والناس، وأن دور الأسرة يأتي في المرتبة الثانية فالأب والأم لم يعودوا يربون أبناءهم الذكور على القوامة، والاعتماد على النفس، وحماية أخواتهم البنات، ويتعاملون معهم على أنهم أطفال حتى يبلغوا سن الثامنة عشرة حسب القانون الوضعي، وهذا مخالف تماما للسيرة النبوية، فقد عين الرسول أسامة بن زيد على الجيش وكان عمره لا يتجاوز الثامنة عشرة.
    الأم وحدها لا تكفي

    وتشاطرها الرأي د. زينب النجار أستاذ التربية جامعة الأزهر مؤكدة أننا لا نستطيع إلقاء المسئولية كاملة على الأب، وأن التغيرات الاجتماعية وتراجع المؤسسات التربوية عن دورها هو المتهم الرئيسي لما وصلنا له من تفكك أسري على جميع المستويات، وتنكر على بعض الآباء إغداقهم المال على أبنائهم لإلهائهم عن غيابهم، وإلقاءهم بمسئولية التربية على الأم وحدها، متناسين أن العلاقة الزوجية مشاركة وجدانية قبل أن تكون فردية مادية، فغابت صورة الزوجين المتشاركين في كل شيء بداية من "الغيط" وحتى المرأة التي وقفت إلى جانب زوجها في أشد الظروف السياسية؛ فأصبحت الأم تعاني هي الأخرى من عدم الاكتفاء النفسي، ومن ثم لم يعد لديها هذا الثبات النفسي والانفعالي الذي يجعلها تحسن إدارة المنزل، بل إن هذا قد يؤدي لانحراف بعض الزوجات أخلاقيا، ولا فرق في ذلك بين امرأة عاملة أو ربة منزل.
    وتضيف د. زينب قائلة: في الماضي كان يروي لي والدي حكايات عن أمثلة سيئة من الشخصيات تعلمت منها الكثير، أما الآن أصبح الأب لا يجد وقتا لتربية أبنائه دينيا واجتماعيا، بل أصبح -رغما عنه في كثير من الأحيان- بمثابة قدوة سيئة لهم، وتتوقف عن الحديث متسائلة كيف لأب يسرق ويكذب، ويدخن السجائر، وينطق لسانه بالكلمات النابية، ثم يطلب من ابنه ألا يفعل شيئا من ذلك؟!.

    صحفية مهتمة بالشأن الاجتماعي.



    [
  • عاشقة التحدي
    عضو نشيط
    • Feb 2010
    • 158

    #2
    الف شكر على الموضوع اللميز..فعلاعندما يفقد الرجل شخصيتة وواجبة تجاة عائلتة وتفقد المرءة هويتها وتتخلى عن اطفالها بحجة العمل....تعم الفوضى وتنهار الأسرة والضحية هم الأبناء...موضوع مميز

    تعليق

    يعمل...