السلام عليكن ورحمة الله تعالى وبركاته
من زمان ما كتبت في هذا الركن الجميل المليء بالنصائح والمشاركة بالعواطف
والمشاعر والتشجيع للأفضل من قبل كل الأخوات الفاضلات
وشاءت الأقدار أن أكتب في هذا الركن محنة مررت بها أنا وابنتي
ولولا فضل الله تعالى وحفظه وحده لما كانت بي حياة لأكتب لكم هذه السطور
بدأت القصة بيوم عادي أنزلت فيه ابني لأسفل البناء من أجل باصه
ثم ذهب زوجي لعمله وبعد ساعة ذهبت للنادي الرياضي لإنقاص ما زاد وفاض من وزني بعد الولادة
وبعد عودتي شرعت بالطبخ وتذكرت بأن الغد هو يوم الجمعة
وكان جاية على بالي أشوي دجاجة وناكلها بكل بساطة بالحديقة
وتذكرت بأن منقل الفحم على البرندة
وهنا سأقف قليلاً لأشرح لكم البرندة ما لها وما عليها:
نحن نعيش في الطابق رقم 20 يعني البرندة عندنا لا قدر الله خطيرة جداً
والمشكلة بأن باب البرندة ردفتان والاثنتان زجاج من فوق لتحت تفتح واحدة منهما
بينما تبقى الأخرى ثابتة لا تتحرك أبداً
والمشكلة في ردفة الباب المتحركة بأنها لا تفتح إلا من الداخل وليس لها قفل
من الخارج
يعني لو أغلق أحدهم باب البرندة المتحرك وهو في البرندة فلن يفتح مهما حصل
إلا لو كان هناك أحد معه داخل الشقة ليفتحه له
وحصل معي منذ أكثر من سنة كل ما قلته لكم ولألطاف رب العباد كان ابني معي
وحبسنا على البرندة حتى أتى زوجي وجلب معه صانع المفاتيح لكسر قفل البيت
لأنني كنت قد قفلت باب البيت خلف زوجي وتركت المفتاح بالقفل
فحين يريد زوجي أن يفتح باب البيت لن يفتح معه ما لم أحرك مفتاحي من داخل الشقة لخارج القفل
وطبعاً مجيء زوجي كان بعد ساعتين من حبسي على البرندة أنا وابني وبعد أن أبلغته بطريقة مضحكة جداً
الحمد لله طبعاً كنت متحجبة يومها لما طلعت للبرندة ومن الطابق العشرين ولا يوجد معي
جوال أو أي أحد داخل الشقة ليفتح لي
سبحان الله نظرت لطرف البرندة من الخارج عند الدرابزين فوجدت بضع حجرات صغيرة موجودة من تشطيب البناء (لأن البناء كان لا زال جديداً)
ونظرت للأسفل فوجدت الناطور ومعه رجلين أو ثلاثة
قلت بسم الله ومسكت حجرتين ورميتهم فتنبه لهم الناطور ومن معه
أشرت له بيدي بأن باب البرندة قد أغلق فلم يفهم
فأشرت له بالصعود للأعلى
فصعد، صار يرن بالجرس وأنا أصرخ له من وراء باب البرندة بأن باب البرندة قد أغلق
علي وأنا وابني حبيسان في الخارج ومفتاح البيت داخل قفل باب البيت وبأن يتصل بزوجي ليخبره
بأن يأتي ويجلب معه صانع المفاتيح
بعد خمس دقائق وجدت الناطور قد أطل علي من برندة البيت الذي بجانبنا وكان لم يفهم مني شيء مما قلته
فشرحت له وأنا أراه من البرندة التي علقنا عليها وهو على برندة البيت الذي لم يسكن بعد لأن البناء كما أخبرتكم كان لا يزال جديداً ولم يسكن بأكمله
فمد لي يده بجواله لكي أتصل منه فرفضت وقلت له أخاف أن يقع جوالك مني ونحن في الطابق العشرين فاتصل أنت وقل له
لقنته جوال زوجي واتصل به وشرح له كل شيء وبسبب الزحمة الخانقة في الشارقة وحتى وجد زوجي صانع مفاتيح بقيت على البرندة حبيسة مع ابني لمدة ساعتين
كان لا بد من ذكر كل تلك الواقعة القديمة حتى تفهموا معي ما حصل معي في الحادثة الجديدة
وبعد فترة أصبح ابني يفتح باب البرندة لوحده فاستملكنا الخوف أنا وزوجي مع أن مقابل باب البرندة يوجد الكنب ولكن ابني ما شاء الله عليه ينط فوق الكنب ويفتح
باب البرندة ويصبح بداخلها مباشرة
وفكر زوجي بطريقة تمنع ابننا من فتح باب البرندة والخروج عليها
وكانت الفكرة هي في وضع خشبة طويلة ضمن سكة باب البرندة
فعندما يتم فتح باب البرندة تمنع الخشبة باب البرندة من المشي على سكته وبالتالي
لا يفتح إلا بمقدار أقل من الشبر لا يسمح بمرور سوى الرأس فقط
وطبقنا الخطة ووضعنا خشبة في سكة الباب
وهنا سأتيكم بما حصل معي بتاريخ يوم الخميس 5 - 11 - 2009
رفعت الخشبة من سكة باب البرندة لأخرج ولم أخرجها من السكة بل لا زالت الخشبة
ضمن السكة ولكن واقفة يعني أصبح بالامكان فتح الباب والخروج للبرندة
وكنت قد وضعت ابنتي على الأرض لأغير لها حفاضها بنهاية الغرفة يعني بين مكان استلقاء ابنتي
وباب البرندة حوالي مترين
خرجت للبرندة وبلحظة سبحان الله هبطت الخشبة المذكورة في سكة الباب ودفعته قليلاً لتعلق الباب كما كان مطلوباً منه أن يعلق ولا يفتح ولكن هذه المرة
كنت على البرندة وليس داخل البيت ومفتاح البيت داخل في قفل الباب وابنتي على الأرض بدأت بالبكاء
في بادئ الأمر لم يستوعب عقلي ما حصل
هل من المعقول بأنني قد علقت على البرندة ولا زال باب البرندة مفتوحاً بمقدار الشبر تقريباً
والخشبة قد هبطت وتمنع الباب بأن يفتح معي وأنا بداخل البرندة
وسبحان الله كان الجوال معي
اتصلت بزوجي وأخبرته وكان ابني على وشك الوصول بباص المدرسة
جن جنوني ابنتي على الأرض تبكي بشكل هستيري وابني على وصول
فطمئنني بأن الولد معه قد ذهب للمدرسة وأخذه بدل أن يذهب بالباص
والحمد لله حلت مشكلة ولكن المشكلة الأكبر لا زالت قائمة
فزوجي حتى يأتي إلي ومعه صانع المفاتيح يحتاج لأكثر من ساعة بالأكيد لو ما قلت ساعتين كمان
زوجي على الهاتف يطلب مني أن أحاول دفع باب البرندة من سكته وأرفعه حتى يخرج من سكته
حاولت المستحيل حتى أنني حاولت ادخال نفسي عنوة من تلك المسافة المتبقية التي لم تغلق من الباب ولكن عبث
ألهمني الله تعالى بأن أغلق الستارة وبالفعل مددت يدي وأغلقت الستارة على باب البرندة وأنا عليها طبعاً
وحاولت دفع الباب
ربما ستبدأون بالقول ما هذا الجنون وما هذه الحركات
وأقول لكن ربما معكن حق لكن بكاء ابنتي استفزني لأعمل أي شيء
كانت جائعة وبنفس الوقت تحتاج لغيار
وبلحظة لم تكن بالحسبان كنت جالسة القرفصاء وأحاول دفع الباب لإخراجه من سكته
بل بأجزاء من اللحظة تحطم زجاج الباب كله فوق رأسي
علماً بأن الزجاج مدوبل يعني ليس زجاجاً واحداً بل اثنان يعني بيسموه زجاج دبل
لم أجد نفسي إلا وقد وقفت وابنتي تبكي أكثر وأكثر وبصوت مرتفع أكثر
مشيت على الزجاج لأنني لم أعد أعلم أين مشايتي تحت ركام الزجاج
مشيت فقط لألقي نظرة على ابنتي وأطمئن عليها
ولولا لطف الله وقدره لكنت قد أذيتها بفعلتي تلك
والحمد لله نظرت فوجدت أثار زجاج قليلة حولها
لأنه وبقضل الله بأن ألهمني إغلاق الستارة التي منعت الزجاج من الوصول لها
بالإضافة إلى الكنب الذي كان بعد الستارة
اطمئن قلبي لابنتي تكلمت معها فسكتت وقلت في نفسي
لا قدر الله لو أن شيئاً حصل لها لما سكتت أبداً
وكان بكاء المسكينة من الرعبة من صوت تحطم الزجاج
فطنت لحظتها لنفسي فوجدت رأسي يقطر بالدماء ويداي بالإضافة إلى قدماي
سحبت حوالي عشر قطع من علبة المحارم ووضعتها فوق رأسي لكنها ملئت
سريعاً بالدماء
أريد أن أحمل ابنتي لكن لن أستطيع لأنني خفت بأن ترمى فوقها قطعة زجاج
عندما أحملها من الزجاج الذي تكسر فوق رأسي وجسمي
ركضت إلى الحمام على رؤوس أصابعي وطريق سيري كله قطرات دماء وزجاج
تحممت بسرعة ولا زالت الدماء تقطر مني
وقفت لبرهة تحت الماء البارد حتى يقف الدم والحمد لله توقف وتقلص النزيف من رأسي حتى الربع لأنني قد وضعت عليه قماشاً وضغطت عليه
كل هذا وابنتي لا زالت تبكي
كل هذا وأنا لا زلت بحالة صدمة قوية مما حصل غير مصدقة لما أنا فيه
اتصل زوجي فقلت له مشي الحال فتحت الباب ودخلت
سألني كيف قلت له كسر الزجاج فدخلت
سألني لو كان بي أي شيء فقلت له لا الحمد لله كل شيء تمام
والحمد لله البنت بخير ما شاء الله
قال لي بأن في الطريق ويلزمه حوالي نصف ساعة حتى يصل
لبست ملابس نظيفة وحملت ابنتي من على الأرض
المسكينة كانت قد تعبت من كثرة البكاء
لم تصدق أنني حملتها واستمرت بالبكاء حتى بعد حملي لها
هدأتها بكلامي المستمر معها
هدأت ولكن بنفس الوقت كان جسمها لا زال يرجف
وعلى فكرة من لحظة دخولي من على البرندة بعد كسر الزجاج وبعد رؤيتها سليمة
ولساني يلهج بكلمة واحدة
طبعاً هي : الحمد لله
الحمدلله على كل شيء
الحمد لله على سلامة ابنتي قبل كل شيء
باختصار جاء زوجي وأخذني اسعاف للمشفى
قاموا بخياطة معظم جروحي في يدي وفي رأسي
وتمت مسائلة زوجي خوفاً من أن يكون الموضوع جنائياً
رجعنا للبيت ونحن في حالة ذهول كيف انقلب يومنا على عكس طبيعته
ولكن أن تتخيلن شكل البيت عند دخولنا أرضه بين زجاج مفتت ودمائي التي جفت
والمنتشرة في خط سير من البرندة للحمام وعلى الستائر
نظر زوجي للزجاج وقال الحمد لله الذي انكسر لقطع صغيرة بدل من قطع كبيرة
وإلا كانت كل قطعة كالخنجر لا قدر الله تعالى
وشرعنا بتنظيف البيت وشطفه خوفاً من قطع الزجاج الصغيرة على أولادنا وأنفسنا
والبارحة ذهبت لمشفى آخر لأن المشفى الأول أصروا على عدم وجود
زجاج في قدمي رغم ألمي وإصراري على وجود زجاج في أحد الجروح لأنني لا أستطيع الوقوف على قدمي كاملة
وأصرت الطبيبة الهندية في المشفى الثاني أيضاً على عدم وجود قطعة زجاج
بعد كشفها على الجرح
وعندما شرعت الممرضة بتنظيف جروحي قامت بعصر جرح قدمي وسبحان الله
قفزت قطعة الزجاج من جرحي
واليوم قطعت القطب التي في خياطة جروح يدي
والتي لم أتمكن من قصها قصها لي ابني بالمقص بعد أن شرحت له كيف وبعد تعقيم المكان والمقص طبعاً
باقي علي قطب رأسي التي لا أراها جيداً
بصراحة لا أستطيع تحمل أية قطب على جسمي بالذات لأنه تظهر لدي أكزيما من
كل شيء أجنبي على جسمي من قطب ومن لصقات طبية ومباشرة يصيبني الطفح في جلدي وهذه كانت بالنسبة لي معاناة بعد ولادتي بابنتي بالعملية القيصرية فالله وحده أعلم بما عانيت بمكان الجرح وما حوله بسبب اللاصق الذي وضعوه على جرح العملية بسبب الأكزيما والتهاب الجلد من اللاصق
هذه هي محنتي التي عشتها قبل يومين
والتي أنجى الله تعالى منها ابنتي وأنا معها والحمد لله على كل حال
وطبعاً أنا في حالة من الصدمة حتى الآن ولا زالت لحظة تكسر الزجاج تدوي في أذناي
ويلازمني الحزن أيضاً بسبب غربتي التي تبعد عن الأهل الذين في مثل هذه المواقف خير معين وخير مواسي
وبسبب الجيران الذين من كثرتهم فهم كعدمهم
ألم يسمع أحد صوت تحطم الزجاج أو صراخ ابنتي طوال ساعة كاملة وتساءل بل وشرع بدق الباب علي والاطمئنان
هذه هي حال الغربة هنا في هذا البلد كل واحد بحاله ولا أحد يهتم بأحد
الدنيا أخذة كل واحد بديرة وبحالة خاصة
ومن لحظتها وأنا في محاسبة باطنية مع نفسي فيما أذنبت وفيما قصرت وفيما عملت
خوفاً من أن تكون هذه المحنة عقاباً لا امتحاناً من عند ربي
ومع أنني لا أحب أن أذكر مثل هذه الأشياء لكن كان للحسد نصيب
ففي النادي الرياضي تلقيت عدة تعليقات من نسوة كثر حولي وحول ابنتي بالذات
والحمد لله قرأت عليها ونفخت عليها سورة قل أعوذ برب الفلق
وخلال لعبي على جهاز السير كنت أردد الاستغفار الكبير
ولعل ما قرأته على ابنتي واستغفاري هو ما خفف عنا هذه المحنة
فليس هناك من بركة وفضل مثل كلام الله عزوجل واستغفاره
وللفت النظر فقد كن معظم هؤلاء النسوة هنديات وفلبينيات غير مسلمات ولم يتفوهن بكلمة ما شاء الله
اللهم لا تبخل علينا بفضلك وحفظك لنا في رعايتك ورحمتك
تعليق