بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كتبت نوران الحبيبة فى مذكراتها كلمة فجرت فى داخلى بركان من ذكريات ايام الحرب
الطهى على بابور الجاز
فجأه تذكرت كل شئ
ياالله
كيف دفنت هذه الذكريات الاليمة فى داخلى عشرات السنين
رايت امى امام باب الشقة
امامها صفيحة فارغة
ثم صعد رجل و ملآها لها بالجاز
اتذكر رائحته النفاذة تملآ انفى
كان عمرى خمس سنوات
لم ارى ابى الحبيب خلالها كثيرا
و كلما سألت امى عنه
قالت بشموخ و عزة : بابا على الجبهه
لم افهم ماذا تعنى الجبهه
لكن بالتاكيد هى مكان يدعو للفخر
و اشعلت امى بابور الجاز لكى تسخن عليه مياه لغسيل الملابس
و اوقفت اخى الصغير على كرسى امام الشباك حتى يتسلى بمشاهدة الشارع حتى تنتهى امى من مهامها
و كان بيتنا فى حى حدائق القبة امامة معسكر تدريب للجيش
كل يوم فى الصباح الباكر نتسلى و اخوتى بمشاهدة الجنود و هم يقومون بتدريباتهم الصباحية
وفجاة
شعرنا بقلقلة للارص من تحتنا
اعقبها انفجار عنيف
اطاح باخى من فوق الكرسى على الارض
و سمعت اصوات تحطم النوافذ الزجاجية و هى تتحطم من كل مكان
و دخلت امى الحبيبة ملهوفة مرعوبة تضمنا نحن الثلاثة الى صدرها
و تصرخ
ضربونا ولاد الكلب
ضربونا ولاد الكلب
مين ياماما مين ؟؟؟
الاسرائيلين
و من هم
و لماذا يضربونا ؟؟
و جرينا على الشباك فوجدنا الجنود الذين كانوا يهزون الارض بخطواتهم العسكرية
نائمون عليها
و المعسكر مشتعلة به النيران
و سيارات الاسعاف تحملهم و تملآ بدوى صفاراتها الاذان
ماذا حدث لهم يا امى
لقد أستشهدوا
يعنى ايه ؟؟
يعنى ماتوا فى سبيل الوطن
ماتوا ؟؟؟؟
و هنا ارتعبت و سالتها
و اين ابى
هو ايضا سيموت ؟؟؟
قالت ان مات فان الشهداء لا يموتون بل يحيون عند ربهم
و هل ساراه مرة أخرى ؟؟؟؟
لا
ربما ترينه فى الجنة
لكن لماذا ؟
لان الاسرائلين استولوا على سيناء و لا بد ان نسترجعها
و فى سبيل ذلك يجب ان نخوض الحرب
و فى الحرب يستشهد ناس كثيرون
فانصمدت مشاعرى
و مالى انا و مال سيناء و الحرب
انا اريد ابى
لا اريد الحرب
اريد ابى الحنون
الذى يضمنى الى صدره فى المساء
الذى يقص علينا قصصا جميلة يضحكنا بها و يسلينا قبل النوم
و جاء ابى فى اجازة 48 ساعة كما يقولون
فبادرته بالسؤال
بابا انت ستموت فى الحرب ؟؟؟
قال
ربما
لكن انا لااريدك ان تموت
اريدك ان تعيش معى هنا
و قلبى يكاد يتمزق من الحزن و انظر اليه املة ان يقول لى
حاضر حبيبتى لن اذهب للحرب
سابقى معك لاحكى لكى الحكايات الجميلة قبل النوم
لكنه لم يقول ذلك
بل قال لى
الذى يموت حبيبتى لا يموت لانه ذهب الى الحرب
بل يموت لان عمره قد انتهى
و اذا الرجال خافوا من الموت
و لم يدافعوا عن الاوطان
فلن يعد هناك وطن نعيش فيه
و سكتت
و بعد شهور
قامت الحرب
و اخذت اختلس النظر الى امى
لعلى اعرف من نظراتها اخبار عن ابى
لكنها لم تعرف
كانت صامته صامده
كانت تتحدث مع جاراتها عن كيفية عمل الصابون من الزيت و الصودا الكاوية
و كم كانوا سعداء لحصولهم اخيرا على قطع من الصابون الرديئة الصنع
فلم يكن بالبلد قطعة صابون
و يوم 24 اكتوبر
فتحت الباب ووجدت ابى
ستة و ثلاثون عاما مرت على هذه اللحظة
و مازلت اتذكر فرحتى
بل مازلت اشعرت بها كلما فتح الباب ووجدت ابى
متعه الله بالصحة و العافية و اطال عمرة
و مازلت حتى الان اكره الحرب
لكنى عرفت ان الحرب لا تقتل احدا
و انه لا فائدة لا بالمواجهه
رحم الله شهداء المسلمين و اسكنهم فسيح جناته
اللهم انزل علينا السكينة و الصبر
اللهم انصرنا على الاعداء
و الف شكر نوران حبيبتى على موضوعك الذى ذكرنى بايام كنت دفنتها فى اعماق ذاكرتى
تعليق