آخر صيحات سوق اللحم البشري
رحم للإيجار..!!
تحقيق: زينب عبداللاه
وأمل عبدالوهاب
اعلان مفجع.. أصاب كل من قرأه بالصدمة والدهشة فحواه أن سيدة في الثلاثين من عمرها تعلن من موقعها علي الانترنت استعدادها التام لتأجير رحمها مقابل 15 ألف جنيه للحمل الواحد وإيجار '300' جنيه عن كل شهر واستعدادها للقيام بذلك عدة مرات وأكدت في الاعلان صلاحيتها الكاملة للقيام بهذه المهمة فهي زوجة وأم لولدين يتمتعان بصحة جيدة وأنها ستقدم لمن يطلبها جميع التفاصيل والتحاليل والأشعة التي تؤكد خلوها من الأمراض وأنها تتمتع بخصوبة عالية واشترطت أن تكون الراغبة في التأجير مصرية أو عربية وليست أجنبية.
ورغم حجم الدهشة والصدمة التي أثارها هذا الاعلان وتأكيد الكثيرين علي أنه يؤكد وجود سوق جديدة للتجارة في اللحم البشري ولكنها سوق أكثر خطورة وفسادا من تجارة الأعضاء لأنها تفتح أبواب خلط الانساب والتلاعب في الجنس البشري إلا أن البعض خفف من هذه الصدمة ونظر إلي الاعلان علي أنه نوع من الهزل ولا يمكن أن يؤخذ علي محمل الجد، ولكن ما حدث اثناء حديث فضيلة المفتي الدكتور علي جمعة في برنامج البيت بيتك يوم الثلاثاء الماضي يؤكد أن أبواب جهنم قد فتحت بالفعل إن لم يكن في العلن فانها مفتوحة في الخفاء دون أن نعلم عنها شيئا.. فأثناء الحديث تلقي اتصالا تليفونيا من إحدي السيدات تشير فيه إلي أن شخصا تقدم ليتزوج من ابنتها وأنه متزوج من امرأة لديها مشكلة في التبويض وأنه يعرض الزواج من الابنة بغرض الحصول علي بويضة منها يقوم بتلقيحها لتوضع في رحم الزوجة الأولي التي لا تنجب..!!
وقد بدا في اجابة المفتي علي هذا السؤال حرصه المطلق علي اغلاق الباب تمام في هذه القضية وعدم مناقشتها بشكل مفصل مؤكدا أن هذا الأمر محرم شرعا وأن كل المجامع الفقية رفضته وحرمته لأنه لن يكون محددا من هي أم الطفل..
ورغم هذه الاجابة القاطعة إلا أن سؤال تلك السيدة بالاضافة إلي الاعلان السابق وفي اسبوع واحد يؤكدان أن هذه السوق الجديدة لتأجير الأرحام لاستخدام رحم سيدة لتوضع فيه بويضة ملقحة لسيدة أخري قد بدأت بالفعل، وأن الصفقات حولها تدور في الخفاء وهو ما يتخطي بمراحل خطورة وفساد الصفقات السرية لبيع الأعضاء البشرية فالأمر هنا يتعلق باختلاط الانساب والتلاعب في مصائر الجنس البشري.. فأيهما تكون الأم هذا فضلا علي تأكيد علماء الدين أن هذه العمليات تعد زني صريحا وجهرا بالفحشاء..
ولنا أن نتخيل ما يمكن أن يحدث إذا ما انتشرت هذه الصفقات لتتنازع الأم التي حملت وولدت مع الأم صاحبة البويضة علي أحقية أي منهما بالطفل المولود. كما أنه يمكن أن تستخدم أرحام الفقيرات كوعاء لبويضات الأغنياء بل وربما نجد المرأة الغنية الحريصة علي جمال جسدها تستأجر امرأة أخري لتستخدم رحمها لتحمل وتلد لها دون عناء.. فتكون الخادمة مثلا أما ومربية في وقت واحد وهل يمكن أن يكون هذا من علامات الساعة التي حددها رسول الله (صلي الله عليه وسلم) بأن تلد الأمة ربتها؟ أسئلة كثيرة ومفزعة يثيرها ما وقع الأسبوع الماضي.
فمن المعروف أن تأجير الأرحام بدأ في المجتمعات الأوربية والأمريكية منذ سنوات طويلة وبدأ بأن حملت أم بويضة ابنتها التي لا تستطيع الانجاب لتلد الجدة حفيدها وبعدها انتشرت هذه العمليات علي نطاق أكبر ورغم هذا حدث تنازع علي الطفل في بعض الحالات بين صاحبة البويضة وبين من تم تأجير رحمها لاحساس الأخيرة بالحنين ناحية الطفل بعد ولادته وذلك رغم الاتفاق المادي بين كل الأطراف..
حرام حرام
وتجدر الاشارة هنا إلي أن مجمع البحوث الاسلامية قد ناقش هذا الموضوع عام 2001 وأفتي بحرمة تأجير الأرحام سواء كان ما وضع في الرحم منيا أو بويضات أو حتي أجنة وكذلك حرمة تلقيح المرأة بماء زوجها بعد وفاته لأن العلاقة تكون قد انقطعت بينهما وهو أيضا ما أفتي به الدكتور نصر فريد واصل عندما كان مفتيا للجمهورية حيث اعلن أن استئجار الأرحام حرام شرعا وباجماع علماء وفقهاء المسلمين لأن الأصل في الفروج والدماء اسلاميا هو التحريم ولا يحل منها شيء الا بموجب شرعي وأن الشرع يحدد أن الانتفاع ببضع المرأة أو بأي جزء من جسدها لا يكون إلا لزوجها وولدها فقط كما أن انتفاع زوجها بذلك شخصي ولا يتعداه إلي غيره علي الاطلاق مؤكدا أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال التبرع بالانتفاع بالرحم أو تأجيره وشدد علي الحرمة البالغة لوضع بويضة مخصبة بمني رجل في رحم امرأة أخري لأن الاسلام حرم ذلك وجعل الانتفاع برحم المرأة حقا لها ولزوجها انتفاعا شخصيا ولا يملك أي منهما تأجيره أو التصرف فيه كما أنه لا يمكن قياس مسألة تأجير الأرحام علي مسألة الرضاعة، وطالب د. واصل بالالتزام بهذه الفتاوي والعمل بها شرعا.
وبناء علي هذه الفتاوي قرر مجلس نقابة الأطباء وقتها وبرئاسة الدكتور حمدي السيد عدم اجراء عمليات تأجير الارحام أو 'تأجير الأمومة' كما أطلق عليها وأكد الدكتور أسامة رسلان الأمين العام موقف النقابة بمنع اجراء هذه العملية اللااخلاقية واعتبارها مخالفة للائحة آداب المهنة وبالتالي يتم مساءلة الأطباء ومراكز الخصوبة التي تتولي هذه العملية واحالة القائمين عليها إلي لجنة التأديب بالنقابة وأن هذا القرار يأتي في اطار قرار مجمع البحوث الاسلامية ومفتي الجمهورية بحرمة هذه العمليات وكذلك قرار الجمعية المصرية للخصوبة والعقم برئاسة الدكتور محمد فياض.
كما أعلنت الجمعية المصرية للأخلاقيات الطبية عن رأيها في تأجير الأرحام مؤكدة أنها من الممارسات الطبية الفاحشة التي تمارس في المجتمعات الأمريكية والأوربية منذ سنوات طويلة وأنها تتعارض مع القيم الأخلاقية والدينية في المجتمعات الاسلامية ومثلها مثل الاجهاض المتعمد لاسباب غير طبية والاخصاب الصناعي من غير الزواج وبنوك الأجنة المجمدة وبنوك الحيوانات المنوية وبنوك الألبان واعتبرتها ممارسات ساقطة ومشينة تتعارض مع الحياء حتي لو كانت ترتدي ثوب الانجازات الطبية الحديثة مؤكدة أن هناك تجارب يقوم بها الأطباء في الخارج يندي لها الجبين ابتداء من حمل الرجال إلي تجارب انتاج أطفال معدلين وراثيا وغيرها من صور الفواحش والاعتداء علي أبسط القيم الدينية والاخلافية.
وإذا كان ما سبق يؤكد حرمة هذه العمليات من الناحية الشرعية والطبية إلا أنه يعني أن هناك بعض الأطباء ومراكز الخصوبة التي قد تقوم بهذه العمليات في الخفاء وبشكل سري وهو ما أكدته الواقعتان اللتان حدثتا الأسبوع الماضي.
يتبع
رحم للإيجار..!!
تحقيق: زينب عبداللاه
وأمل عبدالوهاب
اعلان مفجع.. أصاب كل من قرأه بالصدمة والدهشة فحواه أن سيدة في الثلاثين من عمرها تعلن من موقعها علي الانترنت استعدادها التام لتأجير رحمها مقابل 15 ألف جنيه للحمل الواحد وإيجار '300' جنيه عن كل شهر واستعدادها للقيام بذلك عدة مرات وأكدت في الاعلان صلاحيتها الكاملة للقيام بهذه المهمة فهي زوجة وأم لولدين يتمتعان بصحة جيدة وأنها ستقدم لمن يطلبها جميع التفاصيل والتحاليل والأشعة التي تؤكد خلوها من الأمراض وأنها تتمتع بخصوبة عالية واشترطت أن تكون الراغبة في التأجير مصرية أو عربية وليست أجنبية.
ورغم حجم الدهشة والصدمة التي أثارها هذا الاعلان وتأكيد الكثيرين علي أنه يؤكد وجود سوق جديدة للتجارة في اللحم البشري ولكنها سوق أكثر خطورة وفسادا من تجارة الأعضاء لأنها تفتح أبواب خلط الانساب والتلاعب في الجنس البشري إلا أن البعض خفف من هذه الصدمة ونظر إلي الاعلان علي أنه نوع من الهزل ولا يمكن أن يؤخذ علي محمل الجد، ولكن ما حدث اثناء حديث فضيلة المفتي الدكتور علي جمعة في برنامج البيت بيتك يوم الثلاثاء الماضي يؤكد أن أبواب جهنم قد فتحت بالفعل إن لم يكن في العلن فانها مفتوحة في الخفاء دون أن نعلم عنها شيئا.. فأثناء الحديث تلقي اتصالا تليفونيا من إحدي السيدات تشير فيه إلي أن شخصا تقدم ليتزوج من ابنتها وأنه متزوج من امرأة لديها مشكلة في التبويض وأنه يعرض الزواج من الابنة بغرض الحصول علي بويضة منها يقوم بتلقيحها لتوضع في رحم الزوجة الأولي التي لا تنجب..!!
وقد بدا في اجابة المفتي علي هذا السؤال حرصه المطلق علي اغلاق الباب تمام في هذه القضية وعدم مناقشتها بشكل مفصل مؤكدا أن هذا الأمر محرم شرعا وأن كل المجامع الفقية رفضته وحرمته لأنه لن يكون محددا من هي أم الطفل..
ورغم هذه الاجابة القاطعة إلا أن سؤال تلك السيدة بالاضافة إلي الاعلان السابق وفي اسبوع واحد يؤكدان أن هذه السوق الجديدة لتأجير الأرحام لاستخدام رحم سيدة لتوضع فيه بويضة ملقحة لسيدة أخري قد بدأت بالفعل، وأن الصفقات حولها تدور في الخفاء وهو ما يتخطي بمراحل خطورة وفساد الصفقات السرية لبيع الأعضاء البشرية فالأمر هنا يتعلق باختلاط الانساب والتلاعب في مصائر الجنس البشري.. فأيهما تكون الأم هذا فضلا علي تأكيد علماء الدين أن هذه العمليات تعد زني صريحا وجهرا بالفحشاء..
ولنا أن نتخيل ما يمكن أن يحدث إذا ما انتشرت هذه الصفقات لتتنازع الأم التي حملت وولدت مع الأم صاحبة البويضة علي أحقية أي منهما بالطفل المولود. كما أنه يمكن أن تستخدم أرحام الفقيرات كوعاء لبويضات الأغنياء بل وربما نجد المرأة الغنية الحريصة علي جمال جسدها تستأجر امرأة أخري لتستخدم رحمها لتحمل وتلد لها دون عناء.. فتكون الخادمة مثلا أما ومربية في وقت واحد وهل يمكن أن يكون هذا من علامات الساعة التي حددها رسول الله (صلي الله عليه وسلم) بأن تلد الأمة ربتها؟ أسئلة كثيرة ومفزعة يثيرها ما وقع الأسبوع الماضي.
فمن المعروف أن تأجير الأرحام بدأ في المجتمعات الأوربية والأمريكية منذ سنوات طويلة وبدأ بأن حملت أم بويضة ابنتها التي لا تستطيع الانجاب لتلد الجدة حفيدها وبعدها انتشرت هذه العمليات علي نطاق أكبر ورغم هذا حدث تنازع علي الطفل في بعض الحالات بين صاحبة البويضة وبين من تم تأجير رحمها لاحساس الأخيرة بالحنين ناحية الطفل بعد ولادته وذلك رغم الاتفاق المادي بين كل الأطراف..
حرام حرام
وتجدر الاشارة هنا إلي أن مجمع البحوث الاسلامية قد ناقش هذا الموضوع عام 2001 وأفتي بحرمة تأجير الأرحام سواء كان ما وضع في الرحم منيا أو بويضات أو حتي أجنة وكذلك حرمة تلقيح المرأة بماء زوجها بعد وفاته لأن العلاقة تكون قد انقطعت بينهما وهو أيضا ما أفتي به الدكتور نصر فريد واصل عندما كان مفتيا للجمهورية حيث اعلن أن استئجار الأرحام حرام شرعا وباجماع علماء وفقهاء المسلمين لأن الأصل في الفروج والدماء اسلاميا هو التحريم ولا يحل منها شيء الا بموجب شرعي وأن الشرع يحدد أن الانتفاع ببضع المرأة أو بأي جزء من جسدها لا يكون إلا لزوجها وولدها فقط كما أن انتفاع زوجها بذلك شخصي ولا يتعداه إلي غيره علي الاطلاق مؤكدا أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال التبرع بالانتفاع بالرحم أو تأجيره وشدد علي الحرمة البالغة لوضع بويضة مخصبة بمني رجل في رحم امرأة أخري لأن الاسلام حرم ذلك وجعل الانتفاع برحم المرأة حقا لها ولزوجها انتفاعا شخصيا ولا يملك أي منهما تأجيره أو التصرف فيه كما أنه لا يمكن قياس مسألة تأجير الأرحام علي مسألة الرضاعة، وطالب د. واصل بالالتزام بهذه الفتاوي والعمل بها شرعا.
وبناء علي هذه الفتاوي قرر مجلس نقابة الأطباء وقتها وبرئاسة الدكتور حمدي السيد عدم اجراء عمليات تأجير الارحام أو 'تأجير الأمومة' كما أطلق عليها وأكد الدكتور أسامة رسلان الأمين العام موقف النقابة بمنع اجراء هذه العملية اللااخلاقية واعتبارها مخالفة للائحة آداب المهنة وبالتالي يتم مساءلة الأطباء ومراكز الخصوبة التي تتولي هذه العملية واحالة القائمين عليها إلي لجنة التأديب بالنقابة وأن هذا القرار يأتي في اطار قرار مجمع البحوث الاسلامية ومفتي الجمهورية بحرمة هذه العمليات وكذلك قرار الجمعية المصرية للخصوبة والعقم برئاسة الدكتور محمد فياض.
كما أعلنت الجمعية المصرية للأخلاقيات الطبية عن رأيها في تأجير الأرحام مؤكدة أنها من الممارسات الطبية الفاحشة التي تمارس في المجتمعات الأمريكية والأوربية منذ سنوات طويلة وأنها تتعارض مع القيم الأخلاقية والدينية في المجتمعات الاسلامية ومثلها مثل الاجهاض المتعمد لاسباب غير طبية والاخصاب الصناعي من غير الزواج وبنوك الأجنة المجمدة وبنوك الحيوانات المنوية وبنوك الألبان واعتبرتها ممارسات ساقطة ومشينة تتعارض مع الحياء حتي لو كانت ترتدي ثوب الانجازات الطبية الحديثة مؤكدة أن هناك تجارب يقوم بها الأطباء في الخارج يندي لها الجبين ابتداء من حمل الرجال إلي تجارب انتاج أطفال معدلين وراثيا وغيرها من صور الفواحش والاعتداء علي أبسط القيم الدينية والاخلافية.
وإذا كان ما سبق يؤكد حرمة هذه العمليات من الناحية الشرعية والطبية إلا أنه يعني أن هناك بعض الأطباء ومراكز الخصوبة التي قد تقوم بهذه العمليات في الخفاء وبشكل سري وهو ما أكدته الواقعتان اللتان حدثتا الأسبوع الماضي.
يتبع
تعليق