انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض مغذي RSS

حالة بوح

{اسم على مسمى}

قيِّم هذا السجل
ذات يوم صيفي حار،كنتُ عائدا من عملي متجهًا إلى منزلي الصغير وقد أخذ مني التعب مأخذه، وسرى في جسمي وتفشى فيه كما لو كان مرضًا خبيثًا يتوغل في خلايا الجسم ويهشمها تهشيمًا.

في تلك اللحظة، كان أقصى ما أطمح إليه هو أن أعود إلى منزلي الصغير فأجد سريري الدافئ في استقبالي ينتظرني لألقي بجسدي المتهالك عليه وأنا أشرب كوبًا باردًا من الماء يفثأ لهيب الصيف الحار.
وبينما أنا غارق في تفكيري وزحمة المرور تكتم أنفاسي إذا بي اشتم رائحة أعرفها جيدا.
مسرعًا قررتُ تغيير اتجاهي لمصدر الرائحة وهناك رأيت ما توقعته تماما
فقد وجدت نفسي أمام مشهد محفور في ذاكرتي يتكرر أمام ناظري الآن.
إنه الرعب المطلق الذي سيطر على كوابيسي وحرمني لذة النوم.
للحظة كدت أولي هاربا من جحيم النيران المشتعلة في ذلك المنزل ذي الطابقين ولكنني سمعت صوتًا هز وجداني،
كان صوت طفل صغير ينبعث من ذلك المبنى باكيا يطلب النجدة.
مرة أخرى هممت بالهروب إلا أن شيئا ما لمع في ذاكرتي وذكرني بنفسي حين كنت طفلا محاصرا في بيتنا الكبير في القرية من قبل نيران لا ترحم،
فقررت مساعدة ذلك الطفل بأي ثمن كان.
بسرعة خاطفة، انتشلت هاتفي النقال من أحد جيوبي طالبا رقم المطافئ، اتصلت بهم راجيا إياهم أن يسرعوا.ثم شققت قميصي وسددتُ أنفي بقطعة منه بعد أن بللتها بالماء، ثم دخلت المبنى المحترق....
ما إن دخلتُ حتى أعمى الدخان الكثيف عيناي في محاولة لإثنائي عن عزمي، لكن ذلك لم يكن ليثنيني،
فأغمضت عيناي وأخذت أتحسس الطريق إلى الطفل مهتديا بصوت بكائه،
حتى وصلتُ إلى باب موصدٍ علمتٌ أن الطفل قابعٌ خلفه، حاولت فتح الباب ولكنه لم يستجب،
فأخذتُ أُلقي بجسمي عليه لعله ينفتح.
ولكن باءت محاولاتي الثلاث الأولى بالفشل، ولكن الضربة الرابعة كانت القاضية على ذلك الباب العنيد.
فُتِحَ البابُ فرأيتُ ملاكًا، نعم ملاكًا، فهو لم يكن طفلا عاديا
كان رضيعا لم يجاوز السنتين من عمره وما إن رآني حتى قال متلعثمًا : أنا خائف..
حينها شعرت أن قوة الكون كلها قد وضعت في جسدي المنهك، فحملتُ الطفل الصغير ..عفوًا أقصد الملاك الصغير على ظهري وأنا أتمتم: لا تخف، سنخرج من هنا سريعا يا ملاكي...

هرولت في طريقي للخروج محاولا الهروب من الألسنة الملتهبة بأقصى سرعة ممكنة،
ولكن الكثير من العراقيل والدهاليز التي خلتها للحظة أنها لا تنتهي أبدا وضعتها النيران في طريقي في محاولة يائسة أخرى لابتلاعي، ولكنني خرجتُ أخيرا....
وسط هتافات الجماهير التي تجمعت حول المبنى خلال دخولي إليه، خرجت من المبنى حاملا ملاكي الصغير على ظهري،
أنزلتُهُ، فهرولت أمه نحوه باكيةً واحتضنته قائلة: صغيري
أأنت بخير؟؟ أنا آسفة.. سامحني يا صغيري لن أتركك وحدك ثانية أبدا.. قالت تلك الكلمات وهي تمطره بالقبلات وتتفحص جسده محاولة اكتشاف أي اثر تركته النيران على جسد صغيرها.
ثم اتجهت بنظرها نحوي ونظرت إلي بنظرة ملؤها الامتنان والعرفان ثم قالت: شكرا...شكرا جزيلا أيها الشاب الشهم النبيل.
لم أجب سوى بابتسامة رسمتها بصعوبة على شفتي، في الواقع كنتُ منشغل البال كثيرا،
فقد كنتُ أتساءل:أنّى لي هذه القوة وتلك الشجاعة؟ أقصد كيف أمكن لجسدي المنهك فعل ذلك كله؟!؟ لم أكد انتهي من طرح أسئلتي حتى جاءني الجواب فهدأ بالي، فقد تيقنتُ أن الله برحمته أرسلني لأكون سببا في إنقاذ ذلك الملاك الطاهر.
وصلت شاحنات الإطفاء أخيرا بعد معترك طويل مع زحمة المرور وأخمدت النيران المندلعة في هشيم المبنى،
ثم توجه إليّ رئيسهم قائلا: نشكر جهودك المبذولة أيها الشاب النبيل، سيخلد اسمك في تاريخ بلدتنا، بالمناسبة ما اسمك؟
أجبت: اسمي نبيل يا سيدي.
فقال: ياله من اسم على مسمى!!تستحق تكريما يليق بشجاعتك يا نبيل.
قال هذه الكلمات وانصرف قبل أن أبدي له رغبتي في عدم الحصول على تكريم ولكن تم تكريمي في حفل صغير على أي حال...!
بالطبع لم أحفل كثيرا بجائزتهم أو حفلتهم بقدر فرحي واهتمامي وفخري بإنقاذ ذلك الملاك الصغير.

Submit "{اسم على مسمى}" to Google Submit "{اسم على مسمى}" to facebook Submit "{اسم على مسمى}" to twitter

تحديث 01-08-2010 في 08:00 PM بواسطة إيمآن

العبارات الاستدلالية: بدون تعديل العلامات الاستدلالية
Categories
قصصي..~

التعليقات

  1. إيمآن's صورة
    ]
    كبر الملاك الصغير أمام ناظري فأنا لم أفارقه منذ يوم الحادثة،
    فقد أحببته من أعماق قلبي وكان لي طفلي الذي حرمتُ منه
    وعكفتُ على تربيته بعد وفاة أمه وأبيه في حادث سير بعد حادث النيران ببضع سنوات.
    أصبح الملاك الآن طبيبا شهيرا
    يداوي من عرف بالشاب النبيل نبيل ومن أصبحوا في سنه من الكهول.
    تمت
لكِ | مطبخ لكِ