انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض مغذي RSS

بــوح الـــــذات..... وهمساتــي لــذاتــي

من وحي الإفراج عن أسير

التقييم: 2 صوتا, معدل 5.00.
جلست بيسان تستمع للمذياع بلهفة وهي تبذل جهدا لاخفاء قلقها...
كانت أسماء دفعة من الأسرى الذين سيتم الافراج عنهم تتوالى عبر المذياع

وفجاة علا صوت والدتها....
بيسان .. لم يعد هناك من وقت هيا..
فأهل خطيبك على وصول اليوم..
وعلينا ان ننهي الاستعداد لاستقبالهم..
وبعد قليل سيمتلئ البيت بالمهنئين والمرحبين والزوار..
هيا يا ابنتي...

اليوم هو يوم الحناء ؟؟ يوم جلوة العروس جلوتها هي..
كم انتظرت هذه اللحظة .. منذ ان تخرجت من الجامعة وأتي والد عاهد ليطلب يدها..
وكم فرحت حين أعلن والدها الموافقة مرحبا بابن بلده...

واليوم منذ الصباح الباكر .. خرج والدها وإخوتها لانتظار عاهد وأهله عبر الجسر .. فعاهد مقيم في فلسطين وهي في الأردن .. ومنذ أسبوع اتصل بها عاهد مبشرا انه استطاع أخيرا الحصول لها على لم الشمل(مما يعني أن باستطاعتها الإقامة في فلسطين مع زوجها وأهله)...
ومنذ ذلك الحين والبيت على قدم وساق.. لتجهيز العروس ومتطلباتها...
وحفلة الوداع لصديقات الطفولة والجامعة....
وقالت لنفسها .. ياه... أريد ثمانية وأربعين ساعة في اليوم كي انهي الترتيبات المطلوبة..
...
وجاء العصر.... ...

مالذي حدث...
لم يحضر الوالد .. والبيت امتلأ..
مائدة الطعام ناءت بحملها الذي لصبح باردا وبحاجة لعملية من التسخين..
نساء العائلة بدأن بالهمس.. واللمز...
مالذي جرى..
لم تأخر الركب... أين أهل العريس... أين والد العروس...
العروس حضرت من صالون التجميل ..
-قمر منور يا أخواتي..
قالت صديقة لها وهي تستقبلها على مدخل البيت وهي تخفي شيئا ما...
ارتفعت صوت زغاريد خجلا...
جالت بيسان بنظرها.. لم تجد أيا من أقارب عاهد....
قالت إحدى جاراتها... أنت تعرفين تعقيدات اليهود.. لعلهم مازالوا في التفتيش..
سيأتون بعد قليل لا تقلقي....
لا تقلقي....
مالت جارتها على إحداهن قائلة: يا إلهي .. هل هذه ليلة حنا .. أم ليلة عزاء...
الأصوات مخنوقة... وفجأة....
تعالت الأصوات تعلن وصول الأب... وزغردت النساء وارتفع صوت الغناء....
وتهلل وجه بيسان وأضاءت ابتسامة وسط دموع العين...
وكما ارتفعت الأصوات فجأة .. صمتت فجأة...
قال الأب بصوت مخنوق...
- لم يصل أحد.. يبدو ان شيئا ما قد منعهم
-لعل المانع خيرا... تابعوا فرحتكم..
وعلت الهمهمات تؤكد ..
-سيكونون هنا غدا...
-نعم لا بد أن يصلوا غدا....
قامت الصديقات بتطييب خاطر بيسان
-والغائب عذره معه... غدا ستذكران معا هذا الموقف وتضحكان كثيرا....
وقضت ليلتها بصحبة دموعها..
ماذا حدث...
وهل ستتابع ترتيبات الزواج..
هل تخلى عاهد عنها.....
الم يجد وقتا أفضل للتراجع............
أفكار سوداء تحوم بخاطرها....
أسئلة كثيرة تتجول في رأسها وتنتهي بسؤال.. لماذا..
منذ يومين كلمها وكان يستعجل الوقت كي يكون معها..
رنين الفرح بصوته.. السعادة كانت تغمره
كم تمنى حينها لو أن لديه جناحان ليحلق ..
ويسبق الزمن....
ليكون معها..
حدثها عن البيت والتجهيزات التي انتهى منها..
حدثها عن مفاجأة ستكون بانتظارها ..
عن حلمهما الذي قارب ان يتحقق..
و....و....و.....و
لماذا لم يأت...
وما ان أشرقت الشمس حتى نهضت متثاقلة...
وجدت أباها وأمها في صالة البيت ..
الدموع تترقرق في الأعين...
ورأت دمعة تنحدر على خد الوالد... sid
بهدوء ذهبت وألقت بنفسها بجانبه...
أبي مالذي حدث.....

آه يا بيسان... سبعة وعشرون عاما مرت.. ومازلت تذكرين دمعة الوالد ...
ما اصعب دموع الرجل حين يبكي قهرا...
حين يبكي عجزا..
ومازالت الأسماء تتوالى....
وفجأة....
صرخت فتاة صغيرة....
عمتي... عاهد ضربني.... فنهرت الفتاة طالبة منها أن تلتزم الصمت...
وعادت تحلق بعيدا.... وهي مستغرقة في الاستماع للمذياع...

ووسط الدموع وبصوت متقطع.....
- أبي لم تبكي.. إن كان عاهد قد غير رأيه فأنا التي لا تريده
ازداد نحيب والدتها.. وتقطع صوت والدها...
-يا ابنتي عاهد يحبك .. وهو شاب صالح لن أجد أفضل منه زوجا لك..
-إذن مالذي حدث .. هل مات؟؟؟ شهقت بقوة وهي تقولها لا .. يا ابنتي.... انه حي يرزق...
- .... لقد قاموا باعتقاله على الجسر وهو في طريقه اليك...
يا الله ... كم هي نادرة لحظات الفرح.... كم هي عزيزة وضنينة لحظات السعادة...
- لك الله يا ابنتي........
ومر شهر وشهران... سنة.. سنتان.. وهي تنتظر
إخوة عاهد جاؤوا لزيارتها في الأردن..
قالوا لها..
- عاهد يهديك السلام ويخيرك بين أن يطلقك هو أو تطلبي أنت الطلاق..
-لا وألف لا .. لن أتخلى عنه..
-لقد حكم مدى الحياة...
-ولو... سأنتظر
- يشفق عليك من طول الانتظار
-لا...
وكرت السبحة...
سنوات متتالية..... تمر تباعا...
وكل عملية تبادل للأسرى يتجدد أمل....
تزوج الإخوة..
رحل من كتب عليه الرحيل...
وهي مصرة على موقفها..
- سأنتظر
ذبلت زهرة العمر..
سأنتظر
تلونت شعرات الرأس..
وهي تنتظر...
واليوم يتردد الحديث عن صفقة للإفراج عن خمسمائة أسير منهم عدد من القدماء...
-يارب...
تأوهت وهي تدعو بصمت...
وفجأة جاء صوت زوجة أخيها مدويا....
-بيسان .. الم تسمعي..
بعيون ذابلة. . نظرت متسائلة.. اسمع ماذا.. إنني لم اسمع شيئا
-بلى..
قالت زوجة الأخ... وقد احتضنتها...
- لقد ذكر اسم عاهد قبل قليل. . أين كنت...
- لا يمكن... كيف....
لم اسمع.... أواثقة أنت...
احتضنتها زوجة الأخ بقوة والدموع تتلألأ في العيون..
-نعم يا غاليتي....

لم تنم ليلتها من الفرح .. ذكروا أن الإفراج سيكون بعد أسبوع من الآن...
أسبوع .. سبعة أيام بلياليها.... يا له من زمن طويل...
من أين لي بالقدرة على الصبر كل هذه المدة
وكأنها لم تصبر فيما مضى .. سنوات ..
ومر الأسبوع .. وتلاه أسبوع من الانتظار القاتل.... شعرت به سنين عديدة..
واتصل بها من فلسطين.. يبثها شوق السنين..
وقال لها انا قادم لزيارتك بمجرد الحصول على تصريح يسمح لي بالسفر..
وقال لها... ارجوا ألا تفاجئك رؤيتي.....
وقال لها.. كم هو مدين لها بسنوات الصبر والانتظار
وكم يقدر موقفها وكم... وكم.. وكم..
وانه يتفهم لو رفضت الارتباط به الآن..
في قرارة نفسها شعرت بأنه لم يقل كل شيء..
مالذي يخفيه..
د هل خمد حبها في قلبه...
هل هناك فتاة ثانية..
ضحكت . طوال هذه السنين وهو خلف القضبان فمن أين له بالأخرى...
هي تشعر بالغيرة......في هذا السن... ومازالت تشعر بالغيرة...
و.................
جاءت زوجة أخيها تخبرها أن عاهد في البيت..
وانه متلهفا لرؤيتها..
بفزع صرخت....
-كيف أتى.. ولم..

وكيف سأقابله..
لعله ما زال يذكر بيسان .... بيسان الصبية الجميلة..
كيف سيراني الآن..
التجاعيد بدأت تمارس هوايتها برسم الخطوط على وجهي..
- لم اعد الفتاة التي في مخيلته. .. لا لن أراه..
لا أريده أن يراني..
لا أريد أن يصدم برؤيتي
كفاه ما عاناه من صدمات في حياته... و....
وبهدوء جلست زوجة الأخ بجانبها....
ومدت يدها بهدوء..... تمسح رأسها.. وقالت لها:
-عاهد كفيف يا بيسان ..
ضرير..
أعمى..
فقد بصره إثر التعذيب.

Submit "من وحي الإفراج عن أسير" to Google Submit "من وحي الإفراج عن أسير" to facebook Submit "من وحي الإفراج عن أسير" to twitter

العبارات الاستدلالية: بدون تعديل العلامات الاستدلالية
Categories
غير مصنف

التعليقات

  1. الخلاص's صورة
    لو أخبرتك اني ما تمالكت دموعي وانا أقرأها ربما لا تصدقين يا غاليه ,,,,كم من المأسي كم من الأحزان مر بها الفلسطينيون ولا زالوا
    نسأل الله الفرج القريب لنا ولهم...
    جزاك الله خيرا على كل كلمه تكتبيها ,,,
  2. ريَّانة المشاعر's صورة
    كلماتك راااائعه وعودنااا
    أعجز دوماً عن الرد عليها

    يبكي القلب
  3. مـiـى's صورة
    لا حول و لا قوة الا بالله

    رائعة بانتقاء الكلمات , مفعمة بالصور و الاحاسيس

    لا استطيع الرد عليها سوى بدموع مالحة أحسها الان على خدي

  4. ام يونس مستغانم's صورة
    سبحان الله
    و الله عبارات يبكي لها القلب قبل العين
    لا حول ولاقوة إلا بالله
    معاناه كانت و لازالت نسأل الله الفرج القريب لأحبه القلب
    إخواننا بفلسطين اللهم انصرهم و فرج كربهم و فك قيد أسراهم
    و أشف مرضاهم أرحم ضعفائهم عاجلا غير آجلا إنك ولي ذلك و القادر عليه
  5. رونــق's صورة
    قرات وقرات وقرات.......
    وتمنيت ان نعود لسماع الافراج عن اسرى محررين قريبا

    قصة واقعية عشت معها وتخيلت اللحظات التي عاشتها بيسان
    اختيارك للاسم موفق ولاسم عاهد اكثر من موفق

    بصراحة اجدك تفوقت في كتابتها
    اسلوب سلس وعبارات مترابطة واسلوب يشد القارئ ترقبا لحدث لم يكن

    رائعة انت بكل المعاني
  6. قلم صادق's صورة
    الأخت الفاضلة / وعود الخير
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
    وأنا أتجول بين صفحات منتدانا وقفت كثيراً امام هذا الموضوع القيم والرائع والمؤثر والواقعي ... هذه ضريبة الغربة .. وضريبة الحدود التي سبق وتحدثت عنها والبعد والحرمان ... سردك حميل ورائع تدمع له العيون ..!
    وكم من أسير فارق الحياة وهو في المعتقل .. وكم من أسير فقد بصره .. وكم من بصير أصيب بعاهة مستدينة .. لنا ولهم الله .. وحسبى الله ونهم الوكيل ؟
    جزاك الله خيراً وبارك الله فيك وفي قلمك الرائع والمعبر بصدق عن مشاعرك الصادقة .
    وفقك الله وأسعدك .
  7. قلم صادق's صورة
    الأخت الفاضلة / وعود الخير
    السلام عليكم ورحمة الله
    وانا أتجول في صفحات منتدانا .. وقفت طويلاً امام هذه القصة الواقعية والمؤثرة والمؤلمة .. زاد من جمالها طريقة سردك المشوقة وبطريقة تدمع لها العيون ..1
    ماحدث سبق وتحدثت عنه بالمنتدي .. عن الحواجز .. عن التأشيرات المفروضة .. فمن المسؤول عن الحرمان .. حرمان الأهل من اولادهم وفراق وتشتت الأسرة الواحدة ؟
    كم من أسير فقد حياته وهو بالمعتقل .. وكم من أسير أصيب بعاهة مستدينة وهو أسير ..؟ لنا ولهم الله .. وحسبى الله ونعم الوكيل .
    جزاك الله خيراً ..
    وحفظك الرحمن وأسعدك .
  8. -بلسم الجروح-'s صورة
    ياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه
    ما اروعك يا وعود السعد والخير
    قصة مؤلمة جدا
    حتى انى اعرف بشبيهتها
    لجارة لى
    خرج زوجها من السجن
    بعد سنوات وسنوات
    لكنه لم يكن ضرير
    بل اراد الولد
    من صبية شاخت بانتظاره
    لا احد يلومه
    ولكن............
    اكملى ما شئتى غاليتى
    فانا اثق بابداعك
    سلمت يمنااااااكى
لكِ | مطبخ لكِ