[center]الموضوع العاشر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
قلوب كالبدر وضاءة
قلوب
مُلئت خيراً و محبة
قلوب بيضاء
معطاءة
لله درها
ما أندرها
صافية
خاليه من كل حقد وغِلّ
سليمة من كلّ غيرةٍ
مذمومة وحسدٍ وكُره..
بيضـــاء
نيّره ليس بها سواداً أو ظُلمة..
مُحبة للخير متسامحة
..
هيَ .. للصديق ناصحةً
وفيّه..
ولغيره .. غافره
عفوّه..
ما أجملها والله .. وما أروعها
قلوب.. وصلت لهذا الصفاء
والنقاء
عَلِمت أن الدنيا
زائلة .. وما بها زائل
لنقف يا أحبــــة
مع أصدق الكلمات
و أطهرها..
لنقف..مع أعذب الحروف و أجملها
..
لتكن وقفتنا هنا مع كــلام ربنا العفو
الغفور الرحيم اللطيف الكريم
قال تعالى: (( ربنا أغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين امنوا ))
وقال: ((خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ))
وقال : (( فاعفوا و أصفحوا حتى يأتي الله بأمره))
وقال : (( فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين ))
وقال : (( و أن تعفوا وتصفحوا و تغفروا فإن الله غفور رحيم))
وقال : (( و إن الساعة لآتيةٌ فاصفح الصفح الجميل ))
وقال : (( قولُ معروف ومغفرة خيرٌ من صدقةٍ يتبعها أذى))
وقال : (( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس و الله يحب المحسنين))
وقال : ((يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم))
أتمنى أن تقفوا عندها حقاً..
و تقرءوها بقلوبكم لتعوها ..فهذه كلماته تعالى
إن كنت تدعون حُبّه فلتنفذوا أوامره و لتخضعوا لقلبه
إني والله لأعجب..من يدعي حب الله و هو عاصٍ له ..
و إن كان يحب شخص آخر ..لأتبعه و لنفّذ ما يحبه و يفضله
هذا باستثناء طاعته لأوامره و ابتعاده عن ما نهى عنه خوفاً أن يفرط في غضبه
فكيف بالله سبحانه و تعالى..!؟
فلتكن وقفتنا جــادة..كما كان أبي بكر رضي الله عنه و أرضاه عند وقوفه مع هذه الآيه
(( وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم))
قال رضي الله تعالى عنه: بلى والله إنا نحب أن تغفر لنا يا ربنا؛
وهذا هو أبو بكر الصديق مع سخاء نفسه وسلامة صدره ونصحهِ للأمة
فماذا نقولُ نحن وهذا حالنا مع قلوبنا؟
ولتكن لنا هنا وقفة مع من سبقونا وليتها
تكون وقفة لقلوبنا أولاًلعلّنا نتعظ أو نتخذهم قدوة..
فتتصافى النفوس وتطهر القلوب ..
أولى الصور:
قال العابد الزاهد بكر بن عبد الله المزني وهو من الصالحين و من العباد المخلصين وهو واقفٌ بعرفة ينظر للناس وللحجيج يوم عرفة فيقول:لولا أني فيهم لقلت قد غفرَ الله لهم
قال الامام الذهبي بعد أن ذكر هذه المقولة قال : كذلك ينبغي للعبد أن يزري على نفسه ويهضمها.
::
سبحــانك ربي
هذا عالم عابد..فماذا نقول نحن ؟ ؟
الصورة الثانية:
من حديث قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم ؟ قالوا: وما أبو ضمضم يا رسول الله ؟ قال: رجل كان إذا أصبح يقول: اللهم إني قد وهبت نفسي وعرضي فلا يشتم من شتمه ولا يظلم من ظلمه و لا يضرب من ضربه.
::
فهل نعجز نحن؟
::
يقول الإمام ابن القيم في مدارج السالكين في الجزء الثاني ((والجود عشرُ مراتب ))ذكرها ثم قال في السابعة :
السابعة الجودُ بالعرض كجودِ أبي ضمضم من الصحابة رضي الله تعالى عنه كان إذا أصبح قال:اللهم لا مال لي أتصدق به على الناس وقد تصدقت عليهم بعرضي فمن شتمني أو قذفني فهو في حِلّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يستطع منكم أن يكون كأبي ضمضم ، وفي هذا الجود من سلامة الصدر و راحة القلب والتخلص من معاداة الخلق.
الصورة الثالثه:
قال رجلٌ لعمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه : واللهِ لأتفرغنّ لك ..والله لأتفرغنّ لك ، قال عمرو : إذاً تقع في الشغل . وانتهى الموقف عند هذا الحدّ.
:: صورة قصيرة لكنها عظيمة وربي::
لو قيلت هذه الكلمة لأحدنا فماذا سيكون حالنا يا ترى؟؟..
الصورة الرابعه:
في سيرة سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين، أن رجلاً زاحمهُ في مِنى فألتفت الرجل إلى سالم وقال لسالم- وسالم من علاّمة التابعين رضي الله تعالى عنه- فقال له الرجل: إني لأظنكَ رجلُ سوء،
قال سالم رضي الله تعالى عنه : ما عرفني إلا أنت.
::// في منى في شدة الزحام و ضيق النفوس يأتي من يقول لك أنت أمرء سوء أو ماشابه ماذا ستقول ؟بماذا سترد؟ الله المستــعان//::
قال الذهبي معلقاً على هذه القصة: هكذا هضم النفس ومحاسبتها وتحمل أذى الآخرين
الصورة الخامسة:
ذكر الذهبي في السّير في ترجمة أمير المؤمنين البخاري رحمه الله تعالى صاحب الصحيح قال:
وكان كثير من أصحابه يقولون له: إن بعض الناسيقعُ فيك –أي في الذمّ والشتم- فيقول –أي البخاري- : إن كيد الشيطان كان ضعيفاً، ويتلو أيضاً: و لا يحيق المكرُ السيئ إلا بأهله، فقال له عبد المجيد بن إبراهيم : كيف لا تدعو الله على هؤلاء الذين يظلمونك و يبهتونك ويتناولونك ؟
فقال رضي الله تعالى عنه :
قال النبي صلى الله عليه وسلم: اصبروا ،اصبروا حتى تلقوني على الحوض-أخرجه البخاري في كتاب الفتن ، ومسلم في كتاب الإمارة-
فقال صلى الله عليه وسلم-والكلام للبخاري-وقال صلى الله عليه وسلم: من دعا على ظالمه فقد انتصر-والحديث أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات وضعّفه محقق السير- .
إنهُ رحمه الله –أي البخاري- لا يفكّر بالدعاء على من ظلمه و بهته فضلاً على أن يهمّ بالقول أو الفعل انتقاماً أو تشفي ممن تكلم عنه أو وقع فيه و هكذا هي الأخلاق رضي الله تعالى عنه و أرضاهم .
الصورة السادسة:
عن أبي يعقوب المدني قال : كان بين حسن بن حسن وبين علي بن الحسين – أي زين العابدين- بعض الأمر –يعني بينهما شيء كما يقول بين بعض الناس-
فجاء حسن بن حسن إلى علي بن الحسين وهو مع أصحابه في المسجد فما ترك شيئاً إلا قاله له ، قال: وعليٌّ ساكت، فانصرف حسن ،فلما كان من الليل،
أتاهُ في منزله –أي أتاه علي بن الحسين – فقرع عليه بابه فخرج إليه فقال له عليّ –تصوّر ماذا سيقول عليّ رضي الله تعالى عنه يوبخه ينهره يخاصمه-
فقال له عليّ:
يا أخي إن كنت صادقاً فيما قلت لي فغفر الله لي و إن كنت كاذباً فغفر الله لك السلام عليك، ثم ولى و تركه .قال :
فاتبعه الحسن فالتزمه من خلفه –أي ضمة-
وبكى حتى رثى له ثم قال: لا جرم لا عدّت في أمرٌ تكرهه، فقال علي: وأنت في حِلّ مما قلت لي.
الصورة السابعه
قال الشرطي-بت مع أحمد بن حنبل ليلة فلم أرهُ ينام إلا يبكي إلى أن أصبح ، فقلت:يا أبا عبد الله كَثُرَ بكاؤك الليلة فما السبب؟ قال أحمد: ذكرت ضرب المعتصم إياي ومرّ بي في الدرس-أي في درسه- ((وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله))-يقول أحمد-
فسجدت و أحللته من ضربي في سجودي.
قال أبو عبد الله : العفو أفضل، وما ينفعك أن يعذّب أخوك المسلم بسببك ، -أسمع الكلمات، وما ينفعك أن يعذب أخوك بسببك ولكن تعفو تصفح عنه فيغفر الله لك كما وعدك-
الصورة الثامنة
يذكر ابن رجب في طبقات الحنابة في الجزء الاول عن وعد محمد فوزان جاء رجل إلىاحمد بن حنبل فقال له:
نكتب عن محمد بن منصور الطوسي-يعني نسأله نكتب عن محمد بن منصور الطوسي؟-
فقال الإمام احمد: إذا لم تكتب عن محمد بن منصور فعمّن يكون ذلك!، قالها مراراً وأخذ يكررها رحمه الله تعالى،
فقال له الرجل الذي سأله: إنه يتكلم فيك ،
فقال احمد :رجٌل صالح ابتليَ فينا فما العمل؟
الصورة التاسعه
شيخ الاسلام ابن تيمية
وما حصل له من تفسيق وتكفير وسجن واتهام وضرب ..
يقول رحمه الله تعالى :
: وأنا والله من أعظم الناس معاونةً على إطفاء كل شرٍ فيها –يعني في الفتنة-كل شرٍ فيها وفي غيرها و إقامة كل خير و ابن مخلوف لو عمل مهما عمل
– ابن مخلوف من هو هذا؟ ابن مخلوف قال عن أبي تيمية هذا عدوي ولما بلغه -أي ابن مخلوف -أن الناس يترددون إلى ابن تيمية في حجرة قال عنه : يجب التضييق عليه -أي على ابن تيمية –إن لم يقتل و إلا قد ثبت كفره –يعني كفر ابن تيمية والعياذ بالله ،ومع ذلك ماذا يقول ابن تيمية عنه؟-
وابن مخلوف لو عمل مهما عمل والله ما أقدر على خيرٍ إلا وأعمله معه والله ما أقدر على خيرٍ إلا وأعمله معه و لا أعين عليه عدوه قط ولا حول و لا قوة إلا بالله هذه نيتي وعزمي مع علمي بجميع الأمور فإني أعلم بأن الشيطان ينزغُ بين المؤمنين ولن أكون عوناً للشيطان على إخواني المسلمين
ومقولة له أخرى:
: هذا وأنا في سعة قدرٍ لمن يخالفني فإنهم وإن تعدوا حدود الله لي في تكفيري أو تفسيقي أو إفتراءٌ أو عصبية جاهلية فأنا لا أتعدى حدود الله فيه بل أضبط ما أقوله و أسأله وازنة بميزان العدل و أجعله مؤتماً بالكتاب الذي أنزل الله وجعله هدىً للناس حاكماً فيما اختلفوا فيه.
وفي موضع آخر قال:
فلا أحب أن ينتصر من أحد بسبب كذبة علي- وكان قد قرّ بهالسلطان و أخرجه من السجن فهو في مكان الآن يستطيع أن يأخذ حقه ممن تكلم فيه ومع ذلك –يقول : فلا أحب أن ينتصر من أحدٍ بسببكذبة عليّ أو ظلمه أو عدوانه فإني قد أحللت كل مسلم و أنا أحب الخير لكل المسلمين و أريد لكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسيو أريد لكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسي والذين كذبوا وظلموا فهم في حِلٍّ من جهتي و أما ما يتعلق بحقوق الله فإن تابوا تاب الله عليهم و إلا فحكم الله نافذٌ فيهم ، فلو كان الرجل مشكوراً على سوء عمله لكنت أشكر كل من كان سبباً في هذه القضية لما يترتب عليه من خير الدنيا و الآخرة لكنّ الله هو المشكور على حسن نعمه و آلائه و آياته التي لا يقضي للمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له .
وكان بعض أصحابه الأكابر يقول:وددتُ أني لأصحابي مثلهُ لأعدائه وخصومة.-يقول بعض الأكابر وبعض الناس: وددت أني لأصحابي وأصدقائي مثل ما يكون ابن تيمية لأعدائه و خصومة ، يعني نحن قد لا نود ولا ندافع ولا نحرص على إخواننا فضلاً عما يفعلهُ ابن تيمية من حرصه و مدافعته و إحلاله لأعدائه-،
و يقول ابن القيم:
و ما رأيته يدعو على أحد منهم قط –يعني أعداءه الذين آذوه – وكان يدعو لهم وجئتُ يوماً مبشراً له بموت أكبر أعداءه و أشدهم عداوة و أذى له فنهرني وتنكر لي و استرجع ثم قام من فوره إلى بيت أهله-أي إلى بيت عدوه هذا- فعزاهم وقال : إني لكم مكانه ولا يكون لكم أمرٌ تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه و نحو هذا من الكلام فسرُّوا به ودعوا له و عظموا هذه الحال منه فرحمه الله و رضي الله تعالى عنه.
::لنأخذ العهد::
نعم لنأخذ العهد على أنفسنا بأن ندافع عن إخواننا و لا نخاف في الله لومة لائم
::
قال حنبل بن إسحاق: سمعتُ ابن معين يقول: رأيتُ عند مروان ابن معاوية لوحاً فيه أسماء شيوخ ، فلانٌ رافضي ، وفلانٌ كذا ، و وكيعٌ -وكيع بن الجراح- رافضي، فقلت لمروان-أي يحيى بن معين يقول- فقلت لمروان : وكيعٌ خيرٌ منك ، يقول قال مروان: منّي –يعني كأنهُ مُغضباً- منّي
قال قلت: نعم ، فسكت ، وقال يحيى –أي ابن معين- : ولو قال لي شيئاً لوثب أصحاب الحديث عليه ، قال: فبلغ ذلك وكيعاً
–أي علم بما حصل- فبلغ ذلك وكيعاً فقال: يحيى صاحبنا، وكان بعد ذلك يعرف لي ويرحب.
يقول الشيخ الدويش معلقاً:
هكذا تجتمع القلوب وتتصافى النفوس عندما يكون كل مسلم قد أخذ العهد على نفسه أن يدفع عن عرض إخوانه ، نريد جمع الكلمة ونريد جمع القلوب مع بعضها ونريد أن تتصافى هذه النفوس إذاً فأنصب نفسك وكيلاً عن أخيك فإنه بهذه الوسيلة يحصل مثل هذا الأمر.
وقال: والله يا أحبة و أنا أقرأ في كُتب السير والتراجم و أنظر إلى مثل هذه المواقف، لا يملك دمعُ العين إلا أن يسيلَ على الخدّ، هؤلاء هم سلفنا و هذه هي أخلاقهم ، و والله لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صَلُحَ أولها ، فلننتبه لأنفسنا و لنراقب قلوبنا و لنعرف طعم الحياة ِ وحلاوةِ الإيمان بسلامة الصدر و طهارة القلب.
قال ابن القيم:
مشهد العفو والصفح و الحلم فإنه متى شهد ذلك و فضله وحلاوته و عزته لم يعدل عنه إلا لأذىً في بصيرته فإنه ما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وعُلم بالتجربة و الوجود و ما انتقم احد لنفسه إلا ذلّ ، هذا و في الصفح و العفو والحلم من الحلاوة و الطمأنينة و السكينة و شرف النفس و عزتها و رفعتها عن تشفيها بالانتقام ما ليس شيءٌ منه بالمقابلة و الانتقام –انتهى كلامه رحمه الله-
وقال:
مشهد السلامة وبرد القلب و هذا مشهد شريف جداً لمن عرفه و ذاق حلاوته وهو أن لا يشتغل قلبه وسرّه بما ناله من الأذى و طلب الوصول إلى أخذ ثأره و شفاء نفسه بل يصفي قلبه من ذلك و يرى أن سلامته و برده و خلوه منه أنفع له و ألذ و أطيب و أعون على مصالحه فإن القلب إذا اشتغل بشيء فاتهُ ما هو أهمّ عنده و خيرٌ له منه فيكون بذلك مغبوناً والرشيد لا يرضى بذلك و يُرى أن من تصرفات السفيه .
فأين سلامة الصدر من امتلاءه بالغلِّ و الوسواس و اعمار الفكر في إدراك الانتقام – انتهى كلامه رحمه الله-
وذكر الذهبي في السير في الجزء الاول
قال زيد بن اسلم دُخِلَ على ابي دجانة رضي الله تعالى عنه وهو مريض وقد كان وجهه يتهلل فقيل له : ما لوجهك يتهلل.؟
فقال: ما لي عمل شيءٍ أوثق عندي من اثنتين كنت لا أتكلم فيما لا يعينني و الأخرى فكان قلبي سليماً.
ويذكر أيضاً ابن السري في كتاب الزهد عن سفيان بن دينار قال :قلت لأبي بشير وكان من أصحاب علي بن أبي طالب –رضي الله تعالى عنه- أخبرني عن أعمال من كان قبلنا؟ قال: كانوا يعملون يسيراً و يؤجرون كثيراً ، قلت : ولما ذاك؟ قال: لسلامة صدورهم .
سبحان الله..سبحان الله..لا نملك سوى التعجب !!!!
تســــاؤل
لماذا أصبحت قلوب كثير من المسلمين اليوم والعياذ بالله مليئةٌ بالغلِّ والحقد و الحسد على الآخرين وأصبحت كثير من الناس أيضاً لا همّ لها إلا الانتقام و التشفي من الآخرين و العياذ بالله ما هي الأسباب؟
أول تلك الأسباب:
الشيطــان
من حديث جابر رضي الله تعالى عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب و لكنه في التحريش بينهم"
قال النووي: أي بالخصومات و الشحناء والحروب و الفتن و غيرها .
و انظر للواقع اليوم نقول صدق صلى الله عليه وآله و سلم ،أي أن الشيطان نجح في مهمته في قلوب كثير من الناس.
ثانيها:
أمراض القلوب
وهي كثيرة وجماع ذلك كله الغفلة عن القلب و إهماله .
ومنها إساءة الظن..
يقول محمد بن سيرين رحمه الله تعالى:
إذا بلغك عن أخيك شيءٌ فالتمس له عُذراً فإن لم تجد فقل لعلّ لهُ عُذراً لا أعلمه.
ومن الاسباب الغيرمباشرة:
الاختلاف في وجهات النظر وطريقة سير العمل
قد يؤدي ذلك لامتلاء القلب بالضغائن
::
يقول الذهبي في السيّر في الجزء العاشر قال: قال يونس الصدفي:
ما رأيتُ أعقل من الشافعي ؛ناظرتهُ يوماً في مسألة ثم افترقنا و لقيني فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخواناً و إن لم نتفق في مسألة .
قال أحمد بن حنبل:
لم يعبر الجسر الى خراسان مثل اسحاق و ان كان يخالفنا في أشياء- وإن كان يخالفنا في أشياء ، هو يثني عليه و يمدحه رحمه الله تعالى – قال: وإن كان يخالفنا في أشياء فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضا.
ومن الأسباب التناصح..!!
إن بعض الناس لا يحتمل النصيحة فيبدأ بالكيد للناصح ويبدأ بالتفتيش عن عيوبه..
هذا إذا أحسن الانسان النصيحة و جاء بها بآدابها و وسائلها الحسنة الصحيحة فكيف بالانسان إذا أخطأ الوسيلة و أخطأ آداب النصيحة ،كأن يجيء بالانسان بشدة وغلظة فينصح الانسان الآخر والله المستعان، عندما يتصرف ذلك الانسان المنصوح بشدة وغلظة ، إ ن لم يتعدى الامرُ من هم وغل في القلب إلى فعلٍ و ضرب باليد عياذاً بالله.
السبيل لسلامة الصدر
أول الأمور: ان تدعو الله بصدقٍ والحاح
فإن من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قوله: اللهم إني أسألك قلباً سليماً
فاجعل هذا الدعاء ديدنك في سجودك و ركوعك وردد دائماً: ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذي سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين امنوا
وأسأل الله حسن الخلق ،
فإن العبد ليدرك بحسن الخلق درجة الصائم القائم
و ما وصل أولئك الرجال إلى ما وصلوا اليه إلا بسخاء الأنفس و سلامة الصدر و نصح الأمة ، فعليك بالدعاء فإن الدعاء نصف الإجابة أو ان الدعاء نصف الطريق بل إن شئت فقل الطريق كله
::
الأمر الثاني من الوسائل المعينة لسلامة الصدر:
احذر الغفلة عن القلب
::
الأمر الثالث:
أحسن الظن بالآخرين ، أحسن الظن بالآخرين والتمس لهم الأعذار جهدك ، فان لم تجد فقل لعل لاخي عذراً لا أعلمه
-مقتبس منالشيخ الدويش-
قيل ان ابا اسحاق نزع عمامته وكانت بعشرين ديناراً،وتوضأ بدجله –نهر دجله- فجاء لصٌ فأخذها وترك عمامةٌ رديئة بدلها ، فطلع الشيخ فلبسها و ما شعُر –يعني ما شعر بالأمر- حتى سألوه وهو يدرس –سأله الطلاب وهو يدرس سألوة عن العمامة ماذا عن عمامتك أو انها بدلت - فقال:لعلّ الذي أخذها محتاج.
::
أولئك آبائي فجئني بمثلهم ...اذا جمعتنا يا جرير المجامع
الأمر الرابع :
الصبر والتحمل ، فإن الاحتمال مقبرة المتاعب كما يقال
الأمر الخامس من الوسائل وهو الأخير:
العفو والصفح
::
و من علامات العفو والصفح/
الدعاء لإخوانك خاصةً من كان بينك وبينه جفوة أو شحناء.
يقول الشيخ الدويش/
أقول لك نصيحة من أخيك العبد الفقير المسكين أقول لك: يا أخي الحبيب إذا أويت
إلى فراشك في المساء فارفع يديك إلى الله واشهد الله جل و علا انك قد عفوت عن الناس وتصدقت بعرضك فمن اغتابك أو ذكرك بسوء أو لك حق عنده أشهد الله على انك عفوت عنه و سامحته وحللته ثم بعد ذلك ثني تماماً وقل: اللهم انك عفو تحب العفو فاعفو عني
قال جل وعلا ((إن يعلم في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم))
ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه
وما أجمل قول المقنع الكندي عندما قال:
و إن الذي بيني و بين بني أبي..................
.....................وبيني وبين بني عمي لمختلفٌ جدا
فإن أكلوا لحمي و فرتُ لحومهم.............
...................وإن هدموا مجدي بنيتُ لهم مجدا
و إن ضيعوا غيبي حفظتُ غيوبهم..............
..................و إن هم هووا غيي هويت لهم رشدا
و لا أحمل الحقد القديمَ عليهمٌ .......
............... و ليس كريم القوم من يحمل الحقدا
تذكـــروا
أن لكل انسان عيوب ..
ذكر ابن كثير في البداية والنهاية
يقول : إنه ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب ولكن من الناس الذي لا ينبغي أن تذكر عيوبه ومن كان فضلهُ أكثر من نقصهِ وُهِبَ نقصه لفضله .
..
مـلاحظة : المعلومات مقتبسة من محاضرة سلامة الصدرمطلب للشيخ ابراهيم الدويش
الروابط المفضلة