الحمدلله والصلاة والسلام على من لانبي بعده أما بعد:إن تربية الأبناء فن ومهارة لايتقنها إلا القليل من الناس,وليست عملية عشوائية سهلة يمارسها كل أحد دون علم أو درايةإنما هي عملية تحتاج إلى صبر ووعي وثقافة وعقل متفتحهي عملية معقدة ذات معايير دقيقة ومنضبطة بالضوابط الشرعيةوقابلة للإجتهادات الشخصيةفهناك من يمارس عملية التربية بشكل نمطي جامد من خلال تقليد الآباء وتوارثالأجيال فقد نتج عن ذلك كثير من الأخطاء من خلال قراءتي عن كتب تربية الأبناء فأحببت أن أذكر مااستفدت منه لكم
رتبتها في جملة من الأفكار النافعة التي لايستغني عنها الآباء والمربون فيتربية صغارهم تربية سليمة
أ_ العقيدة
يجب على كل مربية مسلمة غرس العقيدة في نفس الطفل وهي الغاية التي من أجلها خُلق الخلق
كما قال تعالى :( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات
ومن الوسائل النافعة لغرس العقيدة في نفوسهم بأسلوب ممتعوضع مكتبة في البيت منسقة تُناسب ذوق الطفل
مكتبة صغيرة يستطيع الطفل أن يتعامل مع هذه المكتبة وأن يقرأ الكتب الموجودة بين يديه وهذه الكتب ينبغي أن تكون مناسبة للطفل ,ومن الناس من يعترضون على تعليم الطفل في سن صغير وهذا خطأ
فالأطفال يستطيعون حفظ القرآن بشكل جيد وقد لايفهمونه بشكل جيد
فيجب علينا أن نبدأ بتعليمهم نظرياً فأي علم يعتمد في بدايته على الأشياء النظرية
كأن نجعله ينظر إلى السماء والأرض ثم نخبره أن الله هو الذي خلقها
وعندما نجلس على الطعام نقول له هذا الطعام من عند الله شفت كيف الله يحبك حتى نغرس حب في الله في قلبه
وسيبدأ بعدها هو بالسؤال والإستفسار عن كل شيء يصادفه ثم نبدأ معه تدريجياً فنستغل كل مناسبة
لطرح هذا الفكر من خلال حوار الطفل فعندما يأكل نعلمه البسملة
وهكذا تدريجياً ومع الوقت ستنتقلين من الجانب النظري إلى الجانب التطبيقي فيأخذ جانب التطبيق بالسلوكيات
ثم ننتقل إلى إشعار الطفل بأن سلوكياته وأفعاله يراها الله وأنه موجود يراقبنا,مطلع يرانا وهوبعيد وتبدأ تتبلور المفاهيم لديه.
لقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام حريصاً على تعلق قلوب الأطفال والناشئة بالله وحده لاشريك له
كما في قوله لابن عباس وكان غلاماً صغير السن:
( احفظ الله يحفظك، احفـظ الله تجده تجاهك،
إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لـم ينفعـوك إلا بشيء قـد كتبـه الله لك،
وإن اجتمعوا على أن يضرّوك بشيء لم يضرّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفّت الصحف )
رواه الترمذي وقال: حسن صحيح
وفي رواية غير الترمذي:
( احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة،
واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك،
واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً )
ب_ الإهتمام بالصلاة
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام:
(مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها لعشر )
رواه أحمد وأبو داوود
فهل ورد الأمر بالضرب للطفل في غير هذا الموضع من السنة النبوية ؟
لم يُرد إلا للتأكيد على عظم شأن الصلاة
ج_إشعارهم بالمحبة وملاطفتهم ومداعبتهم
تُعد حاجة الطفل إلى الشعور بالرحمة والحنان والقبول من والديه مهماً في نفس الطفل فهو سيصلي ويسمع كلامك عندما تعاملينه بُحب وتعطينه حناناً وعاطفة
فهذه من أهم الحاجات التي يؤدي فقدها إلى اختلال البناء النفسي السوي للطفل
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُشبع هذه الحاجات في نفوس الأطفال
ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم
احتضن الحسن بن علي ركان طفلاً فقال:
( اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يُحبه )
رواه البخاري
د_الأخلاق
كي تزرعي في نفس الطفل الخُلُق والسلوك الحسن عليكِ أن تكوني أنتِ قدوة له في ذلك
فاصدقي أنتي أولاً حتى يتعلم منكِ فلو كنتي تريدين أن يكون ابنك صادقاً فلاتزرعي في نفسه الخوف.
اشرحي له فضيلة الصدق والأمانة بأسلوب قصصي جميل وغيرها من الأساليب المُحببة للطفل .
دربي ابنك على الصبر وعدم الإستعجال من خلال تدريبه على الصيام أو ممارسة بعض الأعمال التي تحتاج إلى صبر وتأن .
إذا ظهر ابنك الشجاعة في بعض المواقف فامدحيه على ذلك وكافئيه وبيني له أن الشجاعة هي أن تفعل ماهو صحيح وضروري .
لاتكوني قاسية حتى لاتدفعيه إلى الكذب والخوف والجبن .حببي إليه خُلُق التواضع واللين وترك الكبر.
علميه أن الناس يتفاضلون بالتقوى والعمل الصالح لا بالأنساب والأحساب والأموال .
بيني له الفروق التي قد تخفى عليهم كالفرق بين الشجاعة والتهور, والحياء والخجل , والتواضع والمذلة ,
و بين الذكاء والمخادعة بأسلوب لطيف.
لاتخلفي وعدك أبداً وبخاصة مع ابنائك فإن ذلك يرسخ في نفوسهم فضيلة الوفاء بالعهد .
و_ الثواب والعقاب
استخدمي أسلوب الثواب والعقاب
كافئي دائماً ولاتعاقبي دائماً (ركزي هنا جيداً )
نوعي في أسلوب المكافأة بحيث لاتكون المكافأة دائما مالية,
بل يمكن أن تكون رحلة, أو السماع باللعب على الكمبيوتر أو هدية ,
أو الخروج مع صديق .
نوعي في أسلوب العقاب , ولايكن الضرب هو الأسلوب المفضل لديك
فهناك النظرة الغاضبة , والزجر بالقول, والهجرة مدة معينة , والحرمان من جزء من المصروف اليومي ,
أو من النزهة الأسبوعية
اعلمي أن العقاب المناسب هو الذي يمنع من تكرار الخطأ ويدفع إلى الصواب .
تذكري أن الرسول عليه الصلاة والسلام ماضرب غلاماً قط .
لاتعاقبي من أول مرة .
نسأل الله التوفيق والسداد وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المصادر:
( أخطاء في تربية الأبناء )للدكتور عادل الشدي
(130 طريقة في تربية الأبناء )
الدكتور أحمد المزيد(من معالم المنهج النبوي في تربية الأبناء )
للدكتور: عادل الشدي
كُتُب في تاريخ: 15\3
الروابط المفضلة