الصيدلانية/ مها بنت خالد المزروع
لقد كانت التسمية هي البداية الحقيقية لرحلة استكشاف المضادات الحيوية، حيث أطلقها أبوالمعالجة الكيميائية الحديثة العالم "باول اهرليش" عام 1891م بعد اكتشافه أن بعض الصبغات، مثل أزرق المثيلين، لها القدرة على قتل وتلوين بعض أنواع البكتيريا عن طريق تكوين بعض المواد الكيميائية التي تتحد مع الخلايا البكتيرية وتقتلها دون أن تؤذي الجسم المعيل.
هذا ويؤرخ تاريخ المعالجة الكيميائية بهذا العالم، حيث يقال: ما قبل عصر "اهرليش".. وعصر "اهرليش".. وما بعد عصر "اهرليش" والذي ظهر فيه اكتشاف البنسلين بواسطة العالم "الكسندر فلمنج" عام 1938م، ومن ثم توالت الاكتشافات لكل من الميكروبات والأدوية الفعَّالة ضدها إلى أن ظهرت المضادات الحيوية عام 1944م.
وعلى الرغم من أنَّ جسم الإنسان قد جهّز بفضل الله تعالى بوسائل مختلفة لمكافحة العدوى، مثل: الجلد، الإفرازات المخاطية، وجهاز المناعة الذاتي في الجسم، مما يمكّن الجسم في بعض الأحيان من التغلب على العدوى دون أدوية، إلا أنَّ هناك عوامل عدَّة توجب استخدام المضادات الحيوية وتجعلها الفيصل في عملية العلاج، منها:
* عندما يحتمل أن تسبب العدوى أضراراً بالغة في حالة عدم معالجتها بسرعة فائقة.
* عندما يكون الجهاز المناعي الذاتي ضعيفاً إما لأسباب وراثية أو مرضية أو علاجية.
* عندما يكون احتمال حدوث العدوى وانتشارها وارداً حيث يستخدم المضاد الحيوي بغرض الوقاية.
ومن ناحية أخرى يصاحب استخدام المضادات الحيوية قواعد أساسية يرتكز عليها مثل:
* التشخيص السريري.
* التشخيص المخبري.
* اختيار الدواء بناء على التشخيص.
* صفات المضاد الحيوي.
* علاج العدوى.
وكما تعد المضادات الحيوية من أهم اكتشافات العلم الحديث، تعد المناعة التي تكتسبها الميكروبات ضدها من أهم المشكلات التي تواجه المعالجين بصفة خاصة، والباحثين والدارسين في هذا المجال بصفة عامة.
والمناعة تعني من وجهة النظر السريرية: عدم نجاح العلاج الكيميائي في علاج العدوى الموجودة لدى مريض معين. أما من وجهة نظر الأحياء الدقيقة: فالمناعة تعني أنَّ صنفاً معيناً من الميكروبات التي عادة ما تكون حساسة للمضاد الحيوي تصبح غير حساسة، ويصبح المضاد الحيوي غير قادر على وقف تكاثر الميكروب أو قتله.
والمناعة هي صفة تكتسبها البكتيريا نتيجة لسوء استخدام المضادات الحيوية، مما يجعلها تنشئ أجيالاً جديدة مقاومة لجميع المضادات المستخدمة، ومن أوجه سوء استخدام المضادات الحيوية ما يلي:
* أن يستخدم المضاد الحيوي في غير حاجة:
وهذا ما يحدث عادة في بعض حالات الانفلونزا وأمراض الجهاز التنفسي العلوي، خصوصاً عند الأطفال، ويكون السبب فيها غالباً فيروسياً وليس بكتيرياً، حيث جرت العادة مؤخراً على شراء المضادات الحيوية من الصيدليات بدون وصفات طبية وكأنَّه أحد أنواع المسكنات.
* عدم الانتظام في استخدام المضاد الحيوي، حيث إنَّ الإلتزام بالجرعة الموصوفة، ووقت تعاطي الدواء، وإنهاء مدة العلاج الكافية للقضاء على البكتيريا هو السبيل الوحيد لتمام الشفاء بإذن الله تعالى. لا أن يستخدم المضاد الحيوي لمدة يومين أو ثلاثة، ومن ثم يوقف العلاج بدون استشارة طبية وبعدها يعود لاستخدامه وهكذا.
* استخدام المضاد الحيوي لفترات طويلة ومتكررة دون عمل الاختبارات المخبرية اللازمة للتأكد من حساسية الميكروب للمضاد الحيوي المستخدم.
* وأخيراً وليس آخراً: استخدام أكثر من مضاد حيوي في الوقت ذاته دون الحاجة لذلك، وليس من المستبعد أبداً أن نجد أنفسنا قريباً أمام أنواع جديدة من الميكروبات المقاومة لجميع أنواع المضادات الحيوية الموجودة حالياً، لهذا كان الاستخدام الأمثل للمضادات الحيوية هو السبيل الأوحد الذي يخرجنا من مستقبل وبائي لا نعرف مدى خطورته.
الروابط المفضلة