التجميل صناعة وخيال في ذهن كثير من النساء ، يسعى بعضهن لمزيد من الجمال لتعجب زوجها ، ويسعى البعض الآخر للرضى عن خلقتهن، وفي كل الأحوال أصبح التجميل صناعة وتجارة لها مؤسساتها التي تعمل علي ازدهارها ونشرها.
وامتدت محاولات الإنسان للتحايل على هيئته لتشمل الرجال والنساء، فتزداد حالات اللاجئين إلى عالم الجراحة بغية الوصول لعالم الجمال وخاصة وسط الأغنياء والمشاهير؛ إذ شهدت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا زيادة حادة في الإقبال على إجراء جراحات التجميل. وقد أظهرت دراسة أمريكية أن معدل إجراء هذه الجراحات ازداد بنحو ثمانية أضعاف على مدى السنوات العشر الماضية، وتشير الدلائل إلى أن بريطانيا حققت زيادة مماثلة.
واقع جراحات التجميل
وأوضحت الدراسة التي أعدها فريق أطباء تابع للأكاديمية الأمريكية لجراحة التجميل أن أكثر الجراحات شيوعًا هي عمليات شفط الدهون، وإزالة ترهلات البطن بالإضافة إلى عمليات إزالة الطبقة السطحية من جلد الوجه باستخدام مواد كيميائية؛ لكي يبدو الوجه أصغر سنًّا، وتشير الدراسة إلى أن جراحات شفط الدهون ازدادت من 71 ألف حالة عام 1990م إلى 600 ألف حالة عام 1999م، كما أن عدد جراحات تضخيم الثديين ارتفع بنحو ستة أضعاف على مدى نفس الفترة وشهدت جراحات شدّ الوجه زيادة مماثلة لنفس الفترة، وظهر أن مليون ونصف مليون أمريكي أجروا عمليات العلاج الكيميائي لجلد الوجه في العام الماضي مقارنة بأربعة وستين ألفًا فقط عام 1990م.
أما في بريطانيا فقد زادت نسبة جراحات التجميل إلى 50%، وقد أنفق البريطانيون عام 1999م ما يزيد عن 158 مليون جنيه إسترليني على جراحات التجميل، وتأتي عمليات تكبير الثدي على رأس القائمة، أما جراحات التجميل الأخرى التي حظيت بإقبال أقل فكانت شفط الدهون، وتجميل الأنف وإزالة الأكياس الدهنية من منطقة العين، وعمليات شد الوجه على التوالي.
وترجع الدراسة الأمريكية هذه الزيادة في الإقبال على جراحات التجميل إلى عدة عوامل، منها: زيادة نسبة كبار السن في توزيع السكان، ارتفاع الدخول، كما أدى احتدام التنافس بين جرَّاحي التجميل إلى جعل التكاليف لهذه الجراحات في متناول أعداد أكبر، وكذلك فإن الأساليب الجديدة لجراحات التجميل جعلتها أسهل وأسرع، مما دفع الكثير للإقبال عليها دون خوف من التعرض لآلام مبرحة أو فترات نقاهة طويلة.
فهل جراحات التجميل هي فقط شد الوجه وشفط الدهون وتغيير الخلقة؟ هل هي ترف تافه أم حاجة حقيقية عضوية أو نفسية؟
وكيف يرى الأطباء العرب جراحات التجميل، وما هي نظرة العلماء؟
يقول د.طارق طهبوب/ نقيب الأطباء الأردنيين في التعريف بجراحات التجميل:
* جراحة التجميل تخصص فرعي بعد تخصص الجراحة العامة، ويتعامل جراح التجميل مع الأنواع الآتية:
1 - جراحة الحروق وتشوهات الكوارث (الزلازل وانهيار المساكن وتصادم القطارات) سواء بعلاجها ثم باستعمال رتق الجلد (من نفس الشخص) أو من خارجة لاستبدال الجزء التالف أو المشوَّه، وهذا جزء أساسي من عمل جراح التجميل.
2 - جراحات التشوهات التي يولد بها الطفل مثل الشفة الأرنبية، وشق سقف الحلق، وفي المراحل المتقدمة والمعقدة جدًّا من هذا الفرع مثل تشوهات الجمجمة والوجه.
3 - جراحات إعادة بناء النسيج أو العضو مثل اليد المتهتكة في حوادث السيارات أو المصانع أو الأنف المكسور نتيجة الملاكمة أو المشاجرات أو الحوادث.
4 - جراحات الترهُّل والسمنة المفرطة وتضخم الصدر والأرداف المفرطة بشفط الدهون أو العمليات الجراحية.
5 - جراحات التجميل: وهي من أكثر الجراحات شيوعاً في أوروبا وأمريكا، ومثل عليها: اختيار شكل الأنف، وشد الوجه، وشد البطن، وتوسيع محجر العين أو تضيقه، وتكبير الصدر أو تنحيفه وكذلك الأرداف سواء بحقن مواد (مثل السيليكون الذي ثبت ضرره أو سائل الملح) في عبوات خاصة تناسب العضو المراد تكبيره مثل الثدي مثلاً.
6 - إزالة آثار التشوهات من جراحات سابقة، وذلك يتجه لنمو الأنسجة الجلدية بصورة غير طبيعية مما ينتج عنه تشوه.
وعن حكم جراحات التجميل يقول: إن في أوروبا وأمريكا تكثر فيها عمليات التجميل غير الضرورية التي تنحصر في حب تغيير الشكل، والانسجام مع النموذج الذي تعممه هوليود أو وسائل الإعلام؛ إذ كثر الحديث عن محاولات الإناث لنفخ الشفاه على شاكلة النجمة الأمريكية فلانة أو علانة ومشابهة نجوم الرياضة وغيرهم، وهي في جوهرها غير أساسية ولا ترتبط بإخفاء العيوب، أو معالجة مشكلات في الجسم.
في الأردن بدأت عمليات التجميل تنتشر بالشكل الذي هي عليه في أوروبا وأمريكا، والمتمثلة في تعديل أجزاء هي أصلاً سليمة وطبيعية جدًّا في الجسم، وفي ذات مرة اختارتني إحدى النساء لتعديل أردافها، وفوجئت فوزنها كله لا يتجاوز 56 كجم أي أنها كومة عظام !!.
هذه العمليات التجميلية (الكمالية) محصورة فقط في شريحة الأغنياء، أما الفقير فهو راضٍ عن حاله.
الكثيرون ممن يلجئون إلى الجزء الكمالي أو غير الأساسي في جراحات التجميل يعانون من عقدة النقص، ويعيشون حالة من عدم الرضا؛ ولذلك يجدون الحل في التجميل.
والآن هناك أطباء يحملون قوائم تضع عشرين شكلاً للأنف وأخرى للشفاه وضعفها للعين، وليس على الشخص إلا أن يختار الموديل الجديد الذي سيغير شكله إليه! وهذا خارج عن دور الطب والتطبيب.. وهو "الحكمة" بمعناها الشامل.
الروابط المفضلة