إن الرقبة ليست مجرد صلة وصل بين الرأس والجسم، بل هي تحتوي على مكونات معقدة في غاية الأهمية، ففيها الجزء الأول من العمود الفقري المؤلف من سبع فقرات، وفي داخل الأخيرة يقع جزء من النخاع الشوكي الذي يتفرع منه الكثير من الأعصاب، وفي الرقبة تعبر القصبة الهوائية والمريء، وفي الرقبة الأوردة والشرايين والعضلات والأوتار والكثير من العقد والأوعية اللمفوية، إضافة الى الغدة الدرقية... وباختصار الرقبة منطقة استراتيجية تحفل بالكثير من التركيبات المهمة.

والرقبة تحمل أهم أعضاء الجسم، أي الدماغ الذي يشكل 15 في المئة من وزن الجسم، وهي جزء يتحرك بسهولة وفي كل الاتجاهات. ونظراً الى الدور المحوري الذي تقوم به الرقبة وبالتالي العبء الواقع عليها، فهي أكثر عرضة من غيرها لبعض المشاكل، خصوصاً آلام الرقبة التي لا يسلم أحد من شرها ولو لمرة واحدة في حياته.

ما هي الأسباب المؤدية الى آلام الرقبة؟

هناك أسباب عدة تقف وراء أوجاع الرقبة، من أهمها:

- العادات السيئة والخاطئة، والتي تعتبر من أهم الأسباب المسؤولة عن آلام الرقبة، لأنها تجعلها في وضع غير متزن تئن تحت وطأته، ومن أجل إصلاح هذا الوضع، تحاول عضلات الرقبة جهدها استعادة الاتزان المفقود، ولكن إذا كان الجهد المبذول مستمراً، فإن العضلات تصاب بالتشنج عاجلاً أو آجلاً، ما يؤدي الى آلام الرقبة. ومن العادات السيئة النوم على وسادة عالية، وعلى البطن، والجلوس الخاطئ لمدة طويلة، وقيادة السيارة لمسافات بعيدة من دون أخذ أقساط من الراحة.

- الالتهاب الاستحالي لفقرات الرقبة (الأرتروز)، وهذا يعد سبباً شائعاً لآلام الرقبة، خصوصاً مع التقدم في العمر. ويظهر الالتهاب في شكل بطيء وعلى مراحل تتخللها موجات من التيبس والآلام مع فترات هدوء. وغالباً ما تكون الصورة الشعاعية ناطقة بهذا الداء، إذ تكشف وجود تضيقات في المسافات بين الفقرات، مع تنشؤات غضروفية تسمى المناقير.

- فتق النواة اللبية، وهذا يسمى في العامية بالديسك، وهو جزء «جيلاتيني» من القرص الفقري يتسرب الى القنوات التي تخرج الأعصاب منها، فيضغط عليها مسبباً الآلام.

- الرضوض المباشرة التي تطاول الرقبة، والناتجة من حوادث السقوط وحوادث السير.

إن آلام الرقبة قد تكون محسوسة في العنق أو في مناطق أخرى مثل الكتف، أو ما بين الكتفين، أو في مؤخرة الرأس أو في الذراعين، وقد تترافق هذه الآلام مع التيبس والتصلب في عضلات الرقبة، وأحيانا قد يسمع المريض صوت فرقعة أو احتكاك. وإذا كان هناك ضغط على الأعصاب الخارجة من بين الفقرات، فإن المصاب يشكو من الألم والتنميل والضعف في الذراعين.

نصل الآن الى بيت القصيد وهو كيف يتم تدبير آلام العنق؟ إن النصائح الآتية مفيدة:

1- وضع الثلج على المنطقة المؤلمة، خصوصاً عندما يترافق الوجع مع تصلب الرقبة.

2- تناول بعض المسكنات المتوافرة في المنزل مثل البانادول أو الفولتارين أو ما شابههما.

3- أخذ حمام ساخن، أو تسليط هواء مجفف الشعر الدافئ، فهما يقدمان حلاً سريعاً لتسكين وجع الرقبة.

أما في شأن الوقاية من آلام الرقبة، فهي تستند الى التعليمات الآتية:

- تجنب النوم على البطن.

- النوم على وسادة مناسبة تحترم الانحناء الطبيعي للفقرات.

- تحاشي التعرض للهواء البارد والرطوبة.

- أخذ أقساط من الراحة أثناء قيادة السيارة لفترة طويلة أو عند العمل الطويل على الكومبيوتر.

- تجنب تثبيت سماعة الهاتف بين الأذن والكتف.

- تفادي النوم أثناء الجلوس أو عند ركوب السيارة أو الباص.

- تحاشي حمل الأشياء الثقيلة.

- تفادي النظر طويلاً الى الأعلى.

- تجنب الجلوس على الأرض لفترة طويلة.

- العمل على الكومبيوتر بحيث تكون الشاشة في مستوى العينين.

- اجراء تمرين الرقبة بشدها وإرخائها، ويتم هذا التمرين على الشكل الآتي:

1- اجلس على الكرسي وضع يدك اليمنى على الجبين ثم قم بدفع الرأس الى الأمام مع عمل مقاومة باليد.

2- تكرار التمرين الأول ولكن مع وضع اليد خلف الرأس.

3- اجلس على الكرسي ثم ضع يدك اليمنى على الجانب الأيمن للرأس ثم قم بدفع الرأس الى الجهة اليمنى مع عمل مقاومة باليد، وكذا الأمر للجهة اليسرى للرأس.

يبقى أن نعرف أن محاولة فك التشنج في الرقبة بإجراء مناورات فوضوية وعشوائية لا تفيد في شيء، هذا إذا لم تزد الطين بلة. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، ان آلام الرقبة التي لا تهدأ بين أسبوع وعشرة أيام يجب مراجعة الطبيب في شأنها. فإذا كانت الآلام شديدة، أو تتمدد الى الذراعين، أو تترافق مع ضعف عضلي، أو مع فقدان القدرة على التحكم في عمليات التبوال والتبرز، تصبح استشارة الطبيب ضرورية على الفور، وإلا ساءت الأحوال.

يعطيك العافيه حبيبتي