هشام محمد
الأمهات أكثر ذكاء من غيرهن كشفت دراسة حديثة أن الأمومة تعيد شحن مخ الأنثى وشحذه، مما يؤدي إلى تحسينات في القدرات الذهنية تمتد بطول العمر، كما تمنحه حماية ضد أمراض تداعي القدرات بسبب الشيخوخة، وأكد الباحثون الذين قاموا بالدراسة أن الأمومة تعيد تجديد طاقات المخ لدى النساء وتقيهن أمراض الذهن.
تبدو الدراسة واحدة من عدة دراسات حديثة تصب كلها في مسار مضاد لعدة أبحاث سابقة تنفر من الأمومة؛ الأمر الذي هدد أمما في الغرب وشعوبا بالانقراض نظرا لعزوف الإناث عن الإنجاب خوفا من تبعات الحمل الاقتصادية والاجتماعية، ونجم عن إحجام الأسر عن الإنجاب تناقص مقلق ومزعج في نسبة المواليد الجدد في مقابل نسبة الوفيات.
قدرات المخ والحملتفند الدراسة التي قامت بها جامعة ريتشموند في فيرجينيا، المعتقد الشائع بأن الإنجاب يؤثر على حدة قدرة المخ، بحسب تقرير نشرته صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية الأحد 12-8-2008.
كما تبدد الدراسة الأحدث المخاوف التي أثارتها دراسات سابقة عن انكماش حجم المخ، أو اضطرابات تصيب الذاكرة أو المهارات الشفوية.
كانت دراسة بريطانية صدرت عام 2002 استرشدت بمسح للمخ أثناء الحمل أثبتت نقصا في حجمه بنسبة 4%، كما قررت الدراسة التي قامت بها الباحثة الطبيبة أنجيلا أوتريدج -من مستشفى هامرسميث في لندن- حدوث اضطرابات في التفكير والاستنتاج لدى الحوامل، وأفادت دراسة أسترالية أخرى قام بها باحثان أن هناك مشاكل تتعلق بالمهارات الشفوية تعتري الحوامل وكذلك مشاكل تتعلق بالذاكرة.
وعلى الرغم من التراجع المحتمل المرافق لفترة الحمل، فإن الدراسة الأحدث طمأنت النساء بأن ذلك ليس سوى مرحلة موازنة لتحسين قدرات الأم الذهنية والبدنية التي تعقب الولادة واعتبر الباحثون هذا الأمر نوعا من التجهيز للأمهات للوفاء بالمتطلبات الجسمانية اللازمة للدخول في عالم الأمومة.
وقال البروفيسور كريج كينسلي من جامعة ريتشموند: "النساء الحوامل يمررن بمرحلة ما يدعى مُخ الطفل، وهي تجربة النقص الواضح في أداء الوظائف.. إلا أن سبب ذلك يعود إلى إعادة تشكيل المخ استعدادا لمرحلة الأمومة ومواكبة العديد من المتطلبات الجديدة المرافقة لها".
وأضاف كينسلي: "المتغيرات التي تحدثها حينئذ تصحب النساء إلى بقية حياتهن وتعزز قدراتهن الإدراكية وتحميهن من أمرض التداعي"، وأكد هو ورفاق الدراسة أنه لا داعي للقلق للانحدارات المؤقتة في بعض وظائف المخ لأن ذلك لا يخرج عن إطار إعادة تشكيله وتهيئته وهي في مجملها ذات نفع كبير ممتد.
الأمهات أذكىأجريت الدراسة على أمخاخ الفئران وبعض الحيوانات الرئيسية كالقردة، وأظهرت أن الأمهات يصبحن أكثر شجاعة بخمس مرات، وأكثر ذكاءً حيث ترتفع قدراتهن في العثور على الطعام ليقتتن هن وصغارهن، كما يصرن أكثر وعيا بالمكان عن اللائي بلا ذرية.
ووجد الباحثون لدى مقارنة مخ الأمهات بالأخريات أن تلك المهارات المكتسبة حديثا تتصل بتغييرات فيزيائية، تحديدا في الخلايا العصبية المتعلقة بالأمومة، التي تطورت لتصبح أكبر حجما وأكثر اتصالا بالخلايا المجاورة.
ويقول كينسلي: "برغم أن معظم الدراسات أجريت على الحيوانات، فإنه من المرجح أن النساء يكتسبن ذات الفوائد الطويلة المدى من الأمومة؛ فمعظم الثدييات –ومنها بنات حواء- تتشارك في سلوكيات الأمومة نفسها التي تتحكم بها مناطق المخ ذاتها".
وكشفت دراسة أخرى أن الفئران التي أنجبت اكتسبت وقاية من أمراض التداعي الذهني، وتدنت لديها مستويات البروتين الذي يطلق عليه APP، والذي يرتبط بمرض الزهايمر في البشر.
يذكر أن البروفيسور آلسون فليمنج (من جامعة ترونتو الكندية) قام بدراسة على موضوع ذي صلة وأثبتت نتائجها أن حدس وحس الأمهات يصير أكثر حدة بعد الولادة مما يجعلهن يدركن للتو وفي الحال الروائح والأصوات المميزة لصغارهن.
التأثيرات الحمائية أو الوقائية يمكن أيضا أن تمتد للبشر، فقد أجرى توماس بيرل البروفيسور المساعد في جامعة بوسطن الطبية دراسة، وجد فيها أن النساء اللائي ينجبن بعد سن الأربعين تضاعفت إمكانية تمتعهن بطول العمر حتى المائة عام.
شهادة الأمهاتوللتدليل على مجمل نتائج هذه الدراسات بشكل عملي فإن هيلين برشول البالغة من العمر 32 عاما وتعمل مصممة في شركة بلندن أكدت للصنداي تايمز أنها لاحظت تغيرا لافتا في مهاراتها الإدراكية أثناء حملها.
وقالت هيلين: "بالتأكيد عانيت من أعراض مخ الطفل في البداية، فالعمل أصبح أصعب، والمهام البسيطة كانت تبهظني.. وبعد مضي 7 شهور من حملي تقبلت أني لن أستطيع معالجة هذا الأمر".
وتواصل هيلين قائلة: "بعدما وضعت ابنتها مارثا، منذ عام مضى، لاحظت أنها فقدت تأثير مخ الطفل، وتحسنت مهاراتي بشكل كبير لاسيما التنظيمية".
وساقت صنداي تايمز براهين أخرى عما أطلقت عليه ظاهرة الأم الفائقة لبعض الحالات في مدينة الوظائف العالية مثل نيكولا هورليك التي استطاعت الجمع بين الحمل ووضع وتنشئة 5 أطفال وإدارة عمل استثماري بخمسة مليارات جنيه إسترليني.
أيضا هناك هيلينا موريسي –42 عاما– المدير التنفيذي لشركة استثمارية تبلغ أصولها 37 مليار جنيه إسترليني على الرغم من أنها استقبلت العام الماضي طفلها الثامن، وأكدت لصنداي تايمز أن ممارسة مهامها أيسر ومباشرة مسئولياتها آخذة في السهولة عما كان عليه الأمر في حملها الأول.
النماذج الأخيرة مغرية للغاية للإناث في عدم القلق على المستقبل المهني إذا ما خضن تجربة الحمل والوضع والإنجاب بصفة عامة، كما تشكل دافعا لإجراء مراجعات بالنسبة للاتي عزفن عن الحمل أو اكتفين بطفل أو اثنين على الأكثر خوفا على الوظيفة أو الدخل
الروابط المفضلة