لفتت نظري الاختلافات الواضحة بين بعض الشعوب في تكويناتهم الجسدية، فنجد نسبة كبيرة مثلاً من الأميركيين تغلب عليهم السمنة والضخامة، بعكس الفرنسيين مثلاً تغلب عليهم الرشاقة والاعتدال.. وإذا قلنا إن الأميركيين (يخبصون) في مأكلهم، فإننا أيضاً نجد أن المطاعم الفرنسية على الدوام مكتظة سواء في الغداء أو العشاء، كما أن الإنسان الفرنسي بطبعه يحب الأكل ويتلذذ بالشرب، ويهوى الخبز والحلويات، ومع ذلك ما زال نسبيّاً يحافظ على نفسه وسوف نذهل إذا عرفنا أن العالم ينفق سنوياً ما لا يقل عن (150 مليار دولار) لعلاج البدانة التي أغلب أسبابها كثرة الأكل، ولو أن هذه المليارات ذهبت للجياع حقاً في العالم الثالث لأنقذت الكثير منهم من الموت، ولكن ما علينا (فما شاء قدّر، وما قدّر شاء).
ودول الخليج من تلك الدول (المختلّة) بدنياً وأرجو ألاّ تكون عقليّاً أيضاً نعم إن الرجل والمرأة والطفل ومن يسير على (ثلاثة)، كلهم إما بدناء بإفراط وكأنهم خارجون لتوهم من معلف أو معصقلون معصعصون وكأن السل ضارب اطنابه في صدورهم، والقليل منهم معتدل والحمد لله إنني من ذلك المعتدل وقبل ذلك كنت من فصيلة المعصعصين، وعندما شارفت على أن ادخل في (المعلف) شكمت نفسي وأوقفتها في المنتصف، وما زلت أراوح في مكاني بكل فخر واعتزاز و(بلاهة).
ولا يمكن القضاء على تلك الظاهرة المرضية والمتعبة والمفلسة والكارثية، إلاّ إذا غيرنا من أسس فلسفتنا في الحياة أولاً، ولنسأل أنفسنا هذا السؤال الساذج المفحم: هل نحن نعيش لنأكل، أم نأكل لنعيش؟! إذا كان الجواب هو الأول (فيا ويلنا)، وإذا كان الثاني، فعلينا إذا ان نردفه بسؤال آخر أكثر قسوة، وعلينا أن نجيب عليه بعقلانية: ما هو العيش الذي نريده، أو الذي يجب أن نسير على هداه؟! هنا مربط الفرس التي لا تسمح لكل من هب ودب أن يمتطيها.
وقبل أعوام طرح في الأسواق عقار جديد يقال انه يفتت الدهون، وإن الإنسان مهما أكل من عناصر ومشتقات (ودبّها)، فإن ذلك العقار يفصل الدهون على جنب، وتذهب في النهاية مع الفضلات أكرمكم الله ولا أريد أن أذكر اسم ذلك العقار خوفاً من ان أعمل له دعاية إما (إيجابية أو سلبية)، وقد تقاطر عليه القوم، وتحدث عنه الركبان، وقد نصحني البعض باستعماله، فرفضت لأني لا أتعاطى أي عقاقير.. وأعرف اثنين على الأقل من أصحابي، تناولا ذلك العقار بانتظام، ونزل الأول خلال شهر واحد ثمانية كيلوغرامات، لكنه كان مضطراً إذا ذهب إلى العمل أن يلبس ولا مؤاخذة (حفاظة)، كالتي يلبسها الأطفال، أو على الأقل (بلاستيك)، لأن مفعول ذلك الدواء (السمج) يتسرب خارجاً بلزوجة السمن من دون أن يشعر به متعاطيه.
أما الصاحب الثاني، فلا أنسى موقفاً حصل له ونحن مدعوون إلى عزيمة، لا أنسى منظره، عندما كان جالساً بجانبي عندما هب فجأة واقفاً، ثم انطلق مسرعاً إلى الحمام، وعندما استبطأته، ذهبت لكي اطمأن عليه، فإذا هو في أشد الخجل والنكد، حيث انه كان يغسل ثوبه مما تسرب منه وعلق فيه من دون أن يشعر، ورجاني ألا أخبر أحداً عن ذلك، وها آنذا وفيت بوعدي، ولم اخبر أحداً سواكم.
يا ليتنا نقتدي بالحديث الشريف القائل: «نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع».
وإنني على يقين لو أننا طبقنا هذا الحديث بحذافيره لأصبحنا (غير شكل).. ولكن يبدو أن شكلنا
منقوووووووووول
الروابط المفضلة