مع سير وباء أنفلونزا الطيور من آسيا إلى أوروبا كالنار في الهشيم، أعلنت عدة دول عربية عن استعدادات لمواجهة وصول أنفلونزا الطيور لم تتعد نطاق إبراء الذمة، لذا تظل المخاوف قائمة، مع اتسام الاستعدادات العربية بالتكاسل في مواجهة المرض، في ظل ما أعلنه مسئول في الأمم المتحدة من أن عدد القتلى من هذا الوباء المتوقع ظهوره في أي وقت يعتمد على مكان نشأته وسرعة اكتشافه وكيفية استجابة الحكومات حياله، متوقعاً أن يتراوح عدد الضحايا ما بين 5 ملايين و 150 مليون إنسان .
في مصر أول القصيدة ..
أما في مصر فقد تقررت مراقبة السفن القادمة من الدول التي أعلنت عن وجود إصابات بمرض أنفلونزا الطيور، كما أقامت مصر 27 مركز مراقبة عل طول الحدود لتدوين احصاءات حول الطيور المهاجرة والمحتمل أن تكون حاملة لمرض انفلونزا الطيور ، وقالت هيئة قناة السويس إنه تم إخطار المرشدين بأية حالات إصابة على السفن التى يصعدون عليها، كما نصحت الهيئة المرشدين باستخدام أقنعة واقية تم توزيعها عليهم ، ومن جانبه أصدر وزير الزراعة أحمد الليثى توجيهات مشددة بمنع استيراد مسحوق ريش الطيور، ومخلفات مجازر الدواجن التى تستخدم فى تغذية الدجاج ، كما قررت الحكومة حظر استيراد الطيور الحية من كافة دول العالم، سواء ضمن صفقات أو بصحبة ركاب، وإلغاء موسم الصيد البري .
وإذا كان العرب قد أوقفوا استيراد الدواجن من الدول التي أصابها المرض إلا أن المشكلة الآن تكمن في الوباء الذي قد يتفشى بشكل سريع للغاية بالصورة التي يصعب معها استيراد المضادات العلاجية لمكافحته، خاصة وأن منظمة الصحة العالمية قد أعلنت أن الرعاية الصحية الجيدة سوف تلعب دورا رئيسيا في الإقلال من أثر انتشار المرض، غير أن الوباء نفسه قد يعرقل إمدادات الأدوية الضرورية مع إصابة العاملين الطبيين أنفسهم بالمرض ومع انتشاره بشكل سريع ، وفي هذا الصدد يطالب الدكتور يوسف ممدوح - طبيب بيطري - بأن تعلن الحكومات العربية بشفافية حول استعداداتها لمكافحة المرض كي يطمئن الناس ولا تظهر إشاعات من شأنها أن تثير الفزع حول انتشار المرض بين الدواجن أو البشر، ويشير إلى أنه حتى الآن لم يسمع عن أي استعدادات مستقبلية وقائية في الوقت الذي فيه يتسارع العالم من أجل الحصول على الأمصال والتعرف على أشكال تحور الفيروس لمواجهته بشكل افضل.
وحول ما إذا كان يمكن أن تنتشر شائعات بشان حالات وفاة بالمرض مما يسبب فزع الناس، أوضح الدكتور عادل أن عملية تشخيص المرض اكلينيكيا تعد عملية صعبة لأنه يعطي أعراض الأنفلونزا العادية، أي أن التشخيص الاكلينيكي يكون خاطئاً إذا لم يتم الرجوع للمعمل حيث يمكن أن تتشابه أعراض المرض اكلينيكيا مع الكوليرا، ولكن الفيصل هنا هو المعمل ووجود أجسام مناعية لهذا الفيروس أو عزل الفيروس نفسه.
كيف يتلافى الإنسان المرض ؟ ويشير الدكتور عادل إلى أن عدوى أنفلونزا الطيور تأتي بمخالطة الدواجن المريضة ، أي عن طريق الاستنشاق للرذاذ الخارج منها ، وأيضا قد تنتقل العدوى إلى العاملين على عزل الفيروسات في المعامل وذلك إذا لم تتخذ الإجراءات اللازمة ، أما بالنسبة لانتقاله عن طريق الأكل فيؤكد بأنه توجد العديد من الفيروسات في أحشاء الطيور ، أي يمكن أن يصيب المرض الإنسان حتى إذا لم تظهر على الدواجن أعراض هذا المرض. وأن المرض حين يظهر وينتشر يتم وقف استيراد الدواجن حية أو مذبوحة وذلك حفاظا على صحة الإنسان والحيوان، أما الغلي والطهي الجيد فيقي من المرض تماما.
كيف نأمن وصول أنفلونزا الطيور؟
من جانبه أوضح الدكتور محمد المناوى الأستاذ بقسم الدواجن بزراعة القاهرة أن فرنسا وأمريكا هما المصدران الأساسيان للدواجن فى مصر ، ويوضح أن خطورة المرض تكمن فى أنه يؤدى إلى نفوق جميع الطيور الموجودة إذا ما دخل إلى مكانها فى غضون 24 إلى 48 ساعة، كما لا تتوافر له فعلياً أية تطعيمات أو أمصال، كما أن فترة حضانته قصيرة جداً، وفور إصابة الطيور يظهر عليها خمولاً يعقبه نفوقها ، ويؤكد المناوى أن الطريقة الوحيدة التى يمكن من خلالها أن يصل أنفلونزا الطيور إلى مصر هى الطيور المهاجرة التي تحمل الفيروس كعائل مثل السمان البرى، والذى يعتبر عاملاً أساسياً في انتقال المرض بين الدول الموبوءة .
ومع ذلك يرى الدكتور المناوى أن طبيعة الجو الحار نسبياً في مصر كفيلة بالقضاء على احتمال تواجد المرض فضلاً عن قصر دورة حياة الفيروس، حيث أنه يموت في غضون 24 ساعة إذا أصبح دون عائل ، وعن الإجراءات الوقائية التي يمكن اتخاذها بالنسبة لأصحاب المزارع يقول إننا يمكننا الاعتماد على حرارة الجو وإجراءات الأمن الحيوي في المزارع، مثل منع وصول الطيور البرية، والتعقيم الفائق للمتعاملين مع الطيور ، أما في حالة ظهور المرض على الطيور بالفعل، ينصح دكتور المناوي بأن تبادر المزرعة وكل المزراع الموجودة حولها بإعدام كافة الطيور المتواجدة لديها، بحيث تمنع أي شك فى نقله لأية منطقة أخرى ، أما بالنسبة للعاملين بتلك المزارع، فعليهم المسارعة إلى الكشف الطبي بصورة دورية، حتى يتأكدوا من عدم إصابتهم بالمرض.
* * * * * * *
وفي حين سارعت عديد من دول العالم إلى شراء الأمصال والعقاقير، مع مراعاة كافة الإجراءات الاحترازية لمنع وصول المرض، لم تبلغ الإجراءات في معظم الدول العربية مستوى نظيرتها الأوروبية، وإذا كان العرب قد أوقفوا استيراد الدواجن من الدول التي أصابها المرض إلا أن المشكلة الآن تكمن في الوباء الذي قد يتفشى بشكل سريع للغاية بالصورة التي يصعب معها استيراد المضادات العلاجية لمكافحته، خاصة وأن منظمة الصحة العالمية قد أعلنت أن الرعاية الصحية الجيدة سوف تلعب دورًا رئيسيًا في الإقلال من أثر انتشار المرض، غير أن الوباء نفسه قد يعرقل إمدادات الأدوية الضرورية مع إصابة العاملين الطبيين أنفسهم بالمرض ومع انتشاره بشكل سريع ،وعلى عكس الحالة العربية، تجاوبت الحكومات الأمريكية والفرنسية والإيطالية والكندية مع تحذير منظمة الصحة العالمية وتقدمت بطلبات لشراء أمصال من شأنها حماية شعوبها.
حانت لحظة الهجوم
وبعد أن أخذ الوباء بالانتشار في روسيا تحققت نبوءة العالم الروسي في علوم الأوبئة غينادي اونيشتشينكو، الذي أقر بأن دول حوض البحر الأبيض المتوسط على موعد مع الوباء فى خريف 2005، لتنقله الطيور المهاجرة التي تقضي الصيف في سيبيريا، متخذة دور الوسيط، حيث أظهر تحليل مسارات هجرة الطيور أن فيروس "اتش.5 ان.1" سينتشر من غرب سيبيريا إلى بحر قزوين والبحر الأسود.
وأضاف أنه بخلاف جنوب روسيا، قد تنشر الطيور المهاجرة الفيروس إلى دول مجاورة، مثل أذربيجان وإيران والعراق وجورجيا وأوكرانيا ودول البحر المتوسط، لأن مسارات الطيور المهاجرة من سيبيريا تمر بهذه المناطق في الخريف" ، وبالفعل دلفت أخطر سلالات المرض إلى تركيا، وامتدت لرومانيا، واليونان، الأمر الذي دعا المفوضية الأوروبية لمطالبة دول الاتحاد الأوروبي بالاستعداد لاحتمال تفشي وباء أنفلونزا الطيور عبر تخزين كميات من العقاقير المضادة للفيروسات ، وبذلك أصبح الوباء على أبواب المنطقة العربية، ليبقى الخطر قائماً بقوة، خاصة مع إطلاق منظمة الصحة العالمية، ومكتب الأوبئة الدولي عدة تحذيرات حول تعرض المنطقة العربية لمرض أنفلونزا الطيور.
هل بلغت الاستعدادات الجدية المطلوبة؟
إذا ما نظرنا على خريطة الاستعدادات العربية لمواجهة الوباء نجد السعودية وقد اهتمت بتوفير العقاقير اللازمة، ووفقاً لخطة معدة، يعتزم المسؤولون إعطاء العاملين الصحيين في كل المرافق الصحية في الحرم المكي والمشاعر المقدسة وكذلك العاملين في كل مراكز المراقبة الصحية بالمنافذ والقائمين على خدمات الحجاج عقاراً مضاداً لأنفلونزا الطيور ، وفي حال انتشار الوباء على نطاق واسع في السعودية، سيجرى تعميم العقار على باقي المرافق الحيوية.
وتشمل الوسائل الوقائية إغلاق المدارس والحد من التجمعات الكبيرة في الأماكن الضيقة وتقليل التحركات والسفر، إضافة إلى الحجر الصحي لمخالطي الحالات مدة سبعة أيام ، وعلى مستوى الأردن الذي يقع بدائرة التحذيرات، أكد وزير الصحة الأردني سعيد دروزة، التزام البلاد بتوصيات منظمة الصحة العالمية بإعداد برنامج وقائي للحيلولة دون ظهور المرض في الأردن.
يأتى ذلك فيما كشف رئيس اللجنة الوطنية لأنفلونزا الطيور مساعد أمين عام وزارة الصحة الأردنية الدكتور علي اسعد، عن عقد اجتماع موسع في مصر في الثامن والعشرين من الشهر المقبل لكل دول المنطقة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وذلك للاتفاق على استراتيجية موحدة ومتطلبات محددة لتنفيذ الإجراءات الخاصة بمكافحة مرض أنفلونزا الطيور ، وفى الجزائر قامت الجهات المختصة بمراقبة أماكن هجرة الطيور، وسيتم أيضاً مصادرة أى بضاعة من لحم الطيور تكون بحوزة أي مسافر يدخل إلى الجزائر مهما كان شكلها أو نوعها، وذلك على مستوى الحدود والموانىء والمطارات.
ومع ذلك فقد وردت أنباء عن سماح الحجر الصحي المصري بإدخال شحنة من طيور البط المستوردة من فرنسا إلى الأراضي المصرية، بعد يوم واحد فقط من هذا القرار!
ومن جانبها حظرت سلطنة عمان استيراد الطيور البرية وطيور الزينة ومشتقاتها من جميع دول آسيا ورومانيا وتركيا وإيران، كما قامت وزارة الزراعة بفحص العينات من الطيور الحية والمستوردة من الخارج بمنتهى الدقة والتأكد من صلاحيتها للاستهلاك الآدمي، كما شكلت السلطنة فريق عمل وإنشاء غرفة عمليات لمتابعة المرض، بالتنسيق مع وزارة الصحة، وذلك لاتخاذ اللازم عند ظهور أي إصابة.
وفي سوريا أوضحت وزارة الزراعة أنها تقوم بالتقصي عن المرض من خلال الكوادر البيطرية في المحافظات والمناطق السورية كافة، كما تقوم بأخذ العينات للتشخيص المخبري ، كما طالبت الوزارة مربي الدواجن والفلاحين بإبلاغ مصالح الصحة الحيوانية في المحافظات عن أي أعراض يلاحظوها على الطيور، وحثت أيضاً على عدم خروج الطيور السليمة لتفادى احتكاكها بالطيور البرية المصابة بالمرض، مشيرة إلى أنه يتعين على المواطنين عدم محاولة صيد الطيور المهاجرة وإتلاف النافق منها بطريقة الحرق.
ظهور المرض بلبنان
وعلى الرغم من اتخاذ السلطات المعنية اللبنانية احتياطاتها بتشكيل مجموعات مراقبة في المناطق البعيدة والقريبة على حد سواء من الشمال إلى الجنوب، من أجل متابعة إمكانية حصر نفوق طيور مهاجرة أو محلية، وتحذير وزارتا الصحة والزراعة هواة صيد الطيور خطورة ممارسة هوايتهم لهذه الفترة، فقد صرح فريق الجامعة الأميركية في لبنان والمتخصص في الأوبئة المشتركة بين الحيوان والإنسان، أن مرض أنفلونزا الطيور من نوع "أتش-9" قد وصل إلى البلاد.
وأوضح الدكتور إيلي بربور رئيس الفريق أن نوع أتش-9 من أنفلونزا الطيور الذي ظهر في بعض القرى اللبنانية لا يضر الإنسان ولا يؤذيه، وهو أقل خطرًا من نوعين من أنفلونزا الطيور أتش-5 وأتش-7 ، وهي الحالات التي ظهرت في شرق آسيا، ويمكن أن تشكل وباءً قاتلاً لا علاج له حتى الآن ، وأكد رئيس الفريق الدكتور إيلي بربور أن هذا الوباء تم رصده منذ الصيف الماضي في عدة قرى لبنانية، بعد ظهور عدة حالات من هذا النوع بين أقنان الطيور، مضيفاً أن الجامعة توصلت إلى اكتشاف دواء فعال يمكن أن يكون أكثر فعالية من الأدوية المكتشفة في العالم ضد هذا الوباء، معرباً عن أمله في التوصل إلى علاج أكثر فعالية في أقل من سنة في لبنان.
ولم تقف السودان مكتوفة الأيدي إزاء الوباء، فقد أصدر أعلن وزير الثروة الحيوانية السوداني قلواك دينق قراراً بإيقاف استيراد لحوم الطيور الداجنة وطيور الزينة ومراجعة كل التصديقات للجهات المتوقع وصول المرض عبرها.
ومع ذلك هل يظل العرب في خطر ؟
في حديث خاص لشبكة المعلومات العربية محيط، أكد الدكتور عادل عبد العظيم زايد رئيس قسم أمراض الحيوان المعدية بكلية الطب البيطرى بجامعة القاهرة ، أنه لا توجد دولة آمنة تماما من المرض ، حيث تلعب الطيور المهاجرة دوراً في نقل الفيروس من مكان لآخر، ودعا إلى أن يكون لجماعات البيئة دورا في إرسال أية طيور تظهر عليها علامات المرض أو نفوق عدد منها إلى المعامل فوراً للتأكد من طبيعة هذه الحالات، مؤكدا أن تشخيص المرض يعد من الأشياء البسيطة والتي يتم اكتشافها بسهولة.
ويشير الدكتور عادل إلى أن عدوى أنفلونزا الطيور تأتي بمخالطة الدواجن المريضة، أي عن طريق الاستنشاق للرذاذ الخارج منها ، وأيضا قد تنتقل العدوى إلى العاملين على عزل الفيروسات في المعامل وذلك إذا لم يتخذ الإجراءات اللازمة ، أما بالنسبة لانتقاله عن طريق الأكل فقد نبه إلى أنه توجد العديد من الفيروسات في أحشاء الطيور ، أي يمكن أن يصيب المرض الإنسان حتى إذا لم تظهر على الدواجن أعراض هذا المرض، وأن المرض حين يظهر وينتشر يتم وقف استيراد الدواجن حيه أو مذبوحة وذلك حفاظا على صحة الإنسان والحيوان .
الروابط المفضلة