احذري التوتر والاكتئاب، هذا ما ننصح به كل حامل، فعلاوة على كل الآثار السلبية للتوتر والاكتئاب، أضافت الأبحاث الطبية الجديدة أثراً سلبياً جديداً يتجاوز المرأة ليؤذي جنينها.. هذا ما أثبتته دراسة طبية أوربية نشرت حديثاً، وخلص الباحثون في مشروعي بحث منفصلين إلى أن توتر الأم قد يؤذي طفلها بطريقتين: إما بتقليل توريد الدم للطفل، أو بنقل هرمون التوتر "الكورتيزول" إليه فيؤثر على نموه وتطوره العقلي والذهني. وأشار العلماء إلى أن هناك طرقاً جديدة لتشخيص الأطفال الذين يصابون بعجز الانتباه مبكراً في حياتهم، فإذا ما تأكدت هذه النتائج من أن قلق الأم وتوترها أثناء الحمل يمثل عاملاً أساسياً في زيادة خطر إصابة الطفل بهذا المرض، فإن بالإمكان التدخل ومساعدة هؤلاء النساء من خلال برامج خاصة تساعد على تقليل القلق.
وقال الباحثون: إنهم توصلوا للنتائج نفسها من خلال أبحاثهم على الفئران، وأكدوا أنه بالإمكان تجنب التلف الدماغي بإعطاء الأمهات أدوية مخففة للتوتر، أو بمعالجة الأطفال حديثي الولادة بمضادات الكآبة بعد فطامهم.
وأفاد باحثون من جامعة "جرونينجن" في هولندا أنهم وجدوا طريقة لتشخيص عجز الانتباه واضطرابات فرط النشاط عند الأطفال الرضع، الذين تبلغ أعمارهم ثلاثة أشهر، وذلك عبر مراقبة حركاتهم التلقائية، حيث إن الأطفال المصابين بتلك الاضطرابات تنقصهم الطلاقة والاندفاع في حركاتهم ويتسمون بالبلادة.
أما اكتئاب الأم فله أثره العميق في الطريقة التي تتعامل بها الأم مع طفلها، فعلى سبيل المثال قد يعوق الاكتئاب الأم عن اتباع الإجراءات الصحية الوقائية المطلوبة لصالح الطفل، تلك الإجراءات التي تقلل فرص إصابة الطفل بمرض أو أذى.
فهناك دراسة قد أظهرت مؤخراً العلاقة بين اكتئاب الأم وتلك الإجراءات الوقائية، استندت الدراسة إلى تقريرين أصدرهما المركز الدولي للإحصائيات الصحية، وشارك في التقرير 7537 أمّاً مع وليدها.
واعتمدت الدراسة على المقاييس الخاصة بالإجراءات الوقائية المختارة (مثل استخدام مقاعد السيارة، وأغطية التوصيلات الكهربائية).
أما المقاييس الخاصة بأعراض الاكتئاب فقد استمدتها الدراسة من تقريرين لمركز دراسات الأوبئة وقياسات الاكتئاب، ومن ذلك تعينت العلاقة بين أعراض الاكتئاب لدى الأم والإجراءات الوقائية، وقد أُخذت هذه التقارير بعين الاعتبار لعوامل واسعة الاختلاف مثل: الخلفية العرقية، والمستوى التعليمي، والدخل، والأم وحالة طفلها.
وكانت الأمهات اللاتي يعانين من أعراض الاكتئاب قد سجلن معدلات أقل فيما يتعلق باتباعهن الإجراءات الصحية الوقائية لصالح الطفل.
كما أثبتت نتائج دراسة جديدة قام بها مجموعة من الباحثين البريطانيين، أن حالة الاكتئاب التي تصيب بعض الأمهات بعد الولادة تتسبب في انخفاض معدل الذكاء لدى الأطفال خاصة الذكور، ففي اختبار أجري على أطفال ذكور في عمر 11 سنة من أمهات مررن بمرحلة الكآبة تلك، وآخرين من أمهات لم يُصبن بها، كان الفارق كبيراً، فقد جاء معدل ذكاء الفئة الأولى 86، ومعدل ذكاء الثانية 103، وعندما أجري الاختبار على أطفال إناث في المرحلة العمرية نفسها كانت المعدلات متقاربة: 94 للفئة الأولى، و98 للفئة الثانية.
ويرى الباحثون أن الأسباب التي تجعل الصبية أكثر عرضة لانخفاض معدل الذكاء، هي أسباب فسيولوجية، فالذكور أبطأ نمواً من الإناث، مما يجعلهم بحاجة إلى مزيد من الاهتمام، في حين أن حالة الأم النفسية قد لا تسعفها في أداء هذا الواجب.
لكن عدم ظهور النتائج السلبية في اختبارات الذكاء للفتيات لا يعني انتفاءها، فحسب رأي الباحثين قد تظهر السلبية في أمور أخرى غير الذكاء، كعدم الثقة بالنفس والقلق الدائم، ولاشك أن المزيد من الاختبارات سيحسم الجدل في هذا الأمر.
وتُظهر النتائج أن العلاقة بين الاكتئاب والذكاء تكون أقوى في الأشهر الثلاثة الأولى التي تلي الولادة، أي عندما يكون الطفل في أكثر المراحل حاجة إلى رعاية الأم واهتمامها، أما إذا تلقى الطفل عناية مزدوجة من قبل الأم والأب فسيترك ذلك تأثيراً إيجابياً على علاقة الطفل بمحيطه.
كما بينت الدراسة أن النساء اللواتي يتلقين المساعدة والدعم من أزواجهن، أقل عرضة للإصابة بالكآبة، وأن الأطفال يحتاجون إلى رعاية وحنان الأب كحاجتهم لها من الأم على القدر نفسه، لذا فإن العناية بالطفل يجب أن تكون مشتركة بين الوالدين.
رد مع الاستدلال
الروابط المفضلة