بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله سبحانه وتعالى : (لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكرو أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير). الشورى.
وقوله : (وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا). مريم
وقوله تعالى : (وزكريا إذ نادى ربه ربِ لا تذرني فرداً وأنت خير الوراثين).
فما على العقيم إلا أن يلجأ لله بالدعاء الخالص دون الاعتراض على قضاء الله وقدره، وعليه بدعاء سيدنا زكريا المبين في القرآن الكريم يقول الله عز وجل : (هنالك دعا زكريا ربه قال ربِ هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء). آل عمران.
إليك أيته الزوجة العقيم..
لا أعرف كيف أبدأ، ولكن أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يفرّج همك وينفس كربك برحمته وأن يرزقك الذرية الصالحة ويرزقك من حيث لا تعلمين.
أختي الغالية..
عندما علمتِ بخبرخطبتك وتهيأتي لمراسم زواجك، ورسمتِ في مخيلتك مستقبلك وبناء الكيان الذي ستعيشين فيه، مع من اخترتيه شريكاً لحياتك، وكنتِ تحلمين بفتح بيت يملؤه الحب والوفاء، والسعادة الوارفة ، كنت ِ تحلمين بزوج يحبك وتحبينه، يقدرك وتقدرينه، يملاء البيت سروراً وبهجة وسرعان ما تلاشت هذه الأحلام وأصبحت الهموم تنهشك من كل صوب وجانب حتى استسلمتي للشيطان. لقد خانتك الأقدار بعد أن أطمأن قلبك إليها، وظننتِ أن خيوط السعادة تتدلى من ظلمة الليل البهيم، سنوات الحرمان واليتم انطوت فالتقفتك يد الزوج الحنون، وإذا بهذا الحنان يتحول إلى سراب وهم لم تكوني ترينه وإنتِ في غمرة سعادتك، فعندما تأخر حملك ومضت سنوات كثيرة ونفذ صبر زوجك وأخذ يهددك بالزواج من أخرى بحجة رغبته بالذرية، وبدأ الناس يتكلمون، وأخذتي تنطوين داخل منزلك تهربين من مقابلة الناس ومحاشاة سؤالهم لكِ لماذا تأخر حملك، وبدأت التفاكير والهموم تقض مضجعك وإنتِ واثقة من نفسك والأطباء أخبروك أن ليس هناك ما يعيق الحمل، فجسدك سليم، ولكن لحكمة يرتيجها الله سبحانه من هذا الأمر فأصبري لعل الله أن يرزقك.
أختي الغالية ..
أعلم إنك تمرين بظروف لا يعلمها إلا رب العزة والجلال وأعرف إنك تزوّرين واقعك الذي تعيشينه وترسمينه بشكل جميل ورائع حتى يألفه الناس، أعرف إن تفكيرك الأول والأخير هو الإنجاب حتى تعيشي بسلام وحتى لا يتحطم هذا الكيان العظيم، أعرف إنك لن تصمتي أمام أقوى حاجة (الأمومة والأبوة) إنك تريدين طفلاً يملاً بيتكم سعادة وحتى ترتاحين من هذا الهم الذي أثقل كاهلك هذا هو هدفك بالحياة، عندما تجلسين في مجلس ما وتسمعين عن أمور الإنجاب، أو عندما تجتمعين بالنساء ويتحدثن عن أطفالهن ومتاعب حملهن، فيضيق صدرك وتتضجرين وتفرين من المكان بداعي إنك مرهقة أو بحاجة إلى الراحة، تقولين في نفسك لقد مضت السنوات ولم يرزقني ربي، وليس لي طفلاً يناديني (ماما) تبكين ليل نهار، تتعذبين لفرط الحرمان، وتقولين في نفسك إنه أعظم شقاء، وأقسى بلاء، ولا تدرين ما تصنعين لعظيم هذا الأمر، تقولين في قرارة نفسك غيري تزوجن بعدي وبيوتهن تغص بالأطفال، شقيقتي أصغر مني ومعها عدد من الأولاد أشياء وأشياء تدور في مخيلتك، فلماذا هذا اليأس ومعك فرد صمد؟ لماذا بدأ الشيب في رأسك وإنتِ في عز شبابك؟ لماذا فقدتي نصف وزنك، هل أغلقت الأبواب في وجهك؟ أنسيتي إن هناك من أبوابه لا تغلق؟!
فأقول لكِ أختي الفاضلة أنني أتألم كما تتألمين وأتمنى أن يرزقك الله عاجلاً غير أجل، وأعلم أن أعظم بلاء يصيب المرأة هو العقم أو تأخر الحمل، لكن أقول لكِ الله سبحانه وتعالى أعظم من أن يصيب عباده بالهموم عبثاً لاشك أن له حكمة كما أقررتِ في أول الأمر، فهو سبحانه وتعالى يهب من يشاء ذكوراً ويهب لمن يشاء إناثاً ويجعل من يشاء عقيماً، لا أحد يستطيع الاعتراض على القدرة الغيبية، وتأخر حملك لا يدفع إلى اليأس، فلا تفقدي صوابك، وتخسري ثمار الإيمان باليأس والقنوط، هناك قضايا غيبية لا يعرفها العبد القاصر الفهم، الناقص العقل ينازع بنقصه هذا قدرة الله العظيمة، فأقول لكِ ربما سمعتِ كثيراً عن نساء حملن بعد ثمان سنوات أو عشر سنوات، فليس الأمر سوى تأخير أو تأجيل، فثمة أشياء يتعجلها الإنسان لكنها عند الله أجدى لو تأتي متأخرة ، يقول الله سبحانه وتعالى : (وعسى أن تكرهو شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شراً لكم)..آلاية. لعل ما بينكما (إنتِ وزوجك) خيط واهن لا يصلح عشاً لطفل فكان لا بدّ من ترميم لهذا الشرخ حتى يتفجر مولده بسعادة عارمة يفرزها قلبين ودودين منسجمين. لماذا اليأس، هل هناك شك في قدرة الله سبحانه وتعالى، لقد حملت سارة زوجة إبراهيم صلى الله عليه وسلم وهي عجوز عقيم بعد أن مضت سنين شبابها، وكانت قدرة إلهية يجهلها العبد الفقير، فالملائكة بشرت إبراهيم عليه السلام بإبنه إسحاق، وقد سمعت سارة البشرى وضحكت لهذه البشارة تعجباً واستغراباً من أن يكون نسل من شيخ كبير السن وامرأة عاقر قد بلغ من الكبر عتياً، وقد قالت لها الملائكة : اتعجبين من أمر الله؟!
ودعاء زكريا بقوله : (فهب لي من لدنك ولياً* يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا)
ودعائه عليه السلام (رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين).
فبشره الله سبحانه (يازكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سمياً).
وهذه استجابة لدعاء زكريا وتوجهه إلى ربه بطلب الولد، وكان يخفي طلبه ويتوسل إلى ربه ويظهر الأسف باشتعال رأسه شيباً، وأنه قد وهن العظم منه وكان كاليأس، ولكن الله تعالة على كل شيء قدير ولد في نفسه الأمل الكبير وإيمانه بالقدرة الربانية الخارقة على فعل أعظم المعجزات دفعه إلى طلب الذرية لا لإشباع غريزة الأبوة وحب البقاء والامتداد وإنما كان دعائه لغاية عظيمة من أجل امتداد حكم الله عز وجل لا حكم الغريزة والهوى وبين علة طلبه ذلك أنه خائف من الموالي من ورائه أي من بعد موته أن لا يحسنوا خلافته على أمته وإنهم يغيرون ويبدلون ويعملون بالهوى فكان الجواب منه تعالى بالبشارة بيحيى عليه السلام.
أختي الفاضلة ..
حاسبي نفسك الآن لماذا تطلبين الذرية، ولأي هدف؟ وهل تثقين بالله تمام الثقة أم أن لسانك يردد ما يلفظه قلبك.. لن تجدي عند أي مخلوق حاجتك، الحاجة ليست من الزوج أو الأخت أو الأم هؤلاء عباد قاصرون مسخرون من عند الله سبحانه وتعالى فأطلبي منه وحده وبثقة وإخلاص أليس الله من يستطيع أن يسلبك زوجك ويهب لك آخر، أليس الله من يقدر على إعادة والديك إلى الحياة؟ أليس الله وحده يملك مقادير أمورنا، فحسبك الله عز وجل فهو خير قرين للفرد المحتاج والعبد المضطر.
اصبري على أذى الناس، فهذا هو جهادك الآن كما يقول صلى الله عليه وسلم : (أفضل جهاد المرأة حسن التبعل، قيل وما هو حسن التبعل قال : أن تصبر على أذى الزوج وسوء خلقه). أكثري من الاستغفار والدعاء في الثلث الأخير من الليل، أكثري من الصدقة ولا تيأسي ومعك فرد صمد.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقك الذرية الصالحة، وأن يقرأ عينك بصلاحهم .. وتقبلوا خالص تحياتي وتقديري.،،،
اتمنى انو الموضوع مايكون ثقيل عليكم
وتقبلوا مروري
منقوووووول
الروابط المفضلة