أعلم الأمة بالحلال والحرام
شهادة عظيمة أخرى من رسول الله لمعاذ بن جبل رضي الله عنه
فيالها من كرامات منحت للصحابي الانصاري الذي أحبه الله ورسوله
رغم صغر سنه إلا أن منزلته في الإسلام كانت عظيمة ومكانته عالية
فهم قوم خرجوا من مشكاة النبوة تربوا على يد خير البرية فكانوا حقا خير جيل وخير قرن وخير رجال
قال النبي صلى الله عليه وسلم :{ أرحم أمتي أبو بكر ، وأشَدّها في دِين الله عُمر ، وأصدقها حياء عثمان ، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وأقرؤوها لكتاب الله أُبَيّ ، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح . } صححه الألباني
كريما معطاء كثير الإنفاق زاهدا
يروى أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعث إليه بأربعمائة دينار مع غلامه، وقال للغلام،
انتظر حتى ترى ما يصنع؟
فذهب بها الغلام وقال لمعاذ: يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال معاذ: رحم الله وصله،
تعالى يا جارية اذهبي إلى بيت فلان بكذا، واذهبي إلى بيت فلان بكذا،
فاطلعت امرأة معاذ وقالت: نحن والله مساكين فأعطنا، ولم يبق في الصرة إلا ديناران فأعطاهما إياها،
ورجع الغلام إلى عمر فأخبره بما حدث، فسر عمر بذلك.
كثير القيام والتهجد
كان كثير التهجد يصلي بالليل والناس نيام،فقد علم عظيم أجرها وشرف صاحبها وقربه من الله ورضاه وجنته فعلم ولزم
وكَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ ،
قَالَ : اللَّهُمَّ قَدْ نَامَتِ الْعُيُونُ ، وَغَارَتِ النُّجُومُ ، وَأَنْتَ حَيٌّ قَيُّومٌ ، اللَّهُمَّ طَلَبِي لِلْجَنَّةِ بَطِيءٌ ، وَهَرَبِي مِنَ النَّارِ ضَعِيفٌ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي عِنْدَكَ هُدًى تَرُدُّهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ "
حرصه على تمام السنة
كان معاذ رضي الله عنه حريصا على تمام سنة الحبيب المصطفى ، متمسكًا بها،
وكان يقول : من سره أن يأتي الله عز وجل آمنا فليأت هذه الصلوات الخمس؛ حيث ينادي بهن، فإنهن من سنن الهدى، ومما سنه لكم نبيكم ،
ولا يقل إن لي مصلى في بيتي فأصلى فيه، فإنكم إن فعلتم ذلك تركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم.
حكم ومواعظ
عن أبي إدريس الخولاني أن معاذ بن جبل قال :
إن من ورائكم فتناً يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يقرأه المؤمن والمنافق والصغير والكبير والأحمر والأسود فيوشك قائل أن يقول ما لي أقرأ على الناس القرآن فلا يتبعوني عليه فما أظنهم يتبعوني عليه حتى أبتدع لهم غيره إياكم وإياكم وما ابتدع، فإن ما ابتدع ضلالة
وأحذركم زيغة الحكيم فإن الشيطان يقول علي في الحكيم كلمة الضلالة، وقد يقول المنافق كلمة الحق فاقبلوا الحق فإن على الحق نورًا،
قالوا: وما يدرينا رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة؟
قال هي كلمة تنكرونها منه وتقولون ما هذه فلا يثنكم فإنه يوشك أن يفيء ويراجع بعض ما تعرفون.
قال عنه عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - :
"عجزت النساء أن يلدن مثله ، ولولاه لهلك عمر"وكان عمر يقدمه في الفقه ، فيقول من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل
وقال عنه ابو مسلم الخولاني
دخلت مسجد حمص فإذا فيه ما يقرب من ثلاثين شيخًا من أصحاب رسول الله ، وإذا فيهم شاب أجحل العينين (من الاكتحال)، براق الثنايا، ساكت لا يتكلم، فإذا اختلف القوم في شيء أقبلوا عليه فسألوه، فقلت لجليسي: من هذا؟
قال: معاذ بن جبل -رضي الله عنه-،
فوقع في نفسي حبه، فكنت معهم حتى تفرقوا.
وقال عنه شهر بن حَوْشَب :
كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا تحدثوا وفيهم معاذ بن جبل ، نظروا إليه هيبة له حُبّ العلم
وكان معاذا -رضي الله عنه- دائب الدعوة الى العلم والى ذكر الله ، فقد كان يقول :احذروا زيْغ الحكيم ، واعرفوا الحق بالحق ، فإن للحق نوراً وكان يرى العبادة قصداُ وعدلا
قال له يوما أحد المسلمين : علّمني
فسأله معاذ : وهل أنت مطيعي إذا علمتك ؟
قال الرجل : إني على طاعتك لحريص فقال له معاذ :صُمْ وأفْطِر ، وصَلِّ ونَمْ ، واكْتَسِب ولا تأثَمْ ، ولا تموتنَّ إلا مُسْلِما ، وإياك ودَعْوَة المظلوم
وكان يرى العلم معرفة وعملا فيقول :
تعلموا ماشئتـم أن تتعلموا ، فلن ينفعـكم الله بالعلم حتى تعْمَلوا
حان الرحيل واقتراب لقاء الأحبة
هاي تطوى صفحتك البيضاء الطاهرة
في عمر لم يطل كثيرا في ميزان السنين ولكنه طال في ميزان الأعمال والأقوال وصدق الأفعال
لما حضرته الوفاة قال لمن حوله من أهله: أنظروا أأصبحنا أم لا؟
فقالوا: لا ثم كرر ذلك، وهم يقولون: لا.
حتى قيل له أصبحنا فقال: أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار، مرحبًا بالموت مرحبًا، زائر مغب (أي خير)
وحبيب جاء على فاقة (حاجة)، اللهم إني قد كنت أخافك فأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا، وطول البقاء فيها لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر (يقصد الصوم)، ومكابدة الساعات (أي قيام الليل)،ومزاحمة العلماء بالركب عن حلق الذكر.
مات معاذ سنة (18هـ) على الأصح وعمره (38) سنة.
الروابط المفضلة