الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبيَّ بعده

نبينا محمد صلى الله عليه و سلم و على آله و صحبه أجمعين


و بــــــعد


أخواتي الفاضلات.........

لا بد للإنسان في هذه الحياة من صحبة صالحة

تدله على الخير و تعينه عليه

فيأنس بمجالستهم , و يسعد بصحبتهم

إن أخطأ نصحوه , و إن أصاب كافئوه فما أجملها من صحبة!!



و إليكم هذا الحديث الشريف

الذي يضرب لنا فيه الرسول صلى الله عليه و سلم

أمثلة و اقعية محسوسة على الصاحب الصالح و الصاحب السيء

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إنما مثل الجليس الصالح و الجليس السوء كحامل المسك و نافخ الكير

فحامل المسك إما أن يحذيك و إما أن تبتاع منه و إما أن تجد منه ريحاً طيبة

و نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك و إما أن تجد منه ريحاً خبيثة"متفق عليه و اللفظ لمسلم

المفردات:

يــــــحذيك: يعطيك

تــبتاع منه: تطلب البيع منه أي تشتري منه

نـافخ الكير: الحداد الذي ينفخ النار على الحديد حتى يحمر

أضواء على الحديث:

لا يمكن للإنسان أن يستغني عن الأصدقاء فهو يحب دائماً أن يكون له أصحاب يلتقي بهم

و يأنس بمجالستهم و من هنا جاءت أهمية اختيــار الصاحب

لأن له دوراً بارزاً في التأثير فإن كان مستقيماً صالحاً كان أثره حسناً

وإن كان فاسداً كان شراً مستطيراً

و في هذا الحديث النبوي يضرب الرسول صلى الله عليه وسلم المثل بأسلوب بليغ

محكم لبيان الأثر الطيب لمصاحبة الأخيـــار و الأثر السيء لمصاحبة أهل الشر و الفساد

فالصاحب الصالح كحامل المسك (بائع العطور) إما أن يعطيك نصائحه و إرشاداته

و يدلك على الخير و هذا هو المقصود بكلمة (يحذيك).

و إما أن تطلب منه العون على أمور الدين و الدنيا فلا يتردد أبداً و إنمـا يلبي ما طلبت بصدق

و هو المقصود بجملة (و إما أن تبتاع منه)

و على أقل الأحوال فإنك إن لم تستفد من نصائحه و توجيهاته و لم يمد لك يد العون

فإنك لن تعدم الإستفادة من ريحة الطيبة فتكسب الذكر الحسن و السمعة بين الناس

كما أنك ترتاح لمجالسته و تنتعش نفسك بصحبته و تتأثر بسلوكه و حسن خلقه

أمـــا الصاحب السيء فهو كنـافخ الكير إذا اقتربت منه تطاير الشرر على ثيابك فيحرقها

و إذا ابتعدت عنه قليلاً لم تسلم من التأذي برائحة الحديد المحترق التي تزكم الأنوف

فلا خلاص لك من ضرره إلا أن تبتعد عنه كلية

و هذا هو تأثير الصاحب الفاسد إما أن تجاريه في ضلاله و فساده فتصبح مثله و يحرق إيمانك و خلقك

و إما أن تسلم من شره لكنك لن تسلم من سوء ظن الناس بك و السمعة السيئة و تعريض نفسك

لخطر الإنجراف في طريق الفساد لأن من حام حول الحمى يوشك أن يرتع فيه

و من جالس الأشرار ووافقهم على فسادهم و معاصيهم يوشك أن يحل به العذاب

قال تعالى:

{و لا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}هود/113

و لذالك أمر الله سبحانه بصحبة المتقين و ملازمتهم و الحرص عليهم

فقال تعالى:

{واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه}الكهف/28

أمـا الفجار و الفسقة فقد أمرنـا الله بالإعراض عنهم و الحذر منهم

قال تعالى:{فأعرض عن من تولى و لم يرد إلا الحياة الدينا}النجم/29

و قد روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"

و مـا أحسن قول الشاعر

فلا تصحب أخا الجهل.. ..و إياك و إيــاه

فكم من جـاهل أردى....حليماً حين آخــاه



مـا يستفاد من الحديث:

1/الحث على مجالسة الصالحين و أهل الخير و العلم و النهي على مجالسة أهل الشر

و الفجور و الفسوق

2/سرعة التأثر بالأصحاب و الإقتباس من سلوكهم و أفعالهم كما ينتشر عبق الريح الطيبة

بسرعة و يتطاير شرر النار كالبرق الخاطف

3/الأسلوب النبوي البليغ في ضرب أمثلة من الواقع المحسوس لتقريب المعاني

و تقديم الموعظة بالأسلوب الحسن


نصيحتي للجميع:

التمسك بالصحبة الصـــــــــــالحة فهي

طريقك للنجاة

طريقك للسعادة

طريقك للفوز برضا الرحمن

طريقك لنيل أعالي الدرجات

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

ختــاماً ماكان من صواب فمن الله و ماكان من خطأ فمن نفسي و الشيطان

أخواتي الفاضلات فضلاً لا أمراً لا تنسوني من صالح دعائكم