بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله و أصحابه أجمعين
الشهيد الحي
أتدرون أخوتي من هو الشهيد الحي
هذه الكلمة التي سمعناها كثيراً عن أشخاص كثر و لكن هي في الأصل لمن ؟
تعالوا معي لنعود إلى غزوةِ أُحُد لنعرف من هو هذا الصحابي الجليل الذي أطلق عليه هذا اللقب
لمَّا كانت غزوةُ أُحُد, ابتدأت المعركةُ بين المسلمين و المشركينَ , و حققَ المسلمون نصراً رائعاً في أول الأمر, و كان النبي صلى الله عليه و سلم قد أمرَ الرُّماةَ في أعلى الجبل بعدم النزول إلى ساحةِ المعركة مهما كانتِ النتائجُ, سواءٌ انتصر المسلمون أم انهزموا.
و لكن الرُّماة عندما رأوا فلول جيش المشركين و هي منهزمةُ, ظنوا أن المعركة قد انتهت فنزلوا من الجبل لجمع الغنائم, فاستغل المشركون نزول الرُّماة, و التفت خيولهم من خلف الجبل ليكروا على المسلمين على حين غرةٍ منهم, فاضطرب المسلمون في هذه الأثناء و تفرَّق كثيرٌ منهم عن النبي صلى الله عليه و سلم, و بقي نفرٌ قليلٌ من الصحابة ملتفين حول رسول الله صلى الله عليه و سلم ثابتين معه, و حاول النبي صلى الله عليه و سلم الصعود على الجبل ليراه الناسُ و ليلتفَّ المسلمون حوله من جديد, و إذا بعصبةٍ من المشركين تلحظ ذلكَ اشتدَّ الأمر و حمي وطيس المعركة من جديد, و كان طلحة رضي الله عنه من بين الحفنة القليلة من الصحابة الذين التفوا حول رسول اله صلى الله عليه و سلم يدافعون عنه, و يصدون بأجسادهم السِّهام و الحراب التي كان الأعداء يوجهونها إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم, وقاتل طلحة ذلك اليوم قتالاً مريراً, و دافع دفاعاً مميتاً .
لقد رأى طلحة رسول الله صلى الله عليه و سلم كسرت رباعيته, و جرح رأسه الكريم, وسال الدم من وجنته الشريفة, و سيوف المشركين تلهث نحوهُ, تريدُ النيل منه, فهبَّ طلحةُ كالإعصار يدافع عن رسول الله صلى الله عليه و سلم, و يصدُّ عنه الضربات, و يضرب المشركين بسيفه البتَّار عن اليمين و عن الشمال مثل الأسد الهصور, و كان يساند النبي صلى الله عليه و سلم ليرفعه عن حفرةٍ سقطت بها قدمه, فوضع ظهره تحت قدم النبي صلى الله عليه و سلم ليعينه و أمسك بالنبي بشماله, بينما كانت يمينه تضرب بالسيف و تقاتل المشركين و تفرِّقهم عن رسول الله صلوات ربي و سلامه عليه .
عندما هدأت المعركة و انسحب المشركون, قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه : دونكم أخاكم طلحة, و كان طلحة رضي الله عنه قد سقط مغشياً عليه لكثرة ما أصابه من الطعنات و الضربات و هو يدافع عن النبي صلى الله عليه و سلم, و لما أقبل عليه أبو بكر و أبو عبيدة رضي الله عنهما, فإذ به أكثر من سبعين طعنة و ضربة و رمية ... و قطعت إحدى أصابعه , و كانت الدماء تنزف منه, فحمله أبو بكرٍ و صاحبه رضي الله عنهم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فمسح بيده الشريفة على جراحه و دعا له بالشِّفاء, ثم قال لأصحابه : (( من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله )) سنن الترمذي .
و كان طلحة يسمى بعد ذلك بالشهيد الحي, وذلك لأن الله كتب له أجر الشهداء و هو ما يزال حياً .
كان أبو بكر الصديق كلما ذكر يوم أحد يقول : ذلك يوم كله لطلحة .
الروابط المفضلة