:
:
قد تثقل الذنوب قلب ابن آدم ,, فيشعر بضيق يلازمه ويتناسى أن الذنوب هي من أثقل على تلك المضغة فآلمتها ,,
وتمضي الأيام ونتناسى الذنب دون توبة أو طلب المغفرة من خالقنا جل في علاه ..
ولكن أنّى لنا أن ننسى ذلك والملائكة الكرام البررة يدونون كل صغيرة وكبيرة ,,
قد نجد ظلمة المعصية تغشى وجوه البعض ونيران الغفلة تفتك بقلوبهم وحين نرشدهم لباب التوبة تكون الإجابة
[ فإن الله غفورٌ رحيم ] سورة البقرة آية 226
قد تتساهل الكثيرات في الذنب وتسوّف التوبة كأنها متيقنة بطول أجلها والله المستعان .
طول الأمل ألهى القلوب عن ذكر الموت الذي قد يباغتها فجأة .. فتبقى حسرة الذنب بعد أن ذهبت لذته ..
قد نتضايق كثيرا ً عندما نُسدي معروفاً لفلانة من الناس ... ثم نجدها بعد ذلك قد تناست ما قدمناه لها ,،، وتُقابل ذلك بالجحود
ماهو موقفنا حينها , أدنى ما قد ننعتها به " لاحمداً ولا شكوراً "
ونحن بشر خُلقنا من تراب وما نملكه من نعمٍ كلّها لخالقنا سبحانه فهو من وهبنا ورزقنا إياها ..
فكيف نعصي رب الأرض والسماء ونغفل عن شكره ونجحد نعمه ,,
أما نستحي من فِعلنا نحن مع الله قبل أن نلوم الآخرين على فعلهم معنا !!
نذنب الذنب ونتناساه وكأننا لم نفعل شيئاً ,, لا بل قد تقول البعض " إذا كبرت تبت خلوني أتمتع بحياتي "
كيف تكون المتعة فيما يغضب الله سبحانه ,,
بل ما يؤلم أكثر عندما تُجاهر بمعصيتها
"فعلت بالأمس كذا وكذا وشاهدت الحلقة الفلانية من المسلسل الفلاني بل واستمعت للأغنية الفلانية للمطرب الفلاني " ..
قال سبحانه [لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً ]سورة النساء آية 148
أخيتي من أنعم عليك بنعمة السمع والبصر من وهبكِ قدمين تسيرين بها وأذنين تسمعين بها وعينين ويدين وقلب !!
فاعلمي غاليتي بأن من وهبكِ إياها قادر على أن يحرمك منها فما ذلك على الله بعزيز ,,
قد تتردد الكثيرات بعد أن تقع في الذنب في الرجوع إلى الله اعتقادا منها أن الله لن يقبل توبتها
وكأنها لم تعلم قول الخالق سبحانه[ قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ] سورة الزُمر آية 35
ولكن أين الصدق في التوبة .. أين العزم على عدم الرجوع للذنب ..
متى ذرفنا أدمعنا حسرة وندامة على ذنوبٍ اقترفناها ..
في مجالسنا قد نغتاب ونكذب ونسب ونشتم ولا نستشعر تلك الذنوب ولاحتى قد نكلّف أنفسنا بذكر كفارة المجلس بعد النهوض منه !!
وقفت على الكثير من أحوال السلف مع التوبة فاقشعر بدني لما قرأت
ووددت أن نقف معاً مع بعض تلك القصص مع أنبياء الله
[ مع أبينا آدم عليه السلام ]
عندما أذنب فأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها بعد أن أزله الشيطان
فأخرجه الله من الجنة بكى آدم عليه السلام واشتد بكاؤه وحزنه لما كان من عظم تلك المصيبة حتى أن كانت الملائكة لتحزن لحزنه وتبكي لبكاءه !!!
[ توبة نوح عليه السلام ]
عندما أراد نوح أن يستنجز وعد الله تعالى له بنجاة أهله فقال :[ ربِ إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين ] سورة هود آية 25
أجابه الله جل في عُلاه [ يانوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألنِ ماليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين ]سورة هود آية 46
كان يجب على نوح أن يوقِن في قرارة نفسه أن من كان خارج السفينة ليس ممن شملهم وعد الله بنجاتهم , ولكن نوح عليه السلام عندما علم بهذا الذنب بادر بالتوبة إلى الله واستغفر لذنبه فقال[ ربِ إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم] سورة هود آية 47
وقيل أنه بكى ثلاثمائة عام بسبب ذلك حتى أصبح تحت عينيه مثل الجداول من كثرة البكاء !!
[توبة يونس عليه السلام ]
عندما ألقوه ركّاب السفينة بعد الاقتراع في البحر ألتقمه الحوت قبل أن يصل إلى الماء .. فطاف به البحار أربعين يوماً وهو في بطنه .. سمع يونس فيها تسبيح الحصى والحيتان فجعل يسبح ويقدس ويهلل ويدعوا الله ,,
فلما كان تمام الأربعين يوماً أصابه الغم [ فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ] سورة الأنبياء آية 87
قيل / فسمعت الملائكة بكاؤه وعرفوا صوته وبكت الملائكة لبكاء يونس وبكت السماء والأرض والحيتان ,
وعندما أمر الله الحوت بإعادة يونس إلى المكان الذي التقمه فيه قال الحوت : يارب استأنست بتسبيح عبدك , واستأنست به دواب البحر وكنت أزكى شئ به , وجعلت بطني له مُصلى يقدسك فيه فقدست به وماحولي من البحار , فتُخرجه عني بعد أُنس كان به !!.
فسبحان الله كيف كان للذنب من حسرة وندامة في قلوب من اصطفاهم الله لتبليغ رسالته صلوات ربي وسلامه عليهم !!
أسأل الله أن يغفر لنا تقصيرنا ..
وأمّا حبيبنا المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه الذي غفر الله له ماتقدم من ذنبه وماتأخر فقد كان يستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرّه فقد قال صلى الله عليه وسلّم
:[ ياأيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرّة ]رواه مسلم
غاليتي لاتنتظري العقوبة من الله حتى تتوبي ,, !!
توبي إلى الله وابتعدي عن الذنوب والمعاصي ومواطن الشبهات
واعلمي أ ن الله يفرح بتوبة عباده !!
[ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما ً حكيماً ] سورة النساء آية 17
وفي الختام
غاليتي لنردد معاً الآن
"اللهم اغفر لنا وتب علينا إنَك أنت التواب الرحيم "
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان
تنويه :قصص توبة الأنبياء "عليهم السلام " التي احتواها الموضوع اقتبستها بتصرف
من كتاب قصص التوابين للإمام موفق الدين أبي محمد عبدالله بن قدامه المقدسي
تحقيق وتعليق سعد الفقي
الروابط المفضلة