السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تأمَّلتُ صَفحاتِ الكونِ فوجدتُ نفسي أقلَّ منْ أنْ أصلَ مُنتهاها و أقلَّ منْ أنْ أكشِفَ أسرارَها ..
نفسيَ الضعيفة سوَّلتْ لي أنْ أتجرَّأ ..
أتجرَّأ على منْ ؟؟
أتجرَّأُ على منْ خلقَ تلك الصَّفحات ...
ربما قد آثرتُ يوماً منَ الأيامِ النَّظَرَ إليها دونَ التأمُّلِ في معانِيها دونَ التأمُّلِ في عَظَمتِها و عَظِيمِ منْ صَنعَها ..
أسرفتُ على نفسي بالذنوب ..
خُيِّلَ لي أنني سعيدة بين أشقياء و قويَّةٌ بين ضعفاء ..
لكن ما لبثتْ أنْ تغيَّرتْ في نظري كلُّ تلكَ التَّخيُّلات ..
أصبحتُ أرى الحياةَ بمنظارٍ آخر ..
أصبحتُ أراها كالحلم ... سينتهي في أيِّ لحظة ..
بِتُّ أسألُ نفسي الأمَّارةَ بالسوء ..
إلى متى هذا العصيان ؟
إلى متى هذه الغفلة ؟
ألا تعلمين بأنَّ هناك حساباً ؟
ألا تعلمين بأنَّ هناك جنةٌ أو نار ؟
مالي أراكِ فرِحةً مسرورة ..!!!
أعلِمْتِ إلى أيِّ المصِيريْنِ تَصِيرين ؟
ءإلى جنةٍ أم إلى نار ؟
فأيُّ المصيرين تريدين ؟؟
و أيُّ حياةٍ هذه التي تعشقينها إن كنتِ قد ضيَّغتِ أغلى ما تملكين ؟!!
ضاع العُمُر و أنتِ في مدٍّ و جَزْر ...
ضاع العُمُر و مازال ربُّنا رحيمٌ بكِ ذو منٍّ و رحمةٍ عليكِ و أنتِ له عاصية ..
و لا يزالُ سبحانه ساتِراً عليكِ و أنتِ مجاهِرةٌ له بالمعاصِي ليلَ نهار ..
قال الفضيل بن عياض لرجل : كم أتت عليك ؟ قال : ستون سنة، قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ، فقال الرجل : فما الحيلة ؟قال يسيرة، قال: ما هي؟ قال : تحسن فيما بقي غفر لك ما مضى ، فإنك إن أسأت،أخذت بما مضى وبما بقي.
ضاع العُمُر فأقبلي يانفسُ كي تسعدي ..
أقبِلِي فرحمةُ اللهِ تنتظركِ ..
أما سمعتِ بقصة الرجل الذي " أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
وهو جالس بين أصحابه يوماً ..يجر خطاه ..
وقد سقط حاجباه على عينيه .. وهو يدّعم على عصا ..
جاء يمشي .. حتى قام بين يديّ النبي صلى الله عليه وسلم ..
فقال بصوت تصارعه الآلام .. يا رسول الله ..
أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها .. فلم يترك منها شيئاً ..
وهوفي ذلك لم يترك حاجة .. ولا داجة .. أي صغيرة ولا كبيرة ..إلاأتاها ..
لو قسّمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم .. فهل لذلك من توبة ؟
فرفع النبي صلى الله عليه وسلم بصره إليه ..
فإذا شيخ قد انحنى ظهره .. واضطرب أمره ..
قد هده مر السنين والأعوام .. وأهلكته الشهوات والآلام ..
فقال له صلى الله عليه وسلم : فهل أسلمت ؟
قال : أما أنا .. فأشهد أن لا إله إلا الله .. وأنك رسول الله ..
فقال صلى الله عليه وسلم : تفعل الخيرات .. وتترك السيئات ..
فيجعلهن الله لك خيرات كلهن ..
فقال الشيخ : وغدراتي .. وفجراتني ..
فقال : نعم ..
فصاح الشيخ : الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
فما زال يكبر حتى توارى عنهم .." رواه الطبراني والبزار .
أقبِلِي فالله أفرحُ بتوبتكِ منكِ ..
فسبحانه ينتظِرُ توبتَكِ ليلَ نهار .....
قال صلى الله عليه و سلَّم : " إنَّ الله يبسُطُ يدهُ باللَّيلِ لِيتوبَ مُسيءُ النَّهار ِ و يبسُطُ يدهُ بالنَّهارِ لِيتوبَ مُسِيءُ اللَّيل حتى تطلُع الشمسُ من مغرِبِها " رواه مسلم .
بعد كلِّ ذلك النعيم الذي سيتفضَّل الله به على التائبين
ألمْ يَحِنِ الوقت لتعلنيها توبةً إلى الله لتكسبين بها ما مضى و ما بقِي ؟؟
اختكم في الله
المعاني السامية
الروابط المفضلة