كيف نقيس حبنا للنبي صلى الله عليه وسلم؟
ينبغي أن نعرف أن حبــــنا للنبي صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى برهان ، فلا نكتفي بالقول إننا نحبه , وإنما ينبغي أن يظهر ذلك في أفعالنا وتصرفاتنا ؛ وفيما يلي بعض الأسئلة التي يمكن أن تساعد على قياس مدى حبنا للرسول الكريم :
هل تصلي عليه كثيــــراً ؟؟
إن المحب لا يفتر عن ذكر حبيبه والدعاء له، ( وكما يقول الإمام بن القيم " إن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه واستحضار محاسنه الجالبة لحبه تضاعف حبه له وتزايد شوقه إليه،واستولى على جميع قلبه،وإذا أعرض عن ذكره واستحضار محاسنه بقلبه نقص حبه من قلبه " ) ..
هل قرأت سيــــرته ؟؟
إن المحب ليشتاق إلى معرفة نشأة حبيبه، وتطورات حياته وأخباره ..
هل عرفت هديــــه ؟؟
إن المحب يكون شغوفاً لمعرفة أفكار ومعتقدات وأقوال حبيبه ( ولعل هذا يتحقق بقراءة كتب الأحاديث المبسطة مثل " رياض الصالحين " ) ..
هل تتبع سنتــــه الواجب منها والمستحب ؟؟
إن المحب يكون مولعاً بتقليد حبيبه ( ولعل هذا يتحقق بالتعرف على سنته من خلال كتابي " فقــه السنة " ، و" منهــاج المسلم" ) ..
هل زرت مدينتــــه ؟؟
إن المحب ليشتاق إلى ديار حبيبه ، والمشي فوق خطواته ..
هل تحــــب آل بيته الكرام وأصحابه وأتباعه رضوان الله تعالى عليهم ؟؟
إن المحب يحب أحباب حبيبه ..
هل تحدثــــت عنه مع غيرك ممن لا يعرفون عنه شيئا ؟؟
إن المحب يود دائما ًلو ظل يتحدث عن حبيبه مع كل الناس ..
هل ترضــــى بحكمه فيما شجر بينك وبين غيرك من خلافات ؟؟
إن المحب ليرضى بحكم حبيبه في شتى الأحوال،فما بالك إذا كان الحبيب هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى؟ !
؛ فإذا كانت إجاباتك كلها ب" نعم "، فأنت تحبه بالفعل ، أما إن كانت الإجابة على بعض الأسئلة ب "لا" فأنت محتاج إلى أن تراجع نفسك ، وإعادة النظر في طريقة حبك له صلى الله عليه وسلم ..
وإذا كانت إجاباتك كلها ب"نعم" وشعرت برغبة شديدة في رؤيته صلى الله عليه وسلم في الدنيا ، فيمكن أن نروي لك هذه القصة اللطيفة ؛
( جاء تلميذ إلى أستاذه وقال:" علمت أنك ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤياك" ، فقال الأستاذ:" فماذا تريد يا بني؟" قال :" علِّمني كيف أراه "، فإني في شوق إلى رؤياه ، فقال له : " فأنت مدعو لتناول العشاء معي هذه الليلة لأعلمك كيف تراه صلى الله عليه وسلم "
وذهب التلميذ لأستاذه الذي أكثر له من الملح في الطعام ، ومنع عنه الماء ، فطلب التلميذ الماء ، فمنعه الأستاذ ، بل أصر على أن يزيده من الطعام ، ثم قال له : " نَم وإذا استيقظت قبل الفجر فسأعلمك كيف ترى النبي صلى الله عليه وسلم"، فبات التلميذ يتلوى من شدة العطش والظمأ، فقال له أستاذه حين استيقظ :" أي بني قبل أن أعلمك كيف تراه أسألك :"هل رأيت الليلة شيئا ؟ " قال :" نعم"، قال له" ما رأيت ؟" ، فقال :" رأيت الأمطار تمطر، والأنهار تجري والبحار تسير" فقال الأستاذ : " صدقت نيتك فصدقت رؤيتك ، ولو صدقت محبتك لرأيت رسول الله!!! " )
ومن الأمور بالغة الأهمية أن نوضح الفرق بين أن نحبه صلى الله عليه وسلم وبين أن نغالي ونتعدى الحد ، فمن أراد أن يُرضي الله بحب النبي صلى الله عليه وسلم فعليه أن يحبه كما أراد الله ورسوله، وليس كما يوافق هواه !!!
( ومن منطلق أن حبه صلى الله عليه وسلم عبادة ، فإن العبادة يجب أن تكون خالصة لوجه الله تعالى ، كما يجب أن تكون على طريقة رسول الله ، وإذا خرجت عن هذين الشرطين ، صارت بدعة، ومن ثم فهي مردودة على صاحبها ، فقد قال تعالى" اليومَ أكملتُ لكُم دينَكم وأتممتُ عليكُم نعمتي ورضيتُ لكمُ الإسلامَ دينا "، فقد تم الدين ولم يترك شيئاً لم يتحدث عنه ، وما ارتضاه الله تعالى لنا لا ينبغي أن نغيره ، فقد كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أشد حباً له ، ولكنهم لم يكونوا يفعلون محرماً من أجله صلى الله عليه وسلم؛ فكانوا لا يقومون إليه حين يأتيهم ، كما يقوم الأعاجم الكفار لملوكهم ؛ وكانوا لا يبالغون في إطراءه حين نهاهم عن ذلك قائلاً :" لا تُطْروني كما أطرت النصارى المسيح بن مريم ، فإنما أنا عبدٌ لله ، قولوا: "عبد الله ورسوله"
وحين جاءه صلى الله عليه وسلم رجل فراجعه في بعض الكلام ، فقال :
" ما شاء الله وشئت"، فقال له:" أجعلتَني مع الله نداً؟ " بل قل:" ما شاء الله "
فلا ينبغي أن نُغضب الله سواء بالمغالاة في مدحه- صلى الله عليه وسلم- بان نرفعه فوق قدره ، أو بمجافاته صلى الله عليه وسلم بالعقل أو القلب... ولكن علينا بالوسطية، وهي التزام السنة ) ..
ومن ثم فعلينا أن نعلم أنه لا يجوز الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم ،أو الاستجارة به بعد وفاته،لأنه لا يملك لنا شيئا، كما لا ينبغي أن نفعل كما يفعل البعض عند قبره الشريف من رفع الصوت لأن الله تعالى يقول : " لا ترفعوا أصواتَكم فوقَ صوتِ النبي ولا تجهروا له بالقول كجهرِ بعضكم لبعض أن تحبَط أعمالَكم وأنتم لا تشعرون"(الحجرات-2) ، ولا ينبغي أن ندعو أمام قبره ونحن ننظر إلى القبر، والصحيح أن ندعو ونحن متوجهون للقبلة ،أما المباح من القول ونحن ننظر للقبر ، فالسلام عليه والإكثار من الصلاة عليه ..
كما ينبغي أن نحذر الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة التي شاعت بين الناس ، مثل" من حج ولم يزرنى فقد جفاني" و "من زارنى بعد مماتى فكأنما زارنى فى حياتى " و" رأيت ليلة أُسري بي مكتوباً على ساق العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله..."
منقول بتصرف ,, للدكتورة / أماني زكريا الرمادي
الروابط المفضلة