{ ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين}
الجزءالسابع والعشرون
========================
ص 79:81
لم يكن الرسول رجلاً إقليمياً أو زعيماً وطنياً:
وكان مجال العمل في بلاد العرب فسيحاً إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم رجلاً إقليمياً وسار في قومه سيرة القادة السياسيين والزعماء الوطنيين، كان له أن يعقد للأمة العربية لواء تنضم إليه قريش والقبائل العربية، ويكوِّن إمارة عربية قوية موحدة يكون رئيسها، ولاشك أن أبا جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وغيرهما كانوا في مقدمة من ينضم إلى هذا اللواء القومي، ويقاتلون تحته ويقلدونه الزعامة. أما كانوا يشهدون بصدقه وأمانته؟ أما حكموه في أكبر حادث من حوادث حياتهم المكية ومنحوه أكبر شرف، إذ حكموه في وضع الحجر الأسود في مكانه من البيت؟ أما قالوا له على لسان عتبة، وهم ما عرفوا الإغراء السياسي:
((إن كنت إنما بك الرياسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأساً ما بقيت
(البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي ص 43 ج 3.)) .



وإذا صار له ذلك كان يمكنه أن يرمي الدولة الفارسية بفرسان العرب وشجعانهم، وينتصر للعروبة المهضومة، وينتصر من العجم الظالمين، ويغرز علم الفتح العربي والمجد القومي على هضاب الروم وفارس، وإذا لم يكن من حكمة السياسة أن يناجز إحدى الإمبراطوريتين في ذلك الحين، فكان يمكنه أن يغير على اليمن أو الحبشة أو جارة أخرى ويضمها إلى الإمارة العربية الوليدة.
وكانت في الحياة العربية نواح اجتماعية واقتصادية كثيرة تحتاج إلى حنكة
سياسي وكفاية إداري وعزيمة عصامي وابتكار عبقري، فلو قيض لها رجل من هؤلاء الرجال لكان للعرب شأن كبير وتاريخ جديد!!!!

لم يبعث لينسخ باطلا بباطل:
ولكنّ محمداً صلى الله عليه وسلم لم يبعث لينسخ باطلاً بباطل ويبدل عدواناً بعدوان، ويحرم شيئاً في مكان ويحله في مكان آخر، ويبدل أثرة أمة بأثرة أمة أخرى،
لم يبعث زعيماً وطنياً أو قائداً سياسياً، يجر النار إلى قرصه؛ ويصغي الإناء إلى شقه
والمعنى مثل ): يُضرب لمن يؤثر نفسه على غيره يريد الخير لنفسه فقط ويصغي الإناء إلى شقه، (يقال: فلان مُصغىً إناؤه إذا نُقِصَ حقُّه)
لم يبعث زعيماً وطنياً أو قائداً سياسياً، يجر النار إلى قرصه؛ ويصغي الإناء إلى شقهلم يبعث زعيماً وطنياً أو قائداً سياسياً، يجر النار إلى قرصه؛ ويصغي الإناء إلى شقه ويخرج الناس من حكم الفرس والرومان إلى حكم عدنان وقحطان.
لم يبعث زعيماً وطنياً أو قائداً سياسياً، يجر النار إلى قرصه؛ ويصغي الإناء إلى شقه لم يبعث زعيماً وطنياً أو قائداً سياسياً، يجر النار إلى قرصه؛ ويصغي الإناء إلى شقه وإنَّما أرسل إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، إنَّما أرسل ليخرج عباد الله جميعاً من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ويخرج الناس جميعاً من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم.
لم يبعث زعيماً وطنياً أو قائداً سياسياً، يجر النار إلى قرصه؛ ويصغي الإناء إلى شقه لم يبعث زعيماً وطنياً أو قائداً سياسياً، يجر النار إلى قرصه؛ ويصغي الإناء إلى شقه فلم يكن خطابه لأمة دون أمة ووطن دون وطن، ولكن كان خطابه للنفس البشرية وللضمير الإنساني، وكانت أمته العربية لانحطاطها وبؤسها أحق من يبدأ به مهمته الإصلاحية وجهاده العظيم، وكانت أم القرى والجزيرة العربية لموقعها الجغرافي واستقلالها السياسي خير مركز لرسالته، وكانت الأمة العربية بخصائصها النفسية ومزاياها الأدبية خير محل لدعوته وخير داعية لرسالته.


قفل الطبيعة البشرية ومفتاحها:
ولم يكن صلى الله عليه وسلم من عامة المصلحين الذين يأتون البيوت من ظهورها، أو يتسللون إليها من نوافذها، ويكافحون بعض الأدواء الاجتماعية والعيوب الخلقية فحسب،
فمنهم من يوفق لإزالة بعضها مؤقتاً في بعض نواحي البلاد، ومنهم من يموت ولم ينجح في مهمته مثال
_(1) إن غاندي الزعيم الهندي الكبير كان يهدف من أول حياته السياسية والروحية إلى مبدأين عظيمين حصر فيهما زعامته السياسية وشخصيته الروحية القوية النادرتين في هذا العصر جعلهما شعاراً لمبدئه: الأول " لا عنف ولا مقاومة " وقد دعا إلى هذا المبدأ كديانة وفلسفة، وظل سنين طوالا يدعو إليه بخطبه ومقالاته وصحفه، واستنفد في ذلك جهوده ولما لم يكن ذلك عن طريق التغيير النفسي وعن طريق الدعوة الدينية الأساسية لم تؤثر دعوته في نفسية أمته تأثيراً عميقاً، وقد جعلت هذه الأمة دعوته هباء منثورا في الاضطرابات الطائفية العظيمة التي وقعت في بنجاب الشرقية ودلهي عاصمة الهند في سبتمبر سنة 1947م التي قتل فيها من المسلمين أكثر من نصف مليون، وكانت مجزرة هائلة وقع فيها من القسوة والهمجية والاعتداء على الأطفال والنساء والأعراض ما لا يكاد يصدقه المؤرخون، حتى انتهت باغتيال هذا الرجل العظيم الذي بلغت به أمته حد التقديس والتأليه.
_والمبدأ الثاني: نسخ اللمس المنبوذ( ومعناه ان هناك طبقات غنية واخرى فقيرة مسكينة فممنوع على هؤلاء الفقراء الإقتراب أو اللمس من هؤلاء الاغنياء وما زالت هذه الطبقية الى اليوم)، ولم ينجح في مهمته هذه كذلك نجاحاً يعتد به، فكان ذلك برهاناً ساطعاً على أن طريق الأنبياء هو الطبيعي الصحيح في الإصلاح والتغيير.


لقد أتى النبي صلى الله عليه وسلم بيت الدعوة والإصلاح من بابه، ووضع على قفل الطبيعة البشرية مفتاحه، ذلك القفل المعقد الذي أعيا فتحه جميع المصلحين في عهد الفترة، وكل من حاول فتحه من بعده بغير مفتاحه. ودعا الناس إلى الإيمان بالله وحده، ورفض الأوثان والعبادات والكفر بالطاغوت بكل معاني الكلمة وقام في القوم ينادي:
((يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا!))
ودعاهم إلى الإيمان برسالته، والإيمان بالآخرة.



الفصل الثاني
رحلة المسلم من الجاهلية إلى الإسلام
دفاع الجاهلية عن نفسها:
ما أخطأ المجتمع الجاهلي فهم هذه الدعوة ومراميها، وما غُمَّ على أهله أمرها، وأدركوا عندما قرع أسماعهم صوت النبي صلى الله عليه وسلم أن دعوته إلى الإيمان بالله وحده سهم مسدَّد إلى كبد الجاهلية ونعي لها، فقامت قيامة الجاهلية ودافعت عن تراثها دفاعها الأخير، وقاتلت في سبيل الاحتفاظ به قتال المستميت،
لم يبعث زعيماً وطنياً أو قائداً سياسياً، يجر النار إلى قرصه؛ ويصغي الإناء إلى شقه وأجلبت على الداعي صلى الله عليه وسلم بخيلها ورجلها، وجاءت بحدها وحديدها: {وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} ووجد كل ركنٍ من أركان هذه الحياة ومن أثافي الجاهلية نفسه مهدداً وحياته منذرة،
لم يبعث زعيماً وطنياً أو قائداً سياسياً، يجر النار إلى قرصه؛ ويصغي الإناء إلى شقهوهنا وقع ما تحدث عنه التاريخ من حوادث الاضطهاد والتعذيب، وكان ذلك آية توفيق النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أصاب الغرض، وضرب على الوتر الحساس، وأصاب الجاهلية في صميمها وفي مقتلها،
لم يبعث زعيماً وطنياً أو قائداً سياسياً، يجر النار إلى قرصه؛ ويصغي الإناء إلى شقه وثبت النبي صلى الله عليه وسلم على دعوته ثبوتاً دونه ثبوت الراسيات، لا يثنيه أذى، ولا يلويه كيد، ولا يلتفت إلى إغراء، ويقول لعمه: ((يا عم لو وضعت الشمس في يميني والقمر في يساري ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه ((البداية والنهاية ج 3 ص 33.)) .
ونكمل فى الجزء القادم

جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة ..
طيب الله أوقاتكم..فى أمان الله
المراجع:
ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين
قاموس المعانى

الإسم:  للللللللللللماذا خسر تعديل.PNG
المشاهدات: 1594
الحجم:  285.8 كيلوبايت