(2)
بَـصِيرةٌ أَغْـشَـتْها الذّنُوب
()"
لطالما تَوجّع قلبُ صديقتها لتَغيُّبِها عن ركب العائدين إلى الله !
فقد أسرفت تلك الفتاةُ على نفسها وسَحبتها رياحُ الغفلة و زُخْرُفُ الحياةِ الزّائفة و اتّباعُ شهواتها .
و غرّها حِلمُ الله عليها
فاغترَّت بصغر سنّها و بجمالها الذي ما كان إلا
هِبةً منه سبحانه , و في يومٍ من الأيّام سيُُبْلى !
غَفلَتْ عن كثرة عَطاياه نحوها ؛
عن سَترِه , عن كرمِه , عن تدابيره و عَـفْوِه ,
عن لذّةٍ قُربه عَهِدَها من طلبَ وِدَّه ,
و اجتهدَ في سعيهِ وَ نَيْل حبّه و رِضاه !
كانتْ صديقتُها كثيرة النّصح لها , و حاولت أن تُوقِظ قلبها مرَّاتٍ عِـدَّة ,
و أن تُبْعدها عن سخط ربٍّ و عذاب نارٍ لا يحتملُهم بَشَر !
و كثيرا ما كانتْ تستعينُ بالله تعالى , و تكثر الدّعاء إليه راجيةًً هدايَتها ..!
فهوَ سبحانهُ من يهدي إلى سبيله من يشاءُ و يُضلّ من يشاءُ !
" إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ" .
و عند أوقاتٍ جمَعتْهُم من جديد عاودتْ صديقتها نُصحها قائلة :
- يا أخيَّتي أشعُرُ أنَّكِ تُحبِّينَ سَماعي ,
و كثيرًا ما التجئتِ لي عند تكاثُر الهموم عليْكِ ,
فوجدتني صدرا رحْبًا ,
و قلبًا صاغِيًا يَحتويكِ ولا يرضى لك الدُّونَ أبدا !
فلماذا أراكِ عاجزة !
و لا تَسمحينَ أنْ يَلِـجَ النُّورُ قَـلْبك ؟!
لما لا تُسارعين بخُطى التَّوبة إلى الغفور الرّحيم ؟!
لما تَخافين الوُقوف ببابه الذي ما صُدَّ في وجهِ طارِقٍ ؟!
يا حبيبتي
اللهُ تعالى يقُولُ : " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "
و الله أقربُ إلينا من حَبل الوريد !
قال تعالى :" وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ
مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ "
و قال أيضا سُبحانه :
" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا
لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ "
أما علمتِ يا حبيبتي أنّه سبحانه عفوٌّ كريمٌ رحيم , يُبدّلُ سيّئات منْ كان يعصيه إن تابَ إلى حسنات
كما جاء في كتابه الكريم :
" إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا "
أتَريْن كَرمَه و رَحمتهُ بعِـباده ؟!
يا أخيّتي : أسرعي إليه و توبي بين يديه و أصدقي لهُ الدّمع مُُناجيًا
فما خاب من عاد إليه !
سأقول لكِ حديثا لرسول الله صلّى الله عليه و سلّم عن ربّه سبحانه : قال :
« إذا تقرب العبد إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب إلي
ذراعاً تقربت منه باعاً، وإذا أتاني يمشي أتيته هَرْوَلة »
:"
و إذ بالفتاةِ تلتفتُ نحو صديقتها بوجه قد تغيّرت ملامحهُ
و اعتراه الغضبُ و صوتها يُردّد في ذُُهول :
- أتقرّبُ إليه فـلماذا هُو لا يتقرّب إليّ !
أشعُرُ أنَّ بيني و بينهُ حاجزا يَمنعني من الوصول إليه !
**
: وقفـــة :
و أنتِ أيُّ نبضٍ تَحْمِــلين ؟!
_
أملي جنة ربي
.
الروابط المفضلة