في ( الصحيحين بخاري ومسلم ) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ,
قال : " من حج هذا البيت فلم يرفث , ولم يفسق , رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه " ..
مباني الإسلام الخمس ؛ كل واحدٍ منها يكفر الذنوب والخطايا ويهدمها , ولا إله إلا الله لا تبقي ذنباً ولا يسبقها عمل ؛ والصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة , ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهنما اجتنبت الكبائر ؛ والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار ؛ والحج الذي لا رفث فيه ولا فسوق , يرجع صاحبه من ذنوبه كيوم ولدته أمه ..
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم , قال : " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " , وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم , قال : " الحج يهدم ما قبله " . فالحج المبرور يكفر السيئات ويوجب دخول الجنات ..
والحج المبرور ما اجتمع فيه فعل أعمال البر مع اجتناب أعمال الإثم , فما دعا الحاج لنفسه ولا دعا له غيره بأحسن من الدعاء بأن يكون حجه مبروراً ..
قيل للحسن : الحج المبرور جزاؤه الجنة . قال : آية ذلك أن يرجع زاهداًفي الدنيا , راغباً في الآخرة . وقيل له : جزاء الحج المبرور المغفرة . قال : آية ذلك أن يدع سيء ما كان عليه من العمل .
ولمن حج إذا استلم الحجر الأسود فإنه يجدد البيعة , ويلتزم الوفاء بالعهد المتقدم , { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } سورة الأحزاب الآية 23 , الحر الكريم لا ينقض العهد القديم ..
إذا دعتك نفسك إلى نقض عهد مولاك فقل لها : { معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون } سورة يوسف الآية 23 ..
من تكرر منه نقض العهد لم يوثق بمعاهدته , دخل بعض السلف على مريض مكروب فقال له عاهد الله على التوبة لعله أن يقيلك صرعتك , فقال : كنت كلما مرضت عاهدت الله على التوبة فيقيلني , فلما كان هذه المرة ذهبت أعاهد كما كنت أعاهد , فهتف بي هاتف من ناحية البيت : قد أقلناك مراراً فوجدناك كذاباً , ثم مات
عن قريب ..
لا كان من ينقض العهد لا كان *** لا ينقض العهد إلا كل خوان ..
ومن علامة قبول الطاعة أن توصل بطاعة بعدها , وعلامة ردها أن توصل بمعصية , ما أحسن الحسنة بعد الحسنة , وأقبح السيئة بعد الحسنة !! ذنب بعد التوبة أقبح من سبعين قبلها . ما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة !
حج علي بن الموفق وهو أحد الزاهدين ستين حجة , قال : فلما كان بعد ذلك جلست في الحجر أفكر في حالي وكثرة تردادي إلى ذلك المكان , ولا أدري هل قبل مني حجي أم رد . ثم نمت فرأيت في منامي قائلاً يقول لي :
هل تدعو إلى بيتك إلا من تحب ؟ قال : فاستيقظت وقد سري عني . ما كل من حج قبل ولا كل من صلى وصِل .
قيل لابن عمر ما أكثر الحاج ! قال : ما أقلهم ! وقال : الركب كثير والحاج قليل ..
قدم مسافر فيما مضى على أهله , فسروا به , وهناك امرأةٌ من الصالحات , فبكت وقالت : أذكرني هذا بقدومه القدوم على الله عز وجل , فمن مسرورٍ ومثبورٍ ..
قال بعض الملوك لأبي حازم : كيف القدوم على الله تعالى ؟ فقال أبو حازم : أما قدوم الطائع على الله تعالى فكقدوم الغائب على أهله المشتاقين إليه , وأما قدوم العاصي فكقدوم العبد الآبق على سيده الغضبان ..
اللهم اجعلنــــا من المقبوليــــن واجعــــل حجنا مبــــروراً ..
من كتاب / لطائف المعارف فيما المواسم العام من الوظائف ..
الروابط المفضلة