هل من عودة ؟
في مدينة بغداد عاصمة الخلافة العباسية
وفي بيت من بيوت النصارى ، نشأ معروف الكرخي ، يتنعم بأحضان والديه ، يغدقان عليه الحب و المال .
أرضعته أمه مع الحب : إن الله ثالث ثلاثة .
ولقنه أبوه مع العطاء والبذل : إن الله ثالث ثلاثة
كبر الصغير وصار فتى ذكيّ
فزاد حرص والداه عليه ، أرسلاه إلى أستاذ يعلمه العقيدة النصرانية .
فهو الابن الوحيد ويجب أن ينشئ تنشئة نصرانية
خرج الصبي إلى شوارع بغداد
اختلط بأبناء المسلمين
سمع الآذان
تردد في سمعه عقيدة التوحيد : أشهد أن لا إله إلا الله
ناقش الصبيان جادلهم وحاورهم
قال لهم : إن الله ثالث ثلاثة
جادلوه بالحسنى
لفتوا نظره إلى السماوات والأرض
شمس تطلع من المشرق فتضيء الكون ثم تغيب
و قمر يسطع في ظلام الليل
ليل ونهار يتعاقبان
كل شيء يسير بنظام
وكل شيء موزون
أيعقل أن تسير هذه الأكوان مجموعة من الآلهة ولا يختلفون
لو كان فيهما ألهة إلا الله لفسدتا
خاطبوا فيه الفطرة
سرى التوحيد في صدره
عاد إلى فطرته
عقله الذكي قاده إلى حب التوحيد
مضى إلى أستاذ النصرانية
جلس بين يديه
أخذ يلقنه : إن الله ثالث ثلاثة
أبت هذه الكلمات أن تنطلق من لسانه ، نظر إلى أستاذه
كم أنت جاهل تتردد في خاطره
أعاد عليه الأستاذ
انتفض ، نطق بلسان الواثق : إنما هو إله واحد
أعاد عليه الأستاذ مرة أخرى
فرد عليه : إنما هو إله واحد
غضب منه ، أمسك بالعصا ، أنهال عليه ضرباً .
زاده الضرب تمسكاً وإصراراً ، علم أن أستاذه لا يملك الحجة ، أيقن بأنه على الحق
انطلق لسانه يردد : إنما هو إله واحد
فر من بين يديه
شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأن عيسى عبد الله ورسوله إلى بني إسرائيل
فر من أبيه وأمه خوفاً من غضبهما وعقوبتهما
مكث بعيداً عن والديه وعن النعيم الذي كان يتقلب بين جنباته
لكنه شعر بالسعادة تغمر فؤاده وحياته
وجد الإجابة على الأسئلة التي حيرته وأقضت مضجعه
غاب حتى جاءه النداء من والديه
يحمل البشرى التي طالما انتظرها
البشرى التي قام من أجلها الليالي بين يديّ مولاه يدعوه ويرجوه ، ويسح دموعه رغبة وتوسلا
نعم جاءت البشرى تحمل الخبر السعيد
عُد يا بني فقد آمنا بأن الله إله واحد ، وأسلمنا لله رب العالمين
عُد يا بني فقد نطقنا وشهدنا : أن لا إله الله وأن محمد عبده ورسوله
عاد معروف إلى والديه
عاد إلى البيت الذي كان يرزح تحت ظلام الكفر
عاد إليه وقد آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ورسولا
عاد ليبدأ صفحة جديدة من الجد والا جتهاد والتزود من الطاعات
تنقل بين حلقات العلم
ثنى ركبتيه بين يدي العلماء
درس القرآن واتقنه
قام الليالي يتضرع إلى مولاه يناجيه ويناديه : واغوثاه واغوثاه
تزود من الصيام
حتى صار مجاباً للدعوة
تفجرت ينابيع الحكمة على لسانه
حتى قال عنه العالم الزاهد العابد سفيان بن عيينه : إن أهل بغداد سيظلون بخير مادام فيهم أبو محفوظ ( معروف الكرخي ).
وقفة : قال الله تعالى : (( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ومامن إله إلا إله واحد * وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم * أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ))
كلمة عتاب : أسلم معروف وأسلم والداه على أيدي صبيان المسلمين ، فكيف حال صبياننا اليوم الذين لم يتركوا واجب الدعوة فقط ، بل تشبهوا بأحفاد القردة والخنازير.................. والله المستعان ..
فهــــــــــــل من عـــــــــــــــــــودة
منقول وعذراً إذا كان مكرر
الروابط المفضلة