ذكر ابنُ القيمِ رحمه الله أن الربَّ تعالى
يدعو عبادَه في القرآنِ إلى معرفَتِه من طريقينِ:أحدهما: النظرُ في مفعولاتِه.والثاني: التفكرُ في آياتِه وتدبرُه
للبحث في شبكة لكِ النسائية:
|
ذكر ابنُ القيمِ رحمه الله أن الربَّ تعالى
يدعو عبادَه في القرآنِ إلى معرفَتِه من طريقينِ:أحدهما: النظرُ في مفعولاتِه.والثاني: التفكرُ في آياتِه وتدبرُه
قالَ الزجاجُ: العظيمُ:
المعظَّمُ في صفةِ اللهِ تعالى يفيدُ عِظَمَ الشأنِ والسلطانِ،
وليس المرادُ به وصفَه بعظمِ الأجزاءِ
لأن ذلك من صفاتِ المخلوقينَ تعالى الله عن ذلك علوًّا
قال الشيخُ السعديُّ رحمه الله تعالى:
«العظيمُ الجامعُ لجميعِ صفاتِ العظمةِ والكبرياءِ،
والمجدِ والبهاءِ الذي تحبُّه القلوبُ، وتعظِّمُه الأرواحُ، ويعرفُ العارفونَ
أنَّ عظمةَ كلِّ شيءٍ، وإن جَلّتْ في الصفةِ،
فإنها مُضْمَحِلةٌ في جانبِ عظمةِ العليِّ العظيمِ."
قالَ ابنُ كثيرٍ في تفسيرِه:
"يقولُ تعالى: وما قدرَ المشركونَ اللهَ حقَّ قدرِه،
حينَ عبدُوا معه غيرَه، وهو العظيمُ الذي لا أعظمَ منه،
القادرُ على كلِّ شيءٍ، المالكُ لكلِّ شيءٍ،
وكلُّ شيءٍ تحتَ قهرِه وقدرتِه "
قال عليُّ بنُ أبي طلحةَ،
عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما:
﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾
همُ الكفارُ الذين لم يؤمنوا بقدرةِ اللهِ تعالى عليهم،
فمن آمنَ أنَّ اللهَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ فقد قَدَرَ اللهَ حقَّ قدرِه،
ومن لم يؤمنْ بذلك فلم يَقْدُرِ اللهَ حقَّ قدرِهِ»
قال السعديُّ في تفسيرِه:
« يقولُ تعالى: وما قدرَ هؤلاءِ المشركونَ ربَّهم حقَّ قدرِه،
ولا عظَّموه حقَّ تعظيمِه، بل فعلوا ما يناقضُ ذلك،
من إشراكِهم به مَنْ هو ناقصٌ في أوصافِه وأفعالِه، فأوصافُه ناقصةٌ من كلِّ وجهٍ،
وأفعالُه ليس عنده نفعٌ ولا ضرٌ، ولا عطاءٌ ولامنعٌ، ولا يملكُ من الأمرِ شيئًا.فَسَوَّوْا هذا المخلوقَ الناقصَ بالخالقِ الربِّ العظيمِ، الذي من عظمَتِهِ الباهرةِ،
وقدرتِه القاهرةِ، أنَّ جميعَ الأرضِ يومَ القيامةِ قبضةٌ للرحمنِ،
وأنَّ السماواتِ ـ على سَعَتِها وعِظَمِها ـ مطوياتٌ بيمينِه،
فلا عظَّمَه حقَّ عَظَمَتِهِ من سَوَّى به غيرَه، ولا أظلمَ منه.﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾
أي: تنزَّهَ وتعاظَمَ عن شركِهم به»
ويدعو ابنُ القيمِ رحمهُ اللهُ إلى التأملِ في القرآنِ
بهدفِ الوصولِ إلى تعظيمِ اللهِ تعالى ومحبَّتِه وإفرادِه بالعبادةِ
والطاعةِ، قالَ رحمهُ اللهُ:
تأمل خطابَ القرآنِ تجدْ ملكًا له المُلكُ كلُّه، وله الحمدُ كلُّه،
أزِمَّةُ الأمورِ كلُّها بيدِه، ومصدَرُها منه، ومردُّها إليه، لا تَخْفَى عليه خَافِيةٌ في أقطارِ مملكتِهِ،
عليمًا بما في نفوسِ عبيدِه، مُطَّلِعًا على أسرارِهم وعلانِيَتِهم، منفَرِدًا بتدبيرِ المملكةِ،
يسمعُ، ويرى، ويعطي، ويمنعُ، ويثيبُ، ويعاقبُ، ويُكرمُ، ويُهينُ، ويخلقُ، ويرزقُ،
ويُميتُ، ويُحيي، ويقدِّرُ، ويقضي، ويدبِّرُ.
قال أحمد بن عاصم:
"من كان بالله أعرف كان له أخوف"
قال بعض السلف:
"من عرف الله أحبه على قدر معرفته به وخافه ورجاه وتوكل عليه وأناب إليه
ولهج بذكره واشتاق إلى لقائه واستحيا منه وأجلَّه وعظمه على قدر معرفته به"
ويقول الإمام ابن القيم - رحمه الله - عليه وهو يبين منزلة التعظيم:
"فصل ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة التعظيم، وهذه المنزلة تابعة للمعرفة؛
فعلى قدر المعرفة يكون تعظيم الرب - تعالى - في القلب، وأعرف الناس به:
أشدهم له تعظيما وإجلالا، وقد ذم الله - تعالى -من لم يعظمه حق عظمته، ولا عرفه حق معرفته،
ولا وصفه حق صفته، وأقوالهم تدور على هذا فقال - تعالى -:
(مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا) [نوح: 13]
قال ابن عباس ومجاهد: لا ترجون لله عظمة،
وقال سعيد بن جبير: ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته،
وقال الكلبي: لا تخافون لله عظمة،
قال البغوي: والرجاء بمعنى المخوف، والوقار العظمة اسم من التوقير وهو التعظيم،
وقال الحسن: لا تعرفون لله حقا ولا تشكرون له نعمة،
وقال ابن كيسان: لا ترجون في عبادة الله أن يثيبكم على توقيركم إياه خيرا،
وروح العبادة: هو الإجلال والمحبة فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت،
فإذا اقترن بهذين الثناء على المحبوب المعظم فذلك حقيقة الحمد والله - سبحانه - أعلم"
الروابط المفضلة