جاء ذكر الأرض في أربعمائة وواحد وستين‏(461)‏موضعا من كتاب الله‏,‏ منها ما يشير إلي الأرض ككل في مقابلة السماء‏,‏ ومنها ما يشير إلي اليابسة التي نحيا عليها كلها‏,‏ أو إلي جزء منها‏,(‏ واليابسة هي جزء من الغلاف الصخري للأرض وهي كتل القارات السبع المعروفة والجزر المحيطية العديدة‏),‏ومنها ما يشير إلي التربة التي تغطي صخور الغلاف الصخري للأرض‏.‏
وفي هذه الآيات اشارات إلي العديد من الحقائق العلمية عن الأرض والتي يمكن تبويبها بإيجاز علي النحو التالي‏:‏

‏(1)‏ ـ آيات تأمر الإنسان بالسير في الأرض‏,‏ والنظر في كيفية بدء الخلق‏,‏ وهي أساس المنهجية العلمية في دراسة علوم الأرض‏.‏
‏(2)‏ ـ آيات تشير إلي شكل وحركات وأصل الأرض‏,‏ منها ما يصف كروية الأرض‏,‏ ومنها ما يشير إلي دورانها‏,‏ ومنها ما يؤكد علي عظم مواقع النجوم منها‏,‏ أو علي حقيقة اتساع الكون و‏(‏الأرض جزء منه‏),‏ أو علي بدء الكون بجرم واحد‏(‏ مرحلة الرتق‏),‏ثم انفجار ذلك الجرم الأولي‏(‏ مرحلة الفتق‏),‏ أو علي بدء خلق كل من الأرض والسماء من دخان‏,‏ أو علي انتشار المادة بين السماء والأرض‏(‏ المادة بين الكواكب وبين النجوم وبين المجرات‏),‏ أو علي تطابق كل من السماوات والأرض‏(‏ أي تطابق الكون‏).‏

‏(3)‏ ـ آية قرآنية واحدة تؤكد أن كل الحديد في كوكبنا الأرض قد أنزل إليها من السماء إنزالا حقيقيا‏.‏
‏(4)‏ ـ آية قرآنية تؤكد حقيقة أن الأرض ذات صدع‏,‏ وهي من الصفات الأساسية لكوكبنا‏.‏

‏(5)‏ ـ آيات قرآنية تتحدث عن عدد من الظواهر البحرية المهمة من مثل ظلمات البحار والمحيطات‏(‏ ودور الأمواج الداخلية والسطحية في تكوينها‏),‏ وتسجير بعض هذه القيعان بحرارة عالية‏,‏ وتمايز المياه فيها إلي كتل متجاورة لا تختلط اختلاطا كاملا‏,‏ نظرا لوجود حواجز أفقية ورأسية غير مرئية تفصل بينها‏,‏ ويتأكد هذا الفصلبين الكتل المائية بصورة أوضح في حالة التقاء كل من المياه العذبة والمالحة عند مصاب الأنهار‏,‏ مع وجوده بين مياه البحر الواحد أو بين مياه البحار المتصلة ببعضها البعض
‏(6)‏ ـ آيات قرآنية تتحدث عن الجبال‏,‏ منها ما يصفها بأنها أوتاد‏,‏ وبذلك يصف كلا من الشكل الخارجي‏(‏ الذي علي ضخامته يمثل الجزء الأصغر من الجبل‏)‏ والامتداد الداخلي‏(‏ الذي يشكل غالبية جسم الجبل‏),‏ كما يصف وظيفته الأساسية في تثبيت الغلاف الصخري للأرض‏,‏ وفي اتزان دورانها حول محورها‏,‏ وتتأكد هذه الوظيفة في اثنتين وعشرين آية أخري‏,‏ وردت بها كذلك اشارات إلي عدد من الوظائف والصفات الاضافية للجبال من مثل دورانها مع الأرض‏,‏ أو تكوينها من صخور متباينة في الألوان والأشكال والهيئة‏.‏ أو دورها في إنزال المطر‏,‏ وتغذية الأنهار‏,‏ وشق الأودية والفجاج أو في جريان السيول‏.‏

‏(7)‏ ـ آيات قرآنية تشير إلي نشأة كل من الغلافين المائي والهوائي للأرض‏,‏ وذلك بإخراج مكوناتهما من باطن الأرض‏,‏ أو تصف الطبيعة الرجعية لغلافها الغازي‏,‏ أوتؤكد حقيقة ظلام الفضاء الكوني الخارجي‏,‏ أو علي تناقص الضغط الجوي مع الارتفاع عن سطح الأرض‏,‏ أو علي تبادل الليل والنهار‏,‏ وعلي رقة طبقة النهار حول نصف الأرض المواجه للشمس‏,‏ أو علي أن ليل الأرض كان في بدء خلقها مضاء كنهارها‏,‏ ثم محي ضوؤه‏.‏
‏(8)‏ ـ آيات تشير إلي رقة الغلاف الصخري للأرض‏,‏ وإلي تسوية سطحه وتمهيده وشق الفجاج والسبل فيه‏,‏ وإلي تناقص الأرض من أطرافها‏.‏

‏(9)‏ ـ آيات تؤكد اسكان ماء المطر في الأرض مما يشير إلي دورة المياه حول الأرض وفي داخل صخورها‏,‏ أو تؤكد علاقة الحياة بالماء‏,‏ أو تلمح إلي امكانية تصنيف الكائنات الحية‏.‏
‏(10)‏ ـ آيات تؤكد أن عملية الخلق قد تمت علي مراحل متعاقبة عبر فترات زمنية طويلة

‏(11)‏ ـ آيات قرآنية تصف نهاية كل من الأرض والسماوات وما فيهما‏(‏ أي الكون كله‏)‏ بعملية معاكسة لعملية الخلق الأول كما تصف إعادة خلقهما من جديد‏,‏ أرضاغير الأرض الحالية وسماوات غير السماوات القائمة‏.‏

هذه الحقائق العلمية لم تكن معروفة للإنسان قبل هذا القرن‏,‏ بل إن الكثير منها لم يتوصل الإنسان إليه إلا في العقود القليلة المتأخرة منه عبر جهود مضنية‏,‏ وتحليل دقيق لكم هائل من الملاحظات والتجارب العلمية في مختلف جنبات الجزء المدرك منالكون‏,‏ وأن السبق القرآني في الاشارة إلي مثل هذه الحقائق بأسلوب يبلغ منتهي الدقة العلمية واللغوية في التعبير‏,‏ والاحاطة والشمول في الدلالة ليؤكد جانبا مهما من جوانب الإعجاز في كتاب الله‏,‏ وهو جانب الاعجاز العلمي‏,‏ ومع تسليمنا بأن القرآن الكريم معجز في كل أمر من أموره‏,‏ إلا أن الإعجاز العلمي يبقي من أنجح أساليب الدعوة إلي الله في عصر العلم والتقنية الذي نعيشه‏.‏
ومن هنا تتضح أهمية القرآن الكريم في هداية البشرية في زمن هي أحوج ما تكون إلي الهداية الربانية‏.‏ كما تتضح أهمية دراسات الإعجاز العلمي في كتاب الله مهما تعددت تلك المجالات العلمية‏,‏ وذلك لأن ثبات صدق الإشارات القرآنية في القضايا الكونية من مثل اشاراته إلي عدد من حقائق علوم الأرض‏,‏ وهي من الأمور الماديةالملموسة التي يمكن للعلماء التجريبيين إثباتها لأدعي إلي التسليم بحقائق القرآن الأخري خاصة ما يرد منها في مجال القضايا الغيبية والسلوكية‏(‏ من مثل قضايا العقيدةوالعبادة والأخلاق والمعاملات‏)‏ والتي تمثل ركائز الدين‏,‏ ولا سبيل للإنسان في الوصول إلي قواعد سليمة لها وإلي ضوابط صحيحة فيها إلا عن طريق بيان رباني خالص لايداخله أدني قدر من التصور البشري‏.‏