وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف ما نحن فيه
- من هرج ومرج وسفك للدماء ونزاعات وفتن -
للصحابة رضوان الله عليهم فيما رواه ابن ماجه وأحمد وصححه الألباني ويقول:
" عَنِ الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ الْهَرْجَ» .
قَالُوا: وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: «الْقَتْلُ» . قَالُوا: أَكْثَرُ مِمَّا نَقْتُلُ،
إِنَّا لَنَقْتُلُ كُلَّ عَامٍ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفًا، قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمُ الْمُشْرِكِينَ،
وَلَكِنْ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا» ،
قَالُوا: وَمَعَنَا عُقُولُنَا يَوْمَئِذٍ؟
قَالَ: «إِنَّهُ لَتُنْزَعُ عُقُولُ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَيُخَلَّفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنَ النَّاسِ،
يَحْسِبُ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ، وَلَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ»
قَالَ عَفَّانُ: فِي حَدِيثِهِ قَالَ أَبُو مُوسَى:
«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مِنْهَا مَخْرَجًا، إِنْ أَدْرَكَتْنِي وَإِيَّاكُمْ،
إِلَّا أَنْ نَخْرُجَ مِنْهَا كَمَا دَخَلْنَا فِيهَا لَمْ نُصِبْ مِنْهَا دَمًا وَلَا مَالًا»
وورد في شرح سنن ابن ماجه:
لا تنزع عقول أكثر ذلك الزمان ـ
فقوله: لا ـ نفي لما قبله، و: تنزع ـ بيان ذلك النفي، أي لا يكون ذلك مع عقولكم،
بل ينزع عقول أكثر ذلك الزمان لشدة الحرص والجهل،
والهباء الذرات التي تظهر في الكوة بشعاع الشمس،
والمراد ههنا الحثالة من الناس
وهذا ما نراه الآن من عصبيات وجهل وادعاءات كاذبة لأناس لقبوا أنفسهم بالنخبة
لا يفقهون شيئا ولكنهم يتقدمون المشهد رافعين راية التنوير والرشد .
الحكمة من تحريم القتل في الأشهر الحرم:
هذا التحريم شامل كل شهور العام ولكن في الأشهر الحرم أشد ,
وترجع الحكمة من تحريم القتال في الأشهر الحرم كما أوضحها ابن كثير في تفسيره حيث قال:
وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعة: ثلاثة سرد، وواحد فرد، لأجل مناسك الحج والعمرة،
فحرم قبل شهر الحج شهر وهو ذو القعدة ، لأنهم يقعدون فيه عن القتال ،
وحرم شهر ذي الحجة لأنهم يوقعون فيه الحج ويشتغلون فيه بأداء المناسك ،
وحرم بعده شهر آخر وهو المحرم ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم آمنين ،
وحرم رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب فيزوره ثم يعود إلى وطنه آمناً.
ويرجع سبب غفلة المسلمون لتعظيم حرمات الله وباتوا يسفكون الدماء التي حرمها الله في أشهر حرمت في كتابه العزيز ,
عندما غابوا عن دينهم وبعدوا عن التمسك بسنة نبيهم وعندما غفلوا عن تدارس تعظيم وتوقير الله في قلوبهم .
وللأشهر الحرم آداب وأحكام ينبغي للمسلم أن يتعلمها ويعمل بها
حتى يكون ممن يعظِّمون حرمات الله ,
قال تعالى :﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾(الحج: من الآية 30)
قال تعالى :﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾(الحج: من الآية 32)
ومن هذه الأحكام والآداب:
***
- الحذر من الوقوع في المعاصي وما حرم الله ، فكما سبق الذنوب فيها تتضاعف لحرمتها، مثل مضاعفتها إذا ارتُكبت في البلد الحرام مكة،
قال تعالى:﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾التوبة: من الآية 36.
***
- الإكثار من الأعمال الصالحة من صيام وقيام وصدقة وزكاة وصلة أرحام
وإدخال السرور على المسلمين وخاصة المساكين ,
لان الحسنات في تلك الأشهر تتضاعف أيضا كما تقدم في كلام بن عباس
عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
" كُلُّ سُلاَمَى عَلَيْهِ صَدَقَةٌ : كُلَّ يَوْمٍ يُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ يُحَامِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ ،
وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ ، وَدَلُّ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ ".
رواه البخاري ومسلم .
***
- تخصيص الصيام في الأشهر الحرم لما له من منزلة عظيمة عند الله تعالى كما اخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم , وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل )رواه مسلم
***
- اغتنام صوم تاسوعاء وعاشوراء وهو اليوم الذي نجى الله تعالى فيه موسى من الغرق
كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا :
( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا يَعْنِي عَاشُورَاءَ
فَقَالُوا : هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ
فَقَالَ أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِه ) رواه البخاري
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ( مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ
إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ ) أخرجه البخاري
***
- تعظيم حرمات الله وتغليظ الدية في تلك الأشهر
لان العبادلة وغيرهم من الصحابة رضي الله تعالى عنهم غلظوا الدية في القتل
وإن اختلفوا في كيفية التغليظ , ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة رضي الله عنهم فكان إجماعاً
الروابط المفضلة