الفـرق بين الزهــد والورع
شرح رياض الصالحين المجلد الثالث
للشيخ الفاضل: محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-باب فضل الزهد في الدنيا
55- باب فضل الزهد في الدنيا
والحث على التقلل منها، وفضل الفقر
قال المؤلف -رحمه الله-:
قال الله تعالى: (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (يونس:24) وقال تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) (الكهف: 45،46)
وقال تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)(الحديد:20)
وقال تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (آل عمران:14)
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (فاطر:5) وقال تعالى: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) (1) (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) (2) (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (3) (ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (4) (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) (5)التكاثر :1-5).
وقال تعالى: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت:64)
وأما الأحاديث فأكثرُ من أن تحصر فننبهُ بطرف منها على ما سواه.
1/457- عن عمرو بن عوفِ الأنصاري رضي الله عنهُ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه إلى البحرين يأتي بجزيتها، فقدم بمال من البحرين، فسمعت الأنصارُ بقُدوم أبي عُبيدةَ ، فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف، فتعرضوا لهُ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم، ثم قال:" أظنكم سمعتُم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين؟" فقالوا: أجل يا رسول الله ، فقال: "أبشرُوا وأملُوا ما يسركم، فو الله ما الفقرَ أخشى عليكم، ولكنى أخشى أن تُبسط الدنيا عليكم كما بُسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم" متفق عليه.
2/458- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المِنبر، وجلسنا حولهُ، فقال:" إن مما أخافُ عليكم من بعدي ما يفتحُ عليكم من زهرة الدنيا وزينتها" متفق عليه
3/459- وعنه رضي اللهُ عنهُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الدنيا حُلوة خضرةٌ، وإن الله تعالى مُستخلفكم فيها فينظرُ كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء" رواه مسلم.
شرح الشيخ العثيمين -رحمه الله- (الفـــــــــــــــــــــــــرق بيـــــــــن الزهـــــــــــــــــــد والـــــــــــــورع):
هذه الأحاديث ذكرها المؤلف رحمه الله في باب الزهد في الدنيا والترغيب فيه، وقد ذكر قبل ذلك آيات متعددة كلها تدل على أن هذه الدنيا ليست بشيء بالنسبة للآخرة، وأنها ممر ومزرعة للآخرة، فإن قال قائل: يقال ورع، ويُقال زهد، فأيهما أعلى؟ وما الفرق بينهما؟
فالجواب أن الزهد أعلى من الورع، والفرق بينهما أن الورع ترك ما يضر، والزهد ترك ما لا ينفع،
فالأشياء ثلاثة أقسام: منها ما يضر في الآخرة، ومنها ما ينفع، ومنها ما لا يضر ولا ينفع.
فالورع: أن يدع الإنسان ما يضره في الآخرة، يعني أن يترك الحرام.
والزهد: أن يدع ما لا ينفعه في الآخرة، فالذي لا ينفعه لا يأخذ به، والذي ينفعه يأخذ به، والذي يضره لا يأخذ به من باب أولى،فكان الزهد أعلى حالاً من الورع، فكل زاهد ورع، وليس كل ورع زاهداً.
ولكن حذر النبي عليه الصلاة والسلام من أن تفتح الدنيا علينا كما فتحت على من كان قبلنا فنهلك كما هلكوا.اهـ
{من موقع الشيخ -رحمه الله-}
http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18201.shtml
راق لي
الروابط المفضلة