كريم الشاذلي
هل تعلم كيف تهرب الأسماك الصغيرة من براثن السمك المتوحش الذي يريد افتراسها
إنها تقوم بحيلة بسيطة، تعكر الماء بذيلها و زعانفها، حتى تصبح الرؤية فيها صعبة، فيصاب السمك الكبير بالهيجان فيسهل على السمك الصغير الهرب و الاختباء.
و لقد تعلم البحارة طريقة تعكير الماء هذه، و استخدموها كحيلة لصيد السمك، فهم يقومون بتعكير الماء حتى يغضب السمك و يفقد هدوءه و تضيع الرؤية من أمامه و تضطرب حركته، و يتخبط يمنة و يسرة إلى أن يجد نفسه في براثن الشباك.
من هذا المشهد نتعلم أمرا بالغ الأهمية، و هو أن نحتفظ بثباتنا و هدوئنا إذا ما تعكر ماء الحياة و تشوشت الرؤية لفترة أمام أعيننا، سواء كان هذا التعكير بفعل عدو، أو بسبب تصاريف القدر، و دوائر الأيام.
فردود الفعل السريعة الغير منضبطة أو التي لم يتم دراستها سلفاً بروية و عقلانية قد تلقينا في شباك الفشل، و ربما نجد أنفسنا و قد ضللنا الدرب و خرجنا عن جادة الطريق المستقيم.
سهل أن يحتفظ المرء منا بثبات جنانه في الظروف العادية، لكن الثبات وقت الشدة و النوازل يحتاج ليقين حي، و تمرس مستمر، و هدوء أعصاب مستمد من روح متزنة.
نرى هذا الأمر جلياً في موقعة أحد، فبعدما خالف الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم، و أصبحت الدائرة على المسلمين من بعد نصر لاح في أفقه و بدا قريباً، اختل توازن جند الإسلام، و تشتتوا يمنة و يسرة بعدما عكر جند قريش الماء من حولهم، هنا قام القائد الحبيب صلى الله عليه و سلم، ووقف في وسط المعركة جامعاً شتات أصحابه صارخاً فيهم
إليّ عباد الله
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أحد أعظم فرسان صدر الإسلام الأول:
كنا إذا حمي البأس(اشتدت المعركة) و احمرت الحُدُق (جمع حدقة و هي بياض العين) نتقي برسول الله صلى الله عليه و سلم.
إن الغضب و التخبط و فقدان الاتزان يضيع من أمامنا الرؤية، و يجعلنا أسرى لردود الأفعال العشوائية، بينما الهدوء و انتظار انقشاع الغيوم بثبات و تيقظ يجعلنا دائماً في الموقف الأقوى.
فلا تسمح لخصمك أن يستفزك إذا ما عكر الماء و شوش الرؤية أمامك، كن هادئاً و امتلك أنت زمام المبادرة دائماً.. حتى في وقت الشدة و الأزمات.
إشراقة
قلب القائد كالبحر لا يمكن اكتشاف شواطئه البعيدة.
مثل صيني
الروابط المفضلة