بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
إخوتي ..أخواتي..
إن العبادات في ديننا العظيم تكاليف واختبار , وسِقاء لتلك الشجرة العظيمة شجرة الإيمان
التي يجب على كل مسلم أن يرعاها ويتعهدها بما يصلحها وينميها لما فيها من حياة للقلب وقوت للروح ..
وهانحن قد أتانا شهر الزاد الإيماني.. شهر رمضان الذي أصبح الناس فيه ألوان وأجناس ..
قد شغل الكثير فيه بالكمّ عن الكيف فأصبحنا نرى ونسمع العجائب من أحوال الناس مع الصيام والقيام واستغلال هذه الأيام...ففي شهرنا المبارك نرى الكثير يجتهد بالعبادة وبزاد الإيماني ولكن الكثير منهم يهتم بأمر الكمّ والعدد وينسى الكيف والغاية !!
><><><><><><><
فنسمع كثيراً هذه العبارات :
كم آية قرأت ؟..كم جزءاً تلوت ؟..كم مرة ختمت ؟..
كم ركعة صليت ؟..كم عمرة اعتمرت؟..كم يوماً اعتكفت ؟
كم .. وكم ..وكم ؟؟؟؟
ولكن !!هل مقياس قبول العمل كميته ؟! أم كيفيته ؟!
وهل لنا أن نقف ونتسائل في جميع أعمالنا وأحوالنا
بـ كم صليت ؟... أم بـ كيف صليت ؟
بـ كم يوم اعتكفت ؟ أم كيف اعتكفت؟
بـ كم جزء من القرآن قرأت ؟ أم كيف قرأت القرآن وهل تدبرت آياته ؟
><><><><><><><
فهل يا عباد الله نعد أعمالنا على الله !!!
لم نتعامل مع الله بلغة التجار..؟!!
لم لا نتعامل مع الله تعامل الفقير المحتاج لخالقه ؟ ..
لا تعامل المتكبر المتعالي على على ربه ..أبضاعة بخسة ومِنّة على الخالق ؟!
الله جل جلاله ليس في حاجة لطاعاتنا .. ولا تضره معاصينا
لا تضر المعاصي إلا أصحابها ..ولا تنفع الطاعات إلا أربابها..
ومع الأسف يغتر الكثير من الصائمين بكثرة ما قرؤوا من القرآن ..وبعض القائمين بكثرة الركعات ..والمنفقين بما أنفقوه من صدقات ..والمفطرين للصائمين بما قد قدموا من وجبات فيها الكثير من المشهيات والمقبلات والمشروبات من العصيرات ..
ويتفاخرون في ذلك سمعة وشهرة !!
ليس الصيام بكثرة الأعمال بل بتحقيقها للتقوى فما أحوجنا لها ..
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ..
وحتى لانكون ممن قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم ..
((رب صائم حظه من صيامه الجوع و العطش، و رب قائم حظه من قيامه السهر)) [ صحيح الترغيب 1084]
لابد أن نهتم في عباداتنا وكيفية القيام بها وتحقيق الهدف الأساسي من القيام بالعباده حتى تحيا بها الروح وتستشعر أوامر ربها في كل سكنه من سكناتها وفي كل حركه من حركاتها
يكون فيها للتقوى شاهد ودليل على أنها أخذت وتغذت بهذا الزاد الإيماني الصافي ..
قال ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه عن القرآن : ((لا تهذّوه هذّ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل ، قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب))..
فـآية تبكين عندها وتكررينها وتؤثر في قلبكِ خير من ختمةٍ كاملةٍ للقرآن في يوم واحد أو في أيام قليله وأنتِ لم تعين ما تقرأين ولم تتأثري فيه ..
وركعتين تخشعين فيهما خير من ركعات كثيرات سريعات والقلب يسبح في بحر الغفلات ..
وصدقة سرٍ بريال واحد أو بدراهم قليلةٍ خير من مائة ألف ريال مع المن والأذى ..
وهكذا مع سائر الأعمال الصالحات..من عمرة أو صدقة أو قيام أو تفطير الصائمين ..
><><><><><><><
إخوتي ..أخواتي..
إن الكم والكيف أمران مطلوبان في العبادات ..بضوابط شرعية وسنن مرعية..
فنهتم بالكمّ وبالعدد ونحرص عليه تحت ضوابط شرعها لنا الرسول صلى الله عليه وسلم
ونهتم بالكيفية تحت ضوابط أيضاً شرعت لنا لتحقق لنا معنى التقوى وتسقي لنا شجرة الإيمان وتنميها ..ولم يشرّع الصيام إلا لسقيها وإنمائها ..
><><><><><><><
هل نقف وقفات يومية ونسأل أنفسنا كيف اليوم صيامنا ؟
وكيف نحافظ عليه من الجرح طيلة أيام شهرنا ؟..
وهل فكرنا من الرابح منا فيه فنهنيه ..ومن الخاسر فيه مع ضمان المكسب فنعزيه..
لأنه سيكون قد رغم أنفه ..نعم قد رغم أنفه وذلك بدعاء جبريل عليه السلام وتأمين المصطفى صلى الله عليه وسلم
قال عليه الصلاة والسلام .. ( قال لي جبريل: رغم أنف عبد أدرك أبويه أو أحدهما لم يدخله الجنة، قلت: آمين ثم قال: رغم أنف عبد دخل عليه رمضان لم يغفر له، فقلت: آمين ثم قال: رغم أنف امريء ذكرت عنده فلم يصل عليك، فقلت: آمين) [حسن صحيح الألباني صحيح الأدب502]
><><><><><><><
ربما نتسائل .. كيف نجعل من عباداتنا في رمضان عبادات مؤثرة وأعمال صالحة باقية ؟
أيها الصائمون والصائمات في شهر البرّ والخيرات ..
إن العبد يستطيع ببعض الأمور أن يجعل عمله وإن قل عملاً عظيماً كبيراً يرجح به ميزانه وتكثر به حسناته .. ومن ذلك :
أولا ً : الإخلاص .. فكم بارك من عمل وجعله مقبولاً ، إن الأعمال تعظمها النية وليس الشأن في كثرة العمل ولكن هل أخلص فيه صاحبه لله أم لا .
ثانياً : اتباع السنة النبوية , هل أعمالنا موافقة لأمر الله وأمر نبيه صلى الله عليه
وسلم ، هل صفة صلاتنا ووضوئنا وصيامنا وقيامنا وتلاوتنا وسائر عباداتنا مثل صفة عبادة النبي صلى الله عليه وسلم..
هل عظمنا أمر إتباع السنة وأبتعدنا وحاربنا إتباع البدعة وأن كانت عادة قد إعتاد عليها الناس وأصبحت أمراً لا يَقبل التغيير في نظر الكثير من الناس لأنها ( من العادات الشعبية والروح الرمضانية !!) والله المستعان ..
كلّ خيّر في إتباع من سلف.... وكل شرّ في إبتداعِ من خلف ..
ثالثاً : الخشوع في العبادة ، فروح العبادة وحقيقتها وثمرتها ولبها هو الخشوع فيها وأداؤها والقلب خائف وجل راج محب ,فيه من المشاعر العبادية ما تجعل تلك العبادة مليئة بالعَبرات والدمعات , والقربات لرب الأرض والسماوات .
رابعاً : استشعار التقصير في جنب الله تعالى فلا تغررنا وتغرنا أعمالنا فنركن إليها ونهلك مع من هلك ...
خامساً: تذكر الذنوب السابقة مع الاستغفار وتجديد التوبة عند تذكر الذنوب والعمل على تعويض مافات من السيئات بالحسنات والقربات .
سادساً: الاكثار من ذكر الله حال تلك العبادة بالتسبيح والتحميد والإستغفار وتلاوة القرآن مع تدبره والوقوف عند آياته واحكامه .
وأخيراً وقفــة :
لقد ضيعنا رمضان سنين عدداً ..بين كم وكيف ؟؟؟....
فهل يكون شعارنا في رمضاننا هذا ..الكيف و الكم بما يرضي الله ويوافق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .....
إنما هو شهر... فاملئيه بما يسر ... ودعي عنك ما يضر...
ومن ذكر طاعاته غرته غفلاته ، ومن أحرقته سيئاته كثرت طاعاته..
أختكم في الله / زوجة داعية
الروابط المفضلة