بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي وأخواتي في الله
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد
كان أول ما سمعت من دروس الأستاذ عمرو خالد هو درس "حب الله للعبد " فانبهرتُ به كثيرا، ولكني لما سمعت درس "التوكل" ظننتُ أنه هو أفضل دروسه على الإطلاق!!!ولما استمعت إلى درس "اليقين في قُدرة الله" رأيت أنه الأفضل...و لكنه طالَعنا منذ أيام بدرس" الحَمْد" من خلال خيمة "كنوز" الرمضانية فرأيت أن كل مسلم في أمسّْ الحاجة لأن يعي هذا الدرس...لأننا إذا حمدنا الله حق الحمد ، أسبغ علينا من نِعَمه كما وعدنا في كتابه العزيز:"لَئِن شَكَرتُم لأّزيدَنَّكُم"، فتكون النتيجة أن تمتلىء قلوبنا بِحُبِّه ،واليقين في قدرته....فنتوكل عليه حقَّ التَّوكُل!!!!
لذا فكرت أن أكتب ملخصاً لهذا لدرس القيِّم وأهديه إليكم ، عسى الله تعالى أن ينفعنا به،وأن يعيننا على أن ننفع به غيرنا...إنه على كل شيء قدير.
إخوتي: إننا حين يُسدي إنسان إلينا معروفاً نكون في غاية الامتنان له ولا ندري كيف نشكره ، بل أحياناً لا نستطيع أن نضع أعيننا في عينه من شدة الإحساس بعِظَم معروفه!!!! ويظل أحدنا يقول:" إنني أتمنى أن يأمرني بأي شيء أو يطلب شيء يسعده فأفعله لأرد إليه جميلَه"!!!!
بل إننا كثيراً ما نتغاضى عن بعض مساوئه عرفاناً بما صنع معنا من جَميل!!!!
فما بالكم بالله عزَّ وجَل؟؟!!!
هل فعل معنا ما يستحق أن نحمده عليه ونشكره ؟!!!!
إن العامَّة في مصر يقولون "إن لحم أكتافي من خير(فَضل ) أبي" ...حسناً،ولكن لحم أكتاف أبيك من خير مَن؟!! إن لحم أكتافه من خير ربك، وبالتالي فلحم أكتافك من خير ربك!!!!!
و الآن أتمنى أن تُحضروا ورقة وتكتبوا في أولها بوسط السطر:
" وإن تَعُدُّوا نِعمة الله لا تُحصوها"
ثم الآية:" وما بِكُم مِن نِعمَةٍ فمِنَ الله" تأمَّلوا معي كلمة (وما بِكُم)
فكل نعمة مهما كانت هي من الله ،فلا تظن أن السبب مالك أو جمالك أو نفوذك أو اجتهادك أو ذكاءك،أو فلان.... ولو حاولت أن تعد النعم فلن تستطيع...فهذا منتهى التحدِّي من الله ...تريد الدليل؟!!
إذن تعالوا نعدِّد بعض النعم:
أولاً : ملابسك التي ترتديها هذه من أين جاءت؟
من المحل أو المصنع الفلاني ؟ كلا إنها جاءت بسبب قطرة مطر نزلت من السماء فأنبتت شجرة قطن أو كتان ،أو حيوان سخَّره الله لك فأُخذ منه الجلد فصُنع حذاؤك...وبدون تلك القطرة تصبح عُرياناً!!!!
تقول : لا أحتاج لملابس سأواري عوراتي بورق الشجر، وورق الشجر من أين جاء؟؟!!
نعم أنت بدون الله عاري!!!!
يقول الله تعالى في الحديث القدسي:" كُلُّكم عارٍ إلا مَن كَسَوتُه"
ويقول في قرآنه الكريم:" يا بَني آدم قد أنزَلنا عليكم لباساً يُواري سَؤاتِكُم "
وكنتُ حين أقرأ هذه الآية أتعجب،كيف يُنزل علينا ملابس من السماء؟؟!!!
حتى أدركت أنه ينزل المطر فتنبت شجرة القطن فنلبسه!!!!!
ما أبلغ كلمات القرآن الكريم!!!!
ثانياً: أين تسكُن؟ في الحي الفُلاني ،وهذا الأثاث الفاخر من أين؟ من متجر الأثاث الفُلاني ؟وأنت لا تدرك أن البناء مصنوع من مواد خلقها الله تعالى في باطن الأرض،والأثاث أصله قطرة مطر نزلت فنبتت شجرة،فأخذنا خشبها فصنعنا الأثاث!!!!يقول الله تعالى:"واللهُ جعل لَكُم مِن بُيوتِكُم سَكَناً"
فهو الذي جعل..وبدون فضله أنت مُشرَّد طريد!!!!
ثالثاً: المواصلات التي تركبها مصنوعة من معادن مستخرجة من باطن الأرض،فإذا ركبت حصاناً أو جملاً،أو غير ذلك ،فهو أيضاً من خَلق الله!!!!
رابعاً: طعامك الذي تأكله لتبقى على قيد الحياة هل تتذكر أنه هِبة من الله كلما أكلت فتحمده بعد الانتهاء منه؟ !!
إن أصله –أيضاً -كان نقطة مطر نزلت فأنبتت شجر الخضر والفاكهة،وسَقَت الحيوانات فنبت لحمها ،فأصبحوا طعاماً لك ....يقول الله تعالى:" أفرأَيتُم ما تحرُثون ؟! أأَنتُم تَزرعونهُ أم نحن ُالزَّارِعون"؟!!!!
فلو شاء الله لنزل المطر دون أن يُنبت أي شجر !!!!فهو الذي يُنزل المطر بعلمه وخبرته ،في المكان المناسب بالقَدر المناسب ...ثم اسأل نفسك: من الذي يأمر الأرض بأن تهتز لتهيِّي للحبة أن تنبت ،مَن الذي أمر التربة أن تحضُن البذرة ،ولو شاء لقال لها:" لا تنبتي يا بذرة"!!!!!
يقول الله تعالى في الحديث لاقدسي:" با عبادي كُلُّكم جائع إلا مَن أطعمتُه ،فاستطعِموني أُطعِمكُم"
خامساً: الماء الذي تشربه: من أين يأتيك؟!!! من الزجاجة، والزجاجة من أين أتت به؟ من الصنبور،و الصنبور من أين يأتيه الماء ؟ من البلدية؟! والبلدية من أين أتت به؟ من النهر؟!والنهر من خلقه؟!!!!!
الله
يقولون أن مصر هبة النيل،والنيل هبة مَن؟!! إنه هبة الله!!!
إذن فمصر هِبة الله!!!!
ولك أن تتخيل لو أصبح هذا الماء العذب مالحاً فكيف يكون حالك؟!!!
هل تستطيع الحياة بدون ماء عّذب؟!!!!
يقول الله تعالى :"أفَرأيتُمُ الماءَ الذي تشربون؟!!! أأَنتُم أنزَلتُموهُ مِنَ المُزنِ(السحاب)أم نحنُ المُنزِلون؟!!لَو نشاءُ لَجعَلناهُ أُجاجاً فلَولا تَشكُرون"!!!
لذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم حين يشرب يقول:"الحمدُ لله الذي جعلهُ عَذباً فُراتاً برحمته ، ولم يجعلهُ مِلحاً أُجاجاً بذنوبنا"!!!!
إذن نحن بدونه عَرايا، جياع، عطشانين ، بلا مأوى!!!!
والآن تعالو إلى نعَم أخرى:
هل فكر أحدكم ذات مرة أنه مُبصر وغيره أعمى؟
أو أنه عاقل وغيره مجنون
أو أنه يتكلم وغيره يتمنى أن ينطق
أو أنه له عائلة، وغيره لقيط أو يتيم
أو أنه لديه و الدين صالحين ذوي طباع طيبة،و غيره والديه غير صالحين يعاملونه بقسوة وغِلظة؟؟
أو أنه يشعر وغيره عديم الإحساس؟
أو أنه متعلم وغيره جاهل؟
ومع ذلك تعصاه بالنهار، ويحفظك على فراشك ثم يرد عليك روحك بعد ذلك، فتعصاه ثانيةً!!!!
يقول الله تعالى:" لَهُ مُعَقِّباتٌ مِن بَينِ يَدَهِ ومن خَلفه يحفظونهُ مِن أَمر الله" (أي بِأمر الله" فكما نقو ل:" العين عليها حارس" ، هي بالفعل عليها مَلَك موكل من الله تعالى ليحرسها، والأطفال في السنين الأولى من عمرهم،هل تستطيع الأم وحدها أن تحفظهم وتحميهم من الأخطار؟!!!
كلا و الله!!!!
فلماذا إذن تتذكر المصيبة وتنسى بقية النِعَم؟!!
لقد خلق الله بعض الناس بعاهات حتى تتذكر نعم الله حين تنظر إليهم ،فتحمده،فهل حمدته ؟!!!
ولماذا لا تَُحدِّث الناس عن نعَِم الله عليك كما تشكو إليهم دائما ًمِمَّا أصابك من مصائب؟!!!!
كم مرة في اليوم تقول للناس "شُكراً" وكم مرة تقول :" الحمد لله"؟!!!!
هل فكرتَ في الهواء الذي لا تستطيع العيش بدونه، لو انحبس مرة فماذا يحدث؟!!!
و لو كان الهواء مرئياً لسيطر عليه القَوِي من الناس وتحكَّم فيه!!!!
فمن رحمته أن جعل أهم شيء لحياتك مُلك لله فقط!!!!
أكاد أتخيلك الآن تسجد لله شُكراً!!!
بل من أوجدكَ مِن عَدَم ووضع فيك الروح،وكيف جاءت؟!!
يقول الله تعالى:"أولا يذكُرُ الإنسانُ أنَّ خلقناهُ ولَم يَكُ شيئا"،ويقول: "هل أتى على الإنسان حِينٌ مِن الدَّهرِ لَم يكُن شيئاً مَذكورا"؟!!!
والآن هل أذكر لك نِعمة تعمَّدتُ تأخيرها؟!!!
يقول الله تعالى :" اليومَ أكملتُ لكُم دينَكُم ،وأتمَمتُ عليكُم نِعمَتي ،ورضيتُ لكُمُ الإسلامَ دينا" !!!
هل لاحظتَ أن الله تعالى يقول أن تمام النعمة هو اكتمال الدين؟!!!!
قال يهودي لما نزلت هذه السورة لعمر رضي الله عنه:" لو نزلت فينا هذه الآية لاتخذنا يوم نزولها عيداً"!!!،فقل له عمر:" وما أدراك أنه ليس بعيد؟" إنها نزلت يوم الجمعة،يوم عرفة"!!!
لقد شعر اليهودي بقيمة معنى الآية،فهل نشعر نحن بقيمة نعمة الإسلام؟!!!!
هل تدرك قيمة أن ربُك هو الله جل َّ جلاله...وغيرك ربُّه بقرة أو تمثال أو شجرة،أو غير ذلك؟!!!!
هل جرَّبتَ أن تأتي بورقة وتقسمها إلى نصفين : في النصف الأول تكتب:
نِعَم الله عليَّ،وفي النصف الثاني تكتب: المعاصي التي أفعلها...عندها فقط ستعرف هل أنت حامد أم جاحد!!!!
يتبع
الروابط المفضلة