بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم

ذكر بعض الناس بأن الهلال قد شوهد ليلة اثنين كبيرا مما يدل على أنها ليلة ثلاث...الخ، وهذا الكلام قد يكون صحيحا، ولكن يعاب على البعض أنهم شغبوا وشككوا في صيامنا هنا في السعودية، وأننا قد أخطأنا ..

فرأيت أن أنقل لكم كلاما نفيسا للعلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله ـ مفتي البلاد السعودية، ثم أتبع ذلك بما ذكره الشيخ يوسف الوابل في كتابه "أشراط الساعة" نحو هذا الأمر وأنه لاعبرة بكبر الهلال وصغره، وإنما العبرة بالرؤية، فإلى مقال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم:

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم ... المحترم. [ الاسم مذكور في الفتاوى ولم أذكره لأنه لا فائدة من ذكره]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:ـ

فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عن قضاء صيام يوم الجمعة الموافق غرة شوال، وذكرت أن بعض الناس قال: يجب قضاؤه؛ لأن الهلال لم ير ليلة السبت إلى آخر ما ذكرته.

والجواب: لايجب قضاؤه ذلك اليوم، بل ولا يجوز؛ لأنه قد ثبت ثبوتا شرعيا أنه يوم العيد، وذلك بشهادة رجلين عدلين عند قاض من قضاة المسلمين، وعمل الناس بذلك في جميع أقطار المملكة وغيرها، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: "الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون".

وأما مازعمه بعض الناس من صغر الهلال، وكونه لم ير ليلة السبت فقد قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: ( باب بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال وصغره، وأن الله أمده للرؤية، فإن غم فليكمل ثلاثين) وقال أبو وائل شقيق بن سلمة: أتانا كتاب عمر بن الخطاب أن الأهلة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى يشهد رجلان مسلمان أنهما رأياه بالأمس، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته وانسكوا لها، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا" وفي معنى هذا جملة أحاديث تبين أنه لا اعتبار للحساب ولا لضعف منازل القمر، ولا لكبر الأهلة وصغرها، وإنما الاعتبار الشرعي بالرؤية الشرعية.

وإذا عرف هذا فمعلوم أن الناس صاموا رمضان ليلة الخميس بعد ثبوت الرؤية شرعا بشهادة رجلين عدلين، ولما صاموا تسعا وعشرين يوما وثبتت رؤية هلال شوال شرعا ليلة الجمعة بشهادة رجلين عدلين لزم الناس الفطر بهذا.

فمن تجاوز ما ثبت شرعا فهو عاص آثم أو صاحب شكوك ووساوس، وكلاهما قد جانب الصواب.

والله الموفق يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

مفتي البلاد السعودية (ص ـ ف3266ـ1 في 23ـ11ـ1385هـ)

المرجع: فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم جمع ابن قاسم المجلد الثاني الجزء الرابع ص 172-173



************************************
ثانيا: ماجاء في كتاب "أشراط الساعة":

ذكر الشيخ يوسف الوابل من علامات الساعة: انتفاخ الأهلة، وقال تحته مايلي:

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة) (1).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة، وأن يرى الهلال(2) لليلة، فيقال: لليلتين) (3).

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: ( إن من أمارات الساعة أن يرى الهلال لليلة، فيقال: لليلتين) (4).

فقد جاء في هاتين الروايتين تفسير انتفاخ الأهلة بأن ذلك عبارة عن كبر الهلال حين طلوعه عما هو معتاد في أول الشهر، فيرى وهو ابن ليلة؛ كأنه ابن ليلتين. والله أعلم. اهـ

ــــــــــــــــــــ

الحواشي حسب الترقيم أعلاه:

(1): رواه الطبراني في "الكبير".

قال الهيثمي: "فيه عبد الرحمن بن يوسف، ذكر له في الميزان هذا الحديث، وقال: إنه مجهول". "مجمع الزوائد" (3/146).

وانظر: "ميزان الاعتدال" (2/600) للذهبي.

وقال الألباني: "صحيح".

ثم ذكر من أخرجه من الأئمة، وهم:

العقيلي في "الضعفاء"، وابن عدي في "الكامل"، والطبراني في "الأوسط" و "الصغير".

ورواه عن أبي هريرة: الطبراني في "الأوسط"، والضياء المقدسي.

ورواه عن أنس: البخاري في "التاريخ".

ورواه عن طلحة بن أبي حدرد وأبي عمرو الداني الشعبي والحسن مرسلا.

انظر: "صحيح الجامع الصغير" (5/213-214) (ح 5774).

(2): في "صحيح الجامع الصغير" (5/214): "أن يرى الهلال قبلا لليلة"؛ أي: يرى ساعة يطلع، وقبلا؛ أي معاينة. انظر: "التذكرة" (ص648) للقرطبي.

(3): رواه الطبراني في "الصغير".

قال الهيثمي: "وفيه عبد الرحمن بن الأزرق الأنطالي، ولم أجد من ترجمه". "مجمع الزوائد" (3/146).

(4): قال الهيثمي: "رواه الطبراني في "الصغير"، و "الأوسط" عن شيخه الهيثم بن خالد المصيصي، وهو ضعيف". "مجمع الزوائد" (7/325).

وقال الألباني: "رواه الطبراني في "الأوسط"، والضياء المقدسي، وهو حسن".

انظر: "صحيح الجامع" (5/214) (ح5775).

المرجع: كتاب "أشراط الساعة" ليوسف الوابل ص 193-194.

تنبيه: ذكر الشيخ يوسف الوابل في الحواشي عند الإحالة إلى "صحيح الجامع" إحالته على المجلد الخامس هكذا: (5/214)!! كما ذكرته أعلاه.

والمعروف أن صحيح الجامع للشيخ الألباني مجلدان فقط، فالظاهر أن الشيخ يوسف الوابل يحيل على الجامع نفسه للسيوطي والله أعلم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منقول من أحد الأفاضل..