بسم الله الرحمن الرحيم
لَبيْــــكَ رَبــــــــــــــــي
من أعظم الأعمال التي تستطيع أن تقضي بها وقتك في يومك و ليلتك: الدعوة إلى الله تعالى، و كفى بالدعوة شرفا أنها نسبت إليه سبحانه، بل إن أفضل البشر هم الأنبياء و الرسل، و لهم أوكل سبحانه هذه المهمة:
*انتدب الله للدعوة سيدنا إبراهيم، ففارق الوطن و الأهل، حتى يُعَبد العباد الله، و يرشدهم و يدلهم إليه.
* انتدب الله للدعوة نوحا، فبقي في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، يدعوهم ليلا و نهارا، سرا و جهارا.
* حتى في غياهب السجن و ظلماته، لبث سيدنا يوسف يدعو إليه سبحانه: { يَا صَاحِبي السجْن، أأرباب متفرقون خير، أم الله الواحد القهّار }
لا ريب أننا جميعا نحب أن نكون مفاتيح للخير، و مغاليق للشر، يجري الخير بين الخلق على يدينا، و أن نكون سببا لإسعادهم هُنا و هناك.. في دار البقاء.
و لكن، مَا السّبيل؟
نستطيع ذلك بأن نكون سفنا للنجاة، تحمل الناس إلى الله عز و جل، تنقذ غرقى الذنوب و تقودهم إلى بر الأمان.
نحن أحب الخلق إلى الله، هو اصطفانا و اجتبانا للدلالة عليه، و أهدانا كتاب الرحمة..
قال تعالى: { و من أحسن قولا ممن دعا إلى الله و عمل صالحا و قال إنني من المسلمين، و لا تستوي الحسنة و لا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن،فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم، و ما يلقاها إلا الذين صبروا، و ما يلقاها إلا ذو حظ عظيم، و إما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله، إنه هو السميع العليم }
أاستشعرتم هذه الآيات؟ .. ماذا ننتظر إذن، وما يمنعنا !
هلم إخوتي ندعو إلى الله، و نبشر به، لكن، إيانا أن نكون ممن قال فيهم حبيبنا (ص): " يا عباد الله إن منكم منفرين"
لندع إلى الله، و لنكن حلماء لطفاء في دعوتنا إليه، فهذا رسولنا (ص) يوجهنا: "لا يكون الرفق في شيء إلا زانه، و لا ينزع من شيء إلا شانه"
لنكن حكماء في دعوتنا: أن نثبت في انتقاء ماذا نقول، لمن، متى و أين، و لا ننسى أن النصيحة أمام الناس فضيحة، فلنجدد نيتنا أولا و نرقى بها من رغبة في كسب الأجر، إلى رغبة صادقة في أن يهتدي من ندعوه.
و لنلتزم في ذلك التدرج و الصبر، فعن عائشة (ض): " لو كان أول ما نزل من القرآن:لا تشربوا الخمر، لقال الناس و الله لا ندع الخمر أبدا، و لو كان أول ما نزل من القرآن: لا تزنوا، لقال الناس و الله لا ندع الزنا أبدا"
فلنتذكر إخوتي أنه ما كل الناس تدري بالحلال و الحرام، و لنراعي قدرة غيرنا على الاستيعاب، و أن التغير من حال استمر لسنوات ما هو بأمر هين حصوله، و كلنا بحاله أدرى !
حكى الشيخ محمد حسان عن خطبة ألقاها بأمريكا، جاءه بعدها شاب أسود فضمه ضما عنيفا ثم قال له: " و الله سأسألكم بين يدي الله جل و علا يوم القيامة لم تركتم أبي و أمي يموتان على الكفر"
فأين نحن من البلاغ، أين نحن من التحرك بهم الدعوة، من أنفسنا و أهلنا بدءا، ماذا سيكون جوابنا لهذا الشاب و أمثاله كثيرون أمام الله جل في عُلاه !
يا شباب، نحن ورثة الأنبياء، نحن عماد أمتنا، فكل الآمال معلقة علينا ...
هلا جربنا لذتها؟
قال (ص): " نضَّر الله امرأً سَمِع مقالتي فوَعَاها وحَفِظها وبَلَّغها..." و ما نضارة الوجه إلا برؤية الله عز و جل، كما في الآية الكريمة:{ وجوه يومئذ نضرة إلى ربها ناظرة}
قال سبحانه: { و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر...}
فهيا إخوتي نلبي نداء الله، و لنهتف جميعا بصدق:
لبيك ربي بطاعتـك، لبيك ربي بدعـوة الناس إليك بفعـلنا.. قبل كلامـنا
و لنتذكر أنه ما مات من خلف دعوة إليه سبحانه، فهاهم الأنبياء و الرسل، هاهم العلماء و السلف الصالح، أحياء في برزخهم، و نورهم و علمهم يجري في الأرض إلى قيام الساعة.
قال ربنا العلي: {أو من كان ميتا فأحييناه و جعلنا له نورا يمشي به في الناس، كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها}
{أستودعكُم الله
الروابط المفضلة