بسم الله الرحمن الرحيم
يا من تريد الإيمان بالله
السلام عليكم تحية مباركة من عند الله معطرة بالرحمة والبركات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
على كل من رضى بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمُحَمَّدْ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً وعلى آله وصحبه وسلم،
وعلى من آمن بعده .
بدايةً أحب أن أطل عليكم بهذه الخواطر الفكرية والتى يسرها الله لى من علمه الذى وسع كل شئ
من كتاب الله وسنَّة رسوله والحياة ، عن إطمئنان القلوب بوجود الله .
فهَلُمَّ بنا نتدارس سويا ونذكَّر أنفسنا ونبلغ غيرنا بهذه المقتطفات الإيمانية وندعو الله أن يثبت الإيمان فى قلوبنا ،
فاللهم مالك الملك يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على الإيمان بك.
أستهل رؤيتى تلك بقول الله تعالى " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ
أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)" سورة فصلت
وفى أنفسهم أفلا يتدبرون
فإنظر إلى نفسك أولا بما أنعم الله عليك به من جسد ونفس وعقل ميزك به عن سائر المخلوقات
لتفكر وتتدبر ، وإحساس وإرادة وضمير كمنظومة خَلقية متكاملة ونفخ فيك من روحه ليعطيك الحياة ،
ثم أتمها عليك بنعمة الأخلاق والعلم لتتحلى بها فى حياتك.
فجاء قول الله تعالى فى كتابه الكريم عن خلق الإنسان : " هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ
لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)
إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)" سورة الإنسان.
وقوله تعالى عن الروح : " الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ (7)
ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ
السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ (9)" سورة السجدة .
وكذلك قوله عن علم الإنسان : " وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ
الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78)" سورة النحل .
ويسألونك عن الروح
قل الروح من أمر ربى ، فجاءت التطورات العلمية بنتائج مذهلة لمن وصل إليها عن القدرة على
إستنساخ للكائنات والخلايا الحية فهذا ليس بخلق فلولا وجود الحياة فى الخلايا نفسها ما إكتملت ،
فالخلق لله وحده من قبل ومن بعد سبحانه وتعالى عما يصفون .
فجاء قول الله تعالى عن الروح وهى سر الحياة يعطيها من يشاء ويستردها وقتما يريد
"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً(85) " سورة الإسراء ،على الرغم من
التفسيرات المختلفة لهذه الآية الكريمة فى معنى الروح ، لكن نفسى مالت إلى هذا المعنى
الذى إطمئن به قلبى وأحببت أن أشارككم به.
وبعد أن نظر الإنسان فى نفسه وتفكر بها كخلق الله فلينظر فيما حوله.
خلق السماوات والأرض وما بينما
ففى إبداع الطبيعة تتجلى عظمة الخالق سبحانه وتعالى والتى تعلم منها الإنسان وإستلهم إبداعاته ومحاكاته له ،
فهيا بنا نتأمل عظمة الله فى ملكوته لنبحر سويا فى جمال الطبيعة التى وهبنا الله تعالى إياها
لنرقى بإحساسنا ونعلم أن الله على كل شئ قدير، فإنظر خلق السماء بغير عمد ترونها كما قال فى كتابه الكريم :
"خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ
وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10)
هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ (11)" سورة لقمان.
وآية أخرى من الطبيعة فى إختلاف الليل والنهار فجاء قول الله :
"إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ(190)" سورة آل عمران.
لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل فى فلك الله يسبحون بحمد الله
ولكن لا تفقهون تسبيحهمكما قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز :
" تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ
وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)" سورة الإسراء،
فجاء قول الله فى وصف حركة الشمس والقمر وتعاقب الليل والنهار :
" وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39)
لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)" سورة يس .
فإنظر إلى هذا النظام الكونى المترابط والمتفاعل والمتكامل ، هذا النظام الكونى هو الذى دفع العلماء
من الذين يؤمنون بالله والذين لا يؤمنون بالله أيضا إلى محاولات عديدة لمحاولة فهم ما يحدث فى الكون وتفسيره ،
وجاءت النتائج كثيرة وما خفى كان أعظم ،أليس هذا بكافى على وجود الله ،
أعلم أنه عندما يصل العلماء إلى هذه الدرجة من العلم يحتاجون بعدها إلى وقفة مع النفس
للتدبر والتأمل فى الكون ليعيدوا لأنفسهم الإتزان والسلام الداخلى ، فياليت ما أكتب يذكرنى وإياكم
أن ما أوتيتم من العلم إلا قليلا قد يسره الله لمن أراد لعلنا نخشع من خشيته ونرجع له ،
"أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ
فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) " سورة الحديد
فهذه ليست رحلة من الشك إلى اليقين ولكنها رحلة من الإيمان إلى دعوة الله بثبات الإيمان
وهى من نعم الله على المؤمنين به رحمة منه ،
اللهم إنا نسألك من فضلك العظيم .
فجاء قوله سبحانه : "وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61)" سورة العنكبوت ،
وقوله : "وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ
بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (63)" سورة العنكبوت،
وقد جاء اللفظسألتهم فى الآيات الكريمة وفيها (الضمير هم عائد على ) من سماء وأرض أو شمس وقمر
يقصد بذلك تفكرك فيهم ورؤيتك لهم هو الذى سيجيبك بوجود الله وعظمته فى خلقه.
نظرية الكونية الكون منظم من الذرة إلى المجرة
جاءت كثير من النظريات العلمية عن نشأة الكون وخلق الإنسان ودائما تأتى النتائج ناقصة ويأتى بعدها
من يبحث ويضع فروضه النظرية وهكذا ، لذلك لا يستطيع أحد أن يجذم بتفسيرات ثابتة عن الحقائق الكونية
وإنما هى محاولات للتفسير ،
فهذا الترابط بين كل أجزاء الكون المادية والمعنوية لم يأتى بالمصادفة كما يدعى البعض ،
وإنما بتدبير العليم الحكيم من بداية الخلق إلى قيام الساعة حتى النظم السياسية الحاكمة للعالم
على مر التاريخ والحضارات ، فكل إنسان خلقه الله بقدرات عقلية ونفسية وبدنية تؤهله لما خلق له فكل يسر لما خلق له ،
فقد جاء فى الحديث أن
" رجلا سأل رسول الله فيما يعمل العاملون قال كل ميسر لما خلق له" صحيح البخارى،
حتى النظم الإقتصادية فلا يستطيع أحد أن يجعل فئة من الناس غنية وأخرى فقيرة فالغنى والفقر ليس بالمال وحده
وإنما بنعم الله التى لا تعد ولا تحصى على الإنسان سنتكلم عنها لاحقا عند ذكر الرزق،
وكم من نظم إنهارت وسقطت ويشهد التاريخ بذلك ،
فلكل أجل كتاب بمعنى علينا ان نأخذ بالأسباب ونجتهد ونبذل أقصى ما فى طاقاتنا وما قدر علينا سنراه ،
فعليك أن تؤمن بالقدر خيره وشره ولا تدعوا من دون الله أحدا ، فلا أحد يملك لنفسه نفعا ولا ضرا.
فأنظر آيات الله تعالى فى تدبير الكون :" أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا
فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (30)
وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31)
وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32)
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)
وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34)
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ(35)" سورة الأنبياء.
وقال تعالى :"وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ
فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)" سورة الأعراف.
اليقين بالله
لا أحد يملك مصير نفسه ولاغيره ، إذا أيها الإنسان إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك،
وإعلم أنه إذا سكت المظلوم عنك فهو إلى أجلٍ مسمى، فإن كنت تعقل فإبكى ندماً على ما فعلت ورد المظالم إلى أهلها
قبل أن يفوت الآوان فكل أتٍ قريب ، ولا تكن كالذين يمدهم فى طغيانهم إلى أجل معلوم ،
قال تعالى : " مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186)" سورة الآعراف ،
اللهم أرنا فى الظالمين عجائب قدرتك، وإنصرنا على القوم الكافرين ، ولا تجعل الظالمين فتنة للذين آمنوا.
قال تعالى : " قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ
وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)" سورة الأعراف
، " وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (48) قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ
لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ (49) "سورة يونس
*** فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وإتقــــــــــوا يوما ً ترجعــــــــــــون فيه إلى الله ***
كما قال الله فى كتابه الكريم : " وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (281)" سورة البقرة،
فلكل أجل كتاب فإذا جاء اجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون
قال تعالى: "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى
فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ(61)" سورة النحل،
فكل نفس ذائقة الموت وإلى الله ترجعون قال تعالى: " كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ
فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) "سورة الأنبياء
، وقال أيضا ً:" يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28)
فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)" سورة الفجر.
آهٍ لو تعلمون النفس المطمئنة فهي أعلى تصنيفات النفس التي أطمئنت لله رضيت بقضاء ربها
فرضي عنها وأرضاها في الدنيا بالدخول في زمرة عباده الصالحين وفى الآخرة بجنات النعيم ،
اللهم إجعلنا من عبادك الصالحين الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن رب العزة سبحانه وتعالى : "مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقْد آذَنْتهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ
أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ،
وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ،
وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
أى يوفقه الله على ما يرضى سمعه وبصره ويمشى فى طريق الخير والحق وعندما يستعين بالله
على من ظلمه يقول الله وعزتى وجلالى لأنصرنك ولو بعد حين ، فقد حرم الله الظلم على عباده
حتى لو دعا بها الكافر فما بالك بالمؤمن ، فدعوة المظلوم لا ترد فليس بينها وبين الله حجاب،
فقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ : الْإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ،
فَإِنَّهَا تُرْفَعُ فَوْقَ الْغَمَامِ ، فَيَنْظُرُ الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ فَيَقُولُ : وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ " ،
وقال تعالى: "وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65)" سورة يونس،
وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العزة "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي
وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا" رواه مسلم .
قال تعالى : "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا (63)" سورة الفرقان
،وقال : "دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)" سورة يونس.
فلله الأمر من قبل ومن بعد ، إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ،
قال تعالى : "بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (117)" سورة البقرة،
وقد جاء فى الحديث الشريف " احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك، تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة،
إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، جَفَّ القلم بما أنت لاق،
فلو جهدت الخليقة على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك،
فإن استطعت أن تعمل لله بالرضا مع اليقين فافعل، فإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا "،
فاللهم لا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا، قال الله تعالى : "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) " سورة آل عمران.
فإعلم أنه كما جاء فى الحديث الشريف "ما أصابك لم يكن ليخطأك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك "،
وكما قال الله فى كتابه العزيز " قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)" سورة التوبة.
ولرب نازلة ضاقت بك كان فيها الخيركله ولكن لا تعلمون ، فإصبر الصبر الجميل
وهو أعلى مراتب الصبرلمن يستطع ، الصبر الجميل هو الصبر بدون شكوى إلى الناس واللجوء إلى الله
فقد جاءت الحكمة العربية " الشكوى لغير الله مذلة "، وجاء فى الشعر العربى
وإذا شكوت إلى ابن آدم فكأنما *** تشكو الرحيم إلى الذى لا يرحم
وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، قال تعالى: " وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ
وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (216)"سورة البقرة.
هذا لا يعنى أن تترك حقك يضيع ، لا ولكن إبذل قصارى جهدك وتوكل على الله،
فالمؤمن القوى أحب إلى الله من المؤمن الضعيف،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف،
وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيءٌ
فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان" ( رواه مسلم )
، فلا تجعل أحد يجبرك على الدخول فى دائرة أخذ حقك ليلهيك عن هدفك الأساسى ، فإسعى بقدر جهدك وتوكل على الله بيقين التوكل فوعد الله حق ونصره قريب.
لا أحد يملك رزقك سوى الله
فقد أقسم الله تعالى بأن الرزق بيده ليطمئن قلبك كما جاء فى كتابه الكريم :
" وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ (23) " سورة الذاريات ،
فعند خلق الإنسان فى رحم أمه تنزل الملائكة وتكتب عليه أربع أشياء لا يعلمها إلا الله
ميلاده ومماته (أجله) ، سعيد أم شقى ، رزقه، وعمله ،
قال تعالى : "اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62)"سورة العنكبوت.
وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم
كما يرزق الطير تغدو خماصا و تروح بطانا " رواه الترمذي،
أى تذهب الطيرلتسعى عن رزقها وهى لا تعلمه وتكون خاوية البطون وتعود وقد منَّ الله عليها من فضله ورزقها طعامها ،
يقول الله تعالى : "وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)"سورة العنكبوت.
فخذ بالأسباب وإسعى على قدر طاقتك وإعمل وإجتهد وإنظر نظرة شمولية على كل نعم الله لك
ستجد راحة بالك وفؤادك ، فالرزق ليس فقط بالمال ، فلمن يرى أنه ضاق عليه رزقه فليصبرولينظر
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ،
فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا " رواه البخاري والترمزى .
فإحتياجات الإنسان الأساسية هى حياة آمنة بدون خوف فما بالك بمن يعيشون فى أجواء حرب اللهم فك كربهم ،
مكان يؤويه فغيرك بلا مأوى ومنهم بلا وطن يعاملوا كلاجئين وغيرهم بالسجون اللهم إعفوا عنا وعنهم ،
وصحة جيدة فغيرك بالمشافى وأحيانا لا يملك ثمن الدواء اللهم إشفى كل مريض،
وعندك طعام يومك فإنظر غلى من يبيتون ليلتهم بدون غذاء ولا يسأل عنهم جارهم ولا أقرب الناس إليهم،
فدائماً ستجد نعم الله التى لا تعد ولا تحصى عليك فإحمد الله تعالى على ما انعم الله عليك به .
اللهم إكفنا بحلالك عن حرامك وإغننا بفضلك عمن سواك ، وإجعلنا ممن نقدر نعمتك علينا وقر بها عيننا
وإرزقنا خيرها وبارك لنا فيها.
إن الدعاء سابق القدر ، فالدعاء لـــــــب العبادة، فإسألــــــــــــــوا الله من فضله
فإن الدعاء يصعد إلى السماء ليصارع نزول القدر فإما يستجيب لك الله أو يرفع عنك إبتلاء كان سينزل بك ،
أو يؤخر الله إجابته ليوم معلوم ، فإجتهدوا فى الدعاء ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم
قال : " مـا من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رحم إلا أعطاه الله بـها إحدى ثلاث : إما أن تعجل له دعوته ، وإما أن يدّخرها له في الآخرة ، وإمـا أن يصرف عنه من السوء مثلها . قالوا : إذاً نكثر ؟ قال : الله أكثر" .
"رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)" سورة البقرة.
*******************************
إلى اللقاء مع
**لمن يريد الإيمان بالله** المبحث الثانى
***********************************
الروابط المفضلة