إن الله خلق الناس على الفطرة ,, يقُصَد بالفطرة دينُ الإسلام
يأتي المولود على فطرته السليمة إلا إذا غيّر أبواه فطرته فهوداه أو نصراه أو خلافه
ومما يؤسف له حقا ً أن بعض المسلمين ينشؤون مسلمين بالهوية , لا يعرفون من دينهم إلا إسما ً ولفظا .
فتحوا عيونهم ليجدوا أنفسهم مسلمين بالوراثة . فلم يعرفوا الإسلام حق المعرفة ........
وبالمقابل يقيض الله لهذا الدين أناسا ًنشؤوا على غير الإسلام , فيشرح له صدورهم , ويهيئ لهم أسبابه فيعتنقونه بإخلاص وصدق . ويجندون أنفسهم للدفاع عنه .
في هذه الصفحة نسلط الضوء على واحد من أولئك الذين بمجرد أن نطقوا شهادة التوحيد وهبوا أنفسهم للإسلام : ذبّاً عنه , وتعريفاً به .
إنه :
الدكتور مراد فيلفريد هوفمان
Murad Wilfried Hofmann
ألماني الجنسية، وديانته السابقة المسيحية الكاثوليكية ولد سنة 1931 في أشافنبورغ : بلدة كبيرة في شمال غرب بافاريا تابعة إدارياً لمنطقة فرنكونيا السفلى بألمانيا)،
و اعتنق الإسلام يوم 25 سبتمبر/أيلول 1980، فكان مولدا ً جديدا ً له .
في مقتبل عمره تعرض هوفمان لحادث مرور مروّع ، فقال له الجرّاح بعد أن أنهى إسعافه : "إن مثل هذا الحادث لا ينجو منه في الواقع أحد ، وإن الله يدّخر لك يا عزيزي شيئاً خاصاً جداً"
وصدّق الله حدس هذا الطبيب إذ اعتنق د. هوفمان الإسلام بعد دراسة عميقة له ، وبعد معاشرته لأخلاق المسلمين الطيبة في المغرب..
بدأ بدراسة القانون بعد حصوله على شهادة البكالوريا في ميونخ , وحصل بعدها على الدكتوراه في القانون من جامعة هارفارد .
عمل كخبير في مجال الدفاع النووي في وزارة الخارجية الألمانية،
ثم مديرًا لقسم المعلومات في حلف الناتو في بروكسل من عام 1983 حتى 1987م،
ثم سفيرًا لألمانيا في الجزائر من 1987 حتى 1990م،
ثم سفيرًا في المغرب من 1990 حتى 1994م. وهو متزوج من سيدة تركية، ويقيم حاليًا في تركيا.
ونظرا ً لمركزه الحساس جدا فقد أثار إسلامُه ضجة ًكبيرة في ألمانيا وأوروبا على السواء . فكان إسلامه موضعَ نقاشٍ بسبب منصبه الرفيع في الحكومة الألمانية
ولمّا أشهر إسلامه حاربته الصحافة الألمانية محاربةً ضارية ، -- لأن أوروبا لا تريد إسلاما في مجتمعاتها تخوفا ً منه --
وحتى أمه لما أرسل إليها رسالة أشاحت عنها وقالت :"ليبقَ عند العرب !
ولكن هوفمان لم يكترث بكل هذا ، يقول :
"عندما تعرضت لحملة طعن وتجريح شرسة في وسائل الإعلام بسبب إسلامي ، لم يستطع بعض أصدقائي أن يفهموا عدم اكتراثي بهذه الحملة ، وكان يمكن لهم العثور على التفسير في هذه الآية
(( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )) الفاتحة
عمل مع المركز الإسلامي في ألمانيا مدة عشر سنوات
منحته جائزة ُ دبي للقرآن لقبَ ( شخصيةُ العامِ الإسلامية )
هو معروف في أوساط الأكاديميين والجالية المسلمة
ولكنه غير معروف للقارئ العربي ...............
ومن أجل ذلك كان هذا التعريف به
قدّم للإسلام في كتبه باعتباره دينُ الفطرة ..
مؤكدا ً أنه بإسلامه ربح محمدا ً ولم يخسر المسيح .
اعتبره المسلمون : من أقوى الأصوات الدعوية في أوروبا
في لقاء معه قدمه أحد المذيعين خطأ ً باعتباره
أحد المستشرقين . فاعترض بشدة على التسمية . وقال: أنها للعلماء غير المسلمين الذين يدرسون الإسلام لأهداف مشبوهة , أما هو فَ مسلم ولله الحمد .
كانت بدايته مع الإسلام منذ الخمسينيات عندما عُين في سفارة ألمانيا الإتحادية في الجزائر وهذا جعله يشاهد عن قرب الثورة الجزائرية التي أثارت اهتمامه الشديد ودفعته للتأمل.
يذكر د. هوفمان أنّ من أسباب تحوله إلى الإسلام :
ما شاهده في حرب الاستقلال الجزائرية وولعه بالفن الإسلامي ,, إضافة إلى التناقضات الكثيرة التي تواجهه في العقيدة المسيحية البولسية ( نسبة إلى بولس )
بدايات خطواته نحو الإسلام :
يروي لنا :
في أثناء عملي بالجزائر في عامي 1961/1962م، عايشت فترة من حرب استمرت ثماني سنوات بين قوات الاحتلال الفرنسي وجبهة التحرير الوطني الجزائرية،
ولم يكن يوم يمر دون أن يسقط عدد غير قليل من القتلى في شوارع الجزائر، وغالبًا ما كانوا يُقتَلون رميًا بالرصاص على مؤخرة الرأس من مسافة قريبة، ولم يكن لذلك من سبب إلا كونهم مسلمين، أو لأنهم مع استقلال الجزائر.
شكَّلت هذه الوقائع الحزينة خلفيةَ أولِ احتكاكٍ لي عن قربٍ بالإسلام
. ولقد لاحظت مدى تحمل الجزائريين لآلامهم، والتزامهم الشديد في شهر رمضان , ويقينهم بأنهم سينتصرون، وسلوكهم الإنساني وسط ما يعانون من آلام.
وكنتُ أدرك أن لدينهم دورًا في كل هذا
ولكي أعرف كيف يفكر ويتصرف هؤلاء السكان الأصليون المثيرون للدهشة، بدأت أقرأ "كتابهم" القرآن في ترجمته الفرنسية، ولم أتوقف عن قراءته منذ ذلك الحين حتى الآن،
وبعد 25 عامًا من عملي بالجزائر لأول مرة، عُدتُ إليها سفيرًا في عام 1987م.
ومنذ اعتُمِدتُ سفيرًا في المغرب، المجاور للجزائر، في عام 1990م، يندر أن تفارق مخيلتي صورةُ الجزائر!
قلت ُ : كلام الدكتور هوفمان يشعرنا بالمسؤولية العظيمة تجاه ديننا . فكل موقف ينطوي على خلق عظيم يلمس قلبً إنسانٍ يتشوق إلى الأخلاق والفطرة السليمة .
ويقول هوفمان: إنني كنت قريبًا من الإسلام بأفكاري قبل أن أُشهِرَ إسلامي في عام 1980م بنطق الشهادتين متطهرًا كما ينبغي، . لقد كنت مسلمًا من الناحية الفكرية أو الذهنية، ولكني لم أكن كذلك بعدُ من الناحية العملية، وهذا على وجه اليقين ما يتحتم أن يتغير الآن جذريًّا،
فلا ينبغي أن أكون مسلمًا في تفكيري فقط، وإنما لا بد أن أصير مسلمًا أيضًا في سلوكياتي.
الروابط المفضلة