ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




السؤال : نسمع ونجد أناسا يدعون أنهم من السلفية ،

وشغلهم الشاغل هــو الطعــــن فـــي العلماء واتهامهم

بالابتداع، وكأن ألسنتهم ما خلقت إلا لهذا ، ويقولون:


نحن سلفية . والسـؤال يحفظكم الله : مــا هــو مفهوم

السلفية الصحيح، وما موقفها من الطوائف الإسلامية

المعاصرة ؟ وجزاكم الله عنـــا وعــن المسلمين خير

الجزاء إنه سميع الدعاء .




الجــــواب : إذا كــان الحال كما ذكر ، فإن الطعن فـــي

العلماء ورميهم بالابتداع واتهامهم مسلك مرد ليــــس

من طريقة سلف هذه الأمة وخيارها ،وإن جادة السلف


الصالح هـي الدعوة إلى الكتاب والسنة ، وإلى ما كان

عليه سلف هـذه الأمة من الصحابة رضــي الله عنهــم

والتابعين لهــــم بإحسان بالحكمة والموعظة الحسنة


والجدال بالتي هي أحسن، مع جهاد النفس على العمل

بما يدعو إليه العبد ، والالتزام بما علم بالضرورة من

دين الإسلام مـن الدعوة إلى الاجتماع والتعاون عــلى


الخير ،وجمع كلمة المسلمين على الحق ، والبعد عن

الفرقة وأسبابها من التشاحن والتباغض والتحاسد ،

والكف عـن الوقوع في أعراض المسلمين ، ورميهم


بالظنون الكاذبة ، ونحـــو هــذا مــن الأسباب الجالبة

لافتراق المـسـلمـيــن وجـعـلـهـــم شيعا وأحزابا يلعن

بعضهم بعضا ، ويضرب بعضهم رقاب بعـض ، قــال


تعـــالـى ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيــعـــاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ

وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْـــــنَ

قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ


مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّــنُ اللّهُ لَكُــــمْ آيَاتِـــهِ

لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ، وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَــــى الْخَيْرِ

وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُـمُ


الْمُفْلِحُونَ ، وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِــن

بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَــذَابٌ عَظِيـــمٌ )


آل عمران 103 - 105 . وثبت عن النبي صلى الله

عليه وسلم أنه قال" لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب

بعضكم رقاب بعض " (1)




والآيـات والأحاديث فــي ذم التفرق وأسبابه كثيـــرة ؛

ولهذا فـــإن حماية أعراض المسلمين وصيانتها مــن

الضروريات التـي علمت مـــن ديــن الإسلام ، فيحرم


هتكها والوقوع فيهــــا ، وتشتد الحرمة حينما يكــون

الوقوع في العلماء ، ومن عظم نفعه للمسلمين منهم؛

لمــا ورد مـــن نصوص الوحيين الشريفين بعـظـيـــم


منزلتهم ، ومنهــــا : أن الله سبحانـــه وتعالى ذكرهم

شهداء عـلى توحيده ، فـقــال تعــالـى ( شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ

لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُــوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ

لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) آل عمران 18 ،




والوقوع فـي العلماء بغير حق تبديعا وتفسيقا وتنقصا

وتزهيدا فيهم - كل ذلك من أعظم الظلم والإثم ، وهــو

مـــن أسباب الفتن ، وصد المسلمين عن تلقي علمهم


النافع وما يحملونه مــن الخير والهدى ، وهـــذا يعود

بالضرر العظيم على انتشار الشرع المطهر ؛ لأنـه إذا

جرح حملته أثر على المحمول ، وهـذا فيه شبه مـــن


طريقة مـن يقــع فــي الصحـابـة مــــن أهل الأهواء ،

وصحابة رسول الله صلى الله عليـه وسلـم هم شهود

نبي هذه الأمة على ما بلغه من شريعة الله ، فــــإذا

جرح الشاهد جرح المشهود به .




فالواجب عــلى المسلــم التــــزام أدب الإســلام وهديه

وشرائعه ، وأن يكف لسانه عــن البذاء والوقوع فــي

أعراض العلماء ، والتوبة إلــى الله تعالى مــن ذلك ،


والتخلص من مظالم العباد ، ولكــن إذا حصـــــل خطأ

مــن العالم فلا يقضي خطؤه على ما عنده من العلم ،

والواجب في معرفة الخطأ الرجوع إلـــى مـــن يشار


إليهم من أهل العلم في العلم والدين وصحة الاعتقاد،

وأن لا يسلم المرء نفسه لكل من هب ودب ، فيقوده

إلى المهالك من حيث لا يشعر . وبالله التـوفيـــق ،

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .



اللـجــنـــة الـدائمــة للبحــوث العــلـمــيــة والإفــتـــــاء


الشيخ بكر أبو زيد ،الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ ،الشيخ عبدالله

بن غديان ، الشيخ عبدالعزيز بن باز ، الشيخ صالح الفوزان


كتاب : فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


الجزء : 2 ، الصفحة : 317 ، الفتوى : 16873

(1) رواه البخاري





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ